المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التي ورد فيها الحذف والذكر لسبب من الأسباب» - القراءات وأثرها في علوم العربية - جـ ٢

[محمد سالم محيسن]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس الحذف والذكر

- ‌الفصل الأول من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التى ورد فيها الحذف والذكر موافقة للرسم العثماني»

- ‌الفصل الثاني من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التي ورد فيها الحذف والذكر لسبب من الأسباب»

- ‌الباب السادس «كسر همزة «ان» المشددة وفتحها»

- ‌الباب السابع تذكير الفعل وتأنيثه

- ‌الباب الثامن «من بلاغة القرآن الكريم» «الالتفات»

- ‌تمهيد

- ‌وللالتفات فوائد

- ‌الفصل الأول من الباب الثامن «الالتفات»

- ‌[القضية الأولى]

- ‌القضية الثانية:

- ‌الفصل الثاني من الباب الثامن «الالتفات»

- ‌[«القضية الأولى»]

- ‌القضية الثانية:

- ‌القضية الثالثة:

- ‌الباب التاسع «أسلوب الحمل في اللغة العربية»

- ‌الفصل الأول من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على الغيبة

- ‌تعريف الحمل

- ‌سبب الحمل

- ‌أنواع الحمل أربعة وهي

- ‌الفصل الثاني من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على الخطاب

- ‌الفصل الثالث من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها الحمل على نون العظمة

- ‌الفصل الرابع من الباب التاسع أشباه ونظائر الكلمات التي ورد فيها «الحمل» على تاء المتكلم

- ‌الباب العاشر أثر العامل النحوي

- ‌الباب الحادي عشر «صنعة الاعراب»

- ‌«الخاتمة»

الفصل: ‌الفصل الثاني من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التي ورد فيها الحذف والذكر لسبب من الأسباب»

‌الفصل الثاني من الباب الخامس «الأشباه والنظائر في الكلمات التي ورد فيها الحذف والذكر لسبب من الأسباب»

.

لقد تتبعت قراءات القرآن واستخلصت منها الكلمات التي قرئت مرة بالحذف، والأخرى بالذكر، وكان كل من الحذف، والذكر لسبب من الأسباب غير موافقة الرسم العثماني، وقد وجهت هذه الكلمات، وخرجتها تخريجا علميا.

وهذه الكلمات ممثلة فيما يلي، وهي مرتبة حسب ترتيب «القرآن»:

«تظاهرون» من قوله تعالى: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (1).

«تظاهرا» من قوله تعالى: وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ (2).

قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تظاهرون، تظاهرا» ، بتخفيف الظاء، على أن أصلهما:«تتظاهرون، تتظاهرا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.

وقرأ الباقون بتشديد الظاء فيهما، وذلك على ادغام التاء في الظاء (3).

ومعنى «ظهر الشيء» : أصله ان يحصل شيء على ظهر الأرض فلا

(1) سورة البقرة آية 85.

(2)

سورة التحريم آية 4.

(3)

قال ابن الجزري: وخففا تظاهرون مع تحريم شفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 1 ص 410. والتيسير في القراءات السبع ص 74. وتقريب النشر ص 92.

ص: 24

يخفي، ثم صار مستعملا في كل بارز مبصر بالبصر، والبصيرة (1) قال تعالى: أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (2).

ويقال: «ظهر عليه» : أي غلبة، قال تعالى: إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ (3).

ويقال: «ظاهرته» : أي عاونته، قال تعالى: وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ (4).

وقال تعالى: تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (5)«حذف واثبات الف أنا» «الواقع بعدها همزة قطع حالة الوصل» .

«أنا» أما أن يقع بعدها همزة قطع مضمومة نحو قوله تعالى:

قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ (6).

أو همزة قطع مفتوحة نحو قوله تعالى: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (7).

أو همزة قطع مكسورة نحو قوله تعالى: إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (8).

وقد اختلف القراء العشرة في حذف، واثبات ألف «أنا» التي بعدها همزة قطع حالة الوصل، أي وصل «أنا» بما بعدها:

فقرأ «نافع، وأبو جعفر» باثبات ألف «أنا» وصلا اذا وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، في جميع القرآن الكريم، وحينئذ يصبح المد عندهما من قبيل المد المنفصل فيمد حسب مذهبه.

وقرأ «قالون» بخلف عنه بإثبات الف «أنا» وصلا اذا وقع بعدها

(1) انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ظهر» ص 318.

(2)

سورة غافر آية 26.

(3)

سورة الكهف آية 20.

(4)

سورة الممتحنة آية 9.

(5)

انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ظهر» ص 317.

(6)

سورة البقرة آية 258.

(7)

سورة الاعراف آية 143.

(8)

سورة الأعراف آية 188

ص: 25

همزة قطع مكسورة في جميع القرآن الكريم، حينئذ يصبح المد عنده من قبيل المد المنفصل فيمد حسب مذهبه.

وقرأ الباقون بحذف ألف «أنا» وصلا سواء وقع بعدها همزة قطع مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة في جميع القرآن الكريم.

«تنبيه» : اتفق القراء العشر على اثبات ألف «أنا» حالة الوقف عليها وذلك موافقة لرسم المصحف (1).

واثبات الألف، وحذفها، لغتان صحيحتان:

فوجه الاثبات أن الاسم هو «أنا» بكماله، وهذا مذهب الكوفيين.

ووجه الحذف التخفيف، ولأن الفتحة تدخل على الألف المحذوفة.

وقيل: وجه الحذف أن الاسم مكون من حرفين: «الهمزة، والنون» .

والألف جيء بها وقفا لبيان حركة النون لأن الاسم لما تلت حروفه جيء بالألف وقفا لتبقى حركة النون على حالها، ولا حاجة الى الألف وصلا لأن النون فيه متحركة، وهذا مذهب البصريين.

تنبيه: اذا لم يقع بعد لفظ «أنا» همزة قطع نحو قوله تعالى:

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (2).

فقد اتفق القراء العشر على حذف الألف وصلا للتخفيف، واثباتها وقفا، مراعاة لخط المصحف.

«يتسنه» من قوله تعالى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ (3).

قرأ «حمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يتسن» بحذف

(1) قال ابن الجزري: أمددا أنا بضم الهمزة أو فتح مدا والكسر خلفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 437. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 306 - 307. واتحاف فضلاء البشر ص 161 - 162.

(2)

سورة يوسف آية 108

(3)

سورة البقرة آية 259.

ص: 26

الهاء وصلا واثباتها وقفا، على أن الهاء للسكت، وهاء السكت من خواص الوقف، ومعنى «لم يتسنه» لم يتغير بمرور الزمان.

وقرأ الباقون «يتسنه» باثبات الهاء وصلا ووقفا، وهي للسكت أيضا، وذلك اجراء للوصل مجرى الوقف (1).

ومعنى «لم يتسنه» : لم يتغير مع مرور السنين عليه (2)«ويتسنه» مأخوذ من «السنه» يقال: سانهت النخلة: اذا حملت عاما (3).

وجاء في «المفردات» : «السنة» في أصلها طريقان:

إحداهما: أما أصلها «سنهة» لقولهم: «سانهت فلانا» : أي عاملته سنة فسنة، وقولهم:«سنيهة» .

وقيل: أصله من الواو لقولهم: «سنوات» (4).

وجاء في «تاج العروس» : «السنة» العام كما في «المحكم» .

وقال «السهيلي» ت 418 هـ: (5)«السنة» أطول من العام، والعام يطلق على الشهور العربية بخلاف السنة» 1 هـ (6)«والسنة» تجمع على «سنون» بكسر السين.

(1) قال ابن الجزري: اقتده شفا ظبا ويتسن عنهم.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 438. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 307. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 101. والمستنير في تخريج القراءات ح 1 ص 77. واتحاف فضلاء البشر ص 162.

(2)

انظر: الهادي الى تفسير غريب القرآن ص 43.

(3)

انظر: العدة في غريب القرآن «الهامش» ص 93.

(4)

انظر المفردات في غريب القرآن مادة «سنة» ص 245.

(5)

هو: أحمد بن محمد السهيلي «الخوارزمي» أديب، من أثاره: الروضة السهلة في الأوصاف والتشبيهات، توفي يسر من رأي عام 418 هـ الموافق 1027 م:

انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ح 2 ص 109.

(6)

انظر: تاج العروس مادة «سنة» ح 9 ص 392.

ص: 27

وقال «الجوهري» ت 393 هـ:

«وبعضهم يقول» : «سنون بضم السين» أهـ (1).

«تصدقوا» من قوله تعالى: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (2).

قرأ «عاصم» بتخفيف الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.

وقرأ الباقون «تصدقوا» بتشديد الصاد، وأصلها «تتصدقوا» فأبدلت التاء صادا، ثم أدغمت الصاد في الصاد (3).

جاء في «المفردات» : «الصدقة» : ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربى كالزكاة، لكن الصدقة الأصل تقال للمتطوع به، والزكاة للواجب، وقد يسمى الواجب صدقة، اذا تحرى صاحبه الصدق في فعله، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (4).

ويقال، لما تجافى عنه الانسان من حقه: تصدق به نحو قوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ (5).

فانه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة أهـ (6):

وجاء في «تاج العروس» : «المصدق» كمحدث: «آخذ الصدقات، أي الحقوق من الابل، والغنم، يقبضها ويجمعها لأهل السهمان» .

(1) انظر: تاج العروس مادة «سنة» ح 9 ص 392.

(2)

سورة البقرة آية 280.

(3)

قال ابن الجزري: تصدقوا خف نما.

انظر: ابن الجزري: تصدقوا العشر ح 2 ص 445. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 319. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 108. وحجة القراءات ص 149.

(4)

سورة التوبة آية 103.

(5)

سورة البقرة آية 280.

(6)

انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صدق» ص 278.

ص: 28

«والمتصدق» : معطيها، وهكذا هو في القرآن، وهو قوله تعالى:

وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (1).

وقال «الخليل بن أحمد» ت 170 هـ (2).

«المعطي متصدق، والسائل متصدق وهما سواء» أهـ.

قال «الأزهري» ، محمد بن أحمد بن الأزهري ت 370 هـ.

«وحذاق النحويين ينكرون أن يقال للسائل متصدق ولا يجيزونه» أهـ (3).

«تساءلون» من قوله تعالى: واتقوا الله الذي تسائلون به (4).

قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تساءلون» بتخفيف السين، وذلك على حذف احدى التاءين، لأن أصلها «تتساءلون» .

وقرأ الباقون «تساءلون» بتشديد السين، (5) وذلك على ادغام التاء في السين، وذلك لتقارب مخرج التاء والسين، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا السفلى (6) وكذلك لاشتراك التاء مع السين في الصفات الآتية:

الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (7).

(1) سورة يوسف آية 88.

(2)

هو: الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي، الأزدي، البصري «أبو عبد الرحمن» نحوي، لغوي، وأول من استخرج العروض وحصن به أشعار العرب، من مصنفاته: العروض، النقط والشكل، الايقاع، الجمل، كتاب العين، توفي بالبصرة عام 170 هـ الموافق 786 م:

انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ح 4 ص 112.

(3)

انظر: تاج العروس مادة «صدق» ج 6 ص 406.

(4)

سورة النساء آية 1.

(5)

قال ابن الجزري: تساءلون الخف كوف.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 24. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 150. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 375.

(6)

انظر: الرائد في التجويد ص 41.

(7)

انظر: المصدر المتقدم ص 48.

ص: 29

«أتحاجوني» من قوله تعالى: وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ (1).

قرأ «نافع، وابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «أتحاجوني» بتخفيف النون، وذلك لأن أصل الفعل «أتحاجونني» بنونين: الأولى علامة رفع الفعل، والثانية نون الوقاية، وهي فاصلة بين الفعل والياء، فلما اجتمع مثلان حذفت النون الثانية وهي نون الوقاية للتخفيف، ولم يحسن أن يكون المحذوف هو النون الأولى لأنها علامة الرفع في الفعل، وحذفها علامة النصب والجزم.

كما قال: «ابن مالك» :

واجعل لنحو يفعلان النونا

رفعا وتدعون وتسألونا

وحذفها للجزم والنصب سمه

كلم تكوني لتبيني مظلمة

وبناء عليه لو قلنا بحذف النون الأولى التي هي علامة رفع الفعل لاشتبه الفعل المرفوع بالمنصوب، والمجزوم.

يضاف الى ذلك أن الثقل انما حدث بوجود النون الثانية، فحذف ما يحدث به الثقل أولى من غيره.

وقرأ الباقون «أتحاجوني» بتشديد النون، وذلك على ادغام نون الرفع في نون الوقاية للتخفيف، وعلى قراءة التشديد يجب مد الواو مدا مشبعا قدره ست حركات للتشديد كي لا يجتمع ساكنان: الواو وأول المشدد فصارت المدة تفصل بين الساكنين كما تفصل الحركة بينهما، وكذلك قرأ «هشام» في وجهه الثاني (2).

والمحاجة: ان يطلب كل واحد أن يرد الآخر عن حجته، ومحجته (3).

(1) سورة الأنعام آية 80.

(2)

قال ابن الجزري: وخف تحاجوني مدا من لي اختلف.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 55. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 436. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 215.

(3)

انظر: المفردات مادة «حج» ص 108.

ص: 30

«والحجة» بالضم: الدليل، والبرهان، وقيل: ما دفع به الخصم.

وقال «الأزهري» ت 370 هـ: «الحجة» : الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة» أهـ.

وانما سميت حجة لأنها تحج أي تقصد، لأن القصد لها واليها.

وجمع «الحجة» ، حجج، وحجاج (1).

«تذكرون» من قوله تعالى: ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (2).

اختلف القراء العشرة في تخفيف الذال، وتشديدها من لفظ «تذكرون» اذا كان بالتاء، وكان أصله «تتذكرون» بتاءين، حيثما وقع في القرآن الكريم، وبالتتبع وجدته وقع في السور الآتية.

سورة الانعام آية 152 وسورة الأعراف رقم- 3 رقم- 57، وسورة يونس رقم 3 وسورة هود رقم- 24، رقم- 30 وسورة النحل رقم 17 ورقم 90 وسورة المؤمنون رقم 85 وسورة النور رقم 1، ورقم- 27 - وسورة النمل رقم- 62 وسورة الصافات رقم- 155 - وسورة الجاثية رقم- 23 - وسورة الذاريات رقم- 49 - وسورة الواقعة رقم- 62 وسورة الحاقة رقم- 42.

وقد قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» جميع هذه الالفاظ بتخفيف الذال، وذلك على حذف احدى التاءين تخفيفا، لأن الأصل «تتذكرون» .

وقرأ الباقون جميع هذه الألفاظ أيضا بتشديد الذال (3).

وذلك على ادغام التاء في الذال، لأنهما متقاربان في المخرج، اذ

(1) انظر: تاج العروس مادة «حج» ح 2 ص 17.

(2)

سورة الانعام آية 152.

(3)

قال ابن الجزري: تذكرون صحب خففا كلا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 68.

والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 457.

والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 231.

ص: 31

التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا، والذال تخرج من اللسان مع أطراف الثنايا العليا والحرفان متفقان في الصفات التالية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.

«ولا أدراكم به» من قوله تعالى: قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ (1).

قرأ «ابن كثير» بخلف عن «البزي» «ولادراكم» بحذف الألف التي بعد اللام، على أن اللام لام الابتداء قصد بها التوكيد، أي لو شاء اللَّه ما تلوته عليكم، ولو شاء لا علمكم بالقرآن على لسان غيرى.

وقرأ الباقون «ولا أدراكم» باثبات ألف بعد اللام، وهو الوجه الثاني «للبزي» على أنها «لا» النافية مؤكدة، أي لو شاء اللَّه ما قرأته عليكم، ولا أعلمكم به على لسان غيري (2).

«من كل زوجين» من قوله تعالى: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (3).

ومن قوله تعالى: فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ (4) قرأ «حفص» «كل» في الموضعين بالتنوين، والتنوين عوض عن

المضاف اليه، أي من كل ذكر وأنثى، «الزوجين» مفعول:«احمل» ، و «اسلك» و «اثنين» نعت «الزوجين» وفيه معنى التأكيد، كما قال تعالى: وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ (5) والتقدير: احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء ثم حذف ما أضيف اليه «كل» فنون «كل» .

(1) سورة يونس آية 16.

(2)

قال ابن الجزري: واقصر ولا أدري ولا أقسم الأولى زن هلا خلخ.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 103. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 514. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 293. وحجة القراءات ص 328.

(3)

سورة هود آية 40.

(4)

سورة المؤمنون آية 27.

(5)

سورة النحل آية 51.

ص: 32

وقرأ الباقون «كل» في الموضعين أيضا بترك التنوين، وذلك على اضافة «كل» الى «زوجين» والفعل عدّي الى:«اثنين» وخفض «زوجين» لاضافة كل اليهما والتقدير: احمل فيها اثنين من كل زوجين، أي من كل صنفين (1).

«يا بشرى» من قوله تعالى: قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ (2) قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يا بشرا» بغير ياء اضافة بعد الألف الأخيرة.

وذلك على وجهين:

أحدهما: أن يكون «بشرى» اسم انسان فدعاه المستقي باسمه، كما يقال: يا زيد.

والثاني: أن يكون أضاف «البشرى» الى نفسه ثم حذف الياء وهو يريدها كما تقول: «يا غلام لا تفعل كذا» .

وقرأ الباقون «يا بشراي» بياء بعد الالف مفتوحة وصلا وساكنة وقفا. أضاف «البشرى» الى نفسه (3)«ثلاث مائة» من قوله تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً (4)

(1) قال ابن الجزري: نونا من كل فيهما علا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 114. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 528. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 316.

(2)

سورة يوسف آية 19.

(3)

قال ابن الجزري: بشر اي حذف اليا كفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 124. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 7 والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 334. وحجة القراءات ص 357.

(4)

سورة الكهف آية 25.

ص: 33

قرأ «حمزة» والكسائي، وخلف العاشر» «مائة» بترك التنوين، على الاضافة الى «سنين» على القياس في تمييز المائة في مجيئة مجرورا بالاضافة.

انما وقع جمعا والقياس أن يكون مفردا رعاية للأصل اذ الاصل أن يكون التمييز مطابقا للمميز لكنهم التزموا في تميز ما فوق العشرة أن يكون مفردا ميلا للاختصار ولا يرد أن تمييز الثلاثة يجب أن يكون جمعا وهنا وقع مفردا لأن «المائة» وان كان مفردا في اللفظ فهو جمع في المعنى مثل: «الرهط، والنفر» .

وقرأ الباقون «مائة» بالتنوين، على أن ما بعده وهو «سنين» عطف بيان لثلاث المميز بمائة (1).

«لكنا» من قوله تعالى: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي (2).

قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر، ورويس» «لكنا» باثبات ألف بعد النون وصلا، ووقفا.

والأصل «لكن أنا» فحذفت الهمزة للتخفيف، ثم أدغمت النون في النون لوجود التماثل بينهما، فأصبحت «لكنا» والأصل في ألف «أنا» الحذف حالة الوصل، والاثبات حالة الوقف، فمن أثبتها في الحالتين فقد أجرى الوصل مجرى الوقف (3).

وقرأ الباقون بحذف الألف التي بعد النون وصلا، واثباتها وقفا،

(1) قال ابن الجزري: ولا تنون مائة شفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 160. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 58. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 397.

(2)

سورة الكهف آية 38.

(3)

قال البصريون: ان «لكن» مشددة النون بسيطة.

وقال «الفراء» ت 207 هـ وهو من الكوفيين: أصلها «لكن أن» فطرحت الهمزة للتخفيف، ونون «لكن» للساكنين أهـ.

وقال باقي الكوفيين: هي مركبة من «لا» و «ان» مشددة النون، والكاف الزائدة لا التشبيهية، وحذفت الهمزة تخفيفا أهـ. انظر: مغني اللبيب ص 384.

ص: 34

وذلك على الأصل (1).

تنبيه: اتفق القراء العشرة على اثبات الألف التي بعد النون في «لكنا» حالة الوقف، اتباعا للرسم.

«فما اسطاعوا» من قوله تعالى: فما استطاعوا أن يظهروه (2) قرأ «حمزة» «اسطاعوا» بتشديد الطاء، لأن أصلها «استطاعوا» فأدغمت التاء في الطاء، وذلك لوجود التجانس بينهما اذ يخرجان من مخرج واحد، وهو: طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا.

كما أنهما مشتركان في الصفتين التاليتين: الشدة والاصمات وقرأ الباقون «اسطاعوا» بتخفيف الطاء، وذلك على حذف التاء تخفيفا (3).

تنبيه: «وما استطاعوا» أجمع القراء للعشرة على قراءته باثبات التاء مع الاظهار، ولذلك قيد «ابن الجزري» كلمة الخلاف بقوله:«فما اسطاعوا اشددا» .

«طوى» من قوله تعالى: إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (4).

ومن قوله تعالى: إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (5).

(1) قال ابن الجزري: لكنا فصل ثب غص كما.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 162. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 61، 62 والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 400.

(2)

سورة الكهف آية 97.

(3)

قال ابن الجزري: فما اسطاعوا أشددا طاء فشا.

(4)

سورة طه آية 12.

(5)

سورة النازعات آية 16.

ص: 35

قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «طوى» في الموضعين بتنوين الواو مصروفا، على أنه اسم للوادي، فأبدل منه فصرف.

وقرأ الباقون بعدم التنوين في الموضعين، ممنوعا من الصرف، للعلمية والتأنيث، لأنه جعل اسما للبقعة وهي الوادي (1).

«تترا» من قوله تعالى: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا (2).

قرأ «ابن كثير أبو عمرو، وأبو جعفر» «تترا» بالتنوين وصلا، وبالألف وقفا، وهو مصدر من المواترة، وهي المتابعة بغير مهلة.

وهو منصرف على وزن «فعلى» .

وقيل: إن ألفه للالحاق «بجعفر» فيكون التنوين دخل على الف الالحاق فأذهبها، مثل «أرطى، ومعزى» ، وهو منصوب على الحال، انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 172. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 80. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 412.

أي ثم أرسلنا رسلنا حالة كونهم متتابعين ولا يجوز أن تجعل الألف في هذه القراءة «للتأنيث» لأن التنوين لا يدخل ما فيه ألف التأنيث في هذا البناء البتة.

وقرأ الباقون «تترا» بلا تنوين وصلا ووقفا، على أنه مصدر من المواترة أيضا، وهو على وزن «فعلى» وألفه للتأنيث مثل «سكرى» والمصادر يلحقها ألف التأنيث في كثير من الكلام، نحو:«الذكرى، والعدوى، والدعوى» .

والأصل فيه في القراءتين «وترا» فالتاء بدل واو، كتاء «تخمة» (3).

(1) قال ابن الجزري: طوى معا نونه كنزا.

النشر في القراءات العشر ح 3 ص 180. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 96. والمهذب في القراءات ح 2 ص 14.

(2)

سورة المؤمنون آية 44.

(3)

قال ابن الجزري: نون تترا ثنا حبر.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 204. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 60. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 128.

ص: 36

«تشقق» من قوله تعالى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ (1).

ومن قوله تعالى: يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً (2).

قرأ «أبو عمرو وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تشقق» بتخفيف الشين في الموضعين، على أنه مضارع «تشقق» على وزن «تفعل» واصله «تتشقق» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.

وقرأ الباقون بتشديد الشين في الموضعين أيضا، على أن أصله «تتشقق» فأدغمت التاء في الشين، وذلك لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا.

كما أنهما مشتركان في الصفات التالية:

الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (3).

«أصحاب الأيكة» من قوله تعالى: كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (4).

ومن قوله تعالى: وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ (5).

قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «ليكة» في الموضعين بلام مفتوحة من غير همزة قبلها ولا بعدها، ونصب التاء، على أنه اسم غير منصرف للعلمية والتأنيث اللفظي كطلحة، وكذلك رسما في جميع المصاحف.

قال صاحب المورد: «وبنص صاد وظلة ليكة» .

قال الشارح: أخبر مع اطلاق الحكم الذي يشير به الى اتفاق شيوخ

(1) سورة الفرقان آية 25.

(2)

آية 44.

(3)

قال ابن الجزري: وخففوا شين تشقق كقاف حز كفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 218. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 83. والكشف عن وجوه القراءات ح 2. ص 145.

(4)

سورة الشعراء آية 176.

(5)

آية ص 13.

ص: 37

النقل بحذف الفي «ليكة» في سورة ص وفي سورة الظلة، وهي سورة الشعراء أهـ (1).

وقرأ الباقون «الايكة» باسكان اللام، وهمزة وصل قبلها وهمزة قطع مفتوحة بعدها، وجر التاء.

والايكة: غيضة شجر قرب «مدين» (2).

«بشهاب قبس» من قوله تعالى: أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (3).

قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «بشهاب» بالتنوين، وذلك على القطع عن الاضافة، و «قبس» بدل من «شهاب» أو صفة له، بمعنى: شهاب مقتبس.

قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «الشهاب: النار، والقبس: ما اقتبس منه» ، أهـ.

وقرأ الباقون بترك تنوين «بشهاب» وذلك على الاضافة الى «قبس» والاضافة على معنى «من» كخاتم فضة.

قال «أبو زيد الانصاري» ت 215 هـ: «يقال: أقبسته العلم، وقبسته النار» : هـ (4).

«أو ليأتيني» من قوله تعالى: أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (5).

(1) انظر: دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 168.

(2)

قال ابن الجزري: والايكة كم حرم كصاد وقت.

النشر في القراءات العشر ح 3 ص 223. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 96.

(3)

سورة النمل آية 7.

(4)

قال ابن الجزري: نون كفا ظل شهاب.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 225. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 154.

(5)

سورة النمل آية 21.

ص: 38

قرأ «ابن كثير» «أو ليأتينني» بنونين: الأولى مشددة مفتوحة، والثانية مكسورة خفيفة، فالنون المشددة للتوكيد، والخفيفة للوقاية، والفعل مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.

واصل الفعل «ليأتيني» بنون واحدة مكسورة هي نون الوقاية، ثم دخلت نون التوكيد لتأكيد القسم، وبني الفعل على الفتح، ففتحت الياء التي هي لام الفعل.

وقرأ الباقون «أو ليأتيني» بنون واحدة مشددة مكسورة، على أنها نون التوكيد الثقيلة كسرت لمناسبة الياء، وحذفت نون الوقاية للتخفيف، والفعل مبني على الفتح أيضا لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة (1).

تنبيه: قال صاحب المقنع:

«وفي النمل في مصاحف أهل مكة» «أو ليأتينني بسلطان مبين» بنونين، وفي سائر المصاحف بنون واحدة أهـ (2).

«من سبأ» من قوله تعالى: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (3).

«لسبأ» من قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ (4).

فقرأ «البزي، وأبو عمرو» «من سبأ، لسبأ» بفتح الهمزة من غير تنوين، على أنه ممنوع من الصرف للعلمية، ولتأنيث «البقعة» .

قال «الزجاج، إبراهيم بن السري» ت 311 هـ:

هو اسم مدينة بقرب مأرب. أهـ.

(1) قال ابن الجزري: ياتينني دفا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 225. والمهذب في القراءات ح 2 ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 154.

(2)

انظر: المقنع في مرسوم المصاحف ص 106.

(3)

سورة النمل آية 22.

(4)

سورة سبأ آية 15.

ص: 39

وقرأ «قنبل» بسكون الهمزة في اللفظين، وذلك اجراء للوصل مجرى الوقف.

وقرأ الباقون بالكسرة والتنوين على أنه منصرف اسم للمكان (1).

«فزع يومئذ» من قوله تعالى: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (2).

قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فزع» بالتنوين، على أعمال الصدر وهو «فزع» في الظرف وهو «يوم» على تقدير:

وهم من أن يفزعوا يومئذ.

ويجوز أن ينتصب «يوم» على الظرف وهو في موضع صفة لفزع، لأن المصادر يحسن أن توصف بأسماء الزمان، والتقدير:

فهم من فزع يحدث «يومئذ» آمنون، فيحدث صفة لفزع، وهو العامل في «يوم» لكنك حذفته وأقمت «يوما» مقامه ففيه ضمير يعود على الموصوف، كما كان في «يحدث» الذي قام «يوم» مقامه.

ويجوز أن ينتصب «يوم» بآمنين، والتقدير: وهم آمنون يومئذ من فزع.

وقرأ الباقون «فزع» بعدم التنوين، على اضافة «الفزع» الى «يوم» لكون الفزع فيه فالمصدر هو «فزع» أضيف الى المفعول وهو الظرف.

وقرأ «نافع، وعاصم وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يومئذ» بفتح الميم، وهي فتحة بناء لاضافته الى غير متمكن وهو «اذ» .

وقرأ الباقون «يومئذ» بكسر الميم، وهي كسرة اعراب وان أضيف الى غير متمكن لجواز انفصاله عنه.

(1) قال ابن الجزري: سبأ معا لا نون وافتح هل حكم سكن زكا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 226. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 99. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 155.

(2)

سورة النمل آية 89.

ص: 40

واذا ركبنا الكلمتين مع بعضهما وهما «فزع، يومئذ» يكون فيهما ثلاث قراءات.

الأولى: حذف تنوين «فزع» وفتح ميم «يومئذ» لنافع، وأبي جعفر.

الثانية: حذف التنوين مع كسر الميم لابن كثير، وأبي عمرو وابن عامر، ويعقوب.

الثالثة: التنوين مع فتح الميم، لعاصم، وحمزة والكسائي، وخلف العاشر (1).

«ليدبروا» من قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ (2) قرأ «أبو جعفر» «لتدبروا» بتاء فوقية بعد اللام مع تخفيف الدال، وأصله «لتتدبروا» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.

وقرأ الباقون «ليدبروا» بالياء التحتية، وتشديد الدال، وأصله «ليتدبروا» فأدغمت التاء في الدال، لتجانسها في المخرج، اذ يخرجان معا، من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الشدة، الاستفال، والانفتاح، والإصمات (3).

«بخالصة» من قوله تعالى: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (4) قرأ «نافع، وأبو جعفر، وهشام» بخلف عنه «بخالصة» بحذف

(1) وقال: يومئذ سال فافتح اذرفا ثق نمل كوف مدن.

وقال: يومئذ سال فافتح اذرفا ثق نيل كوف مدن. انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 232. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 108. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 169.

(2)

ص آية 29.

(3)

قال ابن الجزري: وخف يدبروا ثق.

النشر في القراءات العشر ح 3 ص 276. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 180.

(4)

سورة ص آية 46.

ص: 41

التنوين، مضافا الى ما بعده، و «خالصة» مصدر مثل:«العاقبة، والعافية» أضيف الى الفاعل وهو «ذكرى» والتقدير: بأن خلص لهم ذكرى الدار، أي: خلص لهم أن يذكروا معادهم.

ويجوز أن تكون «خالصة» مضافة الى المفعول وهو «ذكرى» على تقدير: بأن أخلصوا الذكر لمعادهم.

وقرأ الباقون «بخالصة» بالتنوين، وعدم الاضافة، وهو الوجه الثاني «لهشام» .

وذلك على أن «ذكرى» بدل من «خالصة» والتقدير: انا أخلصناهم بذكرى الدار، أي اخترناهم لذكرهم لمعادهم (1) «سلاسلا» من قوله تعالى: إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا (2) قرأ «نافع» ، والكسائي، وأبو جعفر، وهشام، ورويس، بخلف عنهما «سلاسلا» بالتنوين، وابداله ألفا وقفا، وذلك للتناسب لأن ما قبله وهو قوله تعالى: إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الآية 3] منون منصوب.

وقال «الكسائي» وغيره من الكوفيين: ان بعض العرب يصرفون جميع ما لا ينصرف الا أفعل التفضيل.

وقال «الأخفش الأوسط» وهو من البصريين: ان بعض العرب وهم «بنو أسد» يصرفون ما لا ينصرف، لأن الأصل في الأسماء الصرف.

وقرأ الباقون «سلاسل» بعدم التنوين، ممنوعا من الصرف، على الأصل في صيغة منتهى الجموع، وهو الوجه الثاني «لهشام ورويس» وهم في الوقف على ثلاثة أقسام:

(1) قال ابن الجزري: خالصة أضف أنا خلف مدا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 277. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 182. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 231.

(2)

سورة الانسان آية 4.

ص: 42

(أ) فمنهم من وقف بالألف بلا خلاف، وهو «أبو عمرو» .

(ب) ومنهم من وقف بغير ألف بلا خلاف، وهما «حمزة، وخلف العاشر» .

(ج) ومنهم من وقف بالوجهين وهم: «ابن كثير، وابن عامر، وحفص، ويعقوب» (1).

«قواريرا قواريرا» من قوله تعالى: وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها (2).

قرأ «نافع وشعبة، والكسائي، وأبو جعفر» «قواريرا قواريرا» ، بتنوينهما معا، وذلك على لغة لبعض العرب وهم «بنو أسد» حيث يصرفون جميع ما لا ينصرف، لأن الأصل في الأسماء الصرف.

ووقفوا عليهما بالألف للتناسب، وموافقة لرسم مصاحفهم.

وقرأ «ابن كثير، وخلف العاشر» «قواريرا» الأول بالتنوين و «قواريرا» الثاني بدون تنوين.

ووقفا بالألف في الأول، وبدونها في الثاني.

وقرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وروح» بغير تنوين فيهما.

ووقفوا على الأول بالألف لكونه رأس آية بخلف عن «روح» في الوقف ووقفوا على الثاني بغير ألف الا «هشاما» فله وجهان:

الوقف بالألف وبدونها.

وقرأ «حمزة، ورويس» بغير تنوين فيهما أيضا، ووقفا بغير ألف

(1) قال ابن الجزري:

سلاسلا نون مدا رم لي غدا

خلفهما صف معهم الوقف امددا

* عن من دناصهم بخلفهم حفا انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 350. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 314. والكشف عن وجوه القراءات العشر ح 2 ص 352.

(2)

سورة الانسان آية 15، 16.

ص: 43

فيهما (1).

«ان تزكّى» من قوله تعالى: فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (2).

قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، ويعقوب» «تزكّى» بتشديد الزاي، على أن اصله «تتزكى» ثم أدغمت «التاء» في «الزاي» لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، «والزاي» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى.

كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات.

وقرأ الباقون «تزكى» بتخفيف الزاي، على أصله «تتزكى» فحذفت احدى التاءين تخفيفا.

ومعنى «تزكّى» تتطهر من الشرك بالله تعالى (3).

تنبيه: «اتفق القراء على التشديد في «يزكّي» من قوله تعالى:

وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (4).

«تصدى» من قوله تعالى: فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (5).

قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «تصدى» بتشديد الصاد، وهو

(1) قال ابن الجزري: نون قواريرا رجا حرم صفا.

والقصر وقفا في غنا شد اختلف والثان نون صف مدا رم ووقف معهم هشام باختلاف بالألف.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 351. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 315. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 354.

(2)

سورة النازعات آية 18.

(3)

قال ابن الجزري: تزكي ثقلوا حرم ظبا.

انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 357. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 321. والكشف عن وجوه القراءات ح 3 ص 361.

(4)

سورة عبس آية 7.

(5)

سورة عبس آية 6.

ص: 44

فعل مضارع، وأصله «تتصدى» فأدغمت التاء في الصاد، لقربهما من المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الصاد» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في صفتي: الهمس، والاصمات.

وقرأ الباقون «تصدى» بتخفيف الصاد، على أن أصله «تتصدى» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (1).

(1) قال ابن الجزري: له تصدى الحرم.

انظر النشر في القراءات العشر ح 3 ص 358. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 323.

ص: 45