الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصْل الثالث
الطرق المؤدية لإِيصال الدعوة إلى جميع الناس
قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)} [الحج: 27].
والأذان معناه الإِعلام، وهنا يتبين لنا مدى أهمية الإِعلام في الدعوة إلى الله والدعوة إلى كل خير. فعندما أنهى إبراهيم عليه السلام بناء البيت الذي أمره الله ببنائه أمره أن يعلن للعالم كله أن عليكم حجًّا فحجُّوا. فأعلنها إبراهيم عليه السلام كما أمره ربه فسمعه مَن سمعه في الأرض فجاءه ملبيًا مكبرًا "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك له لبيك".
من هذا المنطلق تبرز أهمية الإِعلام في توجيه كل فضيلة. والإِعلام بمعناه الصحيح هو إخبار الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات والحقائق الثابتة التي تساعد على تكوين رأي صائب في واقعة من الوقائع الثابتة، لذا كتب الله سبحانه وتعالى النجاح للدعوة الإِسلامية، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مثلًا أعلى في الصدق إلى الحدّ الذي جعل عقلاء العرب يصدقونه بخبر السماء. لذلك يجب توجيه الإِعلام الإِسلامي توجيهًا يتناسب مع عقيدتنا
وشريعة ديننا ودعوتنا حتى نصل بها إلى العالم أجمع وإلى كل صقع وواد؛ نعرِّفهم بالإِسلام، وأنه هو الدين الذي ارتضاه رب العالمين للناس منهجًا.
ومن خلال وسائل الإِعلام نستطيع أن نبين زيف الإِرساليات النصرانية من التشويه الذي شوّهوا به ديننا وعقيدتنا، ولا يزالون يحاربون هذا الدين وأهله ليطفئوا نور الله ولكن هيهات هيهات لما يفعلون {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32)} [التوبة: 32].
إذن فما على المسلمين إلا أن يقفوا وقفة واحدة للدفاع عن هذا الدين والدعوة إليه وتفنيد الشبهات التي حاكها أعداء الإِسلام والمسلمين من يهود ونصارى قال الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82] وذكر سبحانه وتعالى في موضع آخر: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120].
ولما للإِعلام من الأهمية في نشر الدعوات والأفكار كان لزامًا على المسلمين أن يوجهوا هذا الجانب توجيهًا إسلاميًا ويخدموا به الدعوة الإِسلامية وسبل نشرها في ربوع المعمورة.
إن ما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم من الجهود لنشر الإِسلام كان (إعلامًا) صرفًا بلغة العصر الحاضر، (ودعوة) صادقة بلغة المسلمين في العصر الأول من صدر الإِسلام، وحسبنا أن نعلم أنه كان من أهم الوسائل الإِعلامية التي أتيحت للرسول صلى الله عليه وسلم:
المصدر الأول: القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
والمصدر الثاني: السنة النبوية الشريفة التي كانت مفسِّرة للقرآن
الكريم (1) قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3 - 4].
ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين وانقطع الوحي وانتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى وانقطع وجود شخص الرسول صلى الله عليه وسلم بين الناس، وهي بحق شخصية متكاملة في الخَلْق والخُلُق كيف لا وقد كان تحت رعاية الباري عز وجل {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].
لكن عندما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم والتحق بالرفيق الأعلى بقي الكتاب والسنة موجودين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وما إن تمسك المسلمون بهما فقد سعدوا "تركت فيكم أمرين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدًا كتاب الله وسنتي"(2).
فعلينا نحن المسلمين أن نخطوا الخطوات تلو الخطوات ونخدم دعوتنا في هذا المضمار بعد توجيهه الوجهة الصحيحة.
تعريف الإِعلام:
فالإِعلام هو نشر الكلمة أو الخبر أو الفكرة أو الصورة على عامة الناس (3) بإحدى الوسائل الآتية:
أولًا: الكتابة سواء كانت هذه الكتابة في كتاب أو صحيفة أو مجلة أو نشرة عامة.
ثانيًا: التلفاز.
ثالثًا: الإِذاعة.
ومن هنا تظهر أهمية الإِعلام في إيجاد الوعي عند جمهور الناس
(1) انظر الإعلام في صدر الإِسلام ص 103 لعبد اللطيف حمزة.
(2)
رواه الحاكم في مستدركه كتاب العلم باب خطبة حجة الوداع 1/ 93.
(3)
رسالة الإعلام في بلاد الإِسلام وعلاقتها بالدعوة الإِسلامية ص 1 للشيخ عبد الله الأنصاري.
وتوجيه مشاعرهم الوجهة الصحيحة السليمة في الدعوة إلى كل خير وفضيلة والدعوة إلى الإِسلام ودفع الشبهات عنه.
وهناك وسيلة أخرى لا تقل أهمية عن الوسائل الأخرى وهي الجهود الشخصية.
فالإِعلام بكل صوره ووسائله نستطيع أن نكرِّسه في الدعوة إلى الخير أو الشر. وهذا يعتمد على اليد التي تسيطر عليه، والتي يجب أن تكون أيدٍ مؤمنةً بربها ودينها متخذة التقوى بالله شعارها، وهي تبتغي بذلك إيصال الدعوة ونشرها وتبليغ هذا الدين.
ويجب أن تكون هذه اليد ملتزمة "والالتزام قضية هامة وهي في غاية الخطورة، وينبغي أن تكون هي الجوهر الذي علينا اكتشافه وقبل كل شيء يجب أن تتوافر في الداعية شروط شتى.
أ- التفقه في الدين ومعرفة أحكامه والإِخلاص لعقيدته الإِسلامية.
ب- الإِلمام الكامل بثقافة الإِسلام ثقافة عامة، والاطلاع على ثقافة الغرب والرد على ما تناقض مع الإِسلام، والجواب على الشبهات التي تثار حوله" (1).
ويجب على الداعية المسلم الإِيمان المطلق بأن الأمة المسلمة صاحبة رسالة سماوية وحاملة أمانة إلى أهل الأرض جميعًا قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)} [الأحزاب: 72].
فالمسلمون ملزمون بتبليغ هذه الرسالة إلى الناس كافة على مختلف ألوانهم وألسنتهم، فإذا فعلنا ذلك كنا أوفياء لعقيدتنا.
(1) رسالة الإعلام في بلاد الإِسلام وعلاقتها بالدعوة الإِسلامية للشيخ عبد الله الأنصاري ص 9.
لذا أصبح من الواجب علينا إيجاد الإِعلام الإِسلامي الذي يحافظ على قيم الإِسلام وتشريعاته وأحكامه. إن الإِعلام لو وُجِّه توجيهًا سليمًا في برامجه على اختلاف أنواعها لَسمعنا صوتَ الإِسلامِ عاليًا. والمطلوب من إعلامنا أن يتجه هذه الوجهة الإِسلامية الصحيحة، نريد أن يكون إعلامًا دفاعيًا تبليغيًا، لكي نردّ فيه على حملات أعداء الإِسلام وتشويهاتهم ونبيِّن فسادَ هذه الحملات وما ترمي إليه من تشكيك.
لذا يجب أن يقف الإِعلام المسلم الموقف المدافع المناضل بالأدلة النقلية والعقلية وإبطال وفضح أكاذيب هؤلاء، وأن يكون تبليغيًا داعيًا إلى الله من خلال عمل رجال الإِعلام المسلمين فيه، فعليه أن يبين ما في الإِسلام من محاسن وقيم وعقيدة سليمة وشرائع تميل إليها النفوس (1). فكان لابد لنا أن نبين أهمية كل قسم من أقسام الإِعلام وما له من تأثير في نفوس الناس من خلال بث الأفكار والمعتقدات.
1 -
التلفاز: هو وسيلة إعلامية ذات تأثير عميق في حياة الناس وأفكارهم ومشاعرهم فبتوجيهه توجيهًا سليمًا، وذلك بإخراج وعرض قضايا الإِسلام العقائدية والاجتماعية، فيكون بعد ذلك قد ساهم في تحسين المستوى الفكري والاجتماعي للإِنسان في نشر الدعوة.
2 -
الإِذاعة: والحقيقة أنها وسيلة من أهم الوسائل الإِعلامية في عصرنا الحاضر التي يمكن تسخيرها في مجال الدعوة الإِسلامية وسبل نشر هذا الدين وما يحتوي من قيم وشعائر، وذلك بتقوية إرسالها الإِذاعي حتى تصل إلى قلوب الناس، وأن يكون ذلك بعدة لغات، وهذا "ينمي ويبعث فيهم فطرة البحث عن الحقيقة، ثم بعد ذلك تكون وظيفة الدعاة تثبيت الإِقناع والدخول في التفاصيل من عبادة وسلوك وغير ذلك"(2).
(1) الدعوة الإِسلامية ووسائل الإعلام الدكتور عبد المنعم محمد حسنين ص 13.
(2)
وسائل الإعلام عدنان رشيد ص 8.
هذه الوسائل التي ذكرنا آنفًا هي من الوسائل الآلية، وهي تسخَّر وتوجَّه حسب حقيقة وسلوك وعقيدة الموجِّه. وهذه الآلة لا حول لها ولا قوة لأنها توجّه ولا توجِّه، فإذا كان الموجه يتمتع بروح الإِسلام فإنه سوف يوجهه توجيهًا إسلاميًا، وأما إذا كان الموجه ذا نزعة غربية أو شرقية فإنه سوف يوجهه توجيهًا حسب ما تملي عليه ثقافته الغربية أو الشرقية.
3 -
الكتابة: وهي من الوسائل الإِعلامية التي تساعد على نشر الدعوة الإِسلامية، سواء كانت هذه الكتابة عن طريق صحيفة أو غير ذلك. فيستطيع الكاتب الإِسلامي أن تكون كتاباته ومقالاته في خدمة الدعوة، وبأُسلوب نظيف بعيد عن كل نزعة قومية أو عنصرية، وأن تكون كتابته في صميم الإِسلام. وهذه الكتابات لها أثرها الكبير في النفوس وخاصة في صدق الدعوات.
والدعوة إلى الله من أجلِّ الأعمال وأقربها إلى الله سبحانه وتعالى. فتأليف الكتب في بيان حقيقة معاني الإِسلام وكتابة الأبحاث والمقالات والرسائل من الوسائل المفيدة في الدعوة إلى الله ولاسيما إذا ترجمت إلى لغات من يراد تعريفهم بالإِسلام ودعوتهم إليه. فيمكن بهذه الوسيلة تبليغ الإِسلام إلى ملايين الناس الذين لا يعرفون اللغة العربية ولم تصلهم حقيقة الإِسلام بعد.
ويذكر الدكتور عبد الكريم زيدان "أنه يجب على الداعية أن يكتب هذه المقالات والأبحاث بأسلوب بسيط مفهوم وواضح يدركه الناس على مختلف مستوياتهم وقدراتهم وأن تكون المعاني التي يبينها فيها مما يتمكن كل واحد من معرفتها، وأن تكون خالية من ذكر المسائل الدقيقة والخلافية، وأن تكون مختصرة دون إخلال بالمعنى ومقتضيات التفهيم (1) ".
وهناك قسم آخر من أقسام الإِعلام وهو الجهود الشخصية وما لها من
(1) أصول الدعوة ص 414 الدكتور عبد الكريم زيدان.
الأثر الكبير في نشر الدعوة. والجهود الشخصية تعتمد على أساسين مهمين في حياة الداعية.
أ- تعتمد على شخصه من حيث القدرة على الكلام وقوة الحجة.
ب- وتعتمد على خُلق الداعية وسيرته، نعني بذلك القدوة الحسنة للغير.
ونبين هنا كلا النوعين وما لهما من الأثر الطيب في النفوس، والكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الطيبة تتلقى المكان الرحب في صدور الناس، لذلك يجب أن يكون الكلام بالقول لينًا هينًا سهلًا واضحًا خاليًا من الألفاظ المجملة المبهمة التي تحمل حقًا وباطلًا. والداعية ملزم أن يكون كلامه وألفاظه في نطاق الشريعة وحدودها، لأن المهم هو إيصال الدعوة إلى قلوب الناس، وهذا لا يحتاج إلى كلمات جوفاء غامضة لا تفيد السامع ولا تنفعه بشيء، بل يجب على الداعية أن يلتزم بالقدوة الحسنة وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
تقول عائشة رضي الله عنها: "كان كلام رسول الله كلامًا فصلًا يفهمه كلّ من يسمعه"(1) معنى ذلك كان كلامه بينًا وواضحًا.
ونرى القرآن الكريم يأمر بتبليغ الدعوة وذلك بجعل القول معنىً من معاني الدعوة قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وقوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] وقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104)} [الأعراف: 104].
والخطبة: نوع من أنواع القول، وهي عادة ما تكون بين مجموعة من الناس. ومن عوامل نجاح الخطبة والتأثر بها: أن يدرس الخطيب أحوال المجتمع الذي يعيش فيه، كأن يعيش في مجتمع بعيد عن العقيدة الإِسلامية والارتماء في أحضان العقائد الفاسدة، فيكون للخطيب صولة وجولة في
(1) رواه أبو داود 5/ 172 كتاب الأدب باب الهدى في الكلام.
ذكر العقيدة الإِسلامية وما لها من مزايا على العقائد الفاسدة، وبضرب الأمثلة والوقائع على ذلك.
وهناك الدرس والمحاضرة والمناقشة والجدل. والمناقشة من الأهمية بمكان، وخاصة إذا كانت المناقشة في إظهار الحق بالأدلة والبراهين النقلية والعقلية.
ويكون النقاش بين شخصين أو بين شخص ومجموعة من الناس، ولابد أن يكون الداعية على مكانة علمية ويتحلى بالخلق والصبر وحسن المناقشة، مبينًا بذلك قوة الحجة والبيان. وكذلك عليه أن لا يتردد في أي مناقشة ما دام سعيه وراء الحق وإظهاره قال تعالى:{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
والحقيقة أن الجهود الفردية لها أثرها الكبير في نشر الدعوة الإِسلامية، والسيرة الحسنة والسلوك هو رأس مال الداعية إلى الله ويجب أن يكون سلوكه وعمله متأسيًا بسلوك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
فوسائل الإِعلام هي بحق خير طريقة لإِيصال الدعوة وسبل نشرها في المجتمعات الأخرى إذا ما وُجِّه الإِعلامُ توجيهًا إسلاميًا، ولكن يا ترى: هل حدث هذا في إعلامنا نحن المسلمين من نشر الفضيلة والدعوة إلى الله؟ والجواب: لا، لم يحدث هذا لأن الإِعلام في العالم الإِسلامي ليس إعلامًا إسلاميًا، وإن كان فيه فهو قليل، وهذا دليل على أن القائمين على الإِعلام في بلادنا الإِسلامية هم مسخرون من قبل الشرق أو الغرب. فكل وسائل الإِعلام ليس فيها رائحة الإِسلام إلا ما هو نادر؛ فهذه صحافتنا نراها تحمل أفكارًا ومبادىء تتنافى مع عقيدتنا الإِسلامية ومخالفة لأعرافنا من تشجيع على الفساد. ويأتي دور الإِذاعة والتلفاز، وما أدراك ما الإِذاعة والتلفاز يذاع ويعرض فيهما الإِثم، إذ نسمع فيهما ونرى ما تخجل الأُذن والعين أن تسمعه وتراه؛ إن أبناءنا وبناتنا يعرفون عن الغرب والشرق أكثر مما يعرفون عن تاريخهم الإِسلامي، إن الإِعلام في بلادنا مسؤول مسؤولية
كبيرة عن كل تخريب حصل في مجتمعنا من تأخر وابتعاد عن العقيدة الإِسلامية.
إن من الواجب على الإِعلام في بلادنا أن يسير وفق منهج مستقيم "والدراسات الإِعلامية الحديثة تؤكد أن الإِعلام إذا وُجِّه توجيهًا حقيقيًا إلى إصلاح الداخل أولًا ثم إصلاح الخارج فقد سار في الطريق المستقيم، فالإِسلام لا يعرف الجمود في مكان ولا زمان، ولكن يعرف الخروج إلى الدنيا مهما اتسعت أطرافها. وهذا واجب ينبغي أن تحمله رسالة الإِعلام لما لها من مقدرة على تخطي الحواجز"(1).
لابد من الجهر بالدعوة وأن نصدع بها عبر الآفاق بجرأة وشجاعة كما كان يفعل السلف الصالح حين صدعوا بالحق وما خافوا في الله لومة لائم "إن للإِعلام دوره الخطير في نشر الدعوات وأنها وسيلة من وسائل الاتصال، فإنه من الواضح أن يعتبر قيامها بدور فعال في مجال الدعوة الإِسلامية وفاء بواجب من الواجبات الأساسية التي عليها (2). وحيث يكون للإِعلام أثر فعال لابد من نشر الحق بين الناس، وأن تكون البرامج فيها هادفةً والفصل فيها واضحًا بين دعوة الإِسلام والدعوات الأُخرى. ولابدّ من الجهر بالحق والإِصرار على عالمية الدعوة الإِسلامية (3). ولابد من إخضاع كل وسيلة صالحة للإِعلام النظيف إلى سلطان الدعوة تمكينًا لها من الذيوع وتوضيحًا لسموها وتفوُّقها على سائر الدعوات والمذاهب التي تتخبط البشرية في مجاهلها. ولا خلاف على أن في مقدمة هذه الوسائل كل الفنون الإِذاعية من المسموع والمنظور والمقروء (4).
فنستطيع أن نعرض من خلالها الإِسلام ثقافةً وعبادةً وتعاملًا وتأريخًا
(1) رسالة الإِعلام في بلاد الإِسلام وعلاقتها بالدعوة الإِسلامية ص 13 للدكتور طه مقلد.
(2)
نفس المصدر السابق.
(3)
نفس المصدر السابق.
(4)
نحو إعلام إسلامي ص 11 محمد المجدوب.
لِيعلم مَن لا يعلم أن الإِسلام نظام حياة متكامل أنزله الله سبحانه وتعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].
بذلك ننقذ إذاعات المسلمين من تلك المساخر التي أفسدت الذوق العام ودمرت الشباب، ونريد أن نعرض معاني الإِسلام بأساليب محكمة بناءة هادفة تربط قلوب المشاهدين بروح الدين حتى يكونوا الصورة التي ترسمها الآية {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت: 33].
ويبرز العالم الإِسلام على تباعد أقطاره الجغرافية وحدة منتظمة في وشائج الأخوة.
ونريد للدعوة صحافة نقية من المخازي التي جعلت هذا الفن وصمة عار في جبين العالم الإِسلامي، نريدها حافلة بالفضائل التي يطلقها الإِسلام في كل جانب من جوانب الحياة، هذا من جهة الإِعلام ودوره الفعال في خدمة الدعوة وباستطاعته الوصول إلى أي بقعة من بقاع هذا العالم، وذلك بتقوية البث الإِرسالي حتى يبلغ أمر الله هذه المجتمعات المتعطشة إلى الإِيمان لتقتل الفراغ الذي تعيشه.