المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: مم يتوب المذنب: - المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا

[سعود بن عبد العزيز الخلف]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌سادسا: مم يتوب المذنب:

وقال الطحاوي عمن تاب عن ذنب ثم عاد فيه: فإذا قالوا ذلك ـ يقصد التوبة ـ بقلوبهم كانوا في ذلك مأجورين مثابين، فمن عاد منهم بعد ذلك في شيء من تلك الذنوب كان ذلك ذنباً أصابه لم يحبط ذلك أجره المكتوب له بقوله الذي تقدم منه واعتقاده ما اعتقد1.

وعزا ابن القيم هذا القول إلى الأكثرين من أهل العلم، وذكر قولاً آخر وهو أن بعض العلماء اشترط لصحة التوبة من الذنب عدم معاودة الذنب وقال: متى عاد إليه تيقنا أن التوبة كانت باطلة غير صحيحة.

ورجح ابن القيم رحمه الله القول الأول لدلالة الأدلة عليه 2.

ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: “أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباًّ يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك” 3.

1 شرح معاني الآثار (4/290) .

2 مدارج السالكين (1/301)، وانظر مختصر المعتمد في أصول الدين (ص: 203) .

3 أخرجه. م. كتاب التوبة، انظره بشرح النووي (17/78) .

ص: 125

‌سادساً: مم يتوب المذنب:

اتفق العلماء على أن التوبة واجبة من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها قال تعالى {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} الحجرات49.وقال تعالى {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ

ص: 125

جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ..} النور 24. 1

وكما تكون التوبة من الذنوب كذلك تجب التوبة من ترك المأمور أو التقصير فيه قال شيخ الإسلام: “وليست التوبة من فعل السيآت فقط كما يظن كثير من الجهال، لا يتصورون التوبة إلا عما يفعله العبد من القبائح كالفواحش والمظالم، بل التوبة من ترك الحسنات المأمور بها أهم من التوبة من فعل السيآت المنهى عنها، فأكثر الخلق يتركون كثيراً مما أمرهم الله به من أقوال القلوب وأعمالها وأقوال البدن وأعماله” 2.

وكلام شيخ الإسلام ظاهر في أن تقصير العباد في جناب الله وحقه ودينه، كترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والدعوة إلى الحق ونصر المظلوم ونحوها، فكثير من هذه الأعمال الواجبة على من كان مقتدراً عليها يغفل كثير من المسلمين عن أنها ترك لواجب يكون المسلم بذلك مقصراً تقصيراً يذم عليه فيجب عليه التوبة منه، نسأل الله أن يتجاوز عن سيآتنا وتقصيرنا ويغفر لنا جميع ذنوبنا.

1 انظر مختصر المعتمد في أصول الدين للقاضي أبي يعلى (ص: 198) ، لوامع الأنوار البهية (1/380) .

2 جامع الرسائل (1/228) .

ص: 126