المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النظرة الثالثةتأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه - النظرات الوقادة في خروج الحسين بن علي رضي الله عنه واستشهاده

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌النظرة الأولىترجمة مختصرة للحسين رضي الله عنه

- ‌اسمه

- ‌ولادته:

- ‌مكانته:

- ‌زواجه:

- ‌أولاده:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌وفاته:

- ‌النظرة الثانيةمعارضة الحسين رضي الله عنه ولاية يزيد:

- ‌المورد الأول يتمثل في أمرين:

- ‌المورد الثاني ويتمثل في ثلاثة أمور:

- ‌النظرة الثالثةتأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الرابعةالصحابة رضي الله عنهم لا يرون الخروج: والخروج نريد به هنا أمرين:

- ‌النظرة الخامسةالتابعون لا يرون الخروج:

- ‌النظرة السادسةافتراق الرأي بين الحسين وابن الزبير:

- ‌النظرة السابعةهل كانت للحسين مندوحة في مبايعة يزيد:

- ‌النظرة الثامنةموقف يزيد من الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة التاسعةهزيمة مسلم بن عقيل:

- ‌النظرة العاشرةانقطاع أمل مسلم في النجاة:

- ‌النظرة الحادية عشرةقوة الخوف على الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الثانية عشرةالطريق إلى الكوفة:

- ‌النظرة الثالثة عشرةمقابلة الحسين رضي الله عنه للحر بن يزيد:

- ‌النظرة الرابعة عشرةصحوة وفاجعة:

- ‌النظرة الخامسة عشرةالفاجعة الكبرى:

- ‌النظرة السادسة عشرةعهد معاوية رضي الله عنه لابنه بالملك:

- ‌النظرة السابعة عشرةحسن الظن في أمور:

- ‌النظرة الثامنة عشرةبعض نتائج الأحداث:

- ‌ومن إيجابيات خروج الحسين رضي الله عنه ما يلي:

الفصل: ‌النظرة الثالثةتأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه

‌النظرة الثالثة

تأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه

-:

أجمع الصحابة على مناصحة الحسين رضي الله عنه، ولم يخالفوه في عدم صلاحية يزيد للولاية من كل وجه، ولكن خالفوه في أمور كان يجب عليه أن يدقق النظر فيها، وأن يستخلص منها العبر المفيدة، وعليها يبني خطة المواجهة، بحسابات دقيقة ومدروسة فالتوكل والثقة بالله أمر مطلوب في كل حال، ولكن مع عدم إغفال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أعقلها وتوكل» (1) والأهلية وحدها لا تكفي، بل لابد من الشوكة، فكان يجب التالي:

1 ـ النظر في تاريخ الأنصار لاستخلاص قوة أو ضعف الولاء حين اشتداد البأس، وذلك أن الذين كاتبوه وطالبوا بخروجه إليهم ليبايعوه هم الذي قتلوا أباه الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وطعنوا أخاه الحسن رضي الله عنه، وهنا علامة استفهام كبيرة جدا حول الصدق في الولاء، وذلك أن الأنصار بعد الله عز وجل هم الأُس المهم في إظهار الحق وقمع الباطل.

(1) حديث حسن أخرجه الترمذي حديث (2517).

ص: 19

2 ـ النظر في قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: يا ابن عم إني أتصبَّر ولا اصبر، وإني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، إن أهل العراق قوم غدر، فلا تغترنَّ بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم، ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً، ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس بمعزل، واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب (1).

إن دراسة هذا القول مهمة جدا لما يريد الحسين رضي الله عنه الإقدام عليه، وما للحسين أن يتجاوزه بقوله رضي الله عنه: يا ابن عم! والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير (2).

بهذه السرعة انتهى الموقف، وكان له رضي الله عنه في الأمر أناة، وهو شديد الحاجة إليها.

3 ـ كان يجب مراجعة القرار عندما أعاد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بصيغة أخرى تستحق التفكير فيها وإعطاءها

(1) الكامل لابن الأثير 2/ 526.

(2)

الكامل لابن الأثير 2/ 526.

ص: 20

حقها من الدراسة والنظر، قال ابن عباس للحسين رضي الله عنهم: أخبرني إن كان وعدوك بعد ما قتلوا أميرهم، ونفوا عدوهم، وضبطوا بلادهم فسر إليهم، وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم قاهر لهم، وعماله تجبي بلادهم، فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس، ويقلبوا قلوبهم عليك، فيكون الذي دعوك أشد الناس عليك (1).

وهي لفتة دقيقة لم يصغ لها الحسين رضي الله عنه وكانت عقلانية صرفة، لا علاقة لها بالعاطفة والخوف على الحسين، وفيها إشارة إلى قوة يزيد وضعف من يريد الخروج عليه، وكان ابن عباس رضي الله عنهما أمينا ناصحا ذكيا، فلم يكن عالما بتأويل القرآن فحسب، بل أوتي من الفقه والعلم بمجريات الأحداث ما جعله يتكلم بنظر ثاقب، ورؤية دقيقة وحكمة بالغة، ولذلك ناظر الخوارج فأقام عليهم الحجة، ورجع منهم أربعة آلاف (2)، ولو قدر للحسين رضي الله عنه أن يأخذ بهذه النصيحة

(1) الكامل لابن الأثير 2/ 526.

(2)

البداية والنهاية 7/ 282.

ص: 21

لتغير مجرى الأحداث فيما بين السنة والشيعة بشأن الحسين رضي الله عنه، ولكن نفذ القدر، فسبق السيف العذل.

4 ـ إن استغلال تأمين والي يزيد للحسين رضي الله عنه فرصة تتيح للحسين رضي الله عنه اختبار القوم الذين وعدوه النصر على ضوء ما قال ابن عباس رضي الله عنهما، فقد ساور الشك عبد الله بن جعفر رضي الله عنه فظن أن سبب خروج الحسين الخوف من والي يزيد، عمرو بن سعيد بن العاص، فذهب إلى عمرو بن سعيد بن العاص وطلب منه أن يكتب كتاباً إلى الحسين رضي الله عنه يؤمنه فيه ويعده بالخير، وكان رد عمرو بن سعيد أن قال لعبد الله بن جعفر رضي الله عنه: اكتب ما شئت وائت به أختمه.

فكتب عبد الله بن جعفر:

بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن سعيد إلى الحسين بن علي، أما بعد، فإني أسأل الله أن يصرفك عما يبوقك، وأن يهديك لما يرشدك، بلغني أنك قد توجهت إلى العراق، وإني أعيذك بالله من الشقاق، فإني أخاف عليك فيه الهلاك، وقد بعثت إليك عبد الله بن جعفر، ويحي بن سعيد، فأقبل إليّ معهما، فإن لك عندي الأمان والبر والصلة وحسن الجوار

ص: 22