المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الخلاف في لعن المعين من الكفار والفساق. أما على سبيل العموم فجائز] - المستدرك على مجموع الفتاوى - جـ ١

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية

- ‌هذا المستدرك

- ‌طريقتي

- ‌(العلم، وفضله، وأقسامه، وفضائل الأعمال

- ‌توحيد الألوهية

- ‌[الإله]

- ‌[توحيد الخليلين وكمال التوحيد]

- ‌[مما يلجئ المؤمنين إلى توحيد الله والتعلق به]

- ‌[التكبر شر من الشرك]

- ‌[التلفظ بالشهادة لا يكفي لدخول الجنة ولو حج]

- ‌[الإسلام وما يناقصه أو يقدح فيه]

- ‌[وجه الدلالة من أحاديث النهي عن اتخاذ قبره عيدا

- ‌[الأمور المبتدعة عند القبور مراتب]

- ‌فصل

- ‌[حكايات مكذوبة على أحمد]

- ‌[النذر لقبور النصارى وتعظيم كنائسهم وقسيسيهم]

- ‌[بناء المساجد والقباب على القبور]

- ‌[كسوة القبور، ونذر الزيت والحصر]

- ‌[السلام على الشيخ بعد الأذان]

- ‌[السفر للمشاهد وإذا سمي حجا، والطواف بالصخرة أو الحجرة النبوية]

- ‌[ليس هناك قدم النبي ولا يجوز تقبيله ولا التمسح به]

- ‌[أنصاب بدمشق كسرها الشيخ وحزب الله الموحدين]

- ‌[لا يرقون وهم استحباب الرقية]

- ‌[الطيرة ينهى عنها. المستحب الاستخارة]

- ‌[الحلف بغير الله، والحلف بالأمانة]

- ‌[قد يستحب الحلف]

- ‌[السؤال بغير الله شرك]

- ‌[تقبيل اليد ومدها للتقبيل والانحناء المعانقة والمصافحة]

- ‌[القيام للقادم من السفر، وللحاضر الذي طالت غيبته والذي يتكرر مجيؤه]

- ‌[متى ينزع يده إذا سلم]

- ‌توحيد الربوبية

- ‌[هو الدليل]

- ‌[التفاوت في معرفة الله]

- ‌[شرك في الربوبية]

- ‌[شرك أهل وحدة الوجود]

- ‌فصل

- ‌[من الكلام ما يكون سببا للهدى، أو الضلال، والأصوات المثيرة للوجد والطرب. أو مجمل يوجب فسادين]

- ‌[حروف القرامطة والإسماعيلية وأهل وحدة الوجود] :

- ‌[أيما هؤلاء أو فرعون أكفر وأضل وأضر على الأمة]

- ‌[أهل الاتحاد الخاص والحلول الخاص]

- ‌توحيد الأسماء والصفات

- ‌[إحصاء الأسماء الحسنى في القرآن]

- ‌[مستقر الرحمة]

- ‌[لا يؤثر المخلوق في الخالق رضا ولا غصبا]

- ‌[ما نقل عن القشيري في الاستواء باطل]

- ‌[استواؤه تعالى على العرش بحد، هل يقال لصفاته حد، وله مقدار ونهاية

- ‌[الرد على من يقول بنفي الفوقية معللا بلزوم الجهة وقدمها أو لزوم الانتقال]

- ‌[قول ابن كلاب هنا جيد]

- ‌[الساق من الصفات]

- ‌[حبهم نفى صفات الله تقليدا للفلاسفة الضالين الذين قاسوه على مخلوقاته والمتكلمون قلدوه]

- ‌[اتفاق أسماء مخلوقاته تعالى وصفاتهم مع أسمائه وصفاته في اللفظ لا في الكيفية]

- ‌[وزعموا أنها تقتضي النقص والحدوث فلا يمكن الاستدلال على حدوث العالم إلا بنفيها فنفوها]

- ‌[والتزموا القول بالتعطيل عن الخلق والتدبير في الأزل]

- ‌[والتزم جهم التعطيل عن الخلق في المستقبل ثم اعتقد بطلان الإلهية وترك الصلاة فقتل وصلب]

- ‌[وصف أهل الكلام وحيرتهم]

- ‌[حقيقة قول الجهمية]

- ‌الآيات التي فيها صفات الله سبحانه التي تأولها متأخرو الجهمية وسموها الصفات السمعية، وهي ما سوى الصفات السبعة

- ‌[الأشعري وأئمة أصحابه يثبتون الصفات الخبرية لا يقتصرون على السبع]

- ‌مفصل الاعتقاد

- ‌[موت الملائكة في الأرض]

- ‌[كفر من لم يؤمن بمحمد ومن ارتاب في كفر من لم يؤمن به]

- ‌[الساعة الصغرى، والساعة الكبرى، وأدلتها، وعلاماتها، وأصناف الناس في الإقرار بها]

- ‌[الإيمان بمعاد الأرواح والأبدان، وما يحصل للروح في البرزخ من نعيم أو عذاب]

- ‌[ضلال من ينكر تغيير هذا العالم عند القيامة الكبرى]

- ‌[سماع الميت لقرع نعالهم والسلام عليه عام. معرفة الميت بحال أهله]

- ‌[قول الميت قدموني أمر باطن آخر]

- ‌[عود الروح إلى البدن وقت السؤال]

- ‌[تمثيل حركة الروح بالشمس]

- ‌[قد يصف الميت للنائم دواء، أو يجيبه عن مسألة]

- ‌[حدوث النفس مع البدن لا قبله]

- ‌[تعظيم ابن تيمية لحديث نص على ما ينجي من عذاب القبر وغير ذلك]

- ‌[حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية، وتصوير الأعمال في البرزخ]

- ‌[عيسى لم يمت وسينزل]

- ‌[الأحاديث في المهدي، وادعاء الدجالين، وادعاء الرافضة]

- ‌[متى تبدل الأرض وتطوى السموات، وأين الناس حينئذ؟ وتبديل الجلود]

- ‌[كل يبعث حتى البهائم]

- ‌[متى ورود الحوض

- ‌[وفي البرزخ والعرصة تكليف]

- ‌[وهل يعلم بالعقل

- ‌[حديث موضوع في أطفال المشركين، أصح الأقوال فيهم]

- ‌[إن في الجنة مائة درجة أرجح]

- ‌[والأبكار يزوجن في الجنة، مريم]

- ‌[وينزل الأعلى إلى الأسفل]

- ‌[إبليس يعذب بالنار وقد خلق منها]

- ‌[ما لا يفنى من المخلوقات]

- ‌[بقاء الجنة والنار] :

- ‌[هذا ما قاله جهم بناء على أصله]

- ‌[الشهادة لمعين بالجنة أو النار، وسبب التوقف]

- ‌[العهد بالخلافة لأبي بكر]

- ‌[إنزال السكينة على أبي بكر تبع]

- ‌[عمر محدث والصديق أكمل]

- ‌[قول أصحاب الخيالات حدثني قلبي عن ربي]

- ‌[أفضلية أبي بكر وعمر على جميع الصحابة]

- ‌[أفضيلة عبد الرحمن بن عوف وأهل الشورى، وأحقيتهم بالخلافة بعدهما]

- ‌[غاية الخضر]

- ‌[توضيح قول أم سلمة وحذيفة ولن أبرئ بعدك أحدا]

- ‌[عترة النبي صلى الله عليه وسلم واسم الشرف والأشراف]

- ‌[أفضل الخلق مطلقا وأفضل الخلق من كل صنف، وأفضل الخلق في الطبقات، وأفضل الخلق في الأشخاص]

- ‌[لما كّمَّلّ النبي مرتبة التعبد كملت له المغفرة واستحق التقديم على الخلائق] :

- ‌[لواء الحمد بيده صورة ومعنى] :

- ‌[هل هو أفضل من جملة الرسل؟ كما أن صديقه رجح بجميع الأمة] :

- ‌[فواضل رجال هذه الأمة ونسائها أفضل من فواضل غيرهم حتى آسية ومريم وهل هي من زوجات نبينا

- ‌[صديقو هذه الأمة وشر الناس]

- ‌[حكم ساب الأنبياء أو الصحابة خير الأمم وخير هذه الأمة

- ‌[هل حب آل محمد نصب

- ‌[كرامات الأولياء وخوارق الكفرة والسحرة والدجال وما توجبه الولاية إذا صحت]

- ‌[قبول توبة الداعية إلى البدع] :

- ‌[من أخلاق ابن تيمية]

- ‌[عقيدة أهل السنة في أهل الكبائر. مخالفة أهل البدع. الجمع بين نصوص الوعد والوعيد. أمثلة وتعاريف]

- ‌[لا يحبط جميع الأعمال إلا الكفر]

- ‌[حبوط بعضها بالفسق أو الرياء]

- ‌[قد تعظم الحسنة ويكثر ثوابها]

- ‌[كل مؤمن مسلم ولا عكس]

- ‌[الإيمان المطلق والإيمان المقيد والدخول المطلق والدخول المقيد]

- ‌[يعفى لصاحب المقامات العظيمة ويسامح

- ‌[الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات ولكن قد

- ‌[كفارة الشرك]

- ‌[الخلاف في لعن المعين من الكفار والفساق. أما على سبيل العموم فجائز]

- ‌[سبق الماء]

- ‌[الدعاء بطول العمر]

- ‌[لا يطلع على اللوح المحفوظ إلا الله، ما يعني الغزالي ورسائل إخوان الصفا باللوح والقلم والملائكة والشياطين وكلام الله]

- ‌[هل مكتوب على كل فرج ناكحه

- ‌[قول القدرية من المعتزلة ونحوهم كفر وضلال. وتكفير المعين من هؤلاء ومن منكري بعض الصفات يتوقف على تحقق شروط وانتفاء موانع]

- ‌[الأسباب لا تنكر، لكن هنا ثلاثة أمور

- ‌[لا يستقل بالتأثير إلا الله]

- ‌المنطق

- ‌السلوك، أو التصوف

- ‌[ما لابد للسالك والعارف منه]

- ‌[المؤلف يستقل علمه وعمله، ظهور ذله وانكساره وافتقاره واعتماده على ربه]

- ‌[الصبر. صبر يوسف عن مطاوعتها أعظم من صبره على ما فعله به إخوته]

- ‌[الصبر على أداء الطاعة…الصبر واليقين

- ‌[كيف تواجه العوارض والمحن

- ‌[التوبة العامة، والتوبة المجملة]

- ‌[الجمع بين الرضا والرحمة أكمل]

- ‌[الخوف والرجا لا يغلب أحدهما، والرجا بالنظر إلى سبق الرحمة يجب.. والخوف بالنظر إلى تفريطه]

- ‌[الخوف المحمود]

- ‌[توبة مملوك هارب]

- ‌[توبة من عاوض معاوضة محرمة وقبض

- ‌[التوبة النصوح. إذا تاب ثم عاد. ومن ختم له بسوء]

- ‌[تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على آخر]

- ‌[معنى حجز التوبة من المبتدع]

- ‌[هل يعود بعد التوبة إلى درجته، أو أرفع

- ‌[غفران الذنوب التي فعلها الكافر حال كفر فيه تفصيل]

- ‌[الاستقامة]

- ‌[إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك]

- ‌[إذا بادرت النفس إلى الطاعة طواعية

- ‌[الفرح بالله، ودخول جنته في الدنيا. جنة ابن تيمية وطيب حياته

- ‌[الفخر والبغي. والفخر بالإسلام والشريعة]

- ‌[الغضب]

- ‌[الحسد ومد اليد واللسان، وإذا سمع من يذم أو يمدح]

- ‌[الصمت]

- ‌[اللباس والزي الذي يتخذه بعض النساك والفقهاء شعارا]

- ‌[ولبس المرقع والمصبغ والصوف. وتقطيع الثوب وترقيعه، والمغالاة في الصوف

- ‌[المحافظة على هذا الذكر سبب للقوة]

- ‌[قراءة هذه الآية على الدابة إذا استعصت]

- ‌[ما أعطي ابن تيمية من القوة بسبب الذكر]

- ‌[غذاؤه ومتى يتركه]

- ‌[التعميم في الدعاء]

- ‌الزهد والورع

- ‌[الزهد المشروع، وغير المشروع]

- ‌[ترك بعض المباحات من الزهد]

- ‌[احتجاج بعض الصوفية الإباحية بالإرادة الكونية]

- ‌[المال. قد يكون تاجر أزهد من فقير]

- ‌[لا بد في الدنيا من كدر]

- ‌[الامتناع من أكل الطيبات

- ‌[أولياء الله. وهم على درجتين من لم يكن منهم أو كان منهم من وجه دون وجه]

- ‌أصول التفسير

- ‌[أقوال التابعين في التفسير]

- ‌[إشارة الآية، ومثالان]

- ‌[من حفظه غير معرب]

- ‌[قراءته في الطرقات وكتابته بحيث يهان]

- ‌[المزاح حال القراءة]

- ‌[استعماله لغير ما أنزل له]

- ‌[مسائل تتعلق بالمصحف]

- ‌التفسير

- ‌سورة الفاتحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة التوبة

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة الإسراء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة الأنبياء

- ‌سورة النور

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة الشورى

- ‌سورة النجم

- ‌سورة التغابن

- ‌الحديث

الفصل: ‌[الخلاف في لعن المعين من الكفار والفساق. أما على سبيل العموم فجائز]

مكان آخر، قال: كما دلت عليه النصوص، واحتج بإبطال الصدقة بالمن والأذى (1) .

[كفارة الشرك]

وقال: كفارة الشرك التوحيد، والحسنات يذهبن السيئات (2) .

قال الشيخ تقي الدين: ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز. وأما لعنة المعين فالأولى تركها؛ لأنه يمكن أن يتوب.

وقال في موضع آخر: قيل لأحمد بن حنبل: أيؤخذ الحديث عن يزيد؟ فقال: لا ولا كرامة أو ليس هو فعل بأهل المدينة ما فعل؟ وقيل له: إن أقواما يقولون: إنا نحب يزيد فقال: وهل يحب يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقيل له: أفلا تلعنه؟ فقال: متى رأيت أباك يلعن أحدا؟

[الخلاف في لعن المعين من الكفار والفساق. أما على سبيل العموم فجائز]

وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر في لعن المعين من الكفار من أهل القبلة وغيرهم من الفساق بالاعتقاد أو بالعمل: لأصحابنا فيها أقوال:

أحدها: لا يجوز بحال، وهو قول أبي بكر عبد العزيز.

والثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق.

والثالث: يجوز مطلقا.

وقال عبد الله بن ًأحمد الحنبلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: على الجهمية لعنة الله. وكان الحسن يلعن الحجاج، وأحمد يقول: الحجاج رجل سوء.

(1) الآداب جـ1/140.

(2)

الآداب جـ1/142 كلاهما إلى الفهارس العامة جـ1/139.

ص: 133

قال الشيخ تقي الدين: ليس في هذا عن أحمد لعنة معين. لكن قول الحسن نعم.

قال الشيخ تقي الدين: لم أره (1) نقل لعنة معينة إلا لعنة نوع أو دعاء على معين بالعذاب أو سبا له. لكن قال (2) : القاضي لم يفرق بين المطلق والمعين، وكذلك جدنا أبو البركات (3) .

قال الشيخ تقي الدين: المنصوص عن أحمد الذي قرره الخلال اللعن المطلق، لا المعين. كما قلنا في نصوص الوعيد والوعد، وكما نقول في الشهادة بالجنة والنار؛ فإنا نشهد بأن المؤمنين في الجنة وأن الكافرين في النار، ونشهد بالجنة والنار لمن شهد له الكتاب والسنة، ولا نشهد بذلك لمعين إلا من شهد له النص أو شهد له الاستفاضة على قول. فالشهادة في الخبر كاللعن في الطلب، والخبر والطلب نوعا الكلام؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الطعانين واللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» فالشفاعة ضد اللعن، كما أن الشهادة ضد اللعن.

وكلام الخلال يقتضي أنه لا يلعن المعينين من الكفار فإنه ذكر قاتل عمر وكان كافرا ويقتضي أنه لا يلعن المعين من أهل الأهواء، فإنه ذكر قاتل علي وكان خارجيا، ثم استدل القاضي للمنع بما جاء من ذم اللعن، وأن هؤلاء ترجى لهم المغفرة، لا تجوز لعنتهم؛ لأن اللعن يقتضي الطرد والإبعاد بخلاف من حكم بكفره من المتأولين فإنهم مبعدون من الرحمة كغيرهم من الكفار. واستدل على جواز ذلك وإطلاقه بالنصوص التي جاءت باللعن، وجميعها مطلقة كالراشي والمرتشي وآكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبيه.

(1) يعني: الإمام أحمد.

(2)

ابن تيمية.

(3)

الآداب جـ306 وللفهارس العامة جـ1/138.

ص: 134

قال الشيخ تقي الدين: فصار للأصحاب في الفساق ثلاثة أقوال: أحدهما: المنع عموما وتعيينا إلا براوية النص. والثاني: إجازتها. والثالث: التفريق، وهو المنصوص؛ لكن المنع من المعين: هل هو منع كراهة، أو تحريم؟

ثم قال في الرد على الرافضي: لا يجوز، واحتج بنهيه عليه السلام عن لعنة الرجل الذي يدعي حمارا، وقال هنا: ظاهر كلامه الكراهية، وبذلك فسره القاضي فيما بعد لما ذكر قول أحمد: لا تعجبني لعنة الحجاج ونحوه، لو عم فقال: لعنة الله على الظالمين (1) .

وقال في مكان آخر: وقد نقل عن أحمد لعنة أقوام معينين من دعاة أهل البدع؛ ولهذا فرق من فرق من الأصحاب بين لعنة الفاسق بالفعل وبين دعاة أهل الضلال؛ إما بناء على تكفيرهم، وإما بناء على أن ضررهم أشد. ومن جوز لعنة المبتدع المكفر عينا فإنه يجوز لعنة الكافر المعين بطريق الأولى. ومن لم يجوز أن يلعن إلا من ثبت لعنه بالنص فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين. فمن لم يجوز إلا لعن المنصوص يرى أن لا يجوز ذلك لا على وجه الانتصار ولا على وجه الجهاد وإقامة الحدود كالهجرة والتعزير والتحذير. وهذا مقتضى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو لأحد أو على أحد قنت بعد الركوع وقال فيه: «اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب حتى نزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية [128/3] » .

قال: وكذلك من لم يلعن المعين من أهل السنة أو من أهل القبلة أو مطلقا.

وأما من جوز لعنة الفاسق المعين على وجه البغض في الله عز وجل والبراءة منه والتعزير فقد يجوز ذلك على وجه الانتصار أيضًا.

(1) الآداب جـ1/307-309 وإلى الفهارس العامة جـ1/138.

ص: 135

ومن يرجح المنع من لعن المعين فقد يجيب عما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أجوبة ثلاثة: إما بأن ذلك منسوخ كلعن من لعن في القنوت على ما قاله أبو هريرة. وإما أن ذلك مما دخل في قوله: «اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته وليس كذلك فاجعل ذلك له صلاة وزكاة ورحمة تقربه بها إليك يوم القيامة» . لكن قد يقال: هذا الحديث لا يدل على تحريم اللعنة وإنما يدل على أنه يفعلها باجتهاده بالتعزير، فجعل هذا الدعاء دافعا عمن ليس لها بأهل. وإما أن يقال: اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنص فقد يكون اطلع على عاقبة الملعون. وقد يقال: الأصل مشاركته في الفعل، ولو كان لا يلعن إلا من علم أنه من أهل النار لما قال:«إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو شتمته أو لعنته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة» . فهذا يقتضي أنه كان يخالف أن يكون لعنه بما يحتاج أن يستدرك بما يقابله من الحسنات فإنه معصوم، والاستدراك بهذا الدعاء يدفع ما يخاف من إصابة دعائه لمن لا يستحقه وإن كان باجتهاد؛ إذ هو باجتهاده الشرعي معصوم لأجل التأسي به.

وقد يقال: نصوص الفعل تدل على الجواز للظالم، كما يقتضي ذلك القياس؛ فإن اللعنة هي البعد عن رحمة الله، ومعلوم أنه يجوز أن يدعى عليه من العذاب بما يكون مبعدا عن رحمة الله عز وجل في بعض المواضع كما تقدم، فاللعنة أولى أن تجوز والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن لعن من علم أنه يحب الله ورسوله، فمن علم أنه مؤمن في الباطن يحب الله ورسوله لا يلعن لأن هذا مرحوم، بخلاف من لا يكون كذلك انتهى كلامه (1) .

(1) الآداب الشرعية جـ1/310، 311 وللفهارس العامة جـ1/138.

ص: 136