المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النظرة الرابعة عشرةصحوة وفاجعة: - النظرات الوقادة في خروج الحسين بن علي رضي الله عنه واستشهاده

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌النظرة الأولىترجمة مختصرة للحسين رضي الله عنه

- ‌اسمه

- ‌ولادته:

- ‌مكانته:

- ‌زواجه:

- ‌أولاده:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌وفاته:

- ‌النظرة الثانيةمعارضة الحسين رضي الله عنه ولاية يزيد:

- ‌المورد الأول يتمثل في أمرين:

- ‌المورد الثاني ويتمثل في ثلاثة أمور:

- ‌النظرة الثالثةتأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الرابعةالصحابة رضي الله عنهم لا يرون الخروج: والخروج نريد به هنا أمرين:

- ‌النظرة الخامسةالتابعون لا يرون الخروج:

- ‌النظرة السادسةافتراق الرأي بين الحسين وابن الزبير:

- ‌النظرة السابعةهل كانت للحسين مندوحة في مبايعة يزيد:

- ‌النظرة الثامنةموقف يزيد من الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة التاسعةهزيمة مسلم بن عقيل:

- ‌النظرة العاشرةانقطاع أمل مسلم في النجاة:

- ‌النظرة الحادية عشرةقوة الخوف على الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الثانية عشرةالطريق إلى الكوفة:

- ‌النظرة الثالثة عشرةمقابلة الحسين رضي الله عنه للحر بن يزيد:

- ‌النظرة الرابعة عشرةصحوة وفاجعة:

- ‌النظرة الخامسة عشرةالفاجعة الكبرى:

- ‌النظرة السادسة عشرةعهد معاوية رضي الله عنه لابنه بالملك:

- ‌النظرة السابعة عشرةحسن الظن في أمور:

- ‌النظرة الثامنة عشرةبعض نتائج الأحداث:

- ‌ومن إيجابيات خروج الحسين رضي الله عنه ما يلي:

الفصل: ‌النظرة الرابعة عشرةصحوة وفاجعة:

أمره، وبهدم داره وقتله، وأمام هذا الخيار رضي بمواجهة الحسين رضي الله عنه (1)، ولما وصل الحسين رضي الله عنه إلى كربلاء من منطقة الطف (2) أدركته خيل عمر بن سعد بن أبي وقاص، ومعه شمر بن ذي الجوشن، والحصين بن تميم (3)، وأحاطت الخيل بالحسين ومن معه، وأصبح الأمر خطيرا للغاية.

‌النظرة الرابعة عشرة

صحوة وفاجعة:

بان للحسين رضي الله عنه يقينا صدق الناصحين من الصحابة والتابعين، وصواب ما حذروا منه، وزاده يقينا ما سمع من الأخبار عبر طريقه، فما تلقى بشيرا بنصر، ولا مشجعا على المسير، وجاءه النبأ المفجع خبر تخاذل شيعته، ومقتل ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب رحمه الله، وهانئ بن عروة، وكان المعول عليهما

(1) تاريخ الطبري 6/ 335، بتصرف

(2)

تقدم بيانه.

(3)

أنساب الأشراف 3/ 166، بتصرف.

ص: 60

في جمع الناس وأخذ البيعة، والتحضير لقدوم الحسين رضي الله عنه، وكان لهذا الخبر المفجع المؤلم وقعه الشديد على الحسين رضي الله عنه، فهؤلاء أقرب الناس إليه قد قتلوا، والشيعة في الكوفة تخاذلوا عن نصرته (1)، فبادر إلى التخلص من كتم الخبر عن مرافقيه، وقال: من أحب أن ينصرف فلينصرف، فتفرق الناس عنه يميناً وشمالاً (2)، وقال له بعض من ثبتوا معه: ننشدك الله إلا ما رجعت من مكانك، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن يكونوا عليك.

فوثب بنو عقيل إخوة مسلم بن عقيل بن أبي طالب وقالوا: والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق كما ذاق مسلم (3).

وهنا لم يكن أمام الحسين رضي الله عنه وقد مُنع من العودة، وقوبل بهذا الحشد من العدد والعدة، وتلك الأخبار السيئة عن شيعته، الذين لم يفوا إلا باستقدامه لهلاكه ومن معه، ليس له إلا أحد

(1) موقف المعارضة: ص 267.

(2)

تاريخ الطبري 6/ 323.

(3)

تاريخ الطبري 6/ 322.

ص: 61

أمرين أحلاهما مر:

1 ـ الدخول في مفاوضات مع ابن زياد علها تكون سببا لصلح ينقذ الحسين به نفسه ومن معه، وإن حدث هذا فهو مخرج سيقبله الحسين رضي الله عنه على مضض، ولاسيما وقد رفض نصائح الصحابة والتابعين بعدم الخروج، ولكنه دون شك أخف من المواجهة التي هي محسومة من البداية بهلاك الحسين رضي الله عنه ومن معه، وفعلا أقدم الحسين رضي الله عنه على هذه الخطوة، وبدأ بالتفاوض مع عمر بن سعد بن أبي وقاص، وبيّن الحسين رضي الله عنه أنه لم يأت إلى الكوفة إلا بطلب من أهلها، وأبرز لعمر بن سعد الدليل على ذلك، أسماء المبايعين والداعين للحسين، وكتب عمر بن سعد لابن زياد بما سمعه من الحسين وقال:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي، فسألته عما أقدمه وماذا يطلب؟ ، فقال: كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذا كرهوني، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم.

فلما قرئ على ابن زياد تمثل قول الشاعر:

ص: 62

الآن إذ علقت مخالبنا به

يرجو النجاة ولاة حين مناص

وكتب ابن زياد لعمر بن سعد:

بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت، فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية وجميع أصحابه فإذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام.

ولما اطلع عمر بن سعد على جواب بن زياد ساءه ما يحمله الجواب من تعنت وصلف، وعرف أن ابن زياد لا يريد السلامة (1).

ولم يكن هذا الموقف حسنا من ابن زياد فقد غلا في القسوة، واختار السوء والأذى للحسين رضي الله عنه ولمن معه، وكان الأجدر به أن يعامل الحسين بما يليق بمقامه رضي الله عنه، ولا أقل من العمل بقول الله تعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ

(1) من الآية (134) من سورة آل عمران.

ص: 63

لِلصَّابِرِينَ} (1) والحسين حتى اللحظة لم يرق قطرة دم، ولكن حب البطش بالخصم، أوقع ابن زياد في هذا الموقف الذي لم يحمد عليه، وقد علم بعزة الحسين رضي الله عنه، وأنه لن يقبل هذا العرض، وهنا يكون لابن زياد شأن آخر.

رفض الحسين رضي الله عنه ما عرضه ابن زياد، ثم لما رأى خطورة الموقف طلب من عمر بن سعد مقابلته، وعرض على عمر بن سعد عرضاً آخر يتمثل في إجابته واحدا من ثلاثة أمور:

الأول: ما كان نصحه به الصحابة والتابعون رضي الله عنهم ويرجع من حيث أتى.

الثاني: العودة على عرض ابن زياد فيذهب إلى الشام فيضع يده في يد يزيد بن معاوية.

الثالث: أن يسيّروه إلى أي ثغر من ثغور المسلمين فيكون واحداً منهم له ما لهم وعليه ما عليهم (2)، وقد أكد الحسين رضي الله عنه

(1) الآية (126) من سورة النحل.

(2)

المحن لأبي العرب.

ص: 64

موافقته للذهاب إلى يزيد (1)، وكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد بكتاب أظهر فيه أن هذا الموقف المتأزم قد حُلّ، وأن السلام قد أوشك، وما على ابن زياد إلا الموافقة (2)، وكاد ابن زياد أن يوفي بما عرضه على الحسين رضي الله عنه من الذهاب إلى يزيد لمبايعته، وكاد يرسله إلى يزيد، لولا تدخل شمر بن ذي الجوشن الذي كان جالساً في المجلس حين وصول الرسالة فقد اعترض على رأي ابن زياد في أن يرسله إلى يزيد، وبيّن لابن زياد أن الأمر الصائب هو أن يطلب من الحسين أن ينزل على حكمه، حتى يكون هو صاحب الأمر المتحكم فيه (3)، وكان جليس سوء لم

(1) أنساب الأشراف 3/ 173، 224.

(2)

تاريخ الطبري 6/ 340.

(3)

تاريخ الطبري 6/ 340.

ص: 65