الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتفاق أخلاق وتشاكل محبات وتجانسها وشوق كل نفس إلى ما شاكلها وجانسها في الخلقة القديمة قبل إهباطها إلى الأجساد.
[حدوث النفس مع البدن لا قبله]
قلت: هذا مبني على قولهم الفاسد بتقدم النفوس على الأبدان، وعليه بنى ابن سينا قصيدته المشهورة:
هبطت إليك من المحل الأرفع
وسمعت شيخنا يحكي عن بعض فضلاء المغاربة -وهو جمال الدين بن الشريشي شارح المقامات- أنه كان ينكر أن تكون هذه له. قال: وهي مخالفة لما قرره في كتبه من أن حدوث النفس الناطقة مع البدن (1) .
فصل
[الاختلاف في مسمى الإنسان: هل هو الجسد أو الروح أو هما؟]
قد ذكرت في غير هذا الموضع أن الناس اختلفوا في مسمى الإنسان: هل هو الجسد؟ وهو الجملة المشاهدة كما يقوله أكثر أهل الكلام من أصحابنا وغيرهم، أو هو اسم لما وراء هذه الجملة وهو الروح كما قاله كثير من أهل الفلسفة وطائفة من أهل الكلام؟ أو هو اسم للمجموع؟ على ثلاثة أقوال. والثالث هو الصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة وجمهور الناس، وإن كان الاسم عند التقييد يتناول الجسد فقط، أو الروح فقط أو أحدهما بشرط الآخر فيكون الآخر شرطا تارة، كما كان شطرا في الأصل.
وكذلك اختلفوا في وصفه الظاهر وهو النطق المذكور في قوله: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [23/51] هل هو
(1) روضة المحبين ص140 وللفهارس العامة جـ1/46.
اسم للحروف والأصوات فقط، كما هو قول المعتزلة وطائفة من أهل السنة من أصحابنا وغيرهم، أو هو اسم لمعنى قائم بالنفس وراء الحروف والأصوات كما هو قول الكلابية والأشعرية وبعض أهل السنة. أو هو اسم لمجموع اللفظ والمعنى؟ على ثلاثة أقوال.
[وفي كلامه: هل هو الحروف والأصوات أو هو لمعاني والحروف أو المعاني]
والثالث هو الصواب الذي عليه الأئمة، وهو منصوص أحمد وغيره حيث نص على أن كل واحد من المعاني والحروف داخلة في مسمى الكلام، وهو قول جمهور الخلق، وهو مدلول الكتاب والسنة، وإن كان الكلام يقع تارة على المعنى
…
(1) إما مجردا وإما بشرط الآخر، وهذا في الحروف كثير فإن إضافة الكلام والنطق والقول إلى اللسان ووضع ذلك على الحروف والأصوات كثير. وأما إضافة ذلك إلى النفس والقلب ووضع ذلك على المعاني فمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به» ومثل قول أبي الدرداء: ليحذر أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، وقوله: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم. فأضاف اللعنة إلى القلوب واللعنة من الدعاء الذي هو أحد نوعي الكلام. ومثل قول الحسن البصري: ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر، ويناطقون القلوب حتى نطقت، فإذا لها أسماع وأبصار فأوريت بالعلم ونطقت بالحكمة ومثل قول الجنيد: التوحيد قول القلب، والتوكل عمل القلب (2) .
قال ابن القيم رحمه الله: وقد جاء فيما ينجي من عذاب القبر
(1) بياض بالأصل.
(2)
المجموع 69 ص148 فيه زيادات. ويفهرس تابعا لصحيفة 46 جـ 1- الفهارس العامة