المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: نقص إيمانه وضعفه - المباحث العقدية المتعلقة بالكبائر ومرتكبها في الدنيا

[سعود بن عبد العزيز الخلف]

فهرس الكتاب

الفصل: ‌المبحث الأول: نقص إيمانه وضعفه

‌باب: الفصل الأول: في الكبيرة

‌باب الفصل الثاني: المباحث العقدية المتعلقة بمرتكب الكبيرة في الدنيا

‌المبحث الأول: نقص إيمانه وضعفه

الفصل الثاني: المباحث العقدية المتعلقة بمرتكب الكبيرة في الدنيا

لمرتكب الكبيرة مسائل وأحكام تتعلق به، منها ما يكون في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة.

وسنذكر في هذا الفصل ما يتعلق به من الأحكام العقدية الدنيوية عند أهل السنة دون غيرهم من أهل البدع والضلالة وهي:

المبحث الأول: نقص إيمانه وضعفه

مما أجمع عليه السلف أن الإيمان قول واعتقاد وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

قال ابن عبد البر رحمه الله:“أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية،

والطاعات كلها إيمان إلا ما ذكر عن أبي حنيفة وأصحابه، فأنهم ذهبوا إلى أن الطاعات لا تسمى إيماناً”1

ويستدل السلف لقولهم هذا بأدلة عديدة من القرآن والسنة منها قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} الأنفال 2.

3وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} الفتح 4.

ومن السنة حديث معاذ بن أنس الجهنى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”من

1 التمهيد لابن عبد البر (9/238) وانظر في دخول العمل في الأيمان وأدلته مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص 125 شرح الطحاوية ص 372، الانتصار في الرد على القدرية (3/737) .

ص: 73

أعطى لله ومنع لله وأبغض لله فقد استكمل إيمانه” 1

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” 2

وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن النساء: ”ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قالت امرأة: يا رسول الله: وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالى ما تصلى وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين” 3

فتدل هذه النصوص على أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وعلى هذا وردت النصوص عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من السلف.

فعن عمير بن حبيب الخطمي رضي الله عنه قال: “الإيمان يزيد وينقص قيل له: وما زيادته، وما نقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله وحمدناه وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا وضيعنا ونسينا فذلك نقصانه” 4

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأخذ بيد الرجل والرجلين من أصحابه فيقول: “قم بنا نزداد إيماناً”.

وروى نحوه عن معاذ بن جبل، وعبد الله بن رواحه رضي الله عنه5

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: “إن من فقه العبد أن يعلم أيزداد هو أم منتقص، وإن من فقه الرجل أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه” 6

1 أخرجه. حم. (3/438)، ت. صفة القيامة (4/670) وقال: حديث حسن 2 أخرجه م. (2/212) .

3 أخرجه. م، الإيمان (1/86) .

4 أخرجه الآجري في الشريعة (1/261) الإيمان لابن أبي شيبة ص7.

5 أخرجه عنهم ابن أبي شيبة في الأيمان ص35.

6 أخرجه ابن بطة في الإبانة (2/849)

ص: 74

قال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان رحمهما الله تعالى: ”أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص”. 1

هذه النصوص تدل على اجماع السلف2أن الإيمان يزيد وينقص، وزيادته تكون بعمل الصالحات والتقرب بالطاعات، أما نقصانه فيكون بالإخلال بالواجبات أو الوقوع في السيئات والمنكرات.

وقد وردت نصوص في الشرع تبين تأثير الذنوب في إيمان العبد بالإنقاص والأضعاف مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ”لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن

“.

وقوله عليه الصلاة والسلام: ”والله لا يؤمن قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه” 3

وهي أدلة صريحة في أن إيمان مرتكب الذنوب لا يتساوى مع إيمان من يتقي الله ويجتنب معاصيه.

1 أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/176) .

2 يخالف في هذا الخوارج والمعتزلة وكذلك المرجئة من الجهمية والأشعرية والأحناف الذين يزعمون: أن الإيمان شئ واحد لا يزيد ولا ينقص وهو كل لا يتجزأ فإذا ذهب بعضه ذهب كله. فالخوارج والمعتزلة يقولون: الإيمان قول واعتقاد وعمل، ومن أخل بشيء من ذلك زال عنه اسم الإيمان، وهو عند الخوارج كافر، وعند المعتزلة: في منزلة بين المنْزلتين، وعند المرجئة: أن الإيمان هو التصديق أو المعرفة أو القول والتصديق أو القول فقط، وهو شيء واحد، فلو نقص لصار شكاً. والعاصي عندهم مؤمن كامل الإيمان، وهذا كله باطل وخلاف ما دل عليه الكتاب والسنة. انظر مجموع الفتاوى (7/510- 523) . مسائل الإيمان للقاضي أبي يعلى ص382- 384. العقيدة النظامية للجويني ص90 تحفة المريد شرح جوهرة التوحيد ص51.

3 سيأتي تخريج هذه الروايات في المبحث الآتي.

ص: 75