المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بسم الله الرحمن الرحيم سُورَةُ‌ ‌ الْعَنْكَبُوتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط الفكر - جـ ٦

[محمد الأمين الشنقيطي]

الفصل: بسم الله الرحمن الرحيم سُورَةُ‌ ‌ الْعَنْكَبُوتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ

بسم الله الرحمن الرحيم

سُورَةُ‌

‌ الْعَنْكَبُوتِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ سُورَةِ «هُودٍ» ، وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: أَحَسِبَ النَّاسُ [29 \ 2] ، لِلْإِنْكَارِ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ النَّاسَ لَا يُتْرَكُونَ دُونَ فِتْنَةٍ، أَيِ: ابْتِلَاءٍ وَاخْتِبَارٍ، لِأَجْلِ قَوْلِهِمْ: آمَنَّا، بَلْ إِذَا قَالُوا: آمَنَّا فُتِنُوا، أَيِ: امْتُحِنُوا وَاخْتُبِرُوا بِأَنْوَاعِ الِابْتِلَاءِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ الِابْتِلَاءُ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ: آمَنَّا مِنْ غَيْرِ الصَّادِقِ.

وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، جَاءَ مُبَيَّنًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [2 \ 2‌

‌1

4] ، وَقَوْلِهِ: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [3 \ 142]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [47 \ 31]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ الْآيَةَ [3 \ 179]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [3 \ 154]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [9 \ 16] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هُنَا: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا الْآيَةَ [29 \ 3] .

وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ أَنَّ هَذَا الِابْتِلَاءَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُبْتَلَى بِهِ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى

ص: 155