المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النظرة الثامنةموقف يزيد من الحسين رضي الله عنه - النظرات الوقادة في خروج الحسين بن علي رضي الله عنه واستشهاده

[مرزوق بن هياس الزهراني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌النظرة الأولىترجمة مختصرة للحسين رضي الله عنه

- ‌اسمه

- ‌ولادته:

- ‌مكانته:

- ‌زواجه:

- ‌أولاده:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌وفاته:

- ‌النظرة الثانيةمعارضة الحسين رضي الله عنه ولاية يزيد:

- ‌المورد الأول يتمثل في أمرين:

- ‌المورد الثاني ويتمثل في ثلاثة أمور:

- ‌النظرة الثالثةتأييد بعض الصحابة للحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الرابعةالصحابة رضي الله عنهم لا يرون الخروج: والخروج نريد به هنا أمرين:

- ‌النظرة الخامسةالتابعون لا يرون الخروج:

- ‌النظرة السادسةافتراق الرأي بين الحسين وابن الزبير:

- ‌النظرة السابعةهل كانت للحسين مندوحة في مبايعة يزيد:

- ‌النظرة الثامنةموقف يزيد من الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة التاسعةهزيمة مسلم بن عقيل:

- ‌النظرة العاشرةانقطاع أمل مسلم في النجاة:

- ‌النظرة الحادية عشرةقوة الخوف على الحسين رضي الله عنه

- ‌النظرة الثانية عشرةالطريق إلى الكوفة:

- ‌النظرة الثالثة عشرةمقابلة الحسين رضي الله عنه للحر بن يزيد:

- ‌النظرة الرابعة عشرةصحوة وفاجعة:

- ‌النظرة الخامسة عشرةالفاجعة الكبرى:

- ‌النظرة السادسة عشرةعهد معاوية رضي الله عنه لابنه بالملك:

- ‌النظرة السابعة عشرةحسن الظن في أمور:

- ‌النظرة الثامنة عشرةبعض نتائج الأحداث:

- ‌ومن إيجابيات خروج الحسين رضي الله عنه ما يلي:

الفصل: ‌النظرة الثامنةموقف يزيد من الحسين رضي الله عنه

‌النظرة الثامنة

موقف يزيد من الحسين رضي الله عنه

-:

1 ـ اعتبر يزيد أن عمل الحسين سيوقع الناس في فتنة ولاسيما أن الأمر قائم لبني أمية، منذ عهد معاوية رضي الله عنه فالدولة محكمة وذات قوة ونفوذ، فأسرع الكتابة إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كبير الهاشميين فقال له فيما كتب: نحسب أن رجالاً أتوه من المشرق فمنّوه الخلافة، فإنهم عندك منهم خبرة وتجربة (1)، فإن كان فعل فقد قطع وشائج القرابة، وأنت كبير أهل بيتك، والمنظور إليه، فاكففه عن السعي في الفرقة (2).

ثم كتب بهذه الأبيات إليه، وإلى مكة والمدينة:

يا أيها الراكب الغادي لطيبته

على عُذَاقِرةِ في سيرها قحم

أبلغ قريشاً على نأي المزار بها

بيني وبين حسين الله والرحم

يا قومنا لا تشبوا الحرب إذ خمدت

وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا

(1) إشارة إلى غدرهم.

(2)

تهذيب الكمال 6/ 419.

ص: 37

لا تركبوا البغي إن البغي مصرعة

وإن شارب كأس البغي يتخم

فقد غرّت الحرب من كان قبلكم

من القرون وقد بادت بها الأمم

فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا

فرب ذي بذخ زلت به القدم (1)

فكتب إليه ابن عباس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة وتطفى بها الثائرة (2).

2 ـ كان مسلم بن عقيل المعقل الذي يأوي إليه الشيعة لإعطاء البيعة للحسين، ولم يخف الأمر على والي يزيد على الكوفة، ولكنه لم يبدأ بالعنف (3).

3 ـ كان النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه والي الكوفة فلما أحس بخطورة الوضع قام فخطب في الناس وقال: اتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة، فإن فيها يهلك

(1) البداية والنهاية 11/ 505.

(2)

السير 3/ 304.

(3)

انظر: تاريخ الطبري 6/ 277.

ص: 38

الرجال، وتسفك الدماء وتغصب الأموال، وقال: إني لن أقتل من لم يقاتلني، ولا أثب على من لا يثب علي، لا أشاتمكم ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف ولا الظنة والتهمة، ولكن إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم إمامكم، فو الله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن لي منكم ناصر، أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل (1).

4 ـ كانت سياسة النعمان حكيمة لو نحى يزيد نحوها، وترسل في الأمر، ولكن لم يرضها يزيد لأن الأمر في نظره لا يعالج بالمواعظ، فالحسين رضي الله عنه لم يستجب لنصائح الصحابة والتابعين، فمن باب أولى أن لا يستجيب العامة من الشيعة، فعزل النعمان من الولاية، وعين بدله عبيد الله بن زياد، وكتب إليه: إن شيعتي من أهل الكوفة كتبوا إليّ يخبروني، أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين، فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي أهل الكوفة، فتطلب ابن عقيل

(1) انظر: تاريخ الطبري 6/ 277.

ص: 39

كطلب الخرزة، حتى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام (1).

5 ـ نفذ الأمر عبيد الله بن زياد، وأقبل إلى الكوفة ودخلها متلثماً، والناس قد بلغهم إقبال الحسين إليهم، فهم ينتظرون قدومه، فظنوا حين قدم عبيد الله أنه الحسين بن علي، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحباً بك يا ابن رسول الله، قدمت خير مقدم، فلما أكثروا عليه صاح فيهم مسلم بن عمرو وقال: تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فلما نزل في القصر نودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم ثم خطبهم ووعد من أطاع منهم خيراً، وتوعد من خالف وحاول الفتنة منهم شراً (2).

6 ـ كانت الخطوة التالية لخطبة ابن زياد الشروع في الوصول إلى معقل الشيعة مسلم بن عقيل، فدس عليه من الناس من استطاع الوصول إلى مجلسه، ويطوِّل مجلسه معه فلا يحجب، فكانت أخبار مسلم وتحركاته تصل إلى ابن زياد أولا بأول،

(1) تاريخ الطبري 6/ 278.

(2)

تاريخ الطبري 6/ 280.

ص: 40

عن طريق ذلك الرجل.

7 ـ كان مسلم بن عقيل ينزل في بيت هانئ بن عروة، وقد اخترق سرهما ابن زياد بذلك الرجل والذي يدعى معقلا، فأرسل إلى هانئ بن عروة وكشف له نزول مسلم في بيته، وطلب منه إحضاره فقال هانئ والله لا أسلم ضيفي للقتل، فضربه زياد على وجهه، واحتجزه، وشاع عند الناس موت هانئ، بلغ الخبر عمرو بن الحجاج الزبيدي أن هانئاً قد قتل، فأقبل في قبيلة مذجح، وأحاط بالقصر، ونادى أنه لم يخلع الطاعة، وإنما أراد الاطمئنان إلى سلامة هانئ، فأمر ابن زياد القاضي شريح بأن يدخل على هانئ، وينظر إليه ويخبرهم أنه حي. ففعل.

فقال لهم سيدهم عمرو بن الحجّاج: أما إذا كان صاحبكم حياً فما يعجلكم الفتنة؟ انصرفوا فانصرف (1).

8 ـ اغتنم مسلم بن عقيل إشاعة قتل هانئ، فأمر أن ينادي في أصحابه الذين بايعوه، بكلمة السر المعروفة لهم: يا منصور

(1) تاريخ الطبري 6/ 288.

ص: 41

أمت، فتنادى أهل الكوفة فاجتمعوا إليه وكان عدد الذين حضروا أربعة آلاف رجل (1)، سار بهم بعد أن قسمهم أرباعا، لكل ربع أمير ولواء، وكان معه أقوام من كندة وربيعة، ومن مذحج وأسد، ومن تميم وهمدان، والربع الرابع من المدينة (2).

9 ـ لم يكن عبيد الله بن زياد رجلا عاديا بل كان يملك قدراً كبيراً من الدهاء والمكر والخداع، حيث أنه بمجرد دخوله القصر جمع وجوه الكوفة واحتفظ بهم عنده حتى يكونوا وسيلة ضغط مهمة عنده تثمر نتائج إيجابية جداً لصالح ابن زياد (3).

10 ـ كان احتفاظ عبيد الله بالوجهاء والأعيان ورقة رابحة إذ طلب منهم أن يعظوا الناس، ويخذلوهم ويخوفوهم بقرب أهل الشام، وصار هؤلاء الأمراء والزعماء يثبطون الناس، ويذكرونهم بالسلامة والأمن، وأنهم إن لم ينصرفوا سيحرمون

(1) انظر: تاريخ الطبري 6/ 289.

(2)

انظر: تاريخ الطبري 6/ 291.

(3)

مواقف المعارضة ص: 255.

ص: 42

من العطاء، وسيساقون إلى الثغور وسينالهم العقاب الشديد (1).

11 ـ لم يقف ابن زياد عند هذا الحد من المواجهة بالتخذيل، فاستخدم الآباء في إضعاف عزيمة أبنائهم وثنيهم عن المواجهة، وكذلك الأمهات في التأثير على أولادهن، فيقولون: لم تستقبلون الحرب والشر، وسيأتيكم أهل الشام، فأخذ الإرجاف والتخويف يعمل عمله في صفوف المناصرين لمسلم، فأخذوا يتسللون لواذا عن مسلم، فلم يحل المساء إلا وقد تفرق عنه الأنصار، ولم يبق من أربعة آلاف سوى ما بين ثلاثمائة وخمسمائة رجل (2).

ويستمر ابن زياد في الحرب النفسية ضد كل من يناصر مسلم بن عقيل، ولم يكن مسلم كفئا في المكر والدها لعبيد الله، فواجه من كان مع عبيد الله من كان مع مسلم من القبائل بأقوامهم، فأمر ابن زياد نفرا من الوجهاء منهم: عبيد الله بن كثير بن شهاب الحارثي أمره أن يخرج فيمن أطاعه من

(1) تاريخ الطبري 6/ 293.

(2)

تاريخ الطبري 6/ 293.

ص: 43