الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر أثر العامل النحوي
مما هو معروف أن «العامل النحوي» له الأثر الواضح في تغيير أحوال أواخر الكلم لفظا وتقديرا: من رفع، ونصب، وخفض، وجزم.
سواء كان العامل لفظيا- أو معنويا.
سواء كان فعلا، أو اسما، أو حرفا.
ولقد تتبعت قراءات القرآن، واقتبست منها الكلمات التي قرئت بوجهين أو أكثر، وكان سبب ذلك اختلاف «العامل» وقد صنفت هذه الكلمات، وجعلت كل نوع على حدة، وهي تتمثل فيما يلي:
(أ) ورود «كان» ناقصة- وتامة في أسلوب واحد.
(ب) ورود «ان» مكسورة الهمزة: بتشديد النون- وتخفيفها في أسلوب واحد.
(ج) ورود «لكن» بتشديد النون- وتخفيفها في أسلوب واحد.
(هـ) ورود «اللام» على أنها لام كي- ولام الأمر في أسلوب واحد
(و) ورود «اللام» على أنها الفارقة- ولام الجحود في أسلوب واحد.
(ز) ورود «اللام» على أنها للجر- وللابتداء في أسلوب واحد.
(ح) ورود «الفاء» على أنها للسببية- ولمجرد العطف في أسلوب واحد.
(ط) ورود «حتى» ناصبة- ومهملة في أسلوب واحد.
(ي) ورود «لا» نافية للجنس، ونافية للوحدة في أسلوب واحد.
(ك) ورود «لا» ناهية- ونافية في أسلوب واحد.
(ل) ورود «أن» شرطية- و «أن» مصدرية في أسلوب واحد.
(م) ورود «أن» مخففة- ومصدرية في أسلوب واحد.
(ن) ورود «الا» الاستثنائية عاملة- وملغاة في أسلوب واحد.
(س) ورود «من» جارة- وموصولة في أسلوب واحد.
(ع) ورود «الى» جارة- و «الا» الاستثنائية في أسلوب واحد.
وهذا تفصيل الكلام على هذه الأنواع حسب هذا الترتيب.
أما عن ورود «كان» ناقصة- وتامة في أسلوب واحد.
فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«تجارة حاضرة» من قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً (1).
قرأ «عاصم» «تجارة حاضرة» بنصب التاء فيهما، على أن «تجارة» خبر «تكون» و «حاضرة» صفة «تجارة» واسم «تكون» مضمر والتقدير: الا أن تكون المعاملة، أو المبايعة تجارة حاضرة.
وقرأ الباقون «تجارة حاضرة» برفع التاء فيهما، على أن «تكون» تامة تكتفي بمرفوعها. (2).
و «تجارة» نائب فاعل و «حاضرة» صفة لها.
والتقدير الا أن توجد تجارة حاضرة (3).
«واحدة» من قوله تعالى: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (4).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «واحدة» برفع التاء، على أن كان تامة
(1) سورة البقرة آية 282.
(2)
قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي.
(3)
قال ابن الجزري: تجارة حاضرة لنصب رفع نل.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 446. والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 92. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 321. واتحاف فضلاء البشر ص 166.
(4)
سورة النساء آية 11.
تكتفي بمرفوعها (1).
وقرأ «الباقون» «واحدة» بنصب التاء، على أن كان ناقصة، وواحدة خبرها، واسم كان مضمر والتقدير: وان كانت الوارثة واحدة (2).
«تجارة» من قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ (3).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تجارة» بنصب التاء، على أن كان ناقصة واسمها ضمير يعود على الأموال، وتجارة خبرها، والتقدير: الا أن تكون الأموال تجارة.
وقرأ «الباقون «تجارة» برفع التاء، على أن كان تامة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: الا أن تحدث تجارة أو تقع تجارة (4).
«حسنة» من قوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها (5).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «حسنة» برفع التاء، على أن كان تامة تكتفي بمرفوعها، والتقدير: وان حدث أو وقع حسنة يضاعفها، والعرب تقول:«كان أمر» أي حدث أمر.
قال «ابن مالك» : وذو تمام ما يرفع يكتفي وما سواه ناقص.
وقرأ الباقون «حسنة» بالنصب خبر كان الناقصة، واسمها ضمير يعود على «مثقال ذرة» المتقدم في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ والتقدير: وان تك مثقال ذرة حسنة يضاعفها.
(1) قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي وما سواه ناقص.
(2)
قال ابن الجزري: واحدة رفع ثري الاخرى مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 25. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 151.
(3)
سورة النساء آية 29.
(4)
قال ابن الجزري: تجارة عدا كوف.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 28. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 386. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 156.
(5)
سورة النساء آية 40.
فان قيل: لم أنث الفعل وهو «تك» مع أن «مثقال» مذكر؟
أقول: أنث الفعل على أحد تقديرين:
الأول: حملا على المعنى الذي دل عليه «مثقال» وهو «زنة» وزنة مؤنثة والتقدير: وان تك زنة ذرة حسنة يضاعفها.
والثاني: لاضافة «مثقال» الى «ذرة» وذرة مؤنثة (1).
«مثقال» من قوله تعالى: وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها (2).
ومن قوله تعالى: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ (3).
قرأ «نافع، وأبو جعفر» «مثقال» برفع اللام، على أن «كان» تامة بمعنى وقع وحدث لا تحتاج الى خبر، فرفع مثقال بها على أنه فاعل لكان.
وقرأ الباقون «مثقال» بنصب اللام، على أن «كان» ناقصة تحتاج الى اسم وخبر، واسمها ضمير العمل المفهوم من قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً
و «مثقال» خبر «كان» والتقدير: وان كان العمل مثقال حبة من خردل الخ (4).
«يكن آية» من قوله تعالى: أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ (5).
قرأ «ابن عامر» بتاء التأنيث، و «آية» بالرفع، على أن
(1) قال ابن الجزري: حسنة حرم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 30. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 389. والمهذب في القراءات العشر ج ص 158.
(2)
سورة الأنبياء آية 47.
(3)
سورة لقمان آية 16.
(4)
قال ابن الجزري: مثقال كلقمان ارفع مدا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 192. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 111. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 36.
(5)
سورة الشعراء آية 197.
«كان» تامة، و «آية» فاعلها، و «لهم» متعلق «بتكن» ، و «أن يعلمه» في تأويل مصدر بدل من «آية» أو عطف بيان وأنث «تكن» لأن لفظ «آية» مؤنث.
وقرأ الباقون «يكن» بياء التذكير، و «آية» بالنصب، على أن «كان ناقصة» و «آية» خبرها مقدم و «ان يعلمه» في تأويل مصدر اسمها مؤخر، و «لهم» حال من «آية» وذكر «يكن» لأن اسمها مذكر.
والتقدير: أولم يكن علم علماء بني اسرائيل آية حالة كونها لهم (1).
«صيحة واحدة» من قوله تعالى: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (2).
ومن قوله تعالى: إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (3).
قرأ «أبو جعفر» «صيحة» في الموضعين بالرفع، على أن «كان» تامة، و «صيحة» فاعل، و «واحدة» بالرفع، صفة لصيحة أي ما وقع الا صيحة واحدة.
وقرأ الباقون «صيحة» في الموضعين بالنصب على أن «كان» ناقصة، واسمها مضمر، و «صيحة» خبر كان، و «واحدة» بالنصب صفة لصيحة، والمعنى: ان كانت الأخذة الا صيحة واحدة (4).
تنبيه «صيحة واحدة» من قوله تعالى: ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (5).
اتفقت القراءة على قراءتهما بالنصب.
(1) قال ابن الجزري: أنث يكن بعد ارفعن كم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 224. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 97. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 152.
(2)
سورة يس آية 29.
(3)
سورة يس آية 53.
(4)
قال ابن الجزري: أولى وأخرى صيحة واحدة ثب.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 263. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 166.
(5)
سورة يس آية 49.
«يكون دولة» من قوله تعالى: كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ (1).
قرأ «أبو جعفر» «تكون» بالتأنيث، و «دولة» بالرفع، على أن «كان» تامة لا تحتاج الى خبر، و «دولة» فاعل، وأنث الفعل، لتأنيث لفظ «دولة» .
وقرأ «هشام» بثلاثة أوجه:
الأول: تأنيث «يكون» ورفع «دولة» مثل قراءة «أبي جعفر» .
الثاني والثالث: تذكير «يكون» وعليه النصب والرفع في «دولة» .
وقرأ الباقون بتذكير «يكون» ونصب «دولة» على أن «كان» ناقصة، واسمها ضمير «الفيء» المستفاد من قوله تعالى في صدر الآية: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ و «دولة» خبر «يكون» وذكر الفعل، لتذكير الاسم، وهو ضمير الفيء (2).
* وأما ورود «ان» مكسورة الهمزة بتشديد النون- وتخفيضها في اسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«ان هذان» من قوله تعالى: قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ (3).
قرأ «حفص» «أن» بتخفيف النون، «هذان» بالألف بعدها نون خفيفة، على أن «ان» مخففة من الثقيلة مهملة، و «هذان» مبتدأ،
و «ساحران» الخبر، و «اللام» هي الفارقة بين «ان» المخففة، والنافية.
وقرأ «ابن كثير» مثل قراءة «حفص» الا أنه شدد النون من «هذان» وذلك للتعويض عن ألف المفرد التي حذفت في التثنية.
(1) سورة الحشر آية 7.
(2)
قال ابن الجزري: يكون أنث دولة ثق لي اختلف وامنع مع التأنيث نصبا لو وصف.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 331. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 281. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 316.
(3)
سورة طه آية 63.
وقرأ «أبو عمرو» «أن» بتشديد النون، و «هذين» بالياء، على أن «أن» هي المؤكدة العاملة، و «هذين» اسمها، و «اللام» للتأكيد، و «ساحران» خبرها.
وقرأ الباقون «ان» بتشديد النون، و «هذان» بالألف، على أن «أن» هي الناصبة أيضا، و «هذان» اسمها، جاء على لغة «لبني الحارث ابن كعب» يلزمون المثنى الألف في كل حال. قال الشاعر:«هوير الحارثي» :
تزود منا بين أذناه طعنة
…
دعته الى هابي التراب عقيم
فأتى بالألف موضع الخفض.
وحكى «الكسائي» عن بعض العرب: «من يشتري مني خفان» (1).
«وان كلا لما» من قوله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ (2).
القراء فيها على أربع مراتب:
الأولى: «لنافع، وابن كثير» بتخفيف نون «وان» وميم «لما» وذلك على إعمال «ان» المخففة من الثقيلة، وأما «لما» فاللام هي المزحلقة دخلت على خبر «ان» المخففة، و «ما» موصولة، أو نكرة موصوفة، و «لام» «ليوفينهم» لام القسم، وجملة القسم وجوابه صلة الموصول، أو صفة «لما والموصول» أو الموصوف خبر «ان» المخففة.
الثانية: «لأبي عمرو والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بتشديد نون «وان» وتخفيف لام «لما» وذلك على أن «ان» المشددة عاملة على أصلها، ولام «لما» هي المزحلقة دخلت على خبر «ان» ولام «ليوفينهم» واقعة في جواب قسم محذوف، والتقدير: وان كلا للذين واللَّه ليوفينهم ربك أعمالهم.
(1) قال ابن الجزري:
ان خفف درا علما
…
وهذين بهذان حلا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 182. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 99. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 20.
(2)
سورة هود آية 111.
الثالثة: «لابن عامر، وحفص، وحمزة، وأبي جعفر» بتشديد نون «وان» ولام «لما» فان المشددة عاملة وأما «لما» فقيل أصلها «لمن ما» على أن «من» الجارة دخلت على «ما» الموصولة، أو الموصوفة، ثم أدغمت النون في الميم.
الرابعة: «لشعبة» بتخفيف النون، وتشديد الميم، على أن «ان» نافية و «لما» بمعنى «الا» منصوبة بفعل يفسره «ليوفينهم» (1).
«وان هذه» من قوله تعالى: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً (2).
قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وان» بكسر
الهمزة وتشديد النون على الاستئناف، و «هذه» اسمها، و «أمتكم» خبرها، و «أمة» حال، و «واحدة» صفة الى «أمة» .
وقرأ «ابن عامر» «وأن» بفتح الهمزة، وتخفيف النون، على أنها مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و «هذه» مبتدأ و «أمتكم» خبر، والجملة خبر «أن» .
وقرأ الباقون وهم: «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو وأبو جعفر، ويعقوب» «وأن» بفتح الهمزة، وتشديد النون، على تقدير حرف الجر قبلها، أي «ولأن هذه أمتكم» و «هذه» اسم «أن» و «أمتكم» خبرها (3).
(1) قال ابن الجزري:
أن كلا الخف دنا أتل صن وشد
…
لما كطارق نهى كمن في ثمد
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 119 - 120. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 536 - 537. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 328.
- 329.
(2)
سورة المؤمنون آية 52.
(3)
قال ابن الجزري: وأن اكسر كفى خفف كرى انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 205. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 61. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 129.
وأما ورود «أن» مفتوحة الهمزة: بتشديد النون وتخفيفها في أسلوب واحد فانه يتمثل في القراءات الكلمات الآتية:
«وأن» من قوله تعالى: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وأبو جعفر» «وأن» بتشديد النون، وذلك على تقدير اللام، أي ولأن هذا الخ.
و «هذا» اسم «أن» و «صراطي» خبرها، و «مستقيما» صفة وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «وأن» بفتح الهمزة وتخفيف النون، وذلك على أن «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف.
وقبل «أن» لام مقدرة، و «هذا» مبتدأ، و «صراطي» خبر المبتدأ والجملة من المبتدأ أو الخبر خبر «أن» المخففة.
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وان» بكسر الهمزة وتشديد النون، فكسر الهمزة على الاستئناف و «هذا» اسم «ان» و «صراطي» خبرها، و «مستقيما» صفة (2).
واعلم أن «أن» مفتوحة الهمزة، مشددة النون معناها التوكيد.
وتعمل عكس عمل «كان» الناقصة، فتنصب الاسم، وترفع الخبر.
قال «ابن مالك» :
لأن أن ليت لكن لعل
…
كأن عكس ما لكان من عمل
كان زيدا عالم بأني
…
كفء ولكن ابنه ذو ضغن
والأصل أن يتقدم اسمها، ويتأخر خبرها الا اذا كان الخبر ظرفا، أو جارا ومجرورا فانه حينئذ يجوز أن يتقدم الخبر على الاسم فتقول:
«علمت» أن عندك محمدا، وعلمت أن في المسجد زيدا».
(1) سورة الانعام آية 153.
(2)
قال ابن الجزري: وأن كم ظن واكسرها شفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 69. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 457. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 231.
قال ابن مالك:
وراع ذا الترتيب الا في الذي
…
كليت فيها أو هنا غير البذي
وتارة يجب تقديم الخبر على الاسم وذلك اذا كان يلزم من تأخيره عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة نحو: «علمت أن في الدار صاحبها» .
أما اذا كان مفعول الخبر غير ظرف، ولا جار ومجرور، فانه لا يجوز تقديمه على الاسم. الا اذا كان المعمول ظرفا، أو جارا ومجرورا
فقد منع تقديمه قوم وأجاره آخرون وحينئذ يصح أن تقول: «علمت أن عندك زيدا جالس» «وعلمت أن بك زيدا واثق» .
واذا خففت «أن» مفتوحة الهمزة بقيت على ما كان لها من العمل من نصب اسمها، ورفع خبرها، وقد اختلف النحاة في اسم «أن» المخففة:
فذهب جمهور النحاة الى أن اسمها يجب أن يكون محذوفا.
وذهب بعضهم الى أن اسمها يكون محذوفا بشرط أن يكون ضمير الشأن.
وقد يبرز اسمها وهو غير ضمير الشأن، كقول الشاعر:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني
…
طلاقك لم أبخل وأنت صديق
المعنى: يقول رجل لزوجه: لو أنك سألتني إخلاء سبيلك قبل أحكام عقد النكاح بيننا لم أمتنع من ذلك، ولبادرت به مع ما أنت عليه من صدق المودة لي وخص يوم الرخاء لأن الانسان قد يعز عليه أن يفارق أحبابه في يوم الكرب والشدة.
ومحل الشاهد في هذا البيت قول الشاعر: «أنك» حيث خفف «أن» المفتوحة الهمزة، وبرز اسمها وهو «الكاف» وذلك قليل.
واعلم أن الاسم اذا كان محذوفا- سواء أكان ضمير شأن أم كان غيره- فان الخبر يجب أن يكون جملة يشير الى ذلك قول ابن مالك:
وان تخفف أن فاسمها استكن
…
والخبر اجعل جملة من بعد أن
وأما اذا كان الاسم مذكورا (1)
…
كما في الشاهد المتقدم، فانه لا
يجب في الخبر أن يكون جملة بل قد يكون جملة كما في البيت المتقدم، وقد يكون مفردا وقد اجتمع- مع ذكر الاسم- كون الخبر مفردا، وكونه جملة، في قول «جنوب بنت العجلان» ترثي أخاها «عمرو بن العجلان»:
لقد علم الضيف والمرسلون
…
اذا أغبر أفق وهبت شمالا
بأنك ربيع وغيث مريع
…
وأنك هناك تكون الشمالا
حيث خففت «أن» وذكر اسمها مرتين، وخبرها في المرة الأولى مفرد وذلك قولها «بأنك ربيع» وخبرها في المرة الثانية جملة، وذلك قولها «وأنك تكون الثمالا» (2).
«أن لعنة» من قوله تعالى: أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (3).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب، وقنبل، في أحد وجهيه» ، «أن» باسكان النون مخففة، ورفع «لعنة» على أن «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، «ولعنة» مبتدأ، ولفظ الجلالة مضاف اليه، «وعلى الظالمين» متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ وخبره خبر «أن» المخففة.
وقرأ الباقون «أن» بتشديد النون، ونصب «لعنة» وهو الوجه الثاني «لقنبل» .
ووجه هذه القراءة أن «لعنة» اسم «أن» المشددة، ولفظ الجلالة مضاف اليه «وعلى الظالمين» متعلق بمحذوف في محل رفع خبر «أن» المشددة (4).
(1) يذكر اسم «أن» المخففة شذوذا
(2)
انظر: شرح ابن عقيل على الألفية ج 1 ص 383 فما بعدها.
(3)
الأعراف آية 44.
(4)
قال ابن الجزري:
أن خف نل حما زهر
…
خلف اتل لعنة لهم
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 74. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 463. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 239.
«أن لعنة اللَّه عليه» من قوله تعالى: والخامسة أن لعنت الله عليه (1).
قرأ «نافع، ويعقوب» «أن» باسكان النون، مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و «لعنة» بالرفع مبتدأ، والجار والمجرور بعده خبر، والجملة خبر «أن» المخففة.
وقرأ الباقون «أن» بتشديد النون، و «لعنة» بالنصب على أنها اسم «أن» والجار والمجرور بعده خبر «أن» المشددة (2).
«أن غضب اللَّه» من قوله تعالى: وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها (3).
قرأ «نافع» «أن» بتخفيف النون، على أنها مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، و «غضب» بكسر الضاد، وفتح الباء، على أنه فعل ماض، و «اللَّه» بالرفع فاعل «غضب» والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر «أن» المخففة.
وقرأ «يعقوب» «أن» بتخفيف النون أيضا، واسمها ضمير الشأن، و «غضب» بفتح الضاد، ورفع الباء من «غضب» على أنه مبتدأ، و «اللَّه» بالخفض مضاف اليه و «عليها» في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع خبر «أن» المخففة.
وقرأ الباقون «أن» بتشديد النون، و «غضب» بفتح الضاد، ونصب
الباء اسم «أن» المشددة و «اللَّه» بالخفض مضاف اليه، و «عليها» في محل رفع خبر «أن» المشددة (4).
(1) سورة النور آية 7.
(2)
قال ابن الجزري: أن خفف معا لعنة ظن اذ انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 210. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 69. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 134.
(3)
سورة النور آية 9
(4)
قال ابن الجزري:
أن خفف معا لعنة ظن
…
اذ غضب الحضرمي والضاد اكسرن
واللَّه رفع الخفض أصل انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 210. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 70.
* وأما ورود «لكن» بتشديد النون وتخفيفها- في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«ولكن» من قوله تعالى: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا (1).
ومن قوله تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى (2).
قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ولكن» بتخفيف النون وإسكانها ثم كسرها تخلصا من التقاء الساكنين ورفع الاسم الذي بعدها، وذلك على أن «لكن» مخففة لا عمل لها، وهي حرف ابتداء.
ونقل عن «يونس بن حبيب» ت 182 هـ. و «سعيد بن مسعدة» المعروف بالأخفش الأوسط ت 215 هـ جواز أعمال «لكن» اذا خففت، والصحيح المنع (3).
وقرأ الباقون «ولكن» بتشديد النون وفتحها، ونصب الاسم الذي
بعدها، وذلك على إعمالها عمل «أن» مشددة النون فتنصب الاسم وترفع الخبر (4).
واعلم أن «لكن» مشددة النون حرف ينصب الاسم، ويرفع الخبر.
قال «ابن مالك» ت 672. هـ:
لأن أن ليت لكن لعل
…
كأن عكس ما لكان من عمل
(1) سورة البقرة آية 102.
(2)
سورة الأنفال آية 17.
(3)
انظر: مغني اللبيب لابن هشام ص 385.
(4)
قال ابن الجزري:
ولكن الخف وبعد ارفعه مع
…
أولى الأنفال كم فتى رفع
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 413. والمستنير في تخريج القراءات.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 256. وتفسير البحر المحيط ج 1 ص 327.
وفي معنى «لكن» ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو المشهور: «الاستدراك» .
وفسر بأن تنسب لما بعدها حكما مخالفا لحكم ما قبلها، ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها، نحو:«ما هذا ساكن لكنه متحرك» .
أو ضد له، نحو:«ما هذا أبيض لكنه أسود» .
والثاني: أنها ترد تارة للاستدراك، وتارة للتوكيد، قاله جماعة منهم «ضياء الدين الإشبيلي» صاحب البسيط.
وفسروا الاستدراك: برفع ما يتوهم ثبوته نحو قولك: «ما زيد شجاع لكنه كريم» لأن الشجاعة، والكرم لا يكادان يفترقان، فنفي أحدهما يوهم انتفاء الآخر.
ومثلوا للتوكيد بنحو: «لو جاءني زيد أكرمته لكنه لم يجيء» فأكدت ما أفادته «لو» من الامتناع.
والثالث: أنها للتوكيد دائما مثل «ان» مشددة النون.
ويصحب التوكيد معنى الاستدراك وهو قول «ابن عصفور» ت 663 هـ (1).
حيث قال في «المقرب» : «ان، وأن ولكن» معناها التوكيد ثم قال في الشرح: معنى «لكن» التوكيد، وتعطي مع ذلك «الاستدراك». أهـ. وقال «البصريون»: ان «لكن» بسيطة.
وقال جمهور الكوفيين: هي مركبة من: «لا» ، «وان» «والكاف» الزائدة، لا التشبيهية، وحذفت الهمزة تخفيفا» أهـ (2).
(1) هو: علي بن مؤمن بن محمد الحضرمي، الاشبيلي، وعرف بابن عصفور، فقيه، نحوي، صرفي لغوي، مؤرخ، شاعر له عدة مصنفات منها: الممتع في التصريف، وشرح المقدمة الجزولية في النحو لم يكمل، وشرح ديوان المتنبي، وشرح المعرب في النحو لم يتم، وشرح الجمل في النحو للزجاجي، توفي بتونس عام 663 هـ- 1265 م.
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 7 ص 251.
(2)
انظر: مغنى اللبيب ص 383 - 384.
«ولكن البر» من قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (1).
ومن قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى (2).
قرأ «نافع، وابن عامر» «ولكن البر» في الموضعين بتخفيف النون وإسكانها، وكسرها، تخلصا من التقاء الساكنين، ورفع الراء من «البر» وذلك على أن «ولكن» مخففة لا عمل لها.
وقرأ الباقون «ولكن» بتشديد النون وفتحها ونصب الراء من «البر» وذلك على إعمالها عمل «ان» فتنصب الاسم وترفع الخبر (3).
«تنبيه» تقدم الكلام على «لكن» المشددة والمخففة أثناء توجيه قوله تعالى: وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا (4).
«لكن» من قوله تعالى: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (5).
ومن قوله تعالى: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ (6).
قرأ «أبو جعفر» «لكن» في الموضعين بنون مفتوحة مشددة على أن «لكن» عاملة عمل «ان» «والذين» اسمها.
وقرأ الباقون «لكن» في الموضعين أيضا بنون ساكنة مخففة مع تحريكها وصلا بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين على أن «لكن» مخففة مهملة لا عمل لها، والذين مبتدأ (7).
(1) سورة البقرة آية 177.
(2)
سورة البقرة آية 189.
(3)
قال ابن الجزري: والبر من كم أم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 413. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 82. واتحاف فضلاء البشر ص 144. والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 7
(4)
سورة البقرة آية 102.
(5)
سورة آل عمران آية 197.
(6)
سورة الزمر آية 20.
(7)
قال ابن الجزري: وثمر شدد لكن الذين كالزمر.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 24. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 149. واتحاف فضلاء البشر ص 184.
«ولكن الناس» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (1).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ولكن» بتخفيف النون واسكانها ثم كسرها تخلصا من التقاء الساكنين وذلك على أن «ولكن» مهمل لا عمل لها و «الناس» بالرفع مبتدأ، و «يظلمون» خبر و «أنفسهم» مفعول «يظلمون» .
وقرأ الباقون «ولكن» بتشديد النون، و «الناس» بالنصب اسم «ولكن» و «يظلمون» خبرها (2).
* وأما ورود «اللام» على أنها لام كي- ولام الأمر في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«وليحكم» من قوله تعالى: وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ (3).
قرأ «حمزة» «وليحكم» بكسر اللام، ونصب الميم، وذلك على أن «اللام» لام «كي» و «يحكم» فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام كي.
وقرأ الباقون «وليحكم» بسكون اللام وجزم الميم، على أن «اللام» لام الأمر، وسكنت تخفيفا حيث أصلها الكسر (4).
(1) سورة يونس آية 44.
(2)
قال ابن الجزري:
ولكن الخف وبعد ارفعه مع
…
أولى الأنفال كم فتى دفع
ولكن الناس شفا انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 413. والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 292. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 298.
(3)
سورة المائدة آية 47.
(4)
قال ابن الجزري: وليحكم اكسر وانصبا محركا ف ق.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 41. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 410. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 188.
«ولتصنع» من قوله تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (1).
قرأ «أبو جعفر» «ولتصنع» بسكون اللام وجزم العين على أن اللام للأمر، والفعل مجزوم بها، وحينئذ يجب ادغام عين «ولتصنع» في عين «على» لأن أول المثلين ساكن والثانية متحرك.
وقرأ الباقون «ولتصنع» بكسر اللام ونصب العين، على أن اللام لام كي، والفعل منصوب بأن مضمرة.
ومعنى «ولتصنع على عيني» أي «لتربي يا موسى على رعايتي وحفظي لك» (2).
«وليتمتعوا» من قوله تعالى: لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا (3).
قرأ «قالون، وابن كثير، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وليتمتعوا» باسكان اللام، على أنها لام الأمر، وفي الكلام معنى التهديد والوعيد.
وقرأ الباقون بكسر اللام، على أنها لام كي (4).
* وأما ورود «اللام» على أنها الفارقة- ولام الجحود في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمة الآتية فقط:
«لتزول» من قوله تعالى: وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (5).
(1) سورة طه آية 39.
(2)
قال ابن الجزري:
ولتصنع سكنا
…
كسرا ونصبا ثق
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 181. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 16.
(3)
سورة العنكبوت آية 66.
(4)
قال ابن الجزري: وسكن كسرول شفا بلى دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 240. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 125. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 181.
(5)
سورة إبراهيم آية 46.
قرأ «الكسائي» «لتزول» بفتح اللام الأولى، ورفع الثانية، على أن «ان» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، أي «وانه» واللام الأولى هي الفارقة بين «ان» المخففة، والنافية، والفعل مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، و «منه» متعلق ب «لتزول» و «الجبال» فاعل، وجملة «لتزول منه الجبال» في محل نصب خبر «كان» والجملة من «كان» واسمها وخبرها في محل رفع خبر «ان» المخففة من الثقيلة.
وقرأ الباقون «لتزول» بكسر اللام الأولى، ونصب الثانية، على أن «ان» نافية بمعنى «ما» واللام لام الجحود، والفعل منصوب بعدها «بأن» مضمرة (1).
يقال: زال الشيء يزول، زوالا: فارق طريقته جانحا عنه.
والزوال، يقال في شيء قد كان ثابتا قبل (2).
وأما ورود «اللام» على أنها للجر- وللابتداء في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمة الآتية فقط:
«لما» من قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ (3).
قرأ «حمزة» «لما» بكسر اللام، على أنها لام الجر متعلقة «بأخذ» وما مصدرية، والتقدير: اذكر يا محمد وقت أن أخذ اللَّه الميثاق على الأنبياء السابقين، لايتائه إياهم الكتاب والحكمة الخ.
وقرأ الباقون «لما» بفتح اللام، على أنها لام الابتداء وما موصولة والعائد محذوف، والتقدير: اذكر يا محمد وقت أن أخذ اللَّه الميثاق على
(1) قال ابن الجزري: وافتح لتزول ارفع رما انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 137. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 27 - 28. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 359.
(2)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «زال» ص 217.
(3)
سورة آل عمران آية 81.
الأنبياء السابقين للذي آتاهم من كتاب وحكمة الخ (1).
* وأما ورود «الفاء» على أنها للسببية- ولمجرد العطف في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«فيكون» اختلف القراء في لفظ «فيكون» الذي قبله «كن» المسبوقة «بانما» حيث وقع في القرآن الكريم، وهو في ستة مواضع:
الأول: وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2).
والثاني: إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (3).
والثالث: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (4).
والرابع: فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ (5).
والخامس: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (6).
والسادس: فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (7).
قرأ «ابن عامر» بنصب نون «فيكون» في المواضع الستة.
وواقفه «الكسائي» على نصب النون في موضعي: النحل ويس.
ووجه النصب أنه على تقدير اضمار «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر «بانما» .
قال «الأشموني» : قد تضمر «أن» بعد الفاء الواقعة بعد حصر بانما اختيارا
…
نحو: «اذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون» في قراءة من نصب» أهـ (8).
(1) قال ابن الجزري: لما فاكسر فدا انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 10. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 351. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 129. وحجة القراءات ص 168.
(2)
سورة البقرة آية 117.
(3)
سورة آل عمران آية 47.
(4)
سورة النحل آية 40.
(5)
سورة مريم آية 35 - 36.
(6)
سورة يس آية 82.
(7)
سورة غافر آية 68.
(8)
انظر: شرح الأشموني على الألفية ج 3 ص 229.
فان قيل: لماذا لا يكون وجه النصب على تقدير إضمار «أن» بعد الفاء المسبوقة بلفظ الأمر وهو «كن» ؟
أقول: لأن «كن» ليس بأمر، انما معناه الخبر، اذ ليس ثم مأمور يكون «كن» أمرا له.
والمعنى: فانما يقول: كن فيكون فهو يكون، ويدل على أن «فيكون» ليس بجواب «لكن» أن الجواب بالقاء مضارع به الشرط، والى معناه يؤول في التقدير، فاذا قلت: اذهب فأكرمك، فمعناه:
ان تذهب فأكرمك.
ولا يجوز أن تقول: اذهب فتذهب، لأن المعنى يصير:«ان تذهب تذهب وهذا لا معنى له وكذلك «كن فيكون» يؤول معناه اذا جعلت «فيكون» جوابا أن تقول له: «أن يكون فيكون» ولا معنى لهذا، لأنه قد اتفق فيه الفاعلان، لأن الضمير الذي في «كن» وفي «يكون» «الشيء» ولو اختلفا لجاز، كقولك:«اخرج فأحسن اليك» ، أي
ان تخرج أحسنت اليك، ولو قلت:«قم فتقوم» لم يحسن، اذ لا فائدة فيه، لأن الفاعلين واحد، ويصير التقدير:«ان تقم تقم» فالنصب في هذا على الجواب بعيد عن المعنى.
وقال «الصبان» : «انما لم يجعل منصوبا في جواب «كن» لأنه ليس هناك قول «كن» حقيقة، بل هو كناية عن تعلق القدرة تنجيزا بوجود الشيء، ولما سيأتي عن «ابن هشام» من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل، بل لا بد من اختلافهما فيهما أو في أحدهما، فلا يقال:«قم تقم» .
وبعضهم جعله منصوبا في جوابه نظرا الى وجود الصيغة في هذه الصورة، ويرده ما ذكرناه عن «ابن هشام» أهـ (1).
وقرأ الباقون بالرفع في «فيكون» في المواضع الست، وذلك على
(1) انظر: حاشية الصبان على الأشموني ج 3 ص 229.
الاستئناف، والتقدير:«فهو يكون» (1).
تنبيه: «فيكون» من قوله تعالى: ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ (2).
ومن قوله تعالى: وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ (3).
اتفق القراء العشرة على رفع النون من «فيكون» في هذين الموضعين، وذلك لأنه لم يسبق «بانما» .
واعلم أن الفعل المضارع ينصب «بأن» المضمرة وجوبا بعد «فاء» السببية، اذا كانت مسبوقة بنفي، وطلب محضين.
قال «ابن مالك» ت 672 هـ (4).
وبعد فالجواب نفي أو طلب
…
محضين أن وسترها حتم نصب
فمثال النفي المحض قوله تعالى: لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا (5).
ومعنى كون النفي محضا: أن يكون خالصا من معنى الاثبات فان
(1) قال ابن الجزري:
كن فيكون فانصبا
…
رفعا سوى الحق وقوله كبا
والنحل مع يس رد كم انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 415. والحجة في القراءات السبع ص 88. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 261. وتفسير البحر المحيط ج 1 ص 366.
(2)
سورة آل عمران آية 59 - 60.
(3)
سورة الانعام آية 73.
(4)
هو: محمد بن عبد اللَّه بن مالك الطائي، الأندلسي «جمال الدين» نحوي، لغوي، مقرئ، مشارك في الفقه، والأصول، والحديث، وغيرها، رحل الى المشرق فأقام بحلب مدة، ثم بدمشق، له عدة مصنفات منها: اكمال الاعلام بمثلث الكلام، الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة، تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، في النحو، توفي بدمشق عام 672 هـ- 1274 م:
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 10 ص 234.
(5)
سورة فاطر آية 36.
لم يكن خالصا منه وجب رفع الفعل الذي بعد «الفاء» نحو قولك: «ما أنت الا تأتينا فتحدثنا» وذلك لانتقاض النفي «بالا» .
واعلم ان الطلب المحض يشمل: الأمر، والنهي، والدعاء، والاستفهام، والعرض، والتحضيض، والتمني:
فمثال الأمر قول «أبي النجم الفضل بن قدامة العجلي» ت 130 هـ:
يا ناق سيري عنقا فسيحا
…
الى سليمان فنستريحا
الشاهد في قوله: «فنستريحا» حيث نصب الفعل المضارع «بأن» مضمرة وجوبا بعد فاء السببية في جواب الأمر.
ومثال النهي قوله تعالى: وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي (1).
ومثال الاستفهام قوله تعالى: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا (2).
وبقية الأمثلة لا تخفى.
ومعنى أن يكون الطلب محضا: أن لا يكون مدلولا عليه باسم فعل، ولا بلفظ الخبر، فان كان مدلولا عليه بأحد هذين المذكورين، وجب رفع ما بعد الفاء، نحو قولك:«صه فأحسن اليك» برفع النون من «فأحسن» ونحو قولك: «وحسبك الحديث فينام الناس» برفع الميم من «فينام» (3).
واعلم ان «الفاء» المفردة، حرف مهمل، خلافا لبعض الكوفيين في قولهم: انها تنصب المضارع في نحو: «ما تأتينا فتحدثنا» (4).
وترد على وجهين:
الوجه الأول: أن تكون عاطفة، وتفيد ثلاثة أمور: أحدها: الترتيب، نحو قوله تعالى: فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً (5).
والثاني: التعقيب، وهو في كل شيء بحسبه، نحو قوله تعالى:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً (6)
وقيل:
(1) سورة طه آية 81.
(2)
سورة الأعراف آية 53.
(3)
انظر: شرح ابن عقيل على الألفية ج 4 ص 14.
(4)
انظر: مغني اللبيب ص 213.
(5)
سورة النساء آية 153.
(6)
سورة الحج آية 63.
«الفاء» في هذه الآية للسببية وفاء السببية لا تستلزم التعقيب.
والثالث: السببية، وذلك غالب في العاطفة جملة، أو صفة، فالأول:
نحو قوله تعالى: فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ (1).
«وأما الصفة فنحو قوله تعالى: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (2).
والوجه الثاني من أوجه الفاء: أن تكون رابطة للجواب، وذلك حيث لا يصلح لأن يكون شرطا، وهو منحصر في عدة مسائل:
إحداها: أن يكون الجواب جملة اسمية، نحو قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3).
والثانية: أن يكون الجواب جملة فعلية فعلها جامد، نحو قوله تعالى:
إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً* فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ (4).
والثالثة: أن يكون فعلها انشائيا، نحو قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ (5).
والرابعة: أن يكون فعلها ماضيا لفظا ومعنى، نحو قوله تعالى:
قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (6).
والخامسة: أن تقترن بحرف استقبال، نحو قوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (7).
«فأطلع» من قوله تعالى: فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى (8).
قرأ «حفص» «فأطلع» بالنصب، على أنه منصوب بأن المضمرة بعد
(1) سورة القصص آية 15.
(2)
سورة الواقعة آية 52 - 54.
(3)
سورة المائدة آية 118.
(4)
سورة الكهف آية 39 - 40.
(5)
سورة آل عمران آية 31.
(6)
سورة يوسف آية 77.
(7)
سورة المائدة آية 55.
(8)
سورة غافر آية 37.
فاء السببية، لأنها مسبوقة بالترجي وهو «لعلي» في قوله تعالى:
لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (1).
والمعنى: اذا بلغت الأسباب اطلعت، كما تقول:«لا تقع في الماء فتسبح» معناه على النصب: ان وقعت في الماء سبحت، ومعناه على الرفع: لا تقع في الماء، ولا تسبح.
وقرأ الباقون «فاطلع» بالرفع، عطفا على «أبلغ» .
والتقدير: لعلي أبلغ الأسباب، ولعلي أطلع الى اله موسى كأنه توقع الأمرين على ظنه (2).
«فيضاعفه» من قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً (3).
ومن قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (4).
قرأ «نافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فيضاعفه» بتخفيف العين، والف قبلها مع رفع الفاء، على الاستئناف، أي فهو يضاعفه.
وقرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «فيضعفه» بتشديد العين، وحذف الألف مع رفع الفاء، على الاستئناف أيضا.
وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «فيضعفه» بتشديد العين وحذف الألف مع نصب الفاء.
وقرأ «عاصم» «فيضاعفه» بتخفيف العين وألف قبلها مع نصب الفاء.
(1) سورة غافر آية 36.
(2)
قال ابن الجزري: أطلع ارفع غير حفص.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 285. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 198. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 244.
(3)
سورة البقرة آية 245.
(4)
سورة الحديد آية 11.
وتوجيه قراءات النصب أن الفعل منصوب بأن مضمرة بعد الفاء لوقوعها بعد الاستفهام.
ووجه التشديد في العين أنه مضارع «ضعف» ووجه التخفيف أنه مضارع «ضاعف» (1).
«فتنفعه» من قوله تعالى: أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (2).
قرأ «عاصم» «فتنفعه» بنصب العين، وهو منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، لوقوعها في جواب الترجي، من قوله تعالى: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3).
وقرأ الباقون «فتنفعه» برفع العين، عطفا على «يزكى، أو يذكر» (4).
* وأما ورود «حتى» ناصبة- ومهملة في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمة الآتية فقط:
«يقول» من قوله تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ (5).
قرأ «نافع» «يقول» برفع اللام على أنه فعل ماض بالنسبة الى زمن الاخبار أو حال باعتبار الحال الماضية التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلم نعمل فيه حتى.
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 433. والمستنير في تخريج القراءات ج 1 ص 70. والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 300. وحجة القراءات ص 138. واتحاف فضلاء البشر ص 159. قال ابن الجزري:
وارفع شفا حرم حلا يضاعفه معا
…
ونقله وبابه ثوى كس دن
(2)
سورة عبس آية
(3)
سورة عبس آية 3.
(4)
قال ابن الجزري: فتنفع انصب الرفع نوى.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 358. والمهذب في القراءات العشر ج 2 ص 323. والكشف عن وجوه القراءات ج 2 ص 362.
(5)
سورة البقرة آية 214.
وقرأ الباقون «يقول» بنصب اللام، والتقدير: الى أن يقول الرسول، فهو غاية، والفعل هنا مستقبل حكيت به حالهم (1).
قال «ابن مالك» ت 276 هـ:
وتلو حتى حالا أو مؤولا
…
به ارفعن
وقال «ابن هشام» ت 761 هـ (2):
وأما رفع الفعل بعد حتى فله ثلاثة شروط:
الأول: كونه مسببا عما قبلها، ولهذا امتنع الرفع في نحو:«سرت حتى تطلع الشمس» لأن السير لا يكون سببا لطلوعها.
الثاني: أن زمن الفعل الحال لا الاستقبال، على العكس من شرط النصب، الا أن الحال تارة يكون تحقيقا، وتارة يكون تقديرا:
فالأول: كقولك: «سرت حتى أدخلها» برفع اللام، اذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول.
والثاني: كالمثال المذكور اذا كان السير والدخول قد مضيا، ولكنك أردت حكاية الحال، وعلى هذا جاء الرفع في قوله تعالى: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ (3).
لأن الزلزال، والقول قد مضيا.
(1) قال ابن الجزري يقول ارفع ألا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 429. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 89.
(2)
هو: عبد اللَّه بن يوسف بن أحمد بن هشام الأنصاري، النحوي، مشارك في المعاني، والبيان، والعروض، والفقه، وغير ذلك، له عدة مصنفات منها: شرح الشافية، وشرح الجامع الصغير، ومغني اللبيب، وقطر الندى وشرحه، توفي بمصر عام 761 هـ 1360 م:
انظر: ترجمته في معجم المؤلفين ج 6 ص 164.
(3)
سورة البقرة آية 214.
والثالث: أن يكون ما قبلها تاما، ولهذا امتنع الرفع في نحو:
«كان سيري حتى أدخلها» اذا حملت «كان» على النقصان دون التمام» أهـ (1).
وقال «ابن مالك» :
وبعد حتى هكذا اضمار أن
…
حتم كجد حتى تسر ذا حزن
فأما نصب الفعل بعد حتى فشرطه كون الفعل مستقبلا بالنسبة الى ما قبلها، سواء كان مستقبلا بالنسبة الى زمن التكلم أو لا:
فالأول: كقوله تعالى:
لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (2) فان رجوع «موسى» عليه السلام مستقبل بالنسبة الى الأمرين جميعا.
والثاني: كقوله تعالى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ (3).
لأن قول الرسول وان كان ماضيا بالنسبة الى زمن الإخبار، الا أنه مستقبل بالنسبة الى زلزالهم.
ثم قال:
«ولحتى» التي ينتصب بها الفعل معنيان:
1 -
فتارة تكون بمعنى «كي» وذلك اذا كان ما قبلها علة لما بعدها، نحو:«أسلم حتى تدخل الجنة» .
2 -
وتارة تكون بمعنى «الى» وذلك اذا كان ما بعدها غاية لما قبلها كقوله تعالى:
(1) انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص 68
(2)
سورة طه آية 91.
(3)
سورة البقرة آية 214.
لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى (1).
ثم قال: والنصب في هذه المواضع وما أشبهها بان مضمرة بعد «حتى» حتما لا بحتى نفسها، خلافا للكوفيين، لأنها قد عملت في الأسماء الجر، كقوله تعالى: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (2) فلو عملت في الأفعال النصب لزم أن يكون لنا عامل واحد، يعمل تارة في الأسماء، وتارة في الأفعال، وهذا لا نظير له في العربية» أهـ (3).
وأما ورود «لا» النافية للجنس- وللوحدة في أسلوب واحد، فانه يتمثل فيما يلي:
فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ- لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ حيث وقعا في القرآن.
وكذا: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ (4).
وكذا: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ (5).
وكذا: لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (6).
وكذا: لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (7).
قرأ «يعقوب» «لا خوف عليهم» ، وكذا «خوف عليكم» حيث وقعا في القرآن بفتح الفاء، وحذف التنوين، على أن «لا» نافية للجنس تعمل عمل «ان» تنصب الاسم وترفع الخبر.
وقرأ باقي القراء العشرة بالرفع، والتنوين، على أن «لا» نافية للوحدة، لا عمل لها.
وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو وأبو جعفر، ويعقوب» «فلا رفث ولا فسوق» بالرفع، والتنوين، وكذلك قرأ «أبو جعفر» «ولا جدال» .
وقرأ الباقون الألفاظ الثلاثة بالفتح من غير تنوين.
وكذا قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لا بيع فيه ولا خلة- ولا شفاعة» وكذا «لا بيع فيه ولا خلال» وكذا «لا لغو فيها ولا تأثيم» .
(1) سورة طه آية 91.
(2)
سورة القدر آية 5.
(3)
انظر: شرح قطر الندى لابن هشام ص 67 - 68.
(4)
سورة البقرة آية 97.
(5)
سورة البقرة آية 254.
(6)
سورة إبراهيم آية 31.
(7)
سورة الطور آية 23.
وقرأ الباقون بالرفع، والتنوين في الكلمات السبع (1).
واعلم أن «لا» تأتي على عدة أوجه أذكر منها ما يلي:
الوجه الأول: تكون عاملة عمل «ان» مكسورة الهمزة، مشددة النون، فتنصب الاسم وترفع الخبر، وذلك اذا أريد بها نفي الجنس، على سبيل التنصيص، وتسمى حينئذ «لا» النافية للجنس.
وانما يظهر نصب اسمها اذا كان خافضا لما بعده، نحو قول «أبي الطيب المتنبي» ت 354 هـ (2).
فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد
…
على أحد الا بلؤم مرفع
أو رافعا لما بعده، نحو قولك:«لا حسنا فعله مذموم» أو ناصبا لما بعده، نحو قول «أبي الطيب المتنبي»:
قفا قليلا بها علي فلا
…
أقل من نظرة أزودها (3)
وذلك على رواية «أقل» بالنصب.
قال «ابن مالك» ت 672 هـ:
عمل أن اجعل للا في نكره
…
مفردة جاءتك أو مركبة فانصب بها
مضافا أو مضارعه
…
وبعد ذاك اذكر رافعه
الوجه الثاني: تجزم فعلا واحدا، سواء كانت دالة على النهي نحو
(1) قال ابن الحزري:
رفث لا نسوق ثق حق ولا
…
جدال ثبت بيع
خلة ولا شفاعة لا بيع ولا خلال لا
…
تأثيم لا لغو مدا كنز
انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 399. واتحاف فضلاء البشر ص 134.
(2)
هو أحمد بن الحسين بن الحسن «الكوفي» المعروف بالمتنبي «أبو الطيب» شاعر، حكيم، ولد بالكوفة، ونشأ بالشام، فأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب، وعلم العربية، وفاق أهل عصره في الشعر، واتصل «بسيف الدولة» ثم مضى الى مصر، فمدح بها «كافور الإخشيدي» من آثاره: ديوان شعره، قتل بالقرب من النعمانية في رمضان عام 354 هـ: انظر ترجمته في: معجم المؤلفين ح 1 ص 201.
(3)
«أزورها» بالتاء للمجهول.
قوله تعالى: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (1).
على قراءة جزم اللام.
أو دالة على الدعاء، نحو قوله تعالى: رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا (2).
قال «ابن مالك» :
بلا ولام طالبا ضع جزما
…
في الفعل هكذا بلم ولما
…
الوجه الثالث: تكون عاملة عمل «ليس» فترفع الاسم وتنصب الخبر، وذلك عند «الحجازيين» دون «التميميين» ولكنها لا تعمل عند الحجازيين الا بشروط:
الشرط الأول: أن يكون الاسم والخبر نكرتين، نحو قول الشاعر:
تعز فلا شيء على الأرض باقيا
…
ولا وزر مما قضى الله واقيا
الشرط الثاني: ألا يتقدم معمول الخبر على الاسم، فان تقدم نحو:
«لا عندك رجل مقيم ولا امرأة» أهملت.
الشرط الثالث: ألا يتقدم خبرها على اسمها، فلا يصح نحو «لا قائما رجل» .
الشرط الرابع: ألا ينتقض النفي «بالا» فلا يصح نحو: «لا رجل الا أفضل من زيد» بنصب «أفضل» بل يجب رفعه.
قال «ابن مالك» :
في النكرات أعملت كليس لا.
الوجه الرابع: من أوجه «لا» : تكون عاطفة، وذلك بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يتقدمها اثبات، نحو «جاء زيد لا عمرو» .
الشرط الثاني: ألا تقترن بعاطف، فاذا قيل:«جاء زيد لا بل عمرو»
(1) سورة البقرة آية 119.
(2)
سورة البقرة آية 286.
فالعطف «بل» و «لا» رد لما قبلها، وليست عاطفة.
واذا قلت: «ما جاءني زيد ولا عمرو» فالعاطف «الواو» و «لا» توكيد النفي.
الشرط الثالث: أن يتعاند متعاطفاها، فلا يجوز «جاءني رجل لا زيد» لأنه يصدق على «زيد» اسم الرجل، بخلاف «جاءني» رجل لا امرأة» (1).
* وأما ورود «لا» ناهية- ونافية في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية:
«ولا تسأل» من قوله تعالى: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (2) قرأ «نافع، ويعقوب» «ولا تسأل» بفتح التاء، وجزم اللام، وذلك على النهي، وظاهره أنه نهي حقيقة، حيث نهى الله سبحانه وتعالى نبيه «محمدا» صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل عن أحوال الكفار، لأن سياق الكلام يدل على أن ذلك قائد على اليهود، والنصارى، ومشركي
العرب، الذين جحدوا نبوته صلى الله عليه وآله وسلم وكفروا عنادا، وأصروا على كفرهم وكذلك
جاء بعده قوله تعالى: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (3) وقيل: يحتمل أن لا يكون نهيا حقيقة، بل جاء ذلك على سبيل تعظيم ما وقع فيه أهل الكفر من العذاب، كما تقول:«كيف حال فلان» اذا كان قد وقع في «بلية» - والعياذ بالله تعالى- فيقال لك «لا تسأل عنه» .
ووجه التعظيم أن المستخبر يجزع أن يجري على لسانه ما ذلك الشخص فيه لفظاعته، فلا تسأله ولا تكلفه ما يضجره.
أو أنت يا مستخبر لا تقدر على استماع خبره، لإيحاشه السامع، واضجاره، فلا تسأل.
(1) انظر: مغني اللبيب ص 313. فما بعدها.
(2)
سورة البقرة آية 119.
(3)
سورة البقرة آية 120.
فيكون معنى التعظيم إما بالنسبة الى المجيب، وإما بالنسبة الى المجاب، ولا يراد بذلك حقيقة النهي.
وقرأ الباقون «ولا تسأل» بضم التاء، ورفع اللام، وذلك على الاستئناف، والمعنى على ذلك: أنك لا تسأل عن الكفار ما لهم لم يؤمنوا، لأن ذلك ليس اليك، إن عليك الا البلاغ، انك لا تهدي من أحببت، انما أنت منذر، وفي ذلك تسلية له صلى الله عليه وآله وسلم وتخفيف ما كان يجده من عنادهم فكأنه قيل: لست مسئولا عنهم فلا يحزنك كفرهم، وفي ذلك دليل على أن أحدا لا يسأل عن ذنب أحد، ولا تزر وازرة وزر أخرى (1).
قال ابن الجزري: تسأل للضم فافتح واجزم ان ظللوا.
«السؤال» : استدعاء معرفة، أو ما يؤدي الى المال:
واستدعاء مال، أو ما يؤدي الى المال:
فاستدعاء المعرفة: جوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكناية، أو الاشارة.
واستدعاء المال: جوابه على اليد، واللسان خليفة لها، اما بوعد، أو برد.
فان قيل: كيف يصح أن يقال: السؤال يكون للمعرفة، ومعلوم أن الله تعالى يسأل عبادة، نحو قوله تعالى: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ (2).
قيل: ان ذلك سؤال لتعريف القوم وتبكيتهم لا لتعريف الله تعالى، فانه علام الغيوب.
(1) انظر: النشر في القراءات العشر ج 2 ص 416.
والكشف عن وجوه القراءات ج 1 ص 262. والمهذب في القراءات العشر ج 1 ص 71. وحجة القراءات لابن زنجلة ص 111. والحجة في القراءات لابن خالويه ص 87. وتفسير البحر المحيط ج 1 ص 367.
(2)
سورة المائدة آية 116.
والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت نحو قوله تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (1).
والسؤال اذا كان للتعريف تعدى الى المفعول الثاني تارة بنفسه، نحو قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (2).
وتارة بالجار، نحو قوله تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (3).
واذ كان السؤال لاستدعاء مال فانه يتعدى بنفسه نحو قوله تعالى: وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا (4) قال «ابن بري» ت 582 هـ: (5)«سألته الشيء بمعنى استعطيته إياه وسألته عن الشيء استخبرته» أهـ (6)«لا تضار» من قوله تعالى: لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها (7) قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لا تضار» برفع الراء مشددة، على أنه فعل مضارع من «ضار» مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، ولا نافية ومعناها النهي للمشاكلة.
(1) سورة التكوير آية 8 - 9.
(2)
سورة العنكبوت آية 29.
(3)
سورة البقرة آية 186.
(4)
سورة الممتحنة آية 10.
(5)
هو عبد الله بن بري عبد الجبار بن بري المقدسي، المصري، الشافعي «أبو محمد» نحوي، لغوي، ولد بمصر، في رجب، وبها نشأ، وقرأ الأدب، وانتفع به خلق كثير، له عدة مصنفات منها:
النبيه والايضاح عما وقع في كتاب الصحاح، وغلط الضعفاء من أهل الفقه، وحواش على درة الغواص في أوهام الخواص للحريري، وحاشية على المعرب للجواليقي. وتوفي بمصر عام 582 هـ 1186 م: انظر: معجم المؤلفين ح 6 ص 37.
(6)
انظر: تاج العروس ح 7 ص 365.
(7)
سورة البقرة آية 233
وقرأ «أبو جعفر» بخلف عنه بسكون الراء مخففة، على أنه مضار من «ضار يضير» ولا ناهية والفعل مجزوم بها.
وقرأ الباقون بفتح الراء مشددة، وهو الوجه الثاني لأبي جعفر، على أنه فعل مضارع من «ضار» ولا ناهية والفعل مجزوم بها ثم تحركت الراء الأخيرة تخليصا من التقاء
الساكنين على غير قياس، لأن الأصل
في التخلص من الساكنين أن يكون للحرف الأول وكانت فتحة لحفظها (1)«ولا يشرك» من قوله تعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (2) قرأ «ابن عامر» «ولا تشرك» بتاء الخطاب وجزم الكاف على أن «لا» ناهية والنهي موجه الى كل مكلف شرعا، والمنهي عنه:
الاشراك بالله تعالى.
والمعنى: قل يا «محمد» : الله أعلم بالمدة التي لبثها أهل الكهف في نومهم وقل: لا تشرك أيها الانسان المكلف في حكم ربك أحدا لأن الشرك من أكبر الكبائر.
وفي الكلام التفات من الغيبة الى الخطاب لأن سياق الكلام للغيبة.
وقرأ الباقون «ولا يشرك» بياء الغيب ورفع الكاف، على أن «لا» نافية، وفاعل «يشرك» ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا.
وجاء الكلام على نسق الغيبة التي قبله في قوله تعالى: ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وأفاد نفي الشريك عن الله تعالى (3).
(1) قال ابن الجزري: تضار حق رفع وسكن خفف الخلف ثدق.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 431. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 94. واتحاف فضلاء البشر ص 158.
(2)
سورة الكهف آية 26.
(3)
قال ابن الجزري: ولا يشرك خطاب مع جزم كملا.
انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 160. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 58. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 397.
«فلا تسألني» من قوله تعالى: قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (1).
قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر» «تسألني» بفتح اللام، وتشديد النون، على ان الفعل مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة. وكسرت نون التوكيد وحقها الفتح لمجانسة الياء، وحذفت نون الوقاية لاجتماع الأمثال، واللام نافية.
وقرأ الباقون «تسألني» باسكان اللام، وتخفيف النون، على أن الفعل مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه السكون، والنون للوقاية، والياء مفعول (2).
واتفق القراء العشرة على اثبات الياء بعد النون في الحالين، الا «ابن ذكوان» فله الاثبات والحذف في الوصل، والوقف (3).
قال «ابن الجزري» : «والحذف، والاثبات، كلاهما صحيح عن «ابن ذكوان» نصا، وأداء، ووجه الحذف حمل الرسم على الزيادة تجاوزا في حرف المد، كما قرئ «وتودا» بغير تنوين، ووقف عليه بغير ألف، وكذلك «السبيلا، والظنونا» ، وغيرهما من كتب رسما وقرئ بحذفه، وليس ذلك معدودا من مخالفة الرسم» أهـ (4) «لا تخاف» من قوله تعالى: لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (5).
قرأ «حمزة» «لا تخف» بحذف الألف، وجزم الفاء، على أنه مجزوم في جواب الأمر وهو قوله تعالى قبل:
(1) سورة الكهف آية 70
(2)
قال ابن الجزري: تسألن فتح النون دم الخلف واشدد كما حرم وعم الكهف انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 165. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 67. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 405.
(3)
قال ابن الجزري: وثبت تسألن في الكهف وخلف الحذف مت.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 166.
(5)
سورة طه آية 77.
أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي أو فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً.
ويجوز أن تكون «لا» ناهية، والفعل مجزوم بها، والجملة حينئذ مستأنفة.
وقرأ الباقون «لا تخاف» باثبات الألف، ورفع الفاء، على أن الجملة مستأنفة، أو حال من فاعل «اضرب» أي: فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا حالة كونك غير خائف، وحينئذ تكون «لا» نافية (1).
«فلا يخاف» من قوله تعالى: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (2).
قرأ «ابن كثير» «فلا تخف» بحذف الألف التي بعد الخاء، وجزم الفاء، على أن «لا» ناهية، والفعل بعدها مجزوم بها، والجملة في محل جزم جواب الشرط وهو «من» من قوله تعالى وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ.
وقرأ الباقون «فلا يخاف» باثبات الألف، ورفع الفاء، على أن «لا» نافية، والفعل بعدها مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، والجملة في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، والتقدير: فهو لا يخاف ظلما، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط (3).
وأما ورود «ان» شرطية- و «أن» مصدرية في أسلوب واحد فانه يتمثل في قراءات الكلمتين الآتيتين فقط:
«أن تضل» من قوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما (4).
(1) قال ابن الجزري: ولا تخف جزما فشا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 194. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 102. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 23.
(2)
سورة طه آية 112.
(3)
قال ابن الجزري: يخاف فاجزم دم.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 188. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 107. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 28.
(4)
سورة البقرة آية 282.
قرأ «حمزة» «ان تضل» بكسر الهمزة، على أن «ان» شرطية، و «تضل» مجزوم بها، وهي فعل الشرط، وفتحت اللام للادغام تخفيفا (1).
وقرأ الباقون «أن تضل» بفتح الهمزة، على ان «أن» مصدرية.
جاء في «المفردات» : «الضلال» : «العدول عن الطريق المستقيم، ويضاده «الهداية» قال تعالى: فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها (2).
ويقال: الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان أو سهوا يسيرا كان أو كثيرا (3).
واذا كان الضلال ترك الطريق المستقيم عمدا كان أو سهوا، قليلا كان أو كثيرا، صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما، وقوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما.
أي تنسى، وذلك من النسيان الموضوع عن الانسان» أهـ (4).
وجاء في «تاج العروس» : قال «ابن الكمال» ت 702:
«الضلال» : فقد ما يوصل الى المطلوب، وقيل: سلوك طريق لا يوصل الى المطلوب» أهـ (5).
ويقال: «ضللت» «كزللت» «تضل» «كنزل» أي بفتح العين في
(1) قال ابن الجزري: وكسر أن تضل فز.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 446. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 320. وحجة القراءات ص 150. والحجة في القراءات السبع ص 104.
(2)
سورة يونس آية 108.
(3)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «ضل» ص 297.
(4)
انظر: المفردات مادة «ضل» ص 298.
(5)
انظر: تاج العروس مادة «ضل» ج 7 ص 410.
الماضي، وكسرها في المضارع، وهذه هي اللغة الفصيحة، لغة «نجد» .
ويقال: «ضللت تضل» مثل «مللت تمل» أي بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع، وهي لغة «الحجاز، والعالية» .
وروى «كراع» ت 307 هـ (1) عن «بني تميم» «كسر الضاد في الأخيرة أيضا» أهـ (2).
«أن صدوكم» من قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «أن صدوكم» بكسر همزة «ان» على أن «أن» شرطية والصد منتظر في المستقبل، وعليه يكون المعنى:
ان وقع صد لكم عن المسجد الحرام مثل الذي فعل بكم أو لا عام الحديبية سنة ست من الهجرة فلا يحملكم بغض من صدكم على العدوان.
وقرأ الباقون بفتح همزة «أن» على أنها مصدرية، وأن وما دخلت عليه مفعول لأجله.
وعليه يكون المعنى: لا يحملنكم بغض قوم على العدول لأجل
صدهم اياكم عن المسجد الحرام في الزمن الماضي لأنه وقع عام الحديبية سنة ست من الهجرة، والآية نزلت سنة ثمان من الهجرة عام الفتح (4).
(1) هو: علي بن الحسن، المعروف بكراع النمل، ويعرف بالدوسي «أبو الحسن» لغوي، من أهل مصر أخذ عن البصريين، وكان كونيا، من تصانيفه: المنضة المنضد، توفي عام 307 هـ الموافق 919 م: انظر ترجمته في معجم المؤلفين ح 7 ص 71.
(2)
انظر: تاج العروس مادة «ضل» ج 7 ص 411.
(3)
سورة المائدة آية 2.
(4)
قال ابن الجزري: أن صدوكم اكسر حز دفا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 39. والمهذب في القراءات العشر ح 1 179. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 405.
جاء في «المفردات» : «الصدود، والصد» قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا، نحو قوله تعالى: يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (1).
وقد يكون صرفا، ومنعا، نحو قوله تعالى: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (2).
وقيل: «صد يصد صدودا» «وصد يصد صدا» والصد من الجبل: «ما يحول» أهـ (3).
وجاء في «تاج العروس» : «يقال: صد فلان فلانا عن كذا صدا» :
اذا منعه وصرفه عنه، قال الله تعالى: وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ (4) أي صدها كونها من قوم كافرين عن الايمان.
ويقال: «صد يصد ويصد» بضم الصاد وكسرها في المضارع، «صدا وصديدا»:«عج وضج» وفي التنزيل: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (5) أي يضجون ويعجون.
وقال «الأزهري» «محمد بن حامد أبو منصور» ت 370. هـ:
يقال: صددت فلانا عن أمره أصده، صدا، تصديا، يستوي فيه لفظا الواقع، والكلام: فاذا كان المعنى: «يضج ويعج» فالوجه الجيد «صد يصد» مثل: «ضج يضج» أهـ (6).
* وأما ورود «أن» مخففة- ومصدرية في أسلوب واحد فانه يتحقق في قراءات الكلمة الآتية فقط:
(1) سورة النساء آية 61.
(2)
سورة «محمد» صلى الله عليه وآله وسلم آية 1.
(3)
انظر: المفردات في غريب القرآن مادة «صدد» ص 27.
(4)
سورة النمل آية 43.
(5)
سورة الزخرف آية 57.
(6)
انظر: تاج العروس مادة «صدد» ص 394.
«تكون» من قوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا (1).
قرأ «أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «تكون» برفع النون على أن «أن» مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، أي أنه، و «لا» نافية و «تكون» تامة، و «فتنة» فاعلها، والجملة خبر «أن» وهي مفسرة لضمير الشأن، و «حسب» حينئذ لليقين لا للشك، لأن «أن» المخففة من الثقيلة لا تقع الا بعد تيقن.
والمعنى: لقد بالغ بنو اسرائيل في كفرهم وعنادهم بألوان شتى مختلفة، منها أنهم تيقنوا أن لا تحدث، ولا تقع فتنة فعموا عن رؤية الحقيقة، وصمت آذانهم عن قبول نصيحة أنبيائهم.
وقرأ الباقون «تكون» بنصب النون، على أن «أن» حرف مصدري ونصب، دخلت على فعل منفي بلا، و «حسب» حينئذ على بابها للظن، لأن «أن» الناصبة لا تقع الا بعد الظن، و «تكون» تامة أيضا،
و «فتنة» فاعلها، والمعنى: شك هؤلاء اليهود ألا تحدث فتنة فعموا وصموا (2).
* وأما ورود «الا» الاستثنائية عاملة- وملغاة في أسلوب واحد فانه يتحقق في قراءات الكلمتين الآتيتين فقط:
«قليل» من قوله تعالى: ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ (3).
قرأ «ابن عامر» «قليلا» بالنصب على الاستثناء، وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف أهل الشام (4).
وقرأ الباقون «قليل» برفع اللام على أنه بدل من الواو في فعلوه، وهذه
(1) سورة المائدة آية 71
(2)
قال ابن الجزري: تكون أرفع حما فتى رسا.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 44. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 416. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 193.
(3)
سورة النساء آية 66.
(4)
قال ابن عاشر: والشام ينصب قليلا منهم.
القراءة موافقة لرسم بقية المصاحف (1).
تنبيه: اذا وقع المستثنى بعد الا وكان الكلام مسبوقا بنفي، أو نهي، أو استفهام، وكان المستثنى من جنس المستثنى منه جاز في المستثنى منه النصب على الاستثناء، وجاز اتباعه لما قبله في الاعراب (2).
«الا امرأتك» من قوله تعالى: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ (3).
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «امرأتك» برفع التاء، على أنها بدل من «أحد» ولتشكل ذلك بأنه يلزم منه انهم نهوا عن الالتفات الا «المرأة» فانها لم تنه عنه، وهذا لا يجوز.
ولذا قيل: «امرأتك» مرفوع بالابتداء، والجملة بعده وهي قوله تعالى: إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ خبر.
وقيل: النهي بمعنى النفي لأنه بمعنى: ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك فانها ستلتفت، فقوله:«امرأتك» بدل من قوله «أحد» كقولك: «ما قام أحد الا زيد، وما رأيت أحدا الا أخاك» .
وقال «ابن زنجلة» : «كان أبو عمرو» يتأول أن «لوطا» سار بها في أهله، وحجته ما روي عن «ابن عباس» رضي الله عنهما أنه قال:«أنها سمعت الوجبة- أي السقوط مع الهدة- فالتفتت فأصابها العذاب» أهـ (4).
(1) قال ابن الجزري: الا قليلا نصب كر في الرفع.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 30. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 392. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 163.
(2)
قال ابن مالك: وبعد نفي أو كنفي انتخب اتباع ما انصل.
(3)
سورة هود آية 81.
(4)
انظر: حجة القراءات لابن زنجلة ص 348.
وقرأ الباقون «امرأتك» بنصب التاء، على أنه مستثنى من «أهلك» في قوله تعالى قبل: فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ فهو استثناء من الايجاب واجب النصب، وحجتهم ما روي عن «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه أنه قال:«فأسر بأهلك بقطع من الليل الا امرأتك» والمعنى على هذه القراءة: انه لم يخرج امرأته مع أهله، وفي القراءة الأولى أنه خرج بها فالتفتت فأصابتها الحجارة (1).
* وأما ورود «من» جارة- وموصولة في أسلوب واحد فانه يتحقق في قراءات الكلمة الآتية فقط:
«من تحتها» من قوله تعالى: فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي (2).
قرأ «نافع، وحفص، والكسائي، وأبو جعفر، وروح، وخلف العاشر» بكسر ميم «من» وجر تاء «تحتها» على أن «من» حرف جر، وما بعدها مجرور، وفاعل ناداها ضمير يعود على «عيسى» عليه السلام المعلوم من المقام، أو الملك، والمراد به «جبريل» عليه السلام، والجار والمجرور متعلق بناداها، ومعنى كون «جبريل» تحتها أي في مكان أسفل من مكانها أي دونها، كما تقول: داري تحت دارك، وبلدي تحت بلدك، أي دونها، وعلى هذا معنى قوله تعالى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي: دونك نهرا تستمتعين به، فليس المعنى اذا جعلنا الفاعل «جبريل» أنه تحت ثيابها.
وكون الضمير «لعيسى» عليه السلام، أبين، وأعظم في زوال وحشتها لتسكين نفسها.
فالمعنى: فكلمها «جبريل» من الجهة المحاذية لها، أو فكلمها «عيسى» من موضع ولادتها، وذلك تحت ثيابها.
(1) قال ابن الجزري: وامرأتك حير.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 118. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 536. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 224.
(2)
سورة مريم آية 24.
وقرأ الباقون بفتح ميم «من» ونصب تاء «تحتها» على أن «من» اسم موصول فاعل «نادى» وتحت ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة.
والمراد بمن «عيسى» عليه السلام أو الملك وهو «جبريل» عليه السلام، فاذا كان «لعيسى» كان معنى «تحتها» تحت ثيابها، من موضع ولادته، واذا كان «لجبريل» كان معنى «تحتها» دونها، أسفل منها (1).
* وأما ورود «الى» جارة- و «الا» الاستثنائية في أسلوب واحد فانه يتحقق في قراءات الكلمة الآتية فقط:
«الا ان» من قوله تعالى: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ (2).
قرأ «يعقوب» «الى» بتخفيف اللام، على انها حرف جر.
وقرأ الباقون «الا» بتشديد اللام، على أنها حرف استثناء، والمستثنى منه محذوف، أي: لا يزال بنيانهم ريبة في كل وقت من الأوقات الا وقت تقطيع قلوبهم بحيث لا يبقى لها قابلية الادراك (3).
(1) قال ابن الجزري: من تحتها أكسر جر صحب شد مدا.
النشر في القراءات العشر ح 3 ص 175. والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 86. والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 6.
(2)
سورة التوبة آية 110.
(3)
قال ابن الجزري: الا الى ان ظفر.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 101. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 285. وشرح طيبة النشر ص 309