الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول من الباب الثامن «الالتفات»
سأتحدث في هذا الفصل عن قضيتين:
الأولى: الالتفات من الغيبة الى الخطاب.
والثانية: الالتفات من الخطاب الى الغيبة.
[القضية الأولى]
أما عن القضية الأولى، فقد تتبعت القراءات واقتبست منها الأساليب البلاغية التي ترجع الى الالتفات من الغيبة الى الخطاب، وهي فيما يلي:
«يعملون» من قوله تعالى: وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (1) قرأ «يعقوب» «تعملون» بتاء الخطاب (2).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، لأن سياق الآية وهو قوله تعالى: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ يقتضي
(1) سورة البقرة آية 96.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 412.
الغيبة، فيقال:
«يعلمون» ولكن التفت الى الخطاب ليكون أعم، وأشمل ولولا الالتفات لفات قوله المعنى.
«يعملون» من قوله تعالى: وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (1).
قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وروح» «يعملون» بالخطاب (2) على الالتفات من الغيبة الى الخطاب لأن سياق الآية وهو قوله تعالى: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ يقتضي الغيبة فيقال: «يعملون» ولكن التفت الى الخطاب ليكون الكلام أوقع في النفس ولو ظل السياق على الغيبة لما تحقق هذا المعنى النبيل.
«يبغون» من قوله تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ (3).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تبغون» بتاء الخطاب (4) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية المتقدمة على هذه الآية وهو قوله تعالى: فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (5) يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية ومعنى لطيف وهو الاهتمام بشأن المخالفين فوجه الاستفهام الانكاري اليهم كي لا يفكر أحد منهم في شرك الدين الاسلامي الذي هو دين الهداية، ودين الفطرة، الى غيره من سائر الأديان التي لا سند لها ولا دليل عليها فهي كلها أديان باطلة حيث لم يشرعها الله تعالى.
«يفعلوا، يكفروه» من قوله تعالى: وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ (6).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو بخلف عن الدوري، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «تفعلوا، تكفروه» بتاء الخطاب فيهما (7) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآيات المتقدمة على هذه الآية وهو قوله تعالى: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ (8) يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي
(1) سورة البقرة آية 144.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 420.
(3)
سورة آل عمران آية 83.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 10.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1 ص 109. وحجة القراءات لابن زنجلة ص 170.
(5)
سورة آل عمران آية 82.
(6)
سورة آل عمران آية 115.
(7)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 11.
(8)
سورة آل عمران آية 113 - 114.
الاهتمام بشأن المخاطبين حيث أخبرهم الله تعالى بأن ما يفعلونه من خير فلن يحرموا ثوابه.
«تعملون» من قوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (1).
قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تعملون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية وهو قوله تعالى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي الاهتمام بشأن المخاطبين أكثر من الغائبين.
«ولا تظلمون» من قوله تعالى: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ (3).
قرأ «نافع، وأبو عمر، وابن عامر، ويعقوب بخلف» عن «روح» «ولا تظلمون» بتاء الخطاب (4).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية، وهو قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي الاهتمام بشأن المخاطبين أكثر من الغائبين.
«أنجانا» من قوله تعالى: لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ
(1) سورة آل عمران آية 180.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 19.
والمستنير في تخريج القراءات ح 1 ص 128.
(3)
سورة النساء آية 77.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 32.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 393.
الشَّاكِرِينَ (1).
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمر، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «أنجيتنا» بياء تحتية ساكنة بعد الجيم، وبعدها تاء فوقية مفتوحة، على الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن صدر الآية وهو قوله تعالى: تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب حكاية لدعائهم.
وفي قوله تعالى: تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً (3).
قرأ «القراء العشرة» عدا «ابن كثير، وأبا عمرو» بتاء الخطاب في الأفعال الثلاثة: «تجعلونه، تبدونها، وتخفون» (4).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن صدر الآية وهو قوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الخ.
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، اهتماما بشأن المخاطبين.
«أن تقولوا» من قوله تعالى: أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ (5).
«أو تقولوا» من قوله تعالى: أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ (6).
قرأ «القراء العشرة» عدا «أبا عمرو» «أن تقولوا أو تقولوا» بتاء الخطاب فيهما (7).
(1) سورة الانعام آية 63.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 54.
والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 211.
(3)
سورة الانعام آية 91.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 56.
والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 440.
(5)
سورة الاعراف آية 172.
(6)
سورة الاعراف آية 173.
(7)
انظر: النشر في القراءات العشر ص 84.
والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 258.
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية الأولى وهو قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي تقريع المخاطبين، وتوبيخهم على كفرهم.
«ما تمكرون» من قوله تعالى: إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (1).
قرأ القراء العشرة عدا «روح» «ما تمكرون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية وهو قوله تعالى: وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي تقريع المخاطبين وتوبيخهم على مكرهم.
«ألا تتخذوا» من قوله تعالى: أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (3).
قرأ القراء العشرة عدا «أبا عمر» «ألا تتخذوا» بتاء الخطاب. (4)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية وهو قوله تعالى: وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي نهي المخاطبين عن اتخاذ وكيل، أو معين، من دون الله تعالى و «أن» مفسرة بمعنى «أي» و «لا» ناهية.
والمعنى: وقلنا لهم: لا تتخذوا وكيلا من دوني.
«فلا يسرف» من قوله تعالى: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (5).
قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فلا تسرف» بتاء الخطاب (6).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية،
(1) سورة يونس آية 21.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 104.
(3)
سورة الاسراء آية 2.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 148.
(5)
سورة الاسراء آية 33.
(6)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 152.
وهو قوله تعالى: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية والمخاطب هو «الولي» على معنى:
لا تقتل آيها الولي غير قاتل وليك.
«تخفون، تعلنون» من قوله تعالى: وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (1) قرأ «حفص، والكسائي» «تخفون» بتاء الخطاب فيهما (2) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (3) تقتضي الغيبة ليصير آخر الكلام كأوله ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي اعلام المخاطبين بأن الله تعالى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وبناء عليه يجب على كل انسان أن يخشى الله ويتقيه.
«يدعون» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ (4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تدعون» بتاء الخطاب (5).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن سياق الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ (6).
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، لأن المخاطبين المشركون وحسن ذلك: لأن في الكلام معنى التهديد، والوعيد، والتوبيخ لهم، وذلك أبلغ في الوعظ، والزجر.
(1) سورة النمل آية 25.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 227.
والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 100.
(3)
سورة النمل آية 24.
(4)
سورة العنكبوت آية 42.
(5)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 239.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 179.
(6)
سورة العنكبوت آية 41.
«ترجعون» من قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (1).
قرأ القراء العشرة عدا «شعبة» «ترجعون» بتاء الخطاب (2). وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية:
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية وهي اشعار المخاطبين بأن مردهم الى الله تعالى وهذا يقتضي الايمان بالله رب العالمين، والاستعداد لليوم الآخر.
«ترجعون» من قوله تعالى: اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (3).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو، وشعبة وروح» «ترجعون» بتاء الخطاب. (4)
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية:
اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لاعلام المخاطبين بأن مصيرهم الى الله تعالى.
«تعملون» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (5).
ومن قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (6).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو» «تعملون» بتاء الخطاب فيهما (7).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية المتقدمة، وهي قوله تعالى: وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ (8).
(1) سورة العنكبوت آية 57.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 239.
(3)
سورة الروم آية 11.
(4)
انظر النشر في القراءات العشر ح 3 ص 241.
(5)
سورة الأحزاب آية 2.
(6)
سورة الأحزاب آية 9.
(7)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 248.
(8)
سورة الأحزاب آية 1.
يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب كي يدخل الجميع في المخاطبة.
«توعدون» من قوله تعالى: هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (1).
قرأ القراء العشرة عدا «ابن كثير، وأبي عمرو» «توعدون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث أن السياق المتقدم في قوله تعالى: وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (3). يقتضي الغيبة، ولكنه
التفت الى الخطاب، لأن المقصود بالخطاب المتقون، والخطاب فيه بشارة عظيمة لهم، وادخال السرور عليهم.
«يدعون» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ (4).
قرأ «نافع، وهشام، وابن ذكوان» بخلف عنه «تدعون» بتاء الخطاب (5).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآية المتقدم من قوله تعالى: يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ (6). يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لتوبيخ الذين اتخذوا آلهة من دون الله، والخطاب أبلغ في توبيخهم، وزجرهم.
«منهم» من قوله تعالى: كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً (7).
قرأ «ابن عامر» «منكم» بكاف الخطاب موضع الهاء (8).
موافقة لرسم مصحف أهل الشام، وذلك على الالتفات من الغيبة الى
(1) سورة ص آية 53.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 277.
(3)
سورة ص آية 49.
(4)
سورة غافر آية 20.
(5)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 283.
(6)
سورة غافر آية 6.
(7)
سورة غافر آية 21.
(8)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 284.
الخطاب، حيث ان سياق الآية: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا الخ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب، لتقرير المخاطبين، وتخويفهم من غضب الله تعالى ومقته، لأن بطش الله شديد.
«تفعلون» من قوله تعالى: وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (1).
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، ورويس» بخلف عنه «تفعلون» بتاء الخطاب (2).
وذلك الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ يقتضي الغيبة ولكنه التفت الى الخطاب ليشعر المخاطبين بأنه عالم بكل ما يفعلونه وهذا يقتضي طاعة الله تعالى، والتزام أوامره واجتناب نواهيه والاخلاص في العمل «ترجعون» من قوله تعالى: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (3) قرأ «نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم وأبو جعفر، وروح» «ترجعون» بتاء الخطاب (4) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية من قبل في قوله تعالى: فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا (5) يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب ليعلم المخاطبين بأن مردهم الى الله تعالى والخطاب أبلغ في الردع والزجر.
(1) سورة الشورى آية 25.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 290.
(3)
سورة الزخرف آية 85.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 197.
(5)
سورة الزخرف آية 83.
«يعلمون» من قوله تعالى: وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (1) قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «تعلمون» بتاء الخطاب (2) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان صدر الآية:
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب تهديدا للمخاطبين والخطاب ألزم للزجر من الغيبة.
«ما توعدون» من قوله تعالى: هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (3) قرأ القراء العشرة عدا «ابن كثير» «ما توعدون» بتاء الخطاب (4) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان سياق الآية التي قبل وهي قوله تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (5) يقتضي الغيبة، فيقال: ما يوعدون، ولكن التفت الى الخطاب على معنى: قل يا «محمد» للمتقين: هذا ما توعدون.
«يؤمنون» من قوله تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، ورويس، وخلف العاشر» «تؤمنون» بتاء الخطاب (7) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن السياق من قبل وهو قوله تعالى: لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (8) لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (9) يقتضي الغيبة، ولكن التفت الى الخطاب لأنه ألزم في الانكار من الغيبة.
(1) سورة الزخرف آية 89.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 297.
(3)
سورة ق آية 32.
(4)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 312.
(5)
سورة ق آية 31.
(6)
سورة الجاثية آية 6.
(7)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 300.
(8)
سورة الجاثية آية 4.
(9)
سورة الجاثية آية 5.
«سيعلمون» من قوله تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (1).
قرأ «ابن عامر، وحمزة» «ستعلمون» بتاء الخطاب (2).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث أن سياق الآية التي قبل وهي قوله تعالى: فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ الخ (3) على معنى: «قل لهم يا محمد» ستعلمون غدا من الكذاب الأشر.
«ولا يكونوا» من قوله تعالى: وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ (4).
قرأ «رويس» «ولا تكونوا» بتاء الخطاب (5).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان صدر الآية:
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ يقتضي الغيبة، فيقال:«ولا يكونوا» ولكن التفت الى الخطاب لأنه أبلغ في النهي من الغيبة، والمخاطب المؤمنون وهم حضور.
«وما يذكرون» من قوله تعالى: وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (6).
قرأ «نافع» «وما تذكرون» بتاء الخطاب (7).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن سياق الآية من قبل وهي قوله تعالى: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (8).
يقتضي الغيبة فيقال: «وما يذكرون» ولكن التفت الى الخطاب لارادة الحاضرين.
(1) سورة القمر آية 26.
(2)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 319.
والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 265.
(3)
سورة القمر آية 24.
(4)
سورة الحديد آية 16.
(5)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 327.
والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 275.
(6)
سورة المدثر آية 56.
(7)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 348.
(8)
سورة المدثر آية 56.
«تحبون» من قوله تعالى: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (1).
«وتذرون» من قوله تعالى: وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (2).
قرأ «نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تحبون، وتذرون» بتاء الخطاب فيهما (3).
على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان سياق الآيات من قبل في قوله تعالى: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (4) والانسان وان كان لفظه مفردا الا أن المراد به الجمع لأنه اسم جنس هذا السياق يقتضي الغيبة فيقال: «يحبون، ويذرون» ولكن التفت الى الخطاب على معنى: قل لهم «يا محمد» : بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة.
«وما تشاءون» من قوله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (5).
قرأ «نافع، وابن عامر بخلف عنه، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف العاشر» «وما تشاءون» بتاء الخطاب (6).
(1) سورة القيامة آية 20.
(2)
سورة القيامة آية 21.
(3)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 349.
(4)
سورة القيامة آية 23.
(5)
سورة الانسان آية 30.
(6)
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 353.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 356.