الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإيمان
فصل
[عقيدة أهل السنة في أهل الكبائر. مخالفة أهل البدع. الجمع بين نصوص الوعد والوعيد. أمثلة وتعاريف]
الذي عليه أهل السنة: أن الله لا يخلد في النار أحدا من أهل الإيمان.
وخالف في ذلك قوم من أهل البدع: الخوارج والحرورية والمعتزلة، فقالوا: إن أهل الكبائر يخلدون فيها، ومن دخلها لم يخرج منها بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وكذبوا.
وعارض هؤلاء قوم من المرجئة: زعموا أن الإيمان حاصل من الخلق جميعهم وأن إيمان الملائكة والأنبياء والصديقين كإيمان أهل الكبائر وكذبوا.
وغلاتهم تزعم أنه لا يدخل في النار أحد، ويحرفون الكلم عن مواضعه، وكل هؤلاء ضالون.
فالطائفة الأولى: نظروا إلى نصوص الوعيد.
والثانية: نظروا إلى نصوص الوعد.
وأما أهل السنة: فآمنوا بكل ما جاء من عند الله ولم يضربوا بعض ذلك ببعض ونظروا في الكتاب والسنة فوجدوا أن أهل الكبائر
من الموحدين الذين توعدهم الله بالعقاب بين أن عقابهم يزول عنهم بأسباب:
أحدها: التوبة، فإن الله يغفر بالتوبة النصوح الذنوب جميعا.
السبب الثاني: الحسنات الماحية، كما قال:{وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} الآية [8/7] .
السبب الثالث: مصائب الدنيا والبرزخ.
السبب الرابع: الدعاء والشفاعة، مثل الصدقة عليه بعد موته، والدعاء له، والاستغفار.
السبب الخامس: الأعمال الصالحة التي يهديها له غيره من عتاقة وصدقة.
السبب السادس: رحمة ربه.
فكل حديث فيه عن مؤمن أنه يدخل النار أو أنه لا يدخل الجنة فقد فسره الكتاب والسنة أنه عند انتفاء هذه الموانع.
وكذلك «نصوص الوعد» مشروطة بعدم الأسباب المانعة من دخول الجنة، وأعظمها أن يموت كافرا.
ومنها: أن تكثر ذنوبه وظلمه فيؤخذ من حسناته حتى تذهب، ثم توضع عليه سيئات من ظلمهم.
ومنها: أن يعقب العمل ما يبطله: كالمن، والأذى، وترك صلاة العصر قيل: تحبط عمل ذلك اليوم. وقيل: العمل كله، وكما قال
النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» .
فانتفى هذا الدخول المطلق وهو دخول الجنة بلا عذاب فمن أتى بالكبائر لم يستحق هذا الدخول المطلق الذي لا عذاب قبله.
ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «من غشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» فإن الاسم المطلق للنبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه هو الإيمان الكامل المطلق الذي يستحقون به الثواب، ويدفع الله به عنهم العقاب؛ فمن غشهم لم يكن من هؤلاء؛ بل معه أصل الإيمان الذي يفارق به الكفار، ويخرجه من النار.
وإذا جاء «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة و، إن زنا وإن شرب الخمر» ونحوه فهذا يعطي أن صاحب الإيمان مستحق للجنة وأن الذنوب لا تمنعه ذلك لكن قد يحصل له قبل الدخول نوع من العذاب؛ إما في الدنيا وإما في البرزخ وإما في العرصة وإما في النار.
وكذلك «نصوص الوعيد» كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قاطع رحم» وكقوله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم: ملك كذاب، وشيخ زاني، وعائل مستكبر» ، و «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» ، و «من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة» و «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» و «المستكبر والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب، لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» وثلاثة أخر: «رجل على فضل ماء يمنعه من ابن السبيل فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا، ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذبا لقد أعطي أكثر مما أعطي» و «لا يدخل الجنة بخيل، ولا منان، ولا سيئ الملكة» فإن البخل من الكبائر وهو منع الواجبات: من الزكاة وصلة الرحم، وقرى الضيف، وترك الإعطاء في النوائب، وترك الإنفاق في سبيل الله. وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات والتولي يوم الزحف، والسحر، وأكل الربا كل ذلك من الكبائر.