المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثانيمن تقع عليهم مسؤولية عدم التبليغ - أهل الفترة ومن في حكمهم

[موفق أحمد شكري]

الفصل: ‌الفصل الثانيمن تقع عليهم مسؤولية عدم التبليغ

‌الفصْل الثاني

من تقع عليهم مسؤولية عدم التبليغ

؟

قبل الدخول في موضوعنا لابد لنا أن نبين أن الدعوة هي وظيفة الرسل والأنبياء، وماهية هذه الوظيفة تعريف الناس بألوهية الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. وقد منّ الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم هو نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128] وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46)} [الأحزاب: 45، 46] وقال تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)} [الحج: 67] وقال تعالى: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87)} [القصص: 87] وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36)} [الرعد: 36].

ص: 115

فالدعوة إلى الله من الأعمال الشريفة الجليلة التي أناطها الله سبحانه وتعالى بالرسل وبرسولنا صلى الله عليه وسلم، فأكرمه وجعل دعوته عامة للناس، وفضّله على سائر الأنبياء. ومن إكرام الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة ونعمته عليها أن جعلها خير أمة تدعو إلى الله، وهذا دليل على تشريف هذه الأمة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].

يقول الأستاذ عبد الكريم زيدان تعليقًا على هذه الآية: "إنها أفادت معنيين:

أ- خيرية هذه الأمة.

ب- أنها حازت هذه الخيرية لقيامها بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي وظيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والرسل قبله. ثم يقول: وأول ما يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدعوة إلى الله وحده والبراءة من الشرك بأنواعه. ونرى القرآن الكريم جعل من صفات المؤمنين الدعوة إلى الله بخلاف المنافقين الذين يصدون عن سبيل الله" (1).

وقال تعالىِ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71] وقوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة: 67].

وها هو القرطبي (2) رحمه الله يقول في تفسيره عن الآيتين السابقتي الذكر: جعل الله سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقًا بين المؤمنين والمنافقين، فدل هذا على أن أخص أوصاف المؤمن: الأمر

(1) أصول الدعوة ص 300 عبد الكريم زيدان.

(2)

هو محمد بن يوسف أبو عبد الله القرطبي، ولد سنة 558 هـ، ومات في مصر سنة 631 هـ، كان إمامًا صالحًا زاهدًا حاذقًا بفنون العربية، وله يد طولى في التفسير والحديث. انظر (طبقات القراء للذهبي 2/ 510 طبقات المفسرين 2/ 216).

ص: 116

بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأسها الدعوة إلى الإِسلام والقتال عليه. وليس من شرط الأمر بالمعروف أن يكون عدلًا عند أهل السنة، لأن العدالة محصورة في القليل من الخلق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام في جميع الناس (1).

هنا يتقرر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على كل مسلم ومسلمة من هذه الأمة كل بحسب حاله ومقدرته، والعلماء هم ورثة الأنبياء؛ عليهم النصيب الكبير بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف: 108].

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم آمرًا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله وطريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله لا شريك له، يدعو بها إلى الله على بصيرة من ذلك ويقين، وبرهان عقلي وشرعي (2).

إن من اللوازم الضرورية لإِيمان المسلم أن يدعو إلى الله، فإذا تخلّف عن الدعوة دلّ تخلُّفه هذا عن وجود نقص في إيمانه يجب تداركه بالقيام بهذا الواجب (3)، وإذا كان المسلم لا يقوم بهذا الواجب فمَن يقوم به إذًا؟!.

إنما الواجب على كل مسلم أن يقف على ثغر من ثغور الإِسلام، وترك العمل للدعوة الإِسلامية يفتح علينا ثغرة كبيرة، وبالتالي تكون المسؤولية كبيرة والعاقبة وخيمة.

ونرى شيخ الإِسلام ابن تيمية عندما سئل عن قوله تعالى: {قل هذه سبيلي} [يوسف: 108] فيقول الدعوة واجبة على كل من اتبع هذا

(1) القرطبي 4/ 47.

(2)

تفسير القرآن العظيم 2/ 296 - ابن كثير.

(3)

أصول الدعوة ص 300 عبد الكريم زيدان.

ص: 117

الرسول صلى الله عليه وسلم وهم أمته، وعليهم أن يدعوا إلى الله كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله، وكذلك يتضمن أمرهم فيما أمر به ونهيهم فيما نهى عنه، وهذا يتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد وصف الله سبحانه وتعالى أمة محمد بأنها أمة آمرة بالمعروف وناهية عن المنكر قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].

وهذا الواجب واجب على مجموع الأمة وهو الذي يسميه العلماء فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، فالأمة كلها مخاطبة بفعل ذلك، ولكن إذا قامت به طائفة من الناس سقط عن الباقين قال تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} (1)[آل عمران: 104].

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور التي لابد منها على كل مسلم ومسلمة إما بيده أو بلسانه أو بقلبه. ومن المعلوم أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحتاج إلى علم بما يدعو إليه كما قال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] لا شك أن الدعوة إلى الخير وأعلاها الدعوة إلى الله مشروط لها العلم، ولكن العلم ليس شيئًا واحدًا لا يتجزأ ولا يتبعض، وإنما هو بطبيعته يتجزأ أو يتبعض؛ فمن علم مسألة وجهل أخرى فهو عالم بما علم وجاهل بالأخرى، ومعنى ذلك أنه يكون عالمًا بالمسألة التي علم بها، وبالتالي يتوفر فيه شرط وجوب الدعوة فيما علم دون ما جهل (2).

ومفهوم الكلام من هذا أن كل مسلم ومسلمة يجب عليه الدعوة ما دام شرط العلم موجودًا. وهذا الجصاص (3) صاحب كتاب أحكام القرآن

(1) الفتاوى 15/ 165 ابن تيمية.

(2)

أصول الدعوة ص 302 عبد الكريم زيدان.

(3)

هو أحمد بن علي المكنّى بأبي بكر الرازي ولد سنة 305 هـ ثم درس الفقه والحديث =

ص: 118

يفرد بابًا في كتابه ويسميه باب فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم يذكر الآية القرآنية {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] ثم يقول لقد حوت هذه الآية معنيين:

أ- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ب- أنه فرض على الكفاية وليس بفرض على كل أحد، إذا قام به بعض سقط عن الباقين، بدليل قوله:{ولتكن} (1).

ويعلق الشاطبي (2) رحمه الله فيقول: إن فرض الكفاية قد قال به العلماء، وإنه متوجه للجميع لكن إذا قام به البعض سقط عن الباقين بدليل {ولتكن} (3) ثم إن فرض الكفاية متوجه للجميع لتحقيق هذا الغرض، وأما القادر؛ فعليه أن يقوم بهذا الواجب مباشرة فيكون معنى الآية {ولتكن منكم أمة} وأن يقوم به المسلمون بإعداد هذه الأمة إلى الجماعة المتصدية للدعوة إلى الله، وأن يعاونوهم بكل الوسائل لتحقيق المقصود من قيامهم، وهو إقامة دين الله ونشر دعوته، فإن لم يفعل المسلمون ذلك أثم الجميع.

لذا يجب على كل مسلم ومسلمة أن يقوم بهذا الواجب، كل حسب قدرته وعلمه وطاقته؛ أن يقوموا بالدعوة جهارًا نهارًا لصدّ التيارات الجارفة والجاهليات التي ملأت مجتمعاتنا والعالم يعيش في هاوية لا يدري أين يوجه سيره إلى هنا أو إلى هناك، إنه يعيش فراغًا قاتلًا، لذلك لابد من

= واستقر له التدريس وصار إمامًا للحنفية، توفي رحمه الله 370 هـ، وله عديد من المصنفات أهمها أحكام القرآن. انظر (طبقات الأصوليين الفتح المبين 1/ 203).

(1)

أحكام القرآن للجصاص 2/ 47.

(2)

هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي، إمام حافظ جليل مجتهد من المحققين، كان شديدًا على أهل البدع، توفي رحمه الله سنة 790 هـ. انظر (الديباج المذهب ص 220 وشذرات الذهب 6/ 282).

(3)

الموافقات 1/ 176 للشاطبي.

ص: 119

دعوة تدعوهم إلى الإِيمان بالله، هذا الإِيمان الذي يملأ هذا الفراغ الذي يعيشه سواء في نفسه أو بيئته أو محيطه.

إن الإِنسان اليوم ليعيش عيشة وهمية تلمؤها الوثنية والخرافات والشعوذات في كل أرجاء المعمورة

لابد من دعوة نظيفة أصيلة تقضي على هذه الجاهليات. ولن تكون هذه الدعوة إلا الدعوة الإِسلامية، والدعاة هم المسلمون أتباع النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. والقيام بالدعوة لها آثارها في استقامة الأمة ودفع الشرور والفتن والمحن عنها. وقد أناط الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة وألزمها بأن تقوم بالدعوة -خير قيام لتكون خير أمة أخرجت للناس- وذلك لأمور نوجزها هنا:

أ- إن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعًا ورسالته إلى الناس كافة باقية إلى قيام الساعة، ومقصد هذه الدعوة هداية الخلق إلى توحيد الله سبحانه وتعالى والتعريف بمنهجه وما يجب على عباده تجاهه سبحانه وتعالى ليفوزوا بالسعادتين في الدنيا والآخرة. ولذا كانت رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم عامة ورحمة للعالمين {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء: 107].

فكان لزامًا على هذه الأمة المسلمة أن تنهض وتقوم من بعد النبي بوجوب التبليغ للدعوة للإِسلام إلى أهل الأرض جميعًا. وكيف لا يكون كذلك وقد قال الله سبحانه وتعالى عن هذه الأمة في محكم كتابه العزيز {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].

ب- إن بقاء الشرك والكفر والجاهليات الأخرى في الأرض يؤثر تأثيرًا عاجلًا أو آجلًا على معاني الإِسلام القائمة في أي جانب من جوانب الأرض، ولذا ترى الإِسلام يمنع المسلم من البقاء في ديار الكفر بل يأمره بالتحول إلى ديار الإِسلام حتى لا يُفتتن في دينه، وعلى هذا فقيام المسلم

ص: 120

بدعوة أهل الشرك والكفر إلى دين الله يفيده ويقيه شرور الكفر ويقي مجتمعه (1).

جـ- رفع الهلاك والعذاب عن المسلمين قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)} [الأنفال: 25].

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله المسلمين أن لا يُقَرَّ المنكر بين أظهرهم فيعمَّهم العذاب الذي يصيب الصالح والطالح (2).

وجاء في صحيح البخاري عن زينب (3) بنت جحش أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث"(4).

وبعد أن بينا أن الدعوة وظيفة الأنبياء المرسلين، وقد شرف الله هذه الأمة بهذا العمل وهو الدعوة إلى الله بتوحيده والسير على منهجه، وترك الشرك والوثنية، كل هذا يبين لنا مكان الدعوة في الإِسلام. ولماذا علق الله سبحانه وتعالى الدعوة بالمسلمين دون غيرهم؟.

أما على من تقع مسؤولية عدم تبليغ الدعوة للأقوام الذين لم تبلغهم للآن في شتى بقاع المعمورة؟ لا شك أن المسؤولية تقع على كل مسلم، وهذه المسؤولية العظيمة نحن المسلمين مسؤولون عنها لأننا بحق فرطنا في كثير من مسائل ديننا ومنها الدعوة إلى الله، والإِسلام حُجب بأهله ويا للأسف، فلابد إذن أن نعيَ ونصحوَ وندعوَ بدعوة نبينا محمد بن

(1) أصول الدعوة ص 308 عبد الكريم زيدان.

(2)

أخرجه البخاري انظر (فتح الباري 13/ 106 كتاب الفتن باب يأجوج).

(3)

هي زينب بنت جحش الأسدي، أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاثة للهجرة ونزل بسببها آية الحجاب، ولما سمعت بتزويج رسول الله لها سجدت، توفيت سنة عشرين هجرية. انظر (الإِصابة 4/ 281).

(4)

أخرجه البخاري انظر (الفتح 13/ 106 كتاب الفتن باب يأجوج ومأجوج).

ص: 121

عبد الله صلى الله عليه وسلم، فإن هناك أقوامًا يعيشون في ظلمات الجهل والكفر والتيه والضلال، والمسلمون مسؤولون كلهم سواء حاكمًا أو محكومًا، ومن واجب الحاكم المسلم أن يوجه دعاته إلى هؤلاء الناس المتعطشين إلى عقيدة سليمة تقبلها الفطرة بكل رحابة صدر، وهذه العقيدة هي عقيدة الإِسلام قال تعالى:{فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30].

والمسلم عليه أن يبلِّغ من العلم والدعوة ما يستطيع، جاء في الحديث الشريف:"فليبلِّغ العلمَ الشاهدُ الغائبَ"(1) ولكن يا للأسف إن أمر الدعوة قد هان لدى المسلمين فاضطرب ميزان الخير والشر، ثم استفحل الخطر فأمسى الضلال يركض في كل ناحية لا يجد عائقًا ولا ساخطًا، وهكذا ركدت ريح الدعوة إلى الله لأن هذه الأمة في عصورها الأخيرة قد فرطت الكثير في جنب الله ولم تخلُف رسولَها العظيم في طبيعة الإِشعاع والإِسعاد التي اقترنت ببعثته والتي جعلت منه صبحًا يجتاح الظلمات (2).

(1) أخرجه البخاري انظر (فتح 1/ 197 كتاب العلم باب سواء عليهم).

(2)

مع الله، دراسات في السيرة والدعوة والدعاة للشيخ محمد الغزالي ص 55.

ص: 122