الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وليس فيه ما يوجب ذلك، ولكن لبعد فهمهم عنه.
قلت: كذا تُكلَّم في السُّلمي من أجل تأليفه كتاب: «حقائق التفسير» فياليته لم يؤلفه، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة قال الله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153.
* * *
المعتضد بالله
الخليفة أبو العباس، أحمد بن الموفق بالله (13/ 463).
كان ملكًا مهيبًا، شجاعًا، جبارًا شديد الوطأة من رجال العلم يُقدم على الأسد وحده.
عن إسماعيل القاضي، قال: دخلت مرة فدفع إليَّ كتابًا فنظرت فيه، فإذا قد جُمع له فيه الرُّخص من زلل العلماء.
فقلت: مصنف هذا زنديق.
فقال: ألم تصح هذه الأحاديث.
قلت: بلى، ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء، وما من عالم إلا وله زلة، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه فأمر بالكتاب فأُحرق.
قيل: كان لتاجر على أمير مال، فمطله ثم جحده، فقال له صاحب له: قم معي، فأتى بي خياطًا في مسجد، فقام معنا إلى الأمير فلما رآه هابه ووفاني المال، فقلتُ للخياط: خذ مني ما تريد، فغضب.
فقلتُ له: فحدثني عن سبب خوفه منك.
قال: خرجت ليلة فإذا بتركي قد صاد امرأة مليحة، وهي تتمنع منه وتستغيث فأنكرت عليه فضربني، فلما صلي العشاء جمعتُ أصحابي، وجئت بابه فخرج في غلمانه وعرفني، فضربني وشجني، وحُمِلت إلى بيتي فلما تنصف الليل قمت فأذنت في المنارة لكي يظن أن الفجر طلع فيخلي المرأة، لأنها قالت: زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي فما نزلتُ حتى أحاط بي بدر وأعوانه فأُدخلت على المعتضد فقال: ما هذا الأذان؟ فحدثته بالقصة فطلب التركي، وجهز المرأة إلى بيتها، وضرب التركي في جوالق حتى مات.
ثم قال لي: أنكر المنكر، وما جرى عليك فأذن كما أذنت، فدعوت له، وشاع الخبر، فما خاطبت أحدًا في خصمه إلا أطاعني وخاف.
وعن وصيف الخادم قال: سمعت المعتضد يقول عند موته:
تمتع من الدنيا فإنك لا تبقى
…
وخذ صفوها إن صفت وَدَع الرنقا
ولا تأمن الدهر إني أمنته
…
فلم يُبق لي حالا ولم يرع لي حقًا
قتلت صناديد الرجال فلم أدع
…
عدوًا ولم أمُهل على ظنه خلقًا
وأخليت دور الملك من كل بازل
…
وشتتهم غرباً ومزقتهم شرقًا
فلما بلغتُ النجم عزًا ورفعة
…
وجانت رقاب الخلق أجمع لي رقا
رماني الردى سهمًا فأخمد جمرتي
…
فها أنا ذا في حفرتي عاجلاً مُلقى
فافسدت دنياي وديني سفاهة
…
فمن ذا الذي مني بمصرعه أشقى
فيا ليت شعري بعد موتي ما أرى
…
إلى رحمة لله أم ناره ألقى؟