المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ تَغْلِيبًا، فِيهِ قَوْلَانِ: صَحَّ - أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - ط الفكر - جـ ٦

[محمد الأمين الشنقيطي]

الفصل: فَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ تَغْلِيبًا، فِيهِ قَوْلَانِ: صَحَّ

فَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ تَغْلِيبًا، فِيهِ قَوْلَانِ: صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَا يُقَالُ ذَلِكَ، وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ كَثِيرٍ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: الْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ مِنْهُ إِلَّا مَا وَرَدَ النَّصُّ بِإِطْلَاقِهِ ; لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ صَارِفٍ إِلَيْهِ، وَالْعَلَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ.

قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ وَكَلَامَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ فِي آخِرِ «الْأَنْفَالِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْآيَةَ [8 \‌

‌ 7

5] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا.

ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ، ثُمَّ خَصَّ مِنْهُمْ بِذَلِكَ خَمْسَةً: هُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَنُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَمُوسَى، وَعِيسَى. وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا الْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ; فَبَيَّنَ الْمِيثَاقَ الْمَأْخُوذَ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ «آلِ عِمْرَانَ» : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [3 \ 81 \ 82] . وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ «مَرْيَمَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ الْخَضِرِ، وَقَدْ بَيَّنَ جَلَّ وَعَلَا الْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى خُصُوصِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ هُمْ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فِي سُورَةِ «الشُّورَى» ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [42 \ 13] .

وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ آيَةَ «آلِ عِمْرَانَ» ، وَآيَةَ «الشُّورَى» ، فِيهِمَا بَيَانٌ لِآيَةِ «الْأَحْزَابِ» هَذِهِ.

ص: 233

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ مِرَارًا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا.

أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنْ يَذْكُرُوا نِعْمَتَهُ عَلَيْهِمْ حِينَ جَاءَتْهُمْ جُنُودٌ وَهُمْ جَيْشُ الْأَحْزَابِ، فَأَرْسَلَ جَلَّ وَعَلَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ يَرَهَا الْمُسْلِمُونَ، وَهَذِهِ الْجُنُودُ الَّتِي لَمْ يَرَوْهَا الَّتِي امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِهَا هُنَا فِي سُورَةِ «الْأَحْزَابِ» ، بَيَّنَ أَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِهَا أَيْضًا فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا الْآيَةَ [9 \ 25 - 26] ، وَهَذِهِ الْجُنُودُ هِيَ الْمَلَائِكَةُ، وَقَدْ بَيَّنَ جَلَّ وَعَلَا ذَلِكَ فِي «الْأَنْفَالِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ الْآيَةَ [8 \ 12] ، وَهَذِهِ الْجُنُودُ الَّتِي لَمْ يَرَوْهَا الَّتِي هِيَ الْمَلَائِكَةُ، قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي «بَرَاءَةَ» ، أَنَّهُ أَيَّدَ بِهَا نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الْغَارِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا الْآيَةَ [9 \ 40] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا.

ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا رَأَوُا الْأَحْزَابَ يَعْنِي جُنُودَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ جَاءُوهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، قَالُوا: هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا الْآيَةَ الَّتِي وَعَدَهُمْ إِيَّاهُ فِيهَا، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ «الْبَقَرَةِ» ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [2 \ 214] ، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ آيَةَ «الْبَقَرَةِ» الْمَذْكُورَةَ مُبَيِّنَةٌ لِآيَةِ

ص: 234

«الْأَحْزَابِ» هَذِهِ، ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا، صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ، فَلَا وَجْهَ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ مَعَ تَصْرِيحِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِهِ فِي كِتَابِهِ، فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [48 \ 4]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا [8 \ 2] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ. ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ رَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا، وَأَنَّهُ كَفَى الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ. وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا السَّبَبَ الَّذِي رَدَّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَفَى بِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ، وَلَكِنَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا [33 \ 9]، أَيْ: وَبِسَبَبِ تِلْكَ الرِّيحِ وَتِلْكَ الْجُنُودِ رَدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ وَكَفَاكُمُ الْقِتَالَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ الْآيَةَ [33 \ 30] .

قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَةَ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي آخِرِ سُورَةِ «النَّمْلِ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [27 \ 90] ، وَفِي سُورَةِ «بَنِي إِسْرَائِيلَ» ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ الْآيَةَ [17 \ 75] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ.

ذَكَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ مَنْ قَنَتَ مِنْ نِسَاءِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ. وَالْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ. وَمَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ أَطَاعَ مِنْهُنَّ بِإِيتَائِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، جَاءَ الْوَعْدُ بِنَظِيرِهِ لِغَيْرِهِنَّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَمِنْ ذَلِكَ وَعْدُهُ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِنَبِيِّهِ، ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِإِيتَائِهِ أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ الْآيَةَ [28 \ 51 - 54] .

ص: 235

وَمِنْ ذَلِكَ وَعْدُهُ لِجَمِيعِ الْمُطِيعِينَ مِنْ أُمَّتِهِ صلى الله عليه وسلم بِإِيتَائِهِمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ الْآيَةَ [57 \ 28] .

وَاعْلَمْ: أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مِنْ سُورَةِ «الْحَدِيدِ» ، الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ، أَنَّ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ الْآيَةَ [57 \ 28] ، عَامٌّ لِجَمِيعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا تَرَى. وَلَيْسَ فِي خُصُوصِ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا فِي آيَةِ «الْقَصَصِ» الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، وَكَوْنُهُ عَامًّا هُوَ التَّحْقِيقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ; لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْمُتَبَادَرِ الَّذِي لَمْ يَصْرِفُ عَنْهُ صَارِفٌ، فَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ حَمْلِهِ آيَةَ «الْحَدِيدِ» هَذِهِ عَلَى خُصُوصِ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَمَا فِي آيَةِ «الْقَصَصِ» خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ وَافَقَ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ الضَّحَّاكُ، وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ.

وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ، لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ، إِلَّا لِدَلِيلٍ يَجِبُ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمَّا افْتَخَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِأَنَّهُمْ يُؤْتُونَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ، أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ، أَيْ: ضِعْفَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَزَادَهُمْ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [57 \ 28] ، فَفَضَّلَهُمْ بِالنُّورِ وَالْمَغْفِرَةِ، اهـ. نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا.

قَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا أَنْ يَقُولَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ قَوْلًا، وَيَكُونُ فِي نَفْسِ الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَذَكَرْنَا لِذَلِكَ أَمْثِلَةً مُتَعَدِّدَةً فِي التَّرْجَمَةِ، وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ.

وَمِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي التَّرْجَمَةِ قَوْلُنَا فِيهَا: وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ:

ص: 236

إِنَّ أَزْوَاجَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَدْخُلْنَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، فَإِنَّ قَرِينَةَ السِّيَاقِ صَرِيحَةٌ فِي دُخُولِهِنَّ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ [33 \ 28]، ثُمَّ قَالَ فِي نَفْسِ خِطَابِهِ لَهُنَّ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ الْآيَةَ [33 \ 34] .

وَقَدْ أَجْمَعَ جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ سَبَبِ النُّزُولِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ، فَلَا يَصِحُّ إِخْرَاجُهَا بِمُخَصَّصٍ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا ظَنِّيَّةُ الدُّخُولِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ:

وَاجْزِمْ بِإِدْخَالِ ذَوَاتِ السَّبَبِ

وَارْوِ عَنِ الْإِمَامِ ظَنًّا تُصِبِ

فَالْحَقُّ أَنَّهُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي الْآيَةِ، اهـ. مِنْ تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ.

وَالتَّحْقِيقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: أَنَّهُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي الْآيَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ تَتَنَاوَلُ غَيْرَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ.

أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى دُخُولِهِنَّ فِي الْآيَةِ، فَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ سِيَاقَ الْآيَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا نَازِلَةٌ فِيهِنَّ.

وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ صُورَةَ سَبَبِ النُّزُولِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ ; كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجَاتِ فِي اسْمِ أَهْلِ الْبَيْتِ، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي زَوْجَةِ إِبْرَاهِيمَ: قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ [1 \ 73] .

وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى دُخُولِ غَيْرِهِنَّ فِي الْآيَةِ، فَهُوَ أَحَادِيثُ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهم:«إِنَّهُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ» ، وَدَعَا لَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُذْهِبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَيُطَهِّرَهُمْ تَطْهِيرًا. وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَنَسٌ، وَوَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ، وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ، وَغَيْرُهُمْ رضي الله عنهم.

وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ شُمُولُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، رضي الله عنهم كُلِّهِمْ.

ص: 237

تَنْبِيهٌ.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ، وَفِي قَوْلِهِ: وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا، ضَمِيرُ الذُّكُورِ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيلَ: لِيُذْهِبَ عَنْكُنَّ وَيُطَهِّرُكُنَّ.

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ شَامِلَةٌ لَهُنَّ وَلِعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ عَلَى تَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ فِي الْجُمُوعِ وَنَحْوِهَا، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَحَلِّهِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ أَنْ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ أَنَّ زَوْجَةَ الرَّجُلِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الْأَهْلِ، وَبِاعْتِبَارِ لَفْظِ الْأَهْلِ تُخَاطَبُ مُخَاطَبَةَ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي مُوسَى: فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا [20 \ 10]، وَقَوْلُهُ: سَآتِيكُمْ [27 \ 7]، وَقَوْلُهُ: لَعَلِّي آتِيكُمْ [20 \ 10] ، وَالْمُخَاطَبُ امْرَأَتُهُ ; كَمَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَنَظِيرُهُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فَإِنْ شِئْتِ حَرَّمَتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمْ

وَإِنْ شِئْتِ لَمْ أَطْعَمْ نُقَاخًا وَلَا بَرْدًا

وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَسْنَ دَاخِلَاتٍ فِي الْآيَةِ، يَرُدُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ سِيَاقِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ لَيْسُوا دَاخِلِينَ فِيهَا، تَرُدُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ فِي الْآيَةِ هُمْ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ الْآيَةَ، يَعْنِي: أَنَّهُ يُذْهِبُ الرِّجْسَ عَنْهُمْ، وَيُطَهِّرُهُمْ بِمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ; لِأَنَّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْهُ الرِّجْسَ، وَطَهَّرَهُ مِنَ الذُّنُوبِ تَطْهِيرًا.

وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي «الْكَشَّافِ» : ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَاهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ وَوَعَظَهُنَّ لِئَلَّا يُقَارِفَ أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَآثِمَ، وَلِيَتَصَوَّنُوا عَنْهَا بِالتَّقْوَى، وَاسْتَعَارَ لِلذُّنُوبِ الرِّجْسَ وَلِلتَّقْوَى الطُّهْرَ ; لِأَنَّ عِرْضَ الْمُقْتَرِفِ لِلْمُقَبَّحَاتِ يَتَلَوَّثُ بِهَا وَيَتَدَنَّسُ كَمَا يَتَلَوَّثُ بَدَنُهُ بِالْأَرْجَاسِ. وَأَمَّا الْحَسَنَاتُ فَالْعِرْضُ مِنْهَا نَقِيٌّ مَصُونٌ كَالثَّوْبِ الطَّاهِرِ، وَفِي هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ

ص: 238