الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكان آخر، قال: كما دلت عليه النصوص، واحتج بإبطال الصدقة بالمن والأذى (1) .
[كفارة الشرك]
وقال: كفارة الشرك التوحيد، والحسنات يذهبن السيئات (2) .
قال الشيخ تقي الدين: ولعن تارك الصلاة على وجه العموم جائز. وأما لعنة المعين فالأولى تركها؛ لأنه يمكن أن يتوب.
وقال في موضع آخر: قيل لأحمد بن حنبل: أيؤخذ الحديث عن يزيد؟ فقال: لا ولا كرامة أو ليس هو فعل بأهل المدينة ما فعل؟ وقيل له: إن أقواما يقولون: إنا نحب يزيد فقال: وهل يحب يزيد من يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقيل له: أفلا تلعنه؟ فقال: متى رأيت أباك يلعن أحدا؟
[الخلاف في لعن المعين من الكفار والفساق. أما على سبيل العموم فجائز]
وقال الشيخ تقي الدين في موضع آخر في لعن المعين من الكفار من أهل القبلة وغيرهم من الفساق بالاعتقاد أو بالعمل: لأصحابنا فيها أقوال:
أحدها: لا يجوز بحال، وهو قول أبي بكر عبد العزيز.
والثاني: يجوز في الكافر دون الفاسق.
والثالث: يجوز مطلقا.
وقال عبد الله بن ًأحمد الحنبلي: سمعت أحمد بن حنبل يقول: على الجهمية لعنة الله. وكان الحسن يلعن الحجاج، وأحمد يقول: الحجاج رجل سوء.
(1) الآداب جـ1/140.
(2)
الآداب جـ1/142 كلاهما إلى الفهارس العامة جـ1/139.
قال الشيخ تقي الدين: ليس في هذا عن أحمد لعنة معين. لكن قول الحسن نعم.
قال الشيخ تقي الدين: لم أره (1) نقل لعنة معينة إلا لعنة نوع أو دعاء على معين بالعذاب أو سبا له. لكن قال (2) : القاضي لم يفرق بين المطلق والمعين، وكذلك جدنا أبو البركات (3) .
قال الشيخ تقي الدين: المنصوص عن أحمد الذي قرره الخلال اللعن المطلق، لا المعين. كما قلنا في نصوص الوعيد والوعد، وكما نقول في الشهادة بالجنة والنار؛ فإنا نشهد بأن المؤمنين في الجنة وأن الكافرين في النار، ونشهد بالجنة والنار لمن شهد له الكتاب والسنة، ولا نشهد بذلك لمعين إلا من شهد له النص أو شهد له الاستفاضة على قول. فالشهادة في الخبر كاللعن في الطلب، والخبر والطلب نوعا الكلام؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الطعانين واللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» فالشفاعة ضد اللعن، كما أن الشهادة ضد اللعن.
وكلام الخلال يقتضي أنه لا يلعن المعينين من الكفار فإنه ذكر قاتل عمر وكان كافرا ويقتضي أنه لا يلعن المعين من أهل الأهواء، فإنه ذكر قاتل علي وكان خارجيا، ثم استدل القاضي للمنع بما جاء من ذم اللعن، وأن هؤلاء ترجى لهم المغفرة، لا تجوز لعنتهم؛ لأن اللعن يقتضي الطرد والإبعاد بخلاف من حكم بكفره من المتأولين فإنهم مبعدون من الرحمة كغيرهم من الكفار. واستدل على جواز ذلك وإطلاقه بالنصوص التي جاءت باللعن، وجميعها مطلقة كالراشي والمرتشي وآكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبيه.
(1) يعني: الإمام أحمد.
(2)
ابن تيمية.
(3)
الآداب جـ306 وللفهارس العامة جـ1/138.
قال الشيخ تقي الدين: فصار للأصحاب في الفساق ثلاثة أقوال: أحدهما: المنع عموما وتعيينا إلا براوية النص. والثاني: إجازتها. والثالث: التفريق، وهو المنصوص؛ لكن المنع من المعين: هل هو منع كراهة، أو تحريم؟
ثم قال في الرد على الرافضي: لا يجوز، واحتج بنهيه عليه السلام عن لعنة الرجل الذي يدعي حمارا، وقال هنا: ظاهر كلامه الكراهية، وبذلك فسره القاضي فيما بعد لما ذكر قول أحمد: لا تعجبني لعنة الحجاج ونحوه، لو عم فقال: لعنة الله على الظالمين (1) .
وقال في مكان آخر: وقد نقل عن أحمد لعنة أقوام معينين من دعاة أهل البدع؛ ولهذا فرق من فرق من الأصحاب بين لعنة الفاسق بالفعل وبين دعاة أهل الضلال؛ إما بناء على تكفيرهم، وإما بناء على أن ضررهم أشد. ومن جوز لعنة المبتدع المكفر عينا فإنه يجوز لعنة الكافر المعين بطريق الأولى. ومن لم يجوز أن يلعن إلا من ثبت لعنه بالنص فإنه لا يجوز لعنة الكافر المعين. فمن لم يجوز إلا لعن المنصوص يرى أن لا يجوز ذلك لا على وجه الانتصار ولا على وجه الجهاد وإقامة الحدود كالهجرة والتعزير والتحذير. وهذا مقتضى حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو لأحد أو على أحد قنت بعد الركوع وقال فيه: «اللهم العن فلانا وفلانا لأحياء من العرب حتى نزلت: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآية [128/3] » .
قال: وكذلك من لم يلعن المعين من أهل السنة أو من أهل القبلة أو مطلقا.
وأما من جوز لعنة الفاسق المعين على وجه البغض في الله عز وجل والبراءة منه والتعزير فقد يجوز ذلك على وجه الانتصار أيضًا.
(1) الآداب جـ1/307-309 وإلى الفهارس العامة جـ1/138.
ومن يرجح المنع من لعن المعين فقد يجيب عما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بأحد أجوبة ثلاثة: إما بأن ذلك منسوخ كلعن من لعن في القنوت على ما قاله أبو هريرة. وإما أن ذلك مما دخل في قوله: «اللهم إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو لعنته وليس كذلك فاجعل ذلك له صلاة وزكاة ورحمة تقربه بها إليك يوم القيامة» . لكن قد يقال: هذا الحديث لا يدل على تحريم اللعنة وإنما يدل على أنه يفعلها باجتهاده بالتعزير، فجعل هذا الدعاء دافعا عمن ليس لها بأهل. وإما أن يقال: اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنص فقد يكون اطلع على عاقبة الملعون. وقد يقال: الأصل مشاركته في الفعل، ولو كان لا يلعن إلا من علم أنه من أهل النار لما قال:«إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مسلم سببته أو شتمته أو لعنته فاجعل ذلك له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة» . فهذا يقتضي أنه كان يخالف أن يكون لعنه بما يحتاج أن يستدرك بما يقابله من الحسنات فإنه معصوم، والاستدراك بهذا الدعاء يدفع ما يخاف من إصابة دعائه لمن لا يستحقه وإن كان باجتهاد؛ إذ هو باجتهاده الشرعي معصوم لأجل التأسي به.
وقد يقال: نصوص الفعل تدل على الجواز للظالم، كما يقتضي ذلك القياس؛ فإن اللعنة هي البعد عن رحمة الله، ومعلوم أنه يجوز أن يدعى عليه من العذاب بما يكون مبعدا عن رحمة الله عز وجل في بعض المواضع كما تقدم، فاللعنة أولى أن تجوز والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن لعن من علم أنه يحب الله ورسوله، فمن علم أنه مؤمن في الباطن يحب الله ورسوله لا يلعن لأن هذا مرحوم، بخلاف من لا يكون كذلك انتهى كلامه (1) .
(1) الآداب الشرعية جـ1/310، 311 وللفهارس العامة جـ1/138.