الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعده ولده الملك المنصور إبراهيم بن شيركوه.
وفي هذه السنة استولى بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل على سنجار، وأخذها من الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك العادل.
ذكر خروج الملك الصالح أيوب من الاعتقال
والقبض على أخيه الملك العادل صاحب مصر، وملك الملك الصالح أيوب ديار
مصر:
وفي هذه السنة في أواخر رمضان، أفرج الملك الناصر داود صاحب الكرك عن ابن عمه الملك الصالح أيوب، واجتمعت عليه مماليكه، وكاتبه إليها زهير، وسار الناصر داود وصحبته الصالح أيوب إلى قبة الصخرة، وتحالفا بها، على أن تكون ديار مصر للصالح، ودمشق والبلاد الشرقية للناصر داود، ولما تملك الصالح أيوب، لم يف للناصر بذلك، وكان يتأول في يمينه أنه كان مكرهاً، ثم سار إلى غزة، فلما بلغ العادل صاحب مصر ظهور أمر أخيه الصالح، عظم عليه. وعلى والدته ذلك، وبرز بعسكر مصر ونزل على بلبيس لقصد الناصر داود، والصالح أخيه، وأرسل إلى عمه الصالح إسماعيل المستولي على دمشق أن يبرز ويقصدهما من جهة الشام، وأن يستأصلهما. فسار الصالح إسماعيل بعساكر دمشق ونزل الفوار، فبينما الناصر داود والصالح أيوب في هذه الشدة، وهما بين عسكرين، قد أحاط بهما، إذ ركبت جماعة من المماليك الأشرفية ومقدمهم أيبك الأسمر، وأحاطوا بدهليز الملك العادل أبي بكر ابن الملك الكامل، وقبضوا عليه، وجعلوه في خيمة صغيرة، وعليه من يحفظه، وأرسلوا إلى الملك الصالح أيوب يستدعونه، فأتاه فرج لم يسمع بمثله.
وسار الملك الصالح أيوب، والملك الناصر داود إلى مصر، وبقي في كل يوم يلتقي الملك الصالح فوج بعد فوج من الأمراء والعسكر، وكان القبض على الملك العادل ليلة الجمعة، ثامن ذي القعدة من هذه السنة، فكانت مدة ملكه نحو سنتين، ودخل الملك الصالح أيوب إلى قلعة الجبل بكرة الأحد، لست بقين من الشهر المذكور، وزينت له البلاد، وفرح الناس بمقدمه، وحصل للملك المظفر صاحب حماة من السرور والفرح بملك الملك الصالح بمصر، ما لا يمكن شرحه، فإنه مازال على ولائه، حتى أنه لما أمسك بالكرك، كان يخطب له بحماة وبلادها، ولما استقر الملك الصالح أيوب في ملك مصر، وصحبته الناصر داود، حصل عند كل واحد منهما إشعار من صاحبه، وخاف الناصر داود أن يقبض عليه، فطلب دستوراً وتوجه إلى بلاده، الكرك وغيرها.
ذكر وفاة صاحب ماردين في هذه السنة وقيل في سنة ست وثلاثين، توفي ناصر الدين أرتق أرسلان بن أيلغازي
بن إلبي بن تمرتاش بن أيلغازي بن أرتق صاحب ماردين، وكان يلقب الملك المنصور، وملك المذكور ماردين بعد أخيه حسام الدين بولق رسلان، حسبما تقدم ذكره في سنة ثمانين وخمسمائة وبقي أرتق أرسلان متغلباً عليه مملوك والده البقش، حتى قتله أرتق أرسلان في سنة إحدى وستمائة، واستقل أرتق أرسلان بملك ماردين حتى توفي في هذه السنة.
ولما مات الملك المنصور أرتق أرسلان، ملك بعده ابنه الملك السعيد نجم الدين غازي بن أرتق أرسلان المذكور حتى توفي في سنة ثلاث وخمسين وستمائة ظناً، ثم ملك بعده في السنة المذكورة ابنه الملك المظفر قرا أرسلان بن غازي بن أرتق أرسلان، وكانت وفاة المظفر قرا أرسلان المذكور، سنة إحدى وتسعين وستمائة ظناً، ثم ملك بعده ولده الأكبر شمس الدين داود ابن قرا أرسلان، سنة وتسعة أشهر. ثم توفي وملك بعده أخوه الملك المنصور نجم الدين غازي بن قرا أرسلان في سنة ثلاث وتسعين وستمائة ظناً، ونقلت وفيات المذكورين حسبما هو مشروح، من تقويم حل ماردين، ذكر فيه تواريخ بني أرتق، ولم أتحقق صحة ذلك، وسنذكر في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وفاة الملك المنصور غازي المذكور في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين وستمائة في هذه السنة قبض الملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل بعد استقراره في ملك مصر، على أيبك الأسمر مقدم المماليك الأشرفية، وعلى غيره من الأمراء والمماليك الذين قبضوا على أخيه، وأودعهم الحبوس، وأخذ في إنشاء مماليكه، وشرع الملك الصالح أيوب المذكور من هذه السنة في بناء قلعة الجزيرة، واتخذها مسكناً لنفسه.
وفيها نزل الملك الحافظ أرسلان شاه ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب عن قلعة جعبر، وبالس، وسلمهما إلى أخته ضيفة خاتون صاحبة حلب، وتسلم عوض ذلك إعزاز وبلاداً معها تساوي ما نزل عنه، وكان سبب ذلك أن الملك الحافظ المذكور، أصابه فالج، وخشي من أولاده، وتغلبهم عليه ففعل ذلك لأنه كان ببلاد قريبة إلى حلب لا يمكنهم التعرض إليه.
وفي هذه السنة كثر عبث الخوارزمية وفسادهم، بعد مفارقة الملك الصالح أيوب البلاد الشرقية، وساروا إلى قرب حلب، فخرج إليهم عسكر حلب مع الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين، ووقع بينهم القتال، فانهزم الحلبيون هزيمة قبيحة، وقتل منهم خلق كثير، منهم الملك الصالح ابن الملك الأفضل ابن السلطان صلاح الدين، وأسر مقدم الجيش الملك المعظم المذكور، واستولى الخوارزميون على ثقال الحلبيين، وأسروا منهم عدة كثيرة، ثم كانوا يقتلون بعضهم ليشتري غيره نفسه منهم بماله، فأخذوا بذلك شيئاً كثيراً، ثم نزل الخوارزمية بعد ذلك على جبلان، وكثر عبثهم وفسادهم ونهبهم في بلاد حلب، وجفل أهل الحواضر والبلاد، ودخلوا مدينة حلب، واستعد أهلها للحصار، وارتكب الخوارزمية من الزنا والفواحش والقتل ما ارتكبه التتر، ثم سارت الخوارزمية إلى منبج،