الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما ظنك إذا انضم إليها كبر، وفجور، وإجرام، وتجهرم على الله؟ نسأل الله العافية.
* * *
من هنا وهناك
قال الفضل بن موسى كان علينا عامل بمرو وكان نسَّاءً.
فقال: اشتروا لي غلامًا وسموه بحضرتي حتى لا أنسى اسمه.
ثم قال: ما سميتموه؟
قالوا: واقد.
قال: فهلا اسمًا لا أنساه أبدًا؟ أو قال: فهذا اسم ما أنساه أبدًا، وقال: قم يا فرقد (9/ 104).
عن ابن عُلية قال: من قال ابن علية فقد اغتابني.
قلت: هذا سوء خلق رحمه الله، شيء قد غلب عليه، فما الحيلة؟ قد دعا النبي صلى الله عليه وسلم غير واحد من الصحابة بأسمائهم مضافًا إلى الأم، كالزبير ابن صفية، وعمار ابن سمية (9/ 108).
قال الكسائي: صليت بالرشيد فأخطأت في آية ما أخطأ فيها صبي.
قلت: «لعلهم يرجعين» فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، لكن قال: أي لغة هذه؟
قلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد.
قال: أمَّا هذا فنعم (9/ 133).
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحمى من فيح جهنم
فأبردوها بالماء» (1).
قال عبد الملك بن حبيب: كنا عند زياد إذ جاءه كتاب من بعض الملوك فكتب فيه، وختمه ثم قال لنا زياد: إنه سأل عن كفتي الميزان، أمن ذهب أم من فضة؟
فكتبت إليه: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (2).
قال أزهر بن سعد: قال المازني: سمعت أبا زيد يقول: وقفت على قصاب.
فقلت: بكم البطان؟
فقال: بمصفعان يا مضرطان، فغطيتُ رأسي وفررت (3).
عن ابن معين قال: كان يليق به القضاء يعني محمد بن عبد الله الأنصاري، قيل: يا أبا زكريا فالحديث؟
فقال:
إن للحرب أقوامًا لها خلقوا
…
وللدواوين كُتاب وحُساب
قال عبدان: ما سألني أحد حاجة إلا قمت له بنفسي، فإن تم وإلا قمت بمالي فإن تم وإلا استعنت بالأخوان فإن تم وإلا استعنت بالسلطان (4).
قال الحسين الكوكبي: حدثني أبو عبد الله المقدسي قال: لما حضرت آدم بن أبي إياس الوفاة، ختم القرآن وهو مُسَجى، ثم قال: بحبي لك إلا ما رفقت لهذا المصرع، كنت أؤملك لهذا اليوم كنت أرجوك، ثم قال: لا إله إلا الله، ثم قضى رحمه الله (10/ 337).
(1) متفق عليه: (9/ 245).
(2)
(9/ 312).
(3)
انظر السير (9/ 312)(9/ 459).
(4)
(10/ 271).
قال يحيى بن أكثم: أدخلتُ علي بن عياش على المأمون، فتبسم ثم بكى فقال: يا يحيى: أدخلتَ علي مجنونًا.
فقلت: أدخلت عليك خير أهل الشام وأعلمهم ما خلا أبا المغيرة؟
قلت: الرجل عمل بالسنة، فسلم وتبسم ثم بكى لما رأى من الكبر والجبروت (1).
عن أبي عبد الله محمد بن حماد قال: استأذن رجل على أبي الوليد الطيالسي فوضع رأسه على الوسادة، ثم قال للخادم، قولي له الساعة وضع رأسه (2).
قال أبو عمار الحسين بن حريث: قلت للشقيقي: سمعت من أبي حمزة كتاب الصلاة؟
قال قد سمعتُ، ولكن نهق حمار يومًا فاشتبه علي حديث فلا أدري أي حديث هو فتركت الكتاب كله (10/ 351).
يقال: التبوذكي هو: الذي يبيع رقاب الدجاج وقوانصها (10/ 363).
قال أحمد بن عاصم: غنيمة باردة: أصلح فيما بقي يغفر لك ما مضى.
وقال: إذا صارت المعاملة إلى القلب، استراحت الجوارح (3).
قال أحمد بن عبد الله العجلي: كان أبو نعيم يسألني عن اسمه واسم أبيه يعني مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي، فأخبره فيقول: يا أحمد هذه رقية العقرب (4).
قال الحسين بن فهم: قدم علينا محمد بن سلام بغداد سنه اثنتين وعشرين فاعتل علة شديدة، فأهدى إليه الرؤساء أطباؤهم، وكان منهم ابن ماسويه الطبيب.
(1)(10/ 339).
(2)
(10/ 339).
(3)
(10/ 488).
(4)
(10/ 593).
فلما رآه قال: ما رأى من العلة كما أرى من الجزع.
قال: والله ما ذاك حرص على الدنيا مع اثنتين وثمانين سنة، ولكن الإنسان في غفلة حتى يوقظ بعلمه، فقال: لا تجزع فقد رأيت في عرقك من الحرارة الغريزية وقوتها ما إن سلمك الله من العوارض، بلغك عشر سنين أخرى، قال ابن فهم: فوافق كلامه قدرًا فعاش كذلك وتوفي سنة اثنتين وثلاثين (1).
قال عبد الله بن أحمد بن شبويه: سمعت أبي يقول: من أراد علم القبر، فعليه بالأثر، ومن أراد علم الخبز فعليه بالرأي (2).
قال الأصمعي: قتيبة مشتق من القتب، وهو المعي يقال: طَعَنْتُه فاندلقت أقتاب بطنه، أي: خرجت (11/ 14).
قال أبي معمر القطيعي: آخر كلام الجهمية أنه ليس في السماء إله.
قلت: بل قولهم: إنه عز وجل، في السماء وفي الأرض، لا امتياز للسماء، وقول عموم أمة محمد صلى الله عليه وسلم: إن الله في السماء، يطلقون ذلك وفق ما جاءت النصوص بإطلاقه، ولا يخوضون في تأويلات المتكلمين مع جزم الكل بأنه تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] (3).
قالت حكماء الهند: لا ظفر مع بغي، ولا صحة مع نهم، ولا ثناء مع كبر، ولا صداقة مع خِبٍ، ولا شرف مع سوء أدب، ولا بر مع شح، ولا محبة مع هُزء، ولا قضاء مع عدم فقه، ولا عذر مع الإسرار، ولا سلم قلب مع غيبة، ولا راحة مع حسد، ولا سؤدد مع انتقام، ولا رئاسة مع عزة نفس وعجب، ولا صواب مع ترك مشاورة، ولا ثبات ملك مع تهاون (4).
قال أبو العباس الثقفي رأى مشكدانة على كتاب رجل: مشكدانة فغضب وقال: لقبني بها أبو نُعيم، كنت إذ أتيته تلبست وتطيبت فإذا رآني قال: جاء مشكدانة.
(1)(10/ 652).
(2)
(11/ 7).
(3)
(11/ 70).
(4)
(11/ 134).
وقيل هو وعاء المسك. ومشك: مسك (1).
وقال سفيان: خلاف ما بيننا وبين المرجئة ثلاثًا: يقولون: الإيمان قول ولا عمل ونقول قول وعمل، ونقول إنه يزيد وينقص، وهم يقولون: لا يزيد ولا ينقص، ونحن نقول النفاق، وهم يقولون: لا نفاق (2).
كان ابن الزيات يقول: ما رحمت أحدًا قط الرحمةُ خور في الطبع، فسجن في قفص خرج، جهاته بمسامير كالمسال، فكان يصيح: ارحموني.
فيقولون: الرحمة خور في الطبيعة (3).
مات لصالح بن عبد القدوس المتكلم ولد، فأتاه العلاف يعزيه، فرآه جزعًا، فقال: ما هذا الجزع، وعندك أنَّ المرء كالزرع؟
قال: يا أبا الهذيل، جزعت عليه لكونه ما قرأ كتاب "الشكوك" لي.
فمن قرأه يشك فيما كان حتى يتوهم أنه لم يكن، وفيما لم يكن حتى يظن أنه كان.
قال: فشُك أنت في موت ابنك وظُنَّ أنه لم يمت، وشك أنه قد قرأ كتاب "الشكوك"(4).
قال عمار بن رجاء: سمعتُ عُبيد بن يعيش، يقول: أقمت ثلاثين سنة، ما أكلتُ بيدي بالليل كانت أختي تلقمني وأنا أكتب (5).
يعقوب بن شيبة قال: أَظل العيد رجلاً، وعنده مائة دينار لا يملك سواها فكتب إليه صديق يسترعي منه نفقة، فأنفذ إليه بالمائة دينار، فلم ينشب أن ورد عليه رقعة من بعض إخوانه يذكر أنه أيضًا في هذا العيد في إضاقة، فوجه إليه بالصرة بعينها.
قال: فبقي الأول لا شيء عنده، فاتفق أنه كتب إلى الثالث وهو صديقه
(1)(11/ 156).
(2)
(11/ 162).
(3)
(11/ 173).
(4)
(11/ 174).
(5)
(11/ 459).
يذكر حاله، فبعث إليه الصرة بختمها.
قال: فعرفها، وركب إليه، وقال: خبرني، ما شأن هذه الصرة؟
فأخبره الخبر، فركبا معًا إلى الذي أرسلها، وشرحوا القصة ثم فتحوها واقتسموها (1).
عن تميم الداري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين النصيحة» .
قالوا: لمن يا رسول الله؟
قال: «لله ولكتابه ولأئمة المسلمين، أو المؤمنين وعامتهم» هذا حديث صحيح في صحيح مسلم.
فتأمل هذه الكلمات الجامعة، وهي قوله:«الدين النصيحة» فمن لم ينصح لله وللأئمة وللعامة، كان ناقص الدين، وأنت لو دعيت يا ناقص الدين، لغضب، فقل لي: متى نصحت لهؤلاء؟ كلا والله، بل ليتك تسكت ولا تنطق أو لا تُحسَّن لإمامك الباطل، وتجرئه على الظلم وتغشه، فمن أجل ذلك سقطت من عينه، ومن أعين المؤمنين، فبالله قل لي: متى يفلح من كان يَسُّره ما يَضُّره؟ ومتى يفلح من لم يراقب مولاه؟ ومتى يفلح من دنا رحيله، وانقرض جيله، وساء فعلُه وقيله؟ فما شاء الله كان، وما نرجو صلاح أهل الزمان، لكن لا ندع الدعاء لعل الله أن يلطف وأن يصلحنا آمين (2).
جاء بعض جلساء الماجشون فقال: يا أبا مروان أعجوبة، خرجت إلى حائطي بالغابة.
فعرض لي رجل فقال: اخلع ثيابك.
قلت: لِمَ؟
قال: لأني أخوك وأنا عريان.
(1)(11/ 497).
(2)
(11/ 499).
قلتُ: فالمواساة؟
قال: قد لبستها برهة.
قلتُ: فتعريني؟
قال: قد روينا عن مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانًا.
قلت: ترى عورتي.
قال: لو كان أحد يلقاك هنا، ما تعرضت لك.
قلت: دعني أدخل حائطي، وأبعث بها إليك.
قال: كلا أردت أن توجه عبيدك فأمسك.
قلت: أحلف لك.
قال: لا تلزم يمينك للص.
فحلف له: لأبعثن بها طيبة بها نفسي.
فأطرق ثم قال: تصفحتُ أمر اللصوص من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا فلم أجد لصًا أخذ بنسيئة، فأكره أن أبتدع فخلعت ثيابي له (1).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان آخر الزمان، لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، فأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا والرؤيا ثلاثة: فبشرى من الله ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه، ورؤيا من الشيطان» والقيد في المنام ثبات في الدين والغُل أكرهُه
قال نصر بن علي: دخلت على المتوكل، فإذا هو يمدح الرفق فأكثر
(1)(11/ 521).
(1)
فقلتُ يا أمير المؤمنين، أنشدني الأصمعي:
لمَ أر مثل الرفق في لينه
…
أخرَجَ للعذراء من خدرها
من يستعن بالرفق في أمره
…
يستخرج الحية من جحرها
فقال: يا غلام، الدواة والقرطاس فكتبها (2).
قال أبو داود: سألتُ أحمد بن صالح عمن قال: القرآن كلام الله، ولا يقول: مخلوق ولا غير مخلوق.
فقال: هذا شاك، والشاك كافر.
قلت: بل هذا ساكت، ومن سكت تورعًا لا ينسب إليه قول، ومن سكت شاكًا مزريًا على السلف فهذا مبتدع (3).
محمد بن العباس السلطي: سمعتُ ابن أسلم يُنشد:
إن الطبيب بطبه ودوائه
لا يستطيع دفاع مقدور أتى
ما للطبيب يموت بالداء الذي
قد كان يبري مثله فيما مضى
هلك المداوي والمداوى والذي
جلب الدواء وباعه ومن اشترى (4)
أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا نائم، رأيتُ الناس يعرضون علي، وعليهم قُمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، ومر علي عمر بن الخطاب، وعليه قميص يجره» .
قالوا: ماذا أولت ذلك يا رسول الله؟
(1)(12/ 63) قال المحقق وفقه الله: إسناده صحيح، وقوله: "والقيد في المنام .. من كلام أبي هريرة كما هو مصرح به في المصنف والمسند ومسلم.
(2)
(12/ 134).
(3)
(12/ 177).
(4)
(12/ 204).
قال: «الدين» (1).
الزبير بن بكار قال: قالت بنتُ أختي لأهلنا: خالي خير رجل لأهله، لا يتخذ ضرة وسرية.
قال: تقول المرأة: والله هذه الكتب أشدُ علي من ثلاث ضرائر (2).
سُئل الزبير: منذ كم زوجتك معك؟
قال: لا تسألني. ليس ترد القيامة أكثر كباشًا منها، ضحيتُ عنها سبعين كبشًا (3).
قال محمد بن الهيثم البجلي: كان ببغداد قائد من قواد المتوكل، وكانت امرأته تلد البنات، فحملت مرة فحلف القائد إن ولدت هذه المرة بنتًا قتلتك بالسيف، فلما جلست للولادة هي والقابلة، ألقت مثل الجريب وهو يضطرب فشقوه، فخرج منه أربعون ابنًا، وعاشوا كلهم وأنا رأيتهم ببغداد ركبانًا خلف أبيهم، وكان اشترى لكل واحد منهم ظئرًا.
قلت: سبحان القادر على كل شيء.
قال المحقق وفقه الله لا شك أن الله قادر على كل شيء، ولكن إثبات مثل هذا الخبر يحتاج إلى تثبت وتمحيص (12/ 330).
نقل الكوكبي أن جماعة من الشعراء، امتدحوا الوزير أبا صالح فأمر لهم بثلاثة دراهم ليس إلا وكتب إليهم.
قيمة أشعاركم درهم
…
عندي وقد زدتكم درهما
وثالثًا قيمة أوراقكم
…
فانصرفوا قد نلتم مغنما
قال محمد بن عوف: كنتُ ألعب في الكنيسة بالكرة وأنا حدث، فدخل الكرة، فوقعت قرب المعافى بن عمران الحمصي، فدخلتُ لأخذها
(1) متفق عليه (12/ 291).
(2)
(12/ 313).
(3)
(12/ 314).
فقال: ابن من أنت؟
قلت: ابن عوف بن سفيان.
قال: أمَا إن أباك كان من إخواننا، فكان ممن يكتب معنا الحديث والعلم، والذي كان يشبهك أن تتبع ما كان عليه والدك فصرت إلى أمي فأخبرتها.
فقالت: صدق هو صديق لأبيك، فألبستني ثوبًا وإزارًا ثم جئت إلى المعافى ومعي محبرة وورق.
فقال لي: اكتب حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد ربه بن سليمان.
قال: كتبت لي أم الدرداء في لوحي: اطلبوا العلم صغارًا، تعملوا به كبارًا فإن لكل حاصد ما زرع (1).
قال أبو بكر بن زياد: حضرتُ إبراهيم بن هانئ عند وفاته، فقال: أنا عطشان فجاءه ابنه بماء.
فقال: أغابت الشمس؟
قال: لا.
فرده وقال: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} [الصافات: 61] ثم مات (2).
عن أحمد بن إسحاق قال: ينبغي لقائد الغزاة أن يكون فيه عشر خصال: أن يكون في قلب الأسد لا يجبن، وفي كبر النمر لا يتواضع، وفي شجاعة الدب يقتل بجوارحه كلها، وفي حملة الخنزير لا يولي دُبُره، وفي غارة الذئب إذا أيس من وجه أغار من وجه، وفي حمل السلاح كالنملة تحمل أكثر من وزنها، وفي الثبات كالصخر، وفي الصبر كالحمار، وفي الوقاحة كالكلب لو دخل صيده النار لدخل خلفه، وفي التماس الفرصة كالديك (3).
(1)(12/ 614).
(2)
(13/ 18).
(3)
(13/ 37).
قلت: إن الوزير الكبير ابن بلبل ناوله فتاه مُدة بالقلم، فنقطت على دراعة مثمنة، فجزع، فقال: لا تجزع ثم أنشد.
إذا ما المسك طيب ريح قوم
…
كفاني ذاك رائحة المداد
فما شيءُ بأحسن من ثياب
…
على حافاتها حُمم السواد
قلت: صدق، وهي خال في ملبوس الوزراء (1).
قال حبيب بن عبيد الرحبي: تعلموا العلم وأعقلوه، وتفقهوا به، ولا تعلموه لتجملوا به، فإنه يوشك إن طال بكم عمر أن يُتجمل بالعلم كما يتجمل ذو البزِّ ببزه (2).
قال أبو العباس الكديمي: خرجتُ أنا وعلي بن المديني وسليمان الشاذكوني نَتنزه، ولم يبق لنا موضع غير بستان الأمير، وكان الأمير قد منع من الخروج إلى الصحراء، فكما قعدنا، وافى الأمير فقال: خذوهم.
فأخذونا، وكنت أصغرهم فبطحوني وقعدوا على أكتافي.
فقلت: أيها الأمير: اسمع: حدثنا الحميدي، أخبرنا سفيان عن عمرو عن أبي قابوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» (3).
قال: أعده فأعدته.
فقال: قوموا عنه، وقال: أنت تحفظ مثل هذا وتخرج تتنزه (4).
قال أبو أحمد بن عدي: كان المعمري كثير الحديث، صاحب حديث
(1)(13/ 201).
(2)
(13/ 241).
(3)
انظر السير (13/ 303) تعليق رقم (5).
(4)
(13/ 303).
بحقه كما قال عبدان: إنه لم ير مثله وما ذكر عنه أنه رفع أحاديث وزاد في متون، قال: هذا شيء موجود في البغداديين خاصة، وفي حديث ثقاتهم، وأنهم يرفعون الموقوف ويصلون المرسل، ويزيدون في الإسناد.
قلت: بئست الخصال هذه، وبمثلها ينحط الثقة عن رتبة الاحتجاج به. فلو وقف المحدث المرفوع أو أرسل المتصل لساغ له كما قيل: انقص من الحديث ولا تزد فيه (13/ 513).
قال الإمام الذهبي عن مسند الإمام أحمد: فلعل الله يُقيض لهذا الديوان العظيم من يرتبه ويهذبه، ويحذف ما كرر فيه، ويصلح ما تصحف، ويوضع حال كثير من رجاله، ويُنبه على مرسله، ويُوهن ما ينبغي من مناكيره، ويرتب الصحابة على المعجم، وكذلك أصحابهم على المعجم، ويرمز على رئؤوس الحديث بأسماء الكتب الستة، وأن رتبه على الأبواب فحسن جميل ولولا أني قد عجزت عن ذلك لضعف البصر، وعدم النية، وقرب الرحيل، لعملت في ذلك.
قال المحقق وفقه الله تعليقًا على هذا ما نصه: وقد تولى تحقيق "المسند" في هذا العصر العلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فأخرج منه قدر الثلث، واخترمته المنية دون أن يكمله، يسر الله لهذا "المسند" من يتمه على النحو الذي صنعه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله متجنبًا التساهل الذي وقع له في توثيق بعض الضعفاء والمجهولين (1).
قال يحيى العنبري: سمعت الطهماني يحكي شأن التي لا تأكل ولا تشرب وأنها عاشت كذلك نيفًا وعشرين سنة وأنه عاين ذلك.
قلت: سقتُ قصتها في "تاريخ الإسلام" وهي: رحمة بنت إبراهيم قُتل زوجها، وترك ولدين، وكانت مسكينة فنامت فرأت زوجها مع الشهداء يأكل
(1)(13/ 525).
على موائد وكانت صائمة قالت: فاستأذنهم وناولني كسرة أكلتها، فوجدتها أطيب من كل شيء، فاستيقظت شبعانة، واستمرت.
وهذه حكاية صحيحة فسبحان القادر على كل شيء (1).
قال: جعفر الخلدي: قلت لمُطين: لم لقبت بهذا؟
قال: كنت صبيًا ألعب مع الصبيان وكنت أطولهم فنسبح ونخوض فيطينون ظهري، فبصر بي يومًا أبو نعيم فقال لي: يا مين! لم لا تحضر مجلس العلم؟
فلما طلبت الحديث مات أبو نعيم، وكتبت عن أكثر من خمسمائة شيخ (14/ 42).
في "تاريخ الخطيب" أن أبا بكر بن أبي الدنيا دخل على يوسف القاضي فسأله عن قوته.
فقال القاضي: أجدني كما قال سيبويه:
لا ينفع الهليون والأطريفلُ.
انخرق الأعلى وخار الأسفلُ.
ونحن في جد وأنت تهزلُ
فقال ابن أبي الدنيا:
أراني في انتقاص كل يوم
ولا يبقى مع النقصان شيء
طوى العصران ما نشراه مني
فأخلق جدتي نشر وطي (2)
(1)(13/ 572).
(2)
(14/ 86).
عن أبي غَزية:
لا يزهدنك في أخ
…
لك أن تراه زل زله
والمرء يطرحه الذين
…
يلونه في شر إله
ويخونه من كان من
…
أهل البطانة والدخله
والموت أعظم حادث
…
مما يمر على الجبله (1)
أنشد أبو الحسين عبد الله بن محمد السمناني لنفسه:
ترى المرء يهوى أن تطول حياته
وطول البقا ما ليس يشفي له صدرًا
ولو كان في طول البقاء صلاحنا
إذا لم يكن إبليس أطولنا عمرًا (2)
عن صالح بن محمد جزرة: أنه وقف على حلقة أبي الحسين السمناني وهو يروي عن بركة بن محمد الحلبي. يعني مناكير فقال صالح: يا أبا الحسين ليس ذا بركة ذا نقمة.
[من شعر منصور بن إسماعيل]:
لي حيلة فيمن ينم
…
وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول
…
فحيلتي فيه طويلة
سمع يوسف بن الحسين قَوَّالًا ينشد:
رأيتك تبني دائمًا في قطيعتي
…
ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني
كأني بكم والليت أفضل قولكم
…
ألا ليتنا كنا إذا الليت لا تغني
فبكى كثيرًا وقال للمنشد: يا أخي لا تلم أهل الري أن يسموني زنديقًا، أنا
(1)(14/ 182).
(2)
(14/ 195).
من بكرة أقرأ في المصحف ما خرجت من عيني دمعة، ووقع مني إذ غنيت ما رأيت (1).
قام أبو بكر الباغندي ليصلي، فكبر، ثم قال: أخبرنا محمد بن سليمان لوين .. فسبحنا به.
فقال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين (2).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا ركب الكور، رجل أفضل من جعفر.
قال الإمام الذهبي:
هذا ثابت عن أبي هريرة ولا ينبغي أن يزعم زاعم أن مذهبه: أن جعفرًا أفضل من أبي بكر وعمر، فإن هذا الإطلاق ليس هو على عمومه، بل يخرج منه الأنبياء والمرسلون، فالظاهر أن أبا هريرة لم يقصد أن يُدخل أبا بكر ولا عمر رضي الله عنهم (14/ 506).
كان للعلاف قطٌ يحبه ويأنس به، فدخل برج حمام غير مرة، وأكل الفراخ فاصطادوه وذبحوه فرثاه بقصيدة طنانة.
ويقال: بل رثا بها ابن المعتز، وورى بالهر وكان ودودًا له.
وبداية هذه القصيدة:
ياهر فارقتنا ولم تَعُد
وكنت عندي بمنزل الوَلَد
وكيف ننفك عن هواك وقد
كنت لنا عدة من العُدد
(1)(14/ 249).
(2)
(14/ 385).
وخرج الفأر من مكامنها
ما بين مفتوحها إلى السُّدد (1)
اجتاز أبو القاسم البغوي بنهر طابق على باب مسجد، فسمع صوت مستمل.
فقال: مَن هذا؟
فقالوا: ابن صاعد.
قال: ذاك الصبي؟
قالوا: نعم.
قال: والله لا أبرحُ حتى أُملي ههنا، فصعد دكة وقعد، رآه أصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد.
ثمَّ قال: حدثنا أحمد بن حنبل قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا طالوت قبل أن يولد المحدثون، وحدثنا أبو نصر التمار، فأملي ستة عشر حديثًا عن ستة عشر شيخًا ما بقي من يروي عنهم سواه (2).
محمد بن حامد البزاز قال: دخلنا على أبي حامد الأعمشي، وهو عليل، فقلتُ: كيف تجدك؟
قال: أنا بخير، لولا هذا الجار يعني أبا حامد الجلودي، راوية أحمد بن حفص ثم قال: يدعي أنه عالم ولا يحفظ إلا ثلاثة كتب: كتاب "عمى القلب" وكتاب "النسيان" وكتاب "الجهل" دخل علي أمس وقد اشتدت بي العلة.
فقال: يا أبا حامد! علمت أن زنجويه مات؟
فقلتُ: رحمه الله.
فقال: دخلتُ اليوم على المؤمل بن الحسن وهو في النزع، ثم قال: يا أبا
(1)(14/ 515).
(2)
(14/ 450).
حامد! كم لك؟
قلتُ: أنا في السادس والثمانين.
فقال: إذا أنت أكبر من أبيك يوم مات (1).
تم بحمد الله، ويليه الجزء الثالث وهو من بداية المجلد الخامس عشر، وصلى الله على نبينا محمد.
(1)(14/ 554).