المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: أضراره النفسية - الفاحشة عمل قوم لوط

[محمد بن إبراهيم الحمد]

الفصل: ‌المبحث الخامس: أضراره النفسية

‌المبحث الخامس: أضراره النفسية

فمن جملة أضرار هذا العمل المشين الأضرار النفسية، فهذا العمل يورث صاحبه أضرارا نفسية كثيرة منها:

1 ـ الخوف الشديد، والوحشة، والاضطراب:

فالذي يمارس هذا العمل ـ لا تراه إلا خائفا مذعورا، يحسب كل صيحة عليه، وكل مكروه قاصدا إليه، فلا تجده إلا وقلبه كأنه في جناحي طائر؛ ذلك لأن الطاعة حصن الله الأعظم، الذي من دخله كان من الآمنين، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب، فمن أطاع الله ـ انقلبت المخاوف في حقه أمانا، ومن عصاه انقلبت مآمنه خوفا، فمن خاف الله آمنه من كل شيء، ومن لم يخف الله ـ أخافه الله من كل شيء1، فالجزاء من جنس العمل؛ فمن بحث عن الأمن والأنس في معصية الله ـ انقلب عليه الأمر رأسا على عقب فأصبح أمنه خوفا، وأنسه هما وغما.

2 ـ الحزن الدائم، والعذاب المستمر، والقلق الملازم:

وهذا جزاء عاجل لمن أحب غير الله أو تعلق بغير الله؛ فبقدر بلك المحبة أو التعلق بغير الله يصيب الإنسان ما يصيبه من العذاب، والحزن، والألم، والقلق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ:"واعلم أن كل

1 انظر الجواب الكافي ص 115، وأثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب للصواف ص46ـ51، وانظر شؤم المعصية وبركة التقوى للبيانوني ص34ـ37

ص: 37

من أحب شيئا لغير الله ـ فلا بد أن يضره محبوبه، ويكون ذلك سببا لعذابه" 1

وقال العلامة ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:"والمقصود أن من أحب شيئا سوى الله عز وجل فالضرر حاصل له بمحبوبه، إن وجد وإن فقد؛ فإن فقده ـ عذب بفواته، وتألم على قدر تعلق قلبه به، وإن وجده كان ما يحصل له من الألم قبل حصوله، ومن النكد في حال حصوله، ومن الحسرة عليه بعد فوته ـ أضعاف أضعاف ما في حصوله من اللذة"(2) . ولهذا قيل:

فما في الأرض أشقى من محب

وإن وجد الهوى حلو المذاق

تراه باكيا في كل حين

مخافة فرقة أو لاشتياق

فيبكي إن نأوا شوقا إليهم

ويبكي إن دنوا خوف الفراق

فتسخن عينه عند التنائي

وتسخن عينه عند التلاقي (3)

وكما قال الآخر:

إذا قربت دار كلفت وإن نأت

أسفت فلا بالقرب أسلو ولا البعد

وإن وعدت زاد الهوى لانتظارها

وإن بخلت بالوعد مت على الوعد

ففي كل حب لا محالة فرحة

حبك ما فيه سوى محكم الجهد (4)

3 ـ هذه الفاحشة تجعل صاحبها عرضة للإصابة بأمراض عصبية شاذة، وعلل نفسية شائنة، تفقده لذة الحياة، وتسلبه الأمن والطمأنينة.

4 ـ الرغبة في العزلة والانطواء:

فالذي يرتكب هذا العمل تجده مؤثرا للعزلة والانطواء، وذلك إذا لم يجد من يلائمه ويشاكله.

1 انظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 1/24ـ29.

2 إغاثة اللهفان ص 45، وانظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 1/24ـ29.

3 انظر ذم الهوى لابن الجوزي ص 444، وإغاثة اللهفان ص 45.

4 ذم الهوى لابن الجوزي ص 308.

ص: 38

5 ـ تقلب المزاج، وضعف الشخصية، وعدم استقلالها.

6 ـ الانهزامية، وانعدام الثقة بالنفس، فتجده منهزما لا يثق بنفسه أبدا.

7 ـ الشعور بأن الناس يعلمون بقبيح فعله؛ فلسوء فعله ساء ظنه كما قيل:

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه

وصدق ما يعتاده من توهم

وعادى محبيه لقول عداته

وأصبح في ليل من الشك مظلم1

مما يولد لديه الشعور بالذنب، والإحساس بالنقص، وفقدان الرجولة، والتخلف عن ركب الأسوياء.

8 ـ كثرة الوساوس والأوهام، والإصابة بمرض الهوس الجنسي:

فهذا الداء العضاء ((إذا تمكن من القلب، واستحكم وقوي سلطانه ـ أفسد الذهن، وأحدث الوساوس، وربما التحلق صاحبه بالمجانين الذين فسدت عقولهم، فلا ينتفعون بها)) 2.

وربما أصيب بمرض الهوس الجنسي الذي يجعل صاحبه الشهواني المندفع مشغولا في جميع أوقاته بتخيلات شهوانية غريزية 3.

9 ـ ومن أضراره النفسية ـ أيضا ـ ما يحدث من التوتر النفسي والتردد، والتخاذل وعدم المبالاة، والارتباك، واليأس، والتشاؤم، والملل، والتبلد العاطفي 4.

10 ـ التأثير على الأعصاب:

فهذه العادة تغزو النفس، ويؤثر على الأعصاب تأثيرا خاصا، أحد

1 ديوان المتنبي بشرح العكبري 4/135.

2 الجواب الكافي ص 300، وانظر دواء العشاق لعبد الكريم الحميد ص 21.

3 انظر التربية الجنسية في الإسلام، د: عبد الرحمن الجزائري ص 220ـ221.

4 انظر مشكلات الشباب والمنهج الإسلامي في علاجها، وليد شبير، ص 88.

ص: 39

نتائجه الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد، فيشعر داخليا بأنه لم يخلق ليكون رجلا، وينقلب ذلك الشعور إلى شذوذ جنسي، فيميل إلى بني جنسه، وتتجه أفكاره إلى أعضائه التناسلية، ومن هنا يتبين لنا العلة الحقيقية من إسراف بعض الشباب من الساقطين في التزين وتقليد النساء.

11 ـ التأثير على المخ:

فاللواط ـ أيضا ـ يسبب اختلالا كبيرا في توازن عقل المرء، وارتباكا عاما في تفكيره، وركودا في تصوراته، وبلاهة واضحة في عقله، وضعفا شديدا في إرادته.

وإن ذلك ليرجع إلى قلة الإفرازات الداخلية التي تفرزها الغدة الدرقية، والغدد فوق الكلى، وغيرها، مما يتأثر باللواط تأثرا مباشرا فيضطرب عملها، وتختل وظائفها.

وهناك علاقة وثيقة بين النيورستانيا واللواط، فيصاب اللائط بالبله والعبط وشرود الفكر، وضياع العقل والرشاد1

هذه بعض أضراره النفسية وسيمر معنا عند الحديث عن أضرار اللواط الصحية شيء من أضراره النفسية زيادة على ما مضى.

1 انظر فقه السنة للشيخ سيد سابق 2/383ـ386 نقلا عن كتاب الإسلام والطب، للدكتور محمد وصفي.

ص: 40