المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السبب السابع: لزومها للجماعة، ونهيها عن الفرقة: - المستطاب في أسباب نجاح دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

[عبد الرحمن بن يوسف الرحمة]

الفصل: ‌السبب السابع: لزومها للجماعة، ونهيها عن الفرقة:

‌السبب السابع: لزومها للجماعة، ونهيها عن الفرقة:

مما تميزت به هذه الدعوة حرصها البالغ، وتأكيدها التام على لزوم الجماعة، وتوثيق عرى الأُلفة، والدعوة إلى ذلك والمناداة بهما، ورفع عقيرتها بذلك، وتحذيرها من الفرقة، ونبذها للخلاف، وتحذير الناس من ذلك كله، بل من أسبابه ودواعيه وموجباته.

والجماعة المقصود بها: هي جماعة المسلمين من سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، الذين اجتمعوا على الكتاب والسُّنَّة، وساروا على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً اعتقاداً وسلوكاً، منهجاً وطريقة.

وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين، وحثهم على الجماعة والائتلاف والتعاون، ونهاهم عن الفرقة والاختلاف والتناحر فقال سبحانه وتعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] .

وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} [آل عمران: 105] .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الجماعة رحمة، والفرقة عذاب» [أخرجه أحمد] .

ص: 56

وقال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان معَ الواحد، وهو من الاثنين أبعد، ومن أراد بحبوحة الجنَّة، فليلزم الجماعة» [أخرجه أحمد وسنده صحيح] .

وقال صلى الله عليه وسلم: «وإن هذه الملّة ستفترق على ثلاث وسبعين، ثنتان وسبعون في النار، وواحدةٌ في الجنة، وهي الجماعة» [أخرجه أبو داود بسند صحيح] .

وهذه الجماعة معيارها الحق، وميزانها الصدق، قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:"الجماعة ما وافق الحق؛ ولو كنت وحدك".

وإن الفرقة عذابٌ، عذابٌ للنفس، وعذاب للجسم، وعذابٌ مخيم في كل صور من صور الحياة والتعايش بين الناس، ولهذا لها أضرار كبيرة، ومساوئ خطيرة منها:

* استبدال للأمن بالخوف.

* واستبدال للشبع بالجوع.

* وإراقة للدماء.

* وهتك للأعراض.

* وقطع للسبل.

* وتسلط للسفهاء.

* وانتشار للجهل، ورفعةٌ للجهال.

* ونقص في العلم، وغربةٌ لأهله.

* وضعف الدين وغربته.

وكل لون من ألوان الفساد العريض في الأرض {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64][راجع الأمر بلزوم جماعة المسلمين والتحذير من مفارقتهم (ص76) ] .

ص: 57

ولقد قام أئمة الدعوة رحمهم الله ببيان ذلك بياناً جلياً واضحاً في مؤلفاتهم ومصنفاتهم ورسائلهم، وطبقوه واقعاً عملياً مع ولاتهم ورعيتهم، مما أثمر نجاحاً بالغاً للدعوة، ومضي لها، واستمرار لمسيرتها، بآصرة التآخي، ووشيجة الاجتماع، ورحم الإسلام، ومن تتبع كتاب "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" يجد كماً هائلاً من الأقوال المحررة والفتاوى المسطرة، في بيان لزوم الجماعة، والنهي عن الفرقة والاختلاف، وما نتج من الشر الواقع على الأمة إلا بالإخلال بهذا الأصل العظيم وتركه ونبذه وراء الظهر.

وعليه: فإن الحق واضح المعالم، لا يتعدد ولا يتغير ولا يتبدل، والحق لزوم جماعة المسلمين وعدم مفارقتها أو الخروج عليها، ومن أيقن بذلك وعمل به ودعا إليه سار على نهج قويم، وصراط مستقيم، وله - بإذن الله - العاقبة الحميدة، والنهاية السعيدة، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

ص: 58