المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط الفكر - جـ ٦

[محمد الأمين الشنقيطي]

الفصل: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ [21 \ 82] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ إِلَى قَوْلِهِ لِأُولِي الْأَلْبَابِ. قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ مَعَ التَّعَرُّضِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشْكَالِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ. أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنْ يَذْكُرَ عَبْدَهُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ الذِّكْرَ بِكَوْنِهِ فِي الْكِتَابِ، مَعَ أَنَّهُ قَيَّدَهُ بِذَلِكَ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا الْآيَةَ [19 \ 41] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ. أَطْلَقَ هُنَا أَيْضًا الْأَمْرَ بِذِكْرِ إِسْمَاعِيلَ وَقَيَّدَهُ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ بِكَوْنِهِ فِي الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ الْآيَةَ [19 \‌

‌ 54]

، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَأْمُورٌ أَيْضًا بِذِكْرِ جَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْكِتَابِ. وَلِذَلِكَ جَاءَ ذِكْرُهُمْ كُلُّهُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ. قَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ، فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ [37 \ 48] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ. مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ أَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ، لَا نَفَادَ لَهُ، أَيْ: لَا انْقِطَاعَ لَهُ وَلَا زَوَالَ، ذَكَرَهُ جَلَّ وَعَلَا فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهِ: عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ [11 \ 108]

ص: 348

وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ [16 \ 96] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ. قَدْ قَدَّمْنَا مَا يُوَضِّحُهُ، مِنَ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ، ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الْآيَةَ [2 \ 166] ، وَذَكَرْنَا بَعْضَهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا الْآيَةَ [7 \ 38] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ.

قَدْ تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ، مَعَ بَعْضِ الْمَبَاحِثِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [2 \ 34] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ هُودٍ، وَذَكَرْنَا الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْآيَاتِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ نُوحٍ: وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ الْآيَةَ [11 \ 29] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ. الْحِينُ الْمَذْكُورُ هُنَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [15 \ 99] .

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْحِينُ الْمَذْكُورُ هُنَا، هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ الْمَوْتِ تَتَبَيَّنُ لَهُ حَقَائِقُ الْهُدَى وَالضَّلَالِ.

وَاللَّامُ فِي لِتَعْلَمُنَّ مُوطِئَةٌ لِلْقَسَمِ، وَقَدْ أَكَّدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ نَبَأَ الْقُرْآنِ أَيْ صِدْقَهُ، وَصِحَّةَ جَمِيعِ مَا فِيهِ بَعْدَ حِينٍ بِالْقَسَمِ، وَنُونِ التَّوْكِيدِ.

وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ تَهْدِيدِ الْكُفَّارِ بِأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ، قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ تَعَالَى، فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [6 \ 66 - 67] .

ص: 349

قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ، أَيْ: لِكُلِّ خَبَرٍ حَقِيقَةٌ وَوُقُوعٌ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا تَبَيَّنَ صِدْقُهُ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، وَإِنْ كَانَ كَذِبًا تَبَيَّنَ كَذِبُهُ، وَسَتَعْلَمُونَ صِدْقَ هَذَا الْقُرْآنِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ.

بسم الله الرحمن الرحيم

سُورَةُ الزُّمَرِ

ص: 350