الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنه قال: من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة.
ومن كلام سهل: لا مُعين إلا الله، ولا دليل إلا رسول الله، ولا زاد إلا التقوى ولا عمل إلا الصبر عليه.
وعنه: الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران والمُصِرُّ هالك.
* * *
الخوف من الابتداع
شيخ الإسلام، أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشير البغدادي الحربي الإمام، الحافظ العلامة، صاحب التصانيف (13/ 356).
عنه قال: لا أعلم عصابة خيرًا من أصحاب الحديث، إنما يغدو أحدهم ومعه محبرة، فيقول: كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكيف صلى وإياكم أن تجلسوا إلى أهل البدع، فإن الرجل إذا أقبل ببدعة ليس يفلح.
أبو الحسن بن قريش: حضرت إبراهيم الحربي وجاءه يوسف القاضي ومعه ابنه أبو عُمَر فقال له: يا أبا إسحاق: لو جئناك على مقدار واجب حقك، لكانت أوقاتنا كلها عندك، فقال: ليس كل غيبة جفوة ولا كل لقاء مودة وإنما هو تقارب القلوب.
أبو طاهر المخلص: سمعت أبي: سمعت إبراهيم الحربي، وكان وعدنا أن يُمل علينا مسألة في الاسم والمسمى، وكان يجتمع في مجلسه ثلاثون ألف محبرة، وكان إبراهيم مقلاً وكانت له غرفة، يصعد فيشرف منها على الناس، فيها كوة إلى الشارع، فلما اجتمع الناس، أشرف عليها، فقال لهم: قد كنت وعدتكم أن أملي عليكم في الاسم والمسمى (1) ثم نظر فإذا لم
(1) ذكر المحقق وفقه الله كلامًا عن هذه المسألة في المجلد الثالث عشر (359).
يتقدمني في الكلام فيها إمام يقتدي به، فرأيتُ الكلام فيها بدعة، فقام الناس وانصرفوا، فلما كان يوم الجمعة، أتاه رجل، وكان إبراهيم لا يقعد إلا وحده، فساءله عن هذه المسألة.
فقال: ألم تحضر مجلسنا بالأمس؟
قال: بلى. فقال: أتعرف العلم كله؟
قال: لا.
قال: فاجعل هذا مما لم تعرف.
وروي عن إبراهيم الحربي قال: الناس على أربع طبقات: مليح يتملح، ومليح يتبغض وبغيض يتملح، وبغيض يتبغض فالأول: هو المنى، الثاني: يُحتمل وأما بغيض يتملح، فإني أرحمه، وأما البغيض الذي يتبغض فأفر منه.
إبراهيم بن جابر قال: كنت أجلس في حلقة إبراهيم الحربي، وكان يجلس إلينا غلامان في نهاية الحسن والجمال من الصورة والبزة وكأنهما روح في جسد إن قاما قاما معًا، وإن حضرا فكذلك، فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما وقد بان الاصفرار في وجهه والانكسار في عينيه، فلما كانت الجمعة الثانية، حضر الغائب ولم يحضر الذي جاء في الجمعة الأولى منهما وإذا الصفرة والانكسار بَيِّنان في لونه، وقلتُ: إن ذلك للفراق الواقع بينهما وذلك للألفة الجامعة لهما فلم يزالا يتسابقان في كل جمعة إلى الحلقة، فأيهما سبق صاحبه إلى الحلقة لم يجلس الآخر، فلما كان في بعض الجمع، حضر أحدهما فجلس إلينا، ثم جاء الآخر فأشرف على الحلقة، فوجد صاحبه قد سبق، وإذا المسبوق قد أخذته العبرة، فتبينت ذلك منه في دائرة عينيه، وإذا في يساره رقاع صغار
مكتوبة، فقبض بيمينه رقعة منها، وحدف بها في وسط الحلقة، وانساب بين الناس مستخفيًا وأنا أرمقه، وكان ثمَّ أبو عبيدة بن حربويه فنشر الرقعة وقرأها وفيها دعاء، أن يدعو لصاحبها مريضًا كان أو غير ذلك، ويؤمن على الدعاء من حضر؛ فقال الشيخ: اللهم اجمع بينهما وألف قلوبهما، واجعل ذلك فيما يقرب منك، ويزلف لديك، وأمنوا على دعائه ثم طوى الرقعة وحذفني بها، فتأملت ما فيها فإذا فيها مكتوب.
عفا الله عن عبد أعان بدعوة
…
لخلين كانا دائمين على الود
إلى أن وشى واشي الهوى بنميمة
…
إلى ذاك من هذا فحالاً عن العهد
فلما كان في الجمعة الثانية حضرا جميعًا وإذا الاصفرار والانكسار قد زال.
فقلت لابن حربويه: إني أرى الدعوة قد أجيبت وأن دعاء الشيخ كان على التمام فلما كان في تلك السنة كنت فيمن حج، فكأني أنظر إلى الغلامين محرمين بين منى وعرفة، فلم أزل أراهما متآلفين إلى أن تكهلا.
ومن كلام إبراهيم الحربي رحمه الله: أجمع عقلاء كل ملة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه.
فرد عقبي صحيح والآخر مقطوع، ولا أحدث نفسي أني أصلحهما ولا شكوت إلى أهلي وأقاربي حمى أحدها لا يغم الرجل نفسه وعياله ولي عشر سنين أبصر بفرد عين، ما أخبرت به أحدًا.