الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاملة لجميع الاعتقادات فتنور قلوب المؤمنين وأرواحهم بالمعارف الإلهية، وتظلم قلوب الكافرين بالعقائد الفاسدة، كما ضرب الله مثل المؤمن والكافر في سورة النور.
وما يحصل عند الذكر المشروع من البكاء ووجل القلب واقشعرار الجسوم فمن أفضل الأحوال التي نطق بها الكتاب.
أما الاضطراب الشديد والغشي والصيحان فإن كان صاحبه لم يعلم ما هو عليه لم يلم، وسببه قوة الوارد مع ضعف القلب، والقوة والتمكن أفضل كما هو حال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وأما السكون قسوة وجفاء فهو مذموم (1) .
سورة العنكبوت
قال شيخ الإسلام بحر العلوم مفتى الفرق أبو العباس أحمد ابن تيمية رحمه الله:
فصل
قال الله تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا
آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ * أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ
أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ
اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ
إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ
(1) مختصر الفتاوى ص 100 وللفهارس العامة جـ1/309.
بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [1-11/29] .
وقال الله تعالى لما ذكر المرتد والمكره بقوله: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ} [106/16]، قال بعد ذلك:{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [110/16] .
فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين إما أن يقول أحدهم: آمنا، وإما ألا يقول: آمنا؛ بل يستمر على عمل السيئات فمن قال (آمنا) امتحنه الرب عز وجل وابتلاه وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب.
ومن لم يقل: (آمنا) فلا يحسب أنه يسبق الرب لتجربته، فإن أحدا لن يعجز الله تعالى. هذه سنته تعالى يرسل الرسل إلى الخلق فيكذبهم
الناس ويؤذونهم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ
الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [112/6]، وقال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [52/51]، وقال تعالى:{مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [43/41] .
ومن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه فابتلي بما يؤلمه؛ وإن لم يؤمن بهم عوقب فحصل ما يؤلمه أعظم وأدوم، فلابد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أو كفرت، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء، ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، والكافر تحصيل له النعمة ابتداء، ثم يصير في الألم.
سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال الشافعي: لا يمكن حتى يبتلى؛ فإن الله ابتلى نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم. فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم ألبتة، وهذا أصل عظيم، فينبغي للعاقل أن يعرفه، وهذا يحصل لكل أحد؛ فإن الإنسان مدني بالطبع لابد له أن يعيش مع الناس، والناس لهم إرادات وتصورات يطلبون منه أن يوافقهم عليها، وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه.
وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب: تارة منهم، وتارة من غيرهم. ومن اختبر حاله وأحوال الناس وجد من هذا شيئا كثيرا، كقوم يريدون الفواحش والظلم، أو لهم أقوال باطلة في الدين أو شرك، فهم مرتكبون بعض ما ذكره الله من المحرمات في قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [33/7] ، وهم في مكان مشترك كدار جامعة أو خان أو قيسرية أو مدرسة أو رباط أو قرية أو درب أن مدينة فيها غيرهم، وهم لا يتمكنون مما يريدون إلا بموافقة أولئك أو بسكوتهم عن الإنكار عليهم، فيطلبون من أولئك الموافقة أو السكوت فإن وافقوهم أو سكتوا سلموا من شرهم في الابتلاء،
ثم قد يتسلطون هم أنفسهم على أولئك يهينونهم ويعاقبونهم أضعاف ما كان أولئك يخافونه ابتداء؛ كمن يطلب منه شهادة الزور أو الكلام في الدين بالباطل؛ إما في الخبر وإما في الأمر أو المعاونة على الفاحشة والظلم، فإن لم يجبهم آذوه وعادوه. وإن أجابهم فهم أنفسهم يتسلطون عليه فيهينونه ويؤذونه أضعاف ما كان يخافه، وإلا عذب بغيرهم.
فالواجب ما في حديث عائشة الذي بعثت به إلى معاوية ويروى موقوفا ومرفوعا: «من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس» ، وفي لفظ:«رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا» وفي لفظ: «وعاد حامده من الناس ذاما» .
وهذا يجري فيمن يعين الملوك والرؤساء على أغراضهم الفاسدة وفيمن يعين أهل البدع المنتسبين إلى العلم والدين على بدعهم. فمن هداه الله وأرشده امتنع عن فعل المحرم وصبر على أذاهم وعداوتهم ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة، كما جرى للرسل وأتباعهم مع من آذاهم وعاداهم مثل المهاجرين في هذه الأمة ومن ابتلي من علمائها وعبادها وتجارها وولاتها. وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة، كالمكره على الكفر كما هو مبسوط في غير هذا الموضع. إذ المقصود هنا أنه لابد من الابتلاء بما يؤذي الناس؛ لا خلاص لأحد مما يؤذيه ألبته؛ ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع أنه لابد أن يبتلي الناس، والابتلاء يكون بالسراء والضراء، ولا بد أن
يبتلي الإنسان بما يسره وما يسوؤه فهو محتاج إلى أن يكون صابرا شكورا، قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ
أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [7/18]، وقال تعالى:{وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [168/7]، وقال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [123، 124/20]، وقال تعالى:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [142/3] هذا في آل عمران، وقد قال قبل ذلك في البقرة؛ فإن البقرة نزل أكثرها قبل آل عمران:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [214/2] .
وذلك أن النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء، كالذهب الذي لا يخلص جيده من رديئه حتى يفتتن في كير الامتحان، إذ كانت النفس جاهلة ظالمة وهي منشأ كل شر يحصل للعبد، فلا يحصل له شر إلا منها، قال الله تعالى:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [79/4]، وقال تعالى:{أو لما أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [165/3]، وقال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [30/42]، وقال تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [53/8] ، {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [11/13] .
وقد ذكر عقوبات الأمم من آدم إلى آخر وقت. وفي كل ذلك يقول: (إنهم ظلموا أنفسهم) فهم الظالمون لا المظلومون. وأول من اعترف بذلك أبواهم: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [23/7]، وقال لإبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ
تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [85/38] ، وإبليس إنما اتبعه الغواة منهم، كما قال:
{قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [39، 40/15]، وقال تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [42/15] والغي اتباع هوى النفس.
وما زال السلف معترفين بذلك، كقول أبي بكر وعمر وابن مسعود: فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله رسوله بريئان منه.
وفي الحديث الإلهي حديث أبي ذر الذي يرويه الرسول عن ربه عز وجل: «يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» ،وفي الحديث الصحيح حديث سيد الاستغفار أن يقول العبد:«اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها إذا أصبح موقنا بها فمات من يومه دخل الجنة، ومن قالها إذا أمسى موقنا بها فمات من ليلته دخل الجنة» وفي حديث أبي بكر الصديق من طريق أبي هريرة وعبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه إذا أصبح وإذا أمسى وإذا أخذ مضجعه: «اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء وملكيه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم، قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: «الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا» وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تتهافتون تهافت الفراش» شبههم بالفراش لخفة حركته، وهي
صغيرة النفس فإنها سريعة الحركة وفي الحديث: «مثل القلب مثل ريشة ملقاة بأرض فلاة» وفي حديث آخر: «للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا» ومعلوم سرعة حركة الريشة والقدر مع الجهل؛ ولهذا يقال لمن أطاع من يغويه: إنه استخفه قال عن فرعون إنه استخف قومه فأطاعوه، وقال تعالى:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [60/30] فإن الخفيف لا يثبت بل يطيش، وصاحب اليقين ثابت. يقال: أيقن. إذا كان مستقرا واليقين: استقرار الإيمان في القلب علما وعملا فقد يكون علم العبد جيدا، لكن نفسه لا تصبر على المصائب بل تطيش. قال الحسن البصري: إذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له رأيته، وإذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته فإذا رأيت بصيرا صابرا فذاك قال تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [24/32] ؛ ولهذا تشبه النفس بالنار في سرعة حركتها وإفسادها وغضبها وشهوتها من النار، والشيطان من النار، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ» .
وفي الحديث الآخر: «الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟» ، وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام وفي الحديث المتفق على صحته: «إن الشيطان يجري
من ابن آدم مجرى الدم» ، وفي الصحيحين أن رجلين استبا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد اشتد غضب أحدهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم كلمة
لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»
وقد قال الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو