الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غيرهم قد رجع وإن لم ينقل. فإذا سلكت هذه الطريق فقد هديت، وإن أبيت إلا التعصب لآبائك وأشياخك، والجمود على اتباعهم، فقد قامت عليك الحجة. والله المستعان.
(الأينية، أو الفوقية
، أو كما يقولون: الجهة)
أطلقت أنا: الأينية لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قوله للسوداء: أين الله؟ قالت: في السماء، وفي آخر الحديث قوله صلى الله عليه وآله وسلم لسيدها: اعتقها فإنها مؤمنة.
وفي حديث أبي رزين العقيلي قال: «قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء، ما تحته هو اء وما فوقه هو اء، وخلق عرشه على الماء» (2)
في الأثر عن عثمان أنه قال لرجل ظنه أعرأبياً: «يا أعرأبي أين ربك؟» .
وأرى أن أسوق هنا عبارة الشيخ أبي الحسن الأشعري في كتابه (الإبانة)(1)
(1) وحديث الجارية السوداء في الموطأ وصحيح مسل وغيرهما وحديث أبي رزين في «جامع الترمذي» وانظر أثر عثمان في كتب الآثار، ولعل المؤلف يشير فيما بعد إلى من أخرجه. م ع
قلت: حديث أبي رزين مع شهرته وتحمس بعض السلفيين له لا يصح من قبل إسناده، فيه وكيع بن حدس، قال الذهبي:«لا يعرف» ، وفيما صح في الباب ما يغني عنه. ن
(2)
كتاب مشهور للأشعري طبع مراراً في الهند ومصر، وقد ذكره جماعة من القدماء ونقلوا عنه - منهم الحافظان الشافعيان أبوبكر البيهقي وأبوالقاسم بن عساكر وجماعة آخرون كما في رسالة ابن درباس المطبوعة مع الإبانة. المؤلف
قلت: وكما في «تبين كذب المفتري» لابن عساكر فقد اعترف فيه بالإبانة للأشعري ونقل منها ودافع عن الأشعري بما نقله منها. م ع
تأنيساً للمنتسبين إليه وغيرهم لأنه أشهر المتبوعين في المقالات التعمقية، وفي (روح المعاني) وغيره أن كتاب (الإبانة) آخر مصنفاته - قال:«باب ذكر الاستواء على العرش: إن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟ قيل له نقول: إن الله عز وجل مستوٍ على عرشه كما قال: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» ، وقد قال الله عز وجل:«إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ» ، وقال:«بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْه» ، وقال عز وجل:«يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْه» ، وقال حكاية عن فرعون:«يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ. أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً» كذب موسى عليه السلام في قوله إن الله عز وجل فوق السموات، وقال عز وجل:«أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْض» ، فالسموات فوقها العرش فلما كان العرش فوق السموات قال:«أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» ، لأنه مستوعلى العرش الذي فوق السموات وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السموات
…
ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحوالسماء لأن الله عز وجل مستوعلى العرش الذي هو فوق السموات
…
(سؤال) وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية أن قول الله عز وجل: [الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» أنه استولى وملك وقهر، وأن الله عز وجل في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله عز وجل على
عرشه كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة. ولوكان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض
…
وزعمت المعتزلة والحرورية (1) والجهمية أن الله عز وجل في كل مكان، فلزمهم أن الله في بطن مريم، وفي الحشوش والأخلية، وهذا خلاف الدين، تعالى الله عن قولهم
…
» .
ثم ساق الكلام وذكر حديث «ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا
…
» من طرق، ثم قال:
(دليل آخر) : وقال الله عز وجل: «يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ» ، وقال «تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه» ، وقال:«ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ» ، وقال:«ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً» ، وقال:«ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ» فكل ذلك يدل على أنه تعالى في السماء مستو على عرشه
…
(2) الحرورية هم الخوارج نسبة إلى حروراء بلد على دجلة والفرات لجأو ر وتحصنوا به بعد ما خرجوا على علي ابن أبي طالب فخرج إليهم فيها وقاتلهم حتى شتت شملهم، وقد ثبت منهم الأباصية والأزارقة وغيرهم ووكرهم بجزيرة العرب مسقط وعمان- - ولحج ولهم فروع بجنوب افريفيا زنجبار، وبشمالها بالجزائر ولهم مؤلفات في الحديث والفقه كمسند الربيع بن حبيب، وشرحه بعض متأخريهم باسم «الجامع» ، كلاهما مطبوع بمصر. م ع.
(دليل آخر) : وقال عز وجل: «وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً» ، وقال:«هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ» ، وقال: [) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى. مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى. أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى» إلى قوله: «لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى» ، وقال عز وجل لعيسى بن مريم عليه السلام:«إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ» ، وقال:«وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ» . وأجمعت الأمة على أن الله عز وجل رفع عيسى إلى السماء، ومن دعاء أهل الإسلام جميعاً إذا هم رغبوا إلى الله عز وجل في الأمر النازل بهم يقولون جميعاً: يا ساكن العرش، ومن حلفهم جميعاً: لا والذي احتج بسبع سماوات
…
دليل آخر: وقال عز وجل: «ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ» ، وقال «وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِم» ، وقال «وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُورُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ» ، وقال عز وجل:«وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّا»
…
فلم يثبتوا (1) له في وصفهم حقيقة، ولا أو جب له الذي يثبتون له بذكرهم إياه وحدانية، إذ كل كلامهم يؤول إلى التعطيل، وجميع أو صافهم تدل على النفي أو التعطيل،
…
وروت العلماء عن عبد الله بن عباس أنه قال:
(1) يعني الجهمية ومن معهم. المؤلف
دليل آخر: وروت العلماء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأمة سوداء فقال يا رسول الله إني أري أن اعتقها في كفارة فهل يجوز عتقها؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين الله؟ قالت: في السماء، قال: فمن أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اعتقها فإنها مؤمنة. وهذا يدل أن اللع عز وجل على عرشه فوق السماء.» (1)
يعلم من عبارة الأشعري وغيرها أن الأمة كانت مجمعة على إثبات الأينية (2) غير أن السلف يثبتون الفوقية، والجهمية تقول بالمعية، أي أنه تعالى في كل مكان، وثبت السلفيون على قول السلف على الحقيقة، ووافقهم على ذلك في الجملة فرق قد انقرضت، وصار المتعمقون إلى فرقتين، الأولى: تدعي موافقة السلف، والأخرى: تنمى إلى الجهمية، واتفقت الفرقتان على نفي الأينية، لكن الأولى تطلق ما يظهر منه الفوقية، وتتأول ذلك بالفوقية المعنوية، والثانية: تطلق أنه تعالى في كل مكان، وتتأول ذلك بالعلم والقدرة، وعرضهما التمويه والتمهيد لتأويل النصوص وأقوال من سبق.
وعلى كل حال فعبارة الأشعري التي سقناها صريحة واضحة في أنه يثبت الفوقية الذاتية على الحقيقة، والمنتسبون إليه يواربون محتجين بأنه ينفي الجسمية.
(1) اه. كلام الأشعري رحمه الله تعالى. م ع.
(2)
يعني أن الأمة الإسلامية جميعاً من سلفيين صحابة وتابعيهم وجهمية مخالفين لهم، جميعاً يؤمنون بجواب أين الله تعالى؟ فالسلفيون يؤمنون أن الله في السماء فوق العرش، والجهمية والمعتزلة يؤمنون أنه في كل مكان، فرد عليهم الأشعري بالنصوص السلفية إثباتاً لعلوا الله على عرشه. م ع.
فيقال لهم: إن كان صريح بنفي الجسمية فيحتمل حاله أوجهاً:
الأول: أن يكون رجع عن ذلك وقد تقدم أن (الإبانة) آخر مصنفاته.
الثاني: أن يكون إنما ينفي الجسمية المستلزمة للمحذور - على حد قول جماعة: «جسم لا كالأجسام» .
الثالث: أن يكون يخص اسم الجسم بما يستلزم المحذور، ويرى أن ما ثبت لله عز وجل بما ذكره في عبارته السابقة من الفوقية والنزول كل ليلة إلى السماء الدنيا، والمجيء يوم القيامة، وغير ذلك لا يقتضي أن يسمى جسماً، وإن كان يستلزم ما يسميه غيره جسمية. وأيا ما كان فلندع الأشعري وننظر في أصل القضية.
احتج مثبتو الأينية مع النصوص الشرعية وإجماع السلف بأنه لا يعقل الموجود بدونها، وهذا من أجلى البديهيات وأوضح الضروريات.
أجاب المتعمقون بأن هذه بديهية وهمية، قال الغزالي في (المستصفي) ج 1 ص 46: «السادس الوهميات، وذلك مثل قضاء الوهم بأن كل موجود ينبغي أن يكون مشاراً إلى جهته، فإن موجوداً لا متصلاً بالعالم، ولا منفصلاً عنه، ولا داخلاً، ولا خارجاً محال، وإن إثبات شيء مع القطع بأن الجهات الست خالية عنه محال
…
ومن هذا القبيل نفرة الطبع عن قول القائل، ليس وراء العالم خلاء ولا ملأ. وهاتان قضيتان وهميتان كاذبتان:
والأولى منهما: ربما وقع لك الإنس بتكذيبها لكثرة ممارستك للأدلة العقلية الموجبة إثبات وجود ليس في جهة
…
وهذه القضايا مع أنها وهمية فهي في الأنفس لا تتميز عن الأوليات القطعية
…
بل يشهد به أول الفطرة كما يشهد بالأوليات العقلية» .
قال المثبوت: أما أن القضية بديهية فطرية فحق لا ريب فيه. وأما زعم أنها وهمية فباطل، فإن القضايا الوهمية من شأنها أن ينكشف حالها بالنظر انكشافاً
واضحاً، ومن شأن الشرع إذا كانت ماسة بالدين كهذه أن يكشف عنها. وكلا هذين منتف، أما الشرع فإنما جاء بتقرير هذه القضية وتثبيتها وتأكيدها بنصوص صريحة تفوق الحصر، بل أصل بناء الشرائع على نزول الملك من عند الله عز وجل بالوحي على أنبيائه.
وأما النظر فقد اعترف الغزالي بأن أقصى ما يمكن من مخالفته لهذه القضية أنه ربما حصل الإنس بتكذيبها لمن كثرت ممارسته للأدلة العقلية
…
، ففي هذا أن تلك الأدلة كلها فضلاً عن بعضها لا تثمر اليقين، ولا ما يقرب منه، ولا ما يشبهه، وإنما غايتها أنه ربما حصل الإنس لمن كثرت ممارسته لها.
وقد شرح الغزالي نفسه في (المستصفى) ج 1 ص 43 يقين النفس بقوله: «أن تتيقن وتقطع به، وينضاف إليه قطع ثان، وهو أن تقطع بأن قطعها به صحيح، وتتيقن بأن يقينها فيه لا يمكن أن يكون به سهو ولا غلط ولا التباس، فلا يجوز الغلط في يقينها الأول، ولا في يقينها الثاني، ويكون صحة يقينها الثاني كصحة يقينها الأول، بل تكون مطمئنة آمنة من الخطأ، بل حيث لوحكى لها عن نبي من الأنبياء أنه أقام معجزة وادعى ما يناقضها، فلا تتوقف في تكذيب الناقل، بل تقطع بأنه كاذب، أو تقطع بأن القائل ليس بني، وأن ما ظن بأنه معجزة فهي مخرقة، فلا يؤثر هذا في تشكيكها، بل تضحك من قائله وناقله، وإن خطر ببالها إمكان أن يكون الله قد أطلع نبياً على سرٍ به انكشف له نقيض اعتقادها فليس اعتقادها يقيناً، مثاله قولنا: الثلاثة أقل من الستة
…
»
فأنت إذا عرضت قوله: «ربما حصل لك الإنس
…
» على هذا اليقين الذي شرحه علمت أن بينهما كما بين السماء والأرض، فثبت أن ما سماه أدلة عقلية موجبة إثبات موجود ليس في جهة، ليس معنى ايجابها ذلك إثمار اليقين ولا ما يقاربه ولا ما يشبهه، فإذا كانت كذلك فكيف تسوغ أن اعرض بها القضية البديهية الواضحة؟
فإن قيل: لكنها تزلزل اليقين بتلك القضية فلا تبقى يقينية؟
قلت: أما زلزلة اليقين في جميع النفوس فممنوع. وأما زلزلته في بعض النصوص فلا يقدح، ألا ترى أن من العقلاء من شك في البديهيات كلها وقدح فيها كما مر في الباب الأول؟ أولا ترى أن الغزالي نفسه صرح في كتابه (المنقذ من الضلال) بأنه نفسه كان يشك في الحسيات والبديهيات، وأنه بقي على ذلك نحو شهرين، وقد تقدم حكاية ذلك في الباب الأول (1) .
فالحق أن اليقين قد يطرأ عليه التفات إلى الشبهات ورعب منها إذا حكيت عن جماعة اشتهروا بالتحقيق والتدقيق، وأنهم اعتمدوها فيعرض التشكك، وهذا هو الذي ربما يعرض هنا، بما ذكره الغزالي من كثرة الممارسة، وقد تقدم في الباب الأول أن القادحين في البديهيات احتجوا بقولهم:«من مارس مذهباً من المذاهب برهة من الزمان ونشأ عليه فإنه يجزم بصحته وبطلان ما يخالفه» . (2) ولم يجب مخالفوهم إلا بقولهم: «الجواب أنه لا يدل على كون الكل كذلك» . فإذا كانت كثرة الممارسة للباطل قد تورث الجزم ببطلان ما يخالفه فكيف لا تورث ما ذكره الغزالي هنا بقوله: «ربما حصل لك الإنس» وإذا وجب أن لا يعتد بالجزم الحاصل عن طول الممارسة فكيف يعتد باحتمال حصول الإنس؟ ولوكان هذا كافياً للتشكيك في البديهيات، وخشية أن تكون وهمية لثبب القدح في عامة البديهيات وطوي بساط العقل وحقت السفسطة، وقد تقدم في الباب الأول (3) قولهم في الجواب عن شبهات القادحين في البديهيات:«ولا نشتغل بالجواب عنها لأن الأوليات مستغنية من أي يذب عنها، وليس يتطرف إلينا شك فيها بتلك الشبه التي نعلم أنها فاسدة قطعاً، وإن لم يتيقن عندنا وجه فاسدها» . أفلا يكفي مثبتي الأينية (4) أن يجيبوا عما سماه الغزالي أدلة بمثل هذا؟
(1) ص (64 - 75 - 73) .
(1)
تقدم ص 52.
(2)
ص 45.
(4)
أي المؤمنين بجواب «أين الله» وأنه في السماء فوق العرش مباين للخلق. م ع
فإن قيل: إن من تلك الأدلة البراهين على وجوب واجب الوجود لنه لا يصح كونه واجب الوجود إلا إذا لم يكن له أين فجمودهم على تلك القضية يقتضي نفي وجود واجب الوجود.
قلت: البراهين الصحيحة على وجوده لا تقيد بعدم الأين، بل منها ما يقتضي بوجوده مع ثبوت الأين له، فأما المقاييس التي يتشبث بها النفاة فهي من الشبهات التي نتيقن فسادها وإن فرض أنه لم يتعين لنا وجهه.
أقول: وفي هذا مع الأدلة الشرعية ما يكفي الراغب في الحق الخاضع له، فلا حاجة بنا إلى التشاغل بتلك الشبهات، ولكن أشير هاهنا إلى نكات:
الأولى: المتعمقون يقولون أن ذاك البارئ عز وجل مجردة، ثم منهم من يثبت ذوات كثيرة مجردة حتى عدوت منها الملائكة وأرواح الخلق، (1) ومنهم من يقتصر على تجويز ذلك، وردوا على من نفى ذلك محتجاً بأنه لووجدت ذات أخرى مجردة لكانت مماثلة لذات الله عز وجل، بأن المشاركة في التجرد لا تقتضي المماثلة التي تستلزم اشتراك الذاتيين فيما يجب ويجوز ويمتنع.
وأنت إذا تدبرت علمت ما في هذا القول كما مر في الباب الثالث. (2)
فإن قيل: الإنصاف أن من أثبت المشاركة في أمر ما فقد أثبت المثل في مطلق ذاك الأمر، ولزوم التساوي في الأحكام إنما هو بالنظر لذاك الأمر فالمثبت الشريك في الوجود يلزمه تساوي الذاتين في أحكام مطلق الوجود، وهكذا يقال في التجرد والجسمية والأينية وغيرها وليس المحذور هنا إثبات مثل في أمر ما، ولا إثبات مساوفي أحكام أمر ما، وإنما المحذور لزوم حكم باطل.
(1) يعني أرواح بني آدم ويمونها النفوس الناطقة ولا يدخل في ذلك عندهم أرواح الحيوانات. م ع
(2)
ص 278.
قلت: فهذا يوضح سقوط تشبثهم بقوله تعالى: «ليس كمثله شيء» ، وقوله:«ولم يكن له كفواً أحد» ، ويبين ما قدمناه في ذلك في الباب الثالث. ولله الحمد.
ثم أقول: التجرد المزعوم إنما حاصل عند العقول الفطرية العدم وذلك مناف للوجود فضلاً عن الوجوب، وعلى فرض أنه لا ينافي الوجود، فأي فرق يعقل بين ذاتين مجردتين حتى تكون هذه روح بعوضة وتلك ذات رب العالمين؟ فأما ذاتان مشتركتان في مطلق الأينية، فإن معقولية الفرق بينهما بغاية الوضوح، بل يجيئ ذلك في الجسمية وإن كنا لا نقول أنه سبحانه وتعالى جسم. فأما زعمهم أن في أحكام مطلق الأينية ما ينافي الوجود. فإنما مستندهم فيه تلك الشبهات التي تقدم أنه لا يلزمنا التشاغل بها للعلم ببطلانها مع اعتراف أشد أنصارها تحمساً ومجازفة بأن غايتها أنها ربما تورث منطالت ممارسته لها الأنس بمقتضاها، ومن تدبر تلك الشبهات علم وهنها.
يقول الفلاسفة: إن ذات الله تعالى وجود. ومال إلى هذا كثير من متأخري المتكلمين.وأو رد عليهم أن الوجود عندهم أمر عدمي. فأجابوا بأنه لا مانع من تفاوت الأفراد، فيكون هذا الفرد المعروف من الوجود أمراً عدمياً، وفرد آخر منه واجب الوجود لذاته، ومن العجب أن يزعموا معقولية هذا، وينكروا معقولية التفاوت في الأينية، أو قل في الجسمية. (1)
الثالثة القائلون: جسم لا كالأجسام، يقولون لا حاجة أن تلزمونا ذلك بإثباتنا الفوقية، بل نحن نلزمكم ذلك بما اعترفتم به أنه سبحانه موجود قائم بنفسه، بل ذلك
(1) مجاراة للذين يزعمون أن إثبات الصفات من العلووالأستواء والنزول والوجه واليدين لله عز وجل يستلزم أن يكون جسماً. فيقال لهم على سبيل التنزل والمجاراة: إذا قلتم بتجرد ذات الله وتجرد العقول النفوس الناطقة مع عدم المشابهة فقولوا بإثبات النصوص الشرعية وقولوا لمن يقول بلزومها للجسمية بعدم المماثلة والمشابهة، وحينئذ تكونون قد وافقتم الشرع والفطرة وسنن المرسلين. م ع.
هو معنى القيام بالنفس، وهذه من أجلى البديهيات. وذكروا أن بعضهم أو رد هذا على أبي إسحاق الإسفرائني (1) ففر إلى قوله: إنما أعني بقولي: قائم بنفسه، أنه غير قائم بغيره. وهذا عجب! فإنه إذا كان موجوداً والموجود إما قائم بنفسه، وإما قائم بغيره، فقوله:«غير قائم بغيره» ، إنما حاصله أنه قايم بنفسه، فحاصل جوابه إنما يعني بقوله " قايم بنفسه، أنه قيم بنفسه!
أقام يُعْمِلُ أياماً رَوَّيته
…
وشبَّه الماء بعد الجهد بالماء
الرابعة: في عبارة الغزالي ذكر قضية الخلاء والملأ، فالفلاسفة ومن تبعهم قولون: إنه ليس وراء العالم خلاء ولا ملأ، والعقول الفطرية تنكر ذلك، وأو رد عليهم أنا إذا فرضنا إنساناً على طرف العالم فمد يده إلى خارجه فإن امتدت فثم خلاء، وإلا فثم ملأ، فأجابوا باختيار أنها لا تمتد، ولكن لا لوجود ملأ، بل لعدم شرط الامتداد وهو الخلاء.
أقول: وهذه القضية قريبة من سابقتها. فإن الفطر قاضية بأن الخلاء والملأ إذا فقد أحدهما وجد الآخر، وعلى هذا ففقد الخلاء ومعناه وجود الملأ.
الخامسة: مذهب المتكلمين أن الخلاء أمر عدمي، والأعدام قديمة، واستدل الفلاسفة على أنه أمر وجودي بأنه يشار إليه ويتقدر، ومما دفع أنهم يقولون: ليس وراء العالم خلاء ولا ملأ، فلنفرض أن الله عز وجل خلق وراء العالم جدراناً وخلق لها خلاء (2) تقوم فيه وتكون بحيث يأتلف منها مربع ويبقى جوفه على ما كان عليه، فإن ذاك الجوف يكون مشاراً إليه متقدراً، ومع أنه بات على ما كان
(1) كذا الأصل بالهمزة بين الألف والنون، والصواب (الإسفرايني) بالياء المكسورة كما في كتب الأنساب. وقال السيوطي: قلت «بلا همزة» . ونحوه في «معجم البلدان» إلا أنه زاد في ضبطها ياء أخرى ساكنة. يعني (الإسفراييني) . ن.
(2)
أي بناء على زعم أن الخلاء أمر وجودي. المؤلف.
عليه. والعقول الفطرية يمكنها أن تتصور أن يكون الكون له جسماً واحداً مثلاً، وأن تتصور عدم الأجسام، وأن يكون الكون كله خلاء، (1) ولا تتصور ارتفاع الأمرين، وهذا يقضي بأن الخلاء أمر عدمي، فإن يعقل ارتفاع العدم بالوجود، ويستحيل ارتفاعهما معاً. (1) وظواهر النصوص الشرعية توافق هذا، فإنها تعرضت لخلق العالم في الخلاء، ولم تتعرض لخلق الخلاء، بل في عدة نصوص ما يقتضي أن الخلاء لم يكن مرتفعاً (2) فقط قبل وجود الملأ، ولا أعلم من سلف المسلمين قائلاً بأن الخلاء أمر وجودي، وانه لم يكن خلاء ولا ملأ حتى خلق الله تعالى ذلك. وقال لي قائل: هب أن زاعماً زعم أن الخلاء وجودي، وأنه قديم محذور في هذا؟ فإن الخلاء لا يصلح أن يكون منه تخليق ولا تدبير فلا يتوهم أن يكون هو رب العالمين أو مغنياً عنه أو شريكاً له، وقضية الافتقار إليه على فرض كونه واجباً لا ينافي الوجود، ولا تز عن الافتقار إليه على فرض أنه عدمي، وعلى الافتقار إلى المانع نحو ذلك.
وأقول: خير لمن يعرض له مثل هذا أن يعرض عن التفكير، ويستغني بما ثبت بالقواطع، وسيأتي لهذا مزيد. والله الموفق.
السادسة: من تدبر عبارة الغزالي علم أنه يعترف أن العرب والصحابة والتابعين
(1) بل العلوم التجريبية التي هي أصح من تفكير المتكلمين وأقيستهم قد ثبت فيها بما لا شك فيه أن بين الأجرام السماوية من شموس وكواكب خلاء حقيقي ففوق الأرض بنحومائة كيلومتر بعد طبقة الهو اء الأرضي خلاء صرف إلى ما يشاء الله تعالى لا يشغله غير الأجرام السماوية والحرارة والنور والأشعة الأخرى تأتي إلينا من مصادرها في خلاء صرف.
فليتخيل المتخيلون في هذا الخلاء الواسع الأطراف الذي لا يعلم حدوده إلا الله سبحانه ماشؤوا من خيالات القدم والحدوث والعدم فهو بحر تسبح فيه الأجرام السماوية سباحة الأسماك في البحار. م ع
(2)
أي منفياً. م ع
وكل من لم تطل ممارسته لمزاعم الفلاسفة في التجرد (1) إذا أيقن أحدهم بوجود الله عز وجل فإنه يوقن بثبوت الأينية له ولابد، وإذ كانت الفطر قاضية بأنه سبحانه فوق سمواته، فإنهم يوقنون بذلك على ظاهره وحقيقته، فإذا سمعوا النصوص الشرعية الموافقة لذلك، فإنما يفهمون منها تلك المعاني الموافقة، وليس في وسع أحد منهم أن يتوقف عن فهم ذلك منها، وعلى فرض أن في النصوص ما يشعر بخلاف ذلك، فإنهم يحملونه على خلاف ما يشعرون به. وبهذا تعلم أن من ينكر تلك المعاني فإنه ينسب النصوص إلى الكذب البتة، ولعل للغزالي عبارات أصرح مما ذكر، وفيما ذكر كفاية، وفإن الأمر واضح جداً. وكذلك غيره من المتعمقين يلزمهم ذلك، ويظهر من حالهم أنهم يعرفونه ويعترفون به. ومن آخرهم السعد التفتازاني قال في (شرح المقاصد) : - «فإن قيل: إذا كان الدين الحق نفي الحيز والجهة فما بال الكتب السماوية والأحاديث النبوية مشعرة في مواضع لا تحصى بثبوت ذلك من غير أن يقع في موضع واحد منها تصريح بنفي ذلك وتحقيق (؟) كما كررت الدلالة على وجود الصانع ووحدته وعلمه وقدرته وحقيقة المعاد وحشر الأجساد في عدة مواضع وأكدت غاية التأكيد، مع أن هذا أيضاً حقيق بغاية التأكيد والتحقيق لما تقرر في فطرة العقلاء مع اختلاف الأديان والآراء من التوجه إلى العلوعند الدعاء ومد الأيدي إلى السماء؟
أجيب: بأنه لما كان التنزيه عن الجهة مما تقصر عنه عقول العامة حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة كان الأنسب في خطاباتهم والأقرب إلى إصلاحهم والأليق بدعزتهم إلى الحق ما يكون ظاهراً في التشبيه وكون الصانع في أشرف الجهات مع تنبيهات دقيقة على التنزيه المطلق عما هو من سمة الحدوث» .
(1) أي عموم بني آدم الذين لم يخرجوا عن سنن الفطرة التي فطر الله عليها عباده ولم تفسدها عليهم خيالات الفلاسفة والمتكلمين وهو سهم وأقيستهم الباطلة. م ع.
أقول: تدبر عبارة هذا الرجل وانظر ما فيها من التلبيس والتدليس!
أولاً: قوله: «الدين الحق» وكل مسلم يعلم (أن الدين عند الله الإسلام) والإسلام باعتراف هذا الرجل جاء بنقيض ما زعم أنه الدين الحق، وكذلك جميع أديان الأنبياء، فكيف يقول مسلم أن الدين الحق نقيض ما جاء به الأنبياء؟ ثم ما الذي جعله حقاً وهو مع مخالفته للكتب والسنة وسائر كتب الله تعالى وأنبيائه منابذ لبدائة العقول؟!
ثانياً قوله: «مشعرة» ومن عرف الكتاب والسنة علم يقيناً أن نصوصهما بغاية الصراحة في الإثبات.
ثالثاً قوله: «تقصر عنه عقول العامة» والحق أن العقول كلها تنبذه البتة، إلا أن من أرعبته شبه المخالفين لعظمتهم في وهمه وطالت ممارسته لها قد يأنس بالنفي الساقط كما تتقدم، وهذا الأنس إنما هو ضرب من للحيرة بل هو ضرب من الجنون، افرض أنك خرجت من بيتك وعلى رأسك عمامة فيلقاك رجل فيقول لك: لم خرجت بلا عمامة؟ فترى أنه يمازحك، قم يلقاك آخر فيقول لك نحوما قال الأول، ثم يلقاك ثالث، ثم رابع ثم خامس وهكذا كل منهم يقول لك نحومقالة الأول، ألا ترتاب في نفسك وتخاف أن تكون قد جننت حيث تعتقد أن على رأسك عمامة تراها وتلمسها وتحس بثقلها وهؤلاء كلهم ينفون ذلك، وينتهي بك الحال إلى أن تحاول أن تقنع نفسك بأنه ليس على رأسك عمامة، وتتقي أن تخبر أحداً بأنك تعتقد أن على رأسك عمامة، بل قد ترى الأولى أن ترمي العمامة حتى يتفق اعتقادك واعتقاد الناس، ولكن افرض رميت بها واعتقدت أنه ليس على رأسك عمامة حتى يتفق اعتقادك واعتقاد الناس، ولكن افرض أنك رميت العامة واعتقدت أنه ليس على رأسك عمامة فلقيك رجل فقال لك: عمامتك هذه كبيرة، ثم لقيك آخر فقال: عمامتك هذه وسخة، ثم ثالث ثم رابع ثم خامس وهلم جرا كل منهم يثبت لك أن على رأسك عمامة، فماذا يكون حالك؟ وقد وقع ما يشبه هذا فكانت نتيجته الجنون!
أُخبرت أنه كان في هذه البلدة امرأة من نساء كبار الأمراء وكان ولد يعارضها ويمانعها عما تريد، واشتدت مضايقته لها، حتى عمدت إلى جماعة أعدتهم لمجالسة ولدها وصحبته وأن يتعمدوا مخالفته وإظهار التعجب منه في أشياء كثيرة، كانوا يقولون في الحلوإنه حامض، وفي الأصفر إنه أحمر، ونحوذلك ففعلوا ذلك وألحوا فيه حتى تشكك الولد وجن.
وأُخبرت أنه كان لرجل من كبار الوزراء ابن أخ أو قريب آخر، وكان القريب عاقلاً ذكياً فطناً مهذباً نبيل الأخلاق، وكان الأبن دون ذلك فخاف الوزراء أن يموت فيتولى الوزراة قريبه دون أبنه، فأعد جماعة لمجالسة قريبه وأمرهم بمخالفته، وتشكيكه، ففعلوا ذلك حتى جن المسكين. (1)
رابعاً قوله: «حتى تكاد تجزم بنفي ما ليس في الجهة» . والحق أنها تجزم بذلك كل الجزم، إلا أن يبتلى بعضها بالتشكك كما مر.
خامساً قوله: «مع تنبيهات دقيقة» إن أراد بالتنبيهات قوله تعالى: «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير» ونحوها فقد تقدم الجواب، وإن أراد الدلائل على وجوب الوجود والغنى فقد تقدم الكلام فيها، وعلى كل حال فليس في العقول
(1) ومغزى الحكايتين أن من عاش في وسط مخالف له في التفكير والتعبير، فإما أن يوافق هذا الوسط وينسى فكره وعقله، أو يجن إذا أصر على مناقضتهم والخلاف معهم. وقد فسروا الجنون بالحالة التي لا يقدر صاحبها على الأنسجام مع وسطه الذي يعيش فيه.
وقد سمعت من بعض المفكرين في إصلاح العامة أن ذلك يكون بأمرين إما يتنزل رجل ممتاز التفكير إلى طبقتهم حتى يأخذ بأيديهم إلى الارتقاء والتهذيب بلطف، أو بنبوغ رجل منهم يقودهم برفق وهو في وسطهم لا يترفع عنهم. وقال: هكذا كانت حال الأنبياء والمصلحين مع أممهم أهـ م ع
الفطرية ولا النصوص الشرعية ما يصح ونظراءه لزوماً واضحاً تكذيب النصوص ولابد.
وقد حكى بعض المحشين على (المواقف) عبارة التفتازاني المذكورة ثم تعقبها بقوله: «فيه فتح باب الباطنية لأنه جاز إظهار الباطل حقاً في آيات كثيرة وتقريره في عقول عامة المسلمين لقصور دركهم جاز مثله في سائر الأحكام كخلود العذاب الجسماني والجنة والجسماني والصراط الأدق من الشعر لأن الصرف عن الظاهر لا يتوقف على استحالة بل الاستبعاد كاف نحورأيت الأسد في الحمام، فالحق أن تأويل تلك الآي بظهور المجرد في صورة الجسماني» .
أقول: حاصل هذا التعقب موضحاً أن الاستحالة المزعومة لم تكن تدركها عقول المخاطبين فلا يصح عدها قرينة تدفع الكذب، فإن زعمتم أنه اقتضت المصلحة التسامح في هذا والاكتفاء بجواز الكذب من الله ورسله والتكذيب منكم بأن هناك ما لوعلمه المخاطبون لكان قرينة وهو الاستحالة العقلية كان للبطنية أن يعتذروا بنحوعذركم عن تأويلاتهم لغالب العقائد والأحكام متشبثين بدعوى الاستبعاد كما تشبثتم بدعوى الاستحالة، والحاصل أنكم تشبثتم باقتضاء المصلحة ودعوى وجود ما لوعلمه المخاطبون لكان قرينة، وهذه حال الباطنية أيضاً.
ثم أقول: الاستحالة مدفوعة، وكثير من النصوص صريح لا يحتمل غير ذاك المعنى الذي ينكره المتعمقون، والكلام الذي غير الظاهر احتمالاً قريباً لا يصرف عن ظاهر إلا بقرينة، ومن شرط القرينة أن يكون من شأنها أن لا تخفى على المخاطب، فإن لم يتحمل غير ظاهره أو احتمله ولا قرينة فزعم أن ظاهره باطل تكذيب له ولابد، ومعلوم من الدين بالضرورة استحالة أن يقع كذب من الله تعالى أو من رسوله فيما يخبر به عنه، والله تعالى أجل وأعظم من أن يكذب