الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأغار ثانياً على عكا وبلادها وهدم برجاً كان خارج البلد، وذلك عقيب إغارة عسكره وهدم الكنيسة الناصرة.
ذكر القبض على من يذكر
وفيها بعد وصول الملك الظاهر بيبرس إلى مصر واستقراره في ملكه، في رجب، قبض على الرشيدي، ثم قبض في ثاني يوم على الدمياطي والبرلي، وقد تقدمت أخبار البرلي المذكور.
ذكر وفاة الأشرف صاحب حمص
وفي هذه السنة بعد عود الملك الأشرف صاحب حمص موسى ابن الملك المنصور إبراهيم ابن الملك المجاهد شيركوه بن ناصر الدين محمد بن شيركوه بن شاذي، من خدمة الملك الظاهر بيبرس إلى حمص، مرض واشتد به المرض، وتوفي إلى رحمة الله تعالى، وأرسل الملك الظاهر وتسلم حمص في ذي القعدة من هذه السنة، أعني سنة إحدى وستين وستمائة، وهذا الملك الأشرف موسى هو آخر من ملك حمص من بيت شيركوه، وقد تقدمت أخبار الأشرف موسى المذكور، وأخذ الملك الناصر يوسف صاحب حلب منه حمص، بسبب تسليمه شميميس للملك الصالح أيوب، صاحب مصر وأنه يعوض عن حمص تل باشر، ثم أعاد هولاكو عليه حمص، فبقيت في يده حتى توفي في أواخر هذه السنة، وانتقلت حمص إلى مملكة الملك الظاهر بيبرس في ذي القعدة حسبما ذكره، وكان جملة من ملك حمص منهم خمسة ملوك، أولهم شيركوه بن شاذي، ملكه إياها نور الدين الشهيد، ثم ملكها من بعده ابنه ناصر الدين محمد بن شيركوه، ثم ملكها بعده ابنه شيركوه بن محمد، وتلقب بالملك المجاهد، ثم ملكها بعده ابنه إبراهيم بن شيركوه، وتلقب بالملك المنصور، ثم ملكها بعده ابنه موسى بن إبراهيم، وتلقب بالملك الأشرف حتى توفي هذه السنة، وانقرض بموته ملك المذكورين.
ثم دخلت سنة اثنتين وستمائة في هذه السنة قبض الأشكري صاحب قسطنطينية على عز الدين كيكاؤوس بن كيخسرو بن كيقباذ صاحب بلد الروم، وسببه أن عز الدين كيكاؤوس المذكور، كان قد وقع بينه وبين أخيه، فاستظهر أخوه علية، فهرب كيكاؤوس وبقي أخوه ركن الدين قليج أرسلان في سلطنة بلاد الروم، ثم سار كيكاؤوس المذكور إلى قسطنطينية، فأحسن إليه الأشكري صاحب قسطنطينية. وإلى من معه من الأمراء، واستمروا كذلك مدة، فعزمت الأمراء والجماعة الذين كانوا مع عز الدين المذكور على اغتيال الأشكري وقتله، والتغلب على قسطنطينية، وبلغ ذلك الأشكري، فقبض عليهم، واعتقل عز الدين كيكاؤوس ابن كيخسرو في بعض القلاع، وكحل الأمراء والجماعة الذين كانوا عزموا على ذلك، فأعمى عيونهم،
وقد تقدم ذكر كيكاؤوس المذكور وأخيه قليج أرسلان في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة.
وفيها في ثامن رمضان توفي الشيخ شرف الدين عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري، المعروف بشيخ الشيوخ بحماة، وكان مولده في جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمسمائة، رحمه الله تعالى. وكان ديناً فاضلاً متقدماً عند الملوك، وله النثر البديع والنظم الفائق، وكان غزير العقل، عارفاً بتدبير المملكة، فمن حسن تدبيره. أن الملك الأفضل علي ابن الملك المظفر محمود، لما ماتت والدته غازية خاتون بنت الملك الكامل رحمهما الله تعالى، حصل عند الملك الأفضل المذكور استشعار من أخيه الملك المنصور محمد صاحب حماة، فعزم على أن ينتزح من حماة ويفارق أخاه الملك المنصور، وأذن له أخوه الملك المنصور في ذلك، فاجتمع الشيخ شرف الدين المذكور بالملك الأفضل، وعرفه ما تعمده من السلوك مع أخيه الملك المنصور، ثم اجتمع بالملك المنصور وقبح عنده مفارقة أخيه، وما برح بينهما حتى أزال ما كان في خواطرهما، وصار للملك الأفضل في خاطر أخيه الملك المنصور من المحبة والمكانة ما يفوق الوصف، وكان ذلك من بركة شرف الدين المذكور، وللشيخ شرف الدين المذكور أشعار فائقة، قد تقدم ذكر بعضها، وكان مرة مع الملك الناصر يوسف صاحب الشام بعمان، فعمل الشيخ شرف الدين.
أفدي حبيباً منذ واجهته
…
عن وجه بدر التم أغناني
في وجهه خالان لولاهما
…
ما بت مفتوناً بعمان
وأنشدهما للملك الناصر، فأعجبته إلى الغاية، وجعل يردد إنشادهما، وقال لكاتبه كمال الدين بن العجمي، هكذا تكون الفضيلة، فقال ابن العجمي أن التورية لا تخدم هنا، لأن عمان مجرورة في النظم، فلا تخدمه في التورية، فقال الملك الناصر للشيخ شرف الدين ما قاله، فقال شرف الدين إن هذا جائز وهو أن يكون المثنى في حالة الجر على صورة الرفع، واستشهد شرف الدين بقول الشاعر:
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى
…
مساغاً لناباه الشجاع لصمما
واستشهد بغير ذلك فتحقق الملك الناصر فضيلته.
ثم دخلت سنة ثلاث وستين وستمائة.