المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كل ما في الأمر أن الإسلام يحرص على النشئ فيفرَّغ - المال في القرآن الكريم

[محمود محمد غريب]

الفصل: كل ما في الأمر أن الإسلام يحرص على النشئ فيفرَّغ

كل ما في الأمر أن الإسلام يحرص على النشئ فيفرَّغ له أمَّه لترعاه. ويكفل لها كل ما تحتاج إليه.

* * *

‌عمل الأمة

عمل الأمة دليل على رغبتها في المجد واستحقاقها للحياة. وقد عرض علينا القرآن نموذجاً حياً لدور العمل في الشعوب.

إنه مشهد من قصة "ذو القرنين" القائد العادل عندما مرَّ على أمَّة كانت لضعفها وهوانها {لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا} ، وهم لا يحسنون مع ذلك العمل والبناء ولا يجيدون الدفاع عن أنفسهم.

لذلك فهم يبحثون عن قائد ماهر "من غيرهم" يدفعون له مالاً ليحصنهم من عدوهم "يأجوج ومأجوج" يريدون شراء الأمن بالمال * والأمن لا يشترى

ويطلبون النصر وهم نيام * والسماء لا تحابي

ص: 64

المستضعفين. مثل هذا العرض المغري كان يمكن أن يستغله القائد ليسلبهم خيرات بلادهم.

ولكنه قائد عظيم. قائد عادل. قائد أمين.

طلب منهم أن يعملوا بأيديهم وأن يستفيدوا من خيرات بلادهم في الحصول على الأمن والنصر والآن مع القرآن الكريم يروي لنا الحوار.

{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}

(سورة الكهف)

ص: 65

تدبر معي قول ذي القرنين:

{أَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} : كأنه هو المحتاج للعون ليبعث فيهم الأمل.

{قَالَ انْفُخُوا} : طلب مساهمة إيجابية منهم فهم ينفخون في النار لِيَحْمَرَّ الحديدُ.

{آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} : أي نحاساً مذاباً لأن النحاس المذاب إذا أسيل على الحديد المحمر تماسك المعدنان.

هكذا

شارك القوم في صنع السدِّ بجهودهم وخيرات بلادهم وقيادة "ذي القرنين" العظيم بعد أن كانوا لا يفقهون قولاً.

وقد صوّر القرآن المشهد الأخير.

إن القوم يحتفلون بيوم الأمان والنصر. ويختبرون السد فيجرون التجارب عليه في فَرَحٍ وبهجة.

ص: 66