الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقَدّمة المؤلف
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلِّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأصلِّي وأسلِّم على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
إن الإِسلام بعقيدته السمحة، ونظامه الشامل الكامل صالح لكل زمان ومكان، وعقيدة الإِسلام هي "لا إله إلا الله محمَّد رسول الله" ومعناها أنه لا عبودية بحق إلا لله تعالى اعتقادًا وتصوُّرًا. قال سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56].
والعبودية هي أن تؤمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأن تقيمَ وتُحِلَّ الحلالَ، وتُحَرِّمَ الحرامَ، وتقيم المعاملاتِ والتشريعاتِ والتوجيهاتِ الإِسلامية، هذه هي العبودية الحقة، وهذه هي عقيدة الإِسلام، التي تميّزت عن غيرها من العقائد الأخرى؛ فالإِسلام كلٌّ لا يتجزأ.
ومعنى ذلك أن لا نأخذ بعض أحكامه ونترك البعض الآخر، فإن الله سبحانه وتعالى حذّرنا في كتابه العزيز من هذا التلاعب الخطير، فقال:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85].
لذا أقول: إنه لا خلاص للبشرية كلِّها من هذا التيه والضياع إلا بهذه العقيدة؛ إن أرادت التخلّص من هذه الجاهليات التي طمست معالمها ودمرت خصائصها. فمن أوجب الواجبات على أصحاب هذه العقيدة أن يقوموا بالدعوة إليها بالحكمة والموعظة الحسنة، لإِنقاذ هذه المجتمعات من جاهليتها التي تردّت إليْها فضاعَتْ وساءَ حالُها.
وليكن معلومًا لدينا أن هناك أقوامًا لا يعرفون عن عقيدة الإِسلام شيئًا، بل لا يعرفون من الدين شيئًا، فما أحرانا نحن المسلمين أن نبلِّغ ما أمَرنا الله به سبحانه وتعالى، قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
فالدعوة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وشرط خيرية هذه الأمة هو القيام بهذا الأمر، ومن هنا تظهر لنا أهمية العقيدة الإِسلامية في حياة الناس.
ولما كان مقررًا على كل طالب يريد الحصول على درجة (الماجستير) أن يقدم بحثًا علميًا، فقد استقر رأي على موضوع "أهل الفترة ومن في حكمهم في العقيدة الإِسلامية".
سبب اختيار الموضوع:
إن في العقيدة الإِسلامية جوانب شتى تستحق الدراسة والبحث. ومن هذه الجوانب موضوع أهل الفترة، وهم الأقوام الذين لم تبلغهم الدعوة ولم يسمعوا برسالة نبي من الأنبياء، وهو بحق من الموضوعات التي تستحق الدراسة.
وعند ذكر الأسباب التي دعت للكتابة في هذا الموضوع تبرز لنا أهميته. ومنها:
1 -
عدم الكتابة فيه كتابة مستقلة فيما أعلم، إلا ما وجد متناثرًا في الكتب،
فأردت بيان الحق في هذه المسألة الهامة بالجمع بين النصوص والترجيح بين أقوال العلماء رحمهم الله.
2 -
اختلاف واضطراب الناس فيه.
3 -
وجود أقوام لم تبلغهم الدعوة، وبصفتنا مسلمين نريد أن نعرف ما هو حكمهم وما مصيرهم؟.
هذه الأسباب وغيرها دعتني للكتابة في هذا الموضوع.
منهجي في البحث:
1 -
اعتمدت على المراجع والمصادر الأساسية في الموضوع.
2 -
تحرّيت الأمانة العلمية والدقة والصدق في عرض آراء العلماء بالرجوع إلى كتبهم ما أمكنني ذلك.
3 -
عرضت المسائل مع أدلتها، ثم ناقشت الأقوال فيها ورجحت القول المدعّم بالدليل الصحيح.
4 -
تجنبت الإطالة والإِطناب في الموضوعات والتعليقات.
5 -
أكثرت من الاستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لخطورة الموضوع.
6 -
قمت بترجمة الأعلام الذين ورد ذكرهم في الرسالة، وذلك بالرجوع إلى كتب التراجم.
7 -
حرصت على أن تكون الفهارس خير دليل للقارىء الكريم فوضعت الفهارس التالية:
أ - فهرس الآيات القرآنية.
ب - فهرس الأحاديث النبوية الشريفة.
جـ - فهرس الأعلام.
هـ - فهرس المراجع.
و- فهرس الموضوعات.
هذا وقد جعلت البحث في مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة.
المقدمة.
الباب الأول: مسؤولية الإِنسان متعلقة بإرسال الرسل. ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: حاجة البشرية للرسل والغاية من إرسالهم.
الفصل الثاني: خصوصية دعوة الرسل الذين سبقوا نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
الفصل الثالث: عموم دعوة نبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم وبقاؤها.
الباب الثاني: بيان المقصود من أهل الفترة. ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: التعريف بأهل الفترة.
الفصل الثاني: حكم مطالبتهم بأحكام الأنبياء السابقين.
الفصل الثالث: الملحقون بأهل الفترة. وفيه مبحثان:
أ - أطفال المشركين.
ب - المجانين وأصحاب العاهات.
الباب الثالث: حكم من لم تبلغه الدعوة المحمدية في عصرنا الحاضر، ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: في وجود أقوام لم تبلغهم الدعوة.
الفصل الثاني: فيمن تقع عليهم مسؤولية عدم تبليغهم الدعوة.
الفصل الثالث: الطرق المؤدية لإِيصال الدعوة إلى جميع الناس.
الخاتمة: وفيها خلاصة البحث.
هذا ما أردت الكتابة به، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا عملنا هذا وأحمده سبحانه -وهو المستحق للشكر دائمًا- إذ أعانني على كتابة هذا البحث، فلله الحمد في الأولى والآخرة.
واستنادًا إلى الحديث الصحيح: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"(1):
(1) رواه أبو داود والترمذي، وذكره السيوطي في جامعه وقال: حديث حسن. انظر فيض القدير 6/ 240.
أتقدم إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي أستاذ العقيدة في قسم الدراسات العليا بكلية أصول الدين، الذي بذل جهده ووقته من أجل إخراج هذا البحث على أحسن صورة، فأسأل الله تعالى أن يجزيَه خير الجزاء ويحفظه إنه هو السميع المجيب.
كما أشكر جميع الأساتذة الفضلاء الذين أسدوا إليّ المشورة والنصح، وأخص منهم الدكتور أحمد فرحات.
كما أشكر جميع الإِخوة الذين ساهموا في إخراج هذه الرسالة وأخصّ منهم أعضاء هيئة المكتبات والإِخوة الطلاب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
موفّق أحمد شكري