الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس عشر
في ذكر موسى بن عمران عليه السلام وصفته التي وصفه بها النبي صلى الله عليه وسلم ورأفته بهذه الأمة وشفقته عليهم وذكر شيء من معجزاته وذكر السبب في تسميته موسى
، وذكر عمره، وصلاته في قبره وفائدة بوابه وأن يعرص الأرض المقدسة ريين حجر.
روى الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي رأيت موسى فإذا هو رجل ضرب كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعه أحمر كأنما خرج من ديماس وأنا أشبه ولد إبراهيم به صلى الله عليه وسلم" كذا رواه البخاري في صحيحه.
وروي من حديث جابر بن عبد اللَّه وابن عباس، وغيرهما أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عرض عليَّ الأنبياء، فإذا موسى رجل ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى ابن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبيها صاحبك يعني نفسه صلى الله عليه وسلم، ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبهًا وحيه" أخرجه مسلم في صحيحه.
قال قتادة عن أبي العالية قال: حدثنا ابن عم نبيكم عبد اللَّه بن عباس رضي
اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلًا أدم طوال كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجل مربوع إلى العمرة والبياض سبط الرأس، ورأيت مالكًا خازن النار، ورأيت الدجال في آيات أرانيهن اللَّه تعالى" أخرجه مسلم أيضًا من طريق قتادة والأدم الأسمر الشديد السمرة مأخوذ من أدمة الأرض وهو لونها ومنه سُمي آدم عليه السلام، والضرب من الرجال هو الذي له
جسم ليس بالضخم ولا الضئيل قال ابن الأثير في النهاية الضرب الخفيف اللحم الممشوق المستبدق وقوله صلى الله عليه وسلم: "كأنه من رجال شنوءة" فهي قبيلة من العرب اليمانيين سموا بذلك لأنهم كانوا يتباعدون عن الأنجاس يقال رجل فيه شنوءه بفتح الشين المعجمة وضم النون وهمزة مفتوحة بعد الواو إذا كان فيه نفور وتباعد عن الأنجاس حكاه الجوهري، وقيل سمو بذلك لأنهم تشانوا أي تباغضوا وتباعدوا والنسبة إلى أردشنوه شناي بالهمزة ومنهم من لم يهمز شنوه فيقول في النسبة شنوي، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم رؤيته لموسى بن عمران عليه السلام من طريق ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: سرنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بواد فقال: أي واد هذا؟ قالوا: وادي الأزرق قال: كأني انظر إلى موسى عليه السلام فذكر من لونه وشعره شيئًا لم يحفظه داود أحد رواة الحديث واضعًا أصبعيه بأذنيه له حوار إلى اللَّه تعالى بالتلبية بهذا الوادي ثم أتى على ثنية هرشا فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: ثنية هرشا فقال: كأني انظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعد عليه جبة من صوف حطام ناقته حنبه يعني ليفا والجوأر بضم الجيم وبالهمزة رفع الصوت وقد اختلف العلماء رضي الله عنهم في هذه الرؤية التي رآها نبينا صلى الله عليه وسلم للأنبياء عليهم السلام فقيل إن ذلك كان في المنام بدليل ما جاء في بعض الروايات في الصحيح.
عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما أنا نائم رأيتنى أطوف بالكعبة وذكر في الحديث قصة رؤيته عيسى ابن مريم عليه السلام.
وقال كثير من المحققين: إن ذلك رؤيا عين لا منام على الصحيح، وهذا هو القول الراجح، وعلى هذا فاختلفوا في معنى الحديث الآخر الذي ذكر فيه كيفية حج موسى عليه السلام، فذكر فيه وجوها: أحدها: أن هذا على ظاهره كان الأنبياء عليهم السلام أحياء بعد موتهم كالشهداء بل أفضل، وإذا كانوا أحياء فلا يبعد أن يحجوا ويصلوا ويتقربوا إلى اللَّه تعالى بما استطاعوا؛ لأنهم وإن كانوا قد توفوا فهم في هذه الدنيا التي هي دار العمل، حتى إذا فنيت مدتها وتعقبها الدار الآخرة التي هي دار الجزاء
انقطع العمل، وقد يقال أيضًا: إن هذه الأعمال تحبب إليهم فيتعبدون بما يجدون من دواعي أنفسهم لا بما يلزمون كما يحمده ويسبحه أهل الجنة كما جاء في الحديث أنهم يلهمون التسبيح، كما يلهمون النفس، وهو معنى قوله تعالى:{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، وإن كانت ليست بدار تكليف، ولكن يكون ذلك على الوجه الإلهامي الذي ذكرناه فكذلك حج الأنبياء عليهم السلام وصلاتهم، وثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم رأى حالهم التي كانت في حياتهم ومثلوا له في حال حياتهم كيف كانوا، وكيف حجتهم، وتلبيتهم وثالثها: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن ما جاء به وحي إليه من أمرهم، وما كان منه إن لم يرهم، لكن جاء به وحي من اللَّه تعالى إليه في هذا النسق لقوة اليقين بصدق ذلك، إذا كان عن وحي، والذي تقضيه الأحاديث الصحيحة من أنهم صلوات اللَّه عليهم أجمعين أحياء في قبورهم، كما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: رأيت موسى يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر" أخرجه مسلم عن هدبة بن خالد، وشيبان بن فروح
كلاهما عن حماد بن سلمة به ولفظه مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر، وهو قائم يصلي في قبره، وهذه الرواية ظاهرة في حياة موسى عليه السلام في قبره، ويدل عليه أيضا حديث المعراج المتقدم وترديده النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصلوات، وقد تقدم أن الإسراء كان بجسده صلى الله عليه وسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: استب رجل من المسلمين، ورجل من اليهود، فقال المسلم: والذي اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم على العالمين في قسم يقسم به، فقال اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم عند ذلك يده ولطم اليهودي، فذهب اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره الذي كان من أمره وأمر المسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تخيروني فإن الناس يصعقون
فأكون أول من يصعق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي؟ أم كان ممن استثنى اللَّه عز وجل" وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الناس يصعقون يوم القلب من فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي؟ أم جزي بصعقته"، وفي رواية بصعقة الطور، فإذا الحديث دليل ظاهر قوي في حياة موسى عليه السلام، وحياة نبينا صلى الله عليه وسلم، وحياة غيرهما من الأنبياء صلوات اللَّه عليهم، ووجه ذلك أن وفاة موسى عليه السلام من المعلوم قطعا، وإذا كان كذلك فالصعق عند النفخ في الصور إنما يكون لمن هو حي في الدنيا، فأما من مات قبل ذلك فلا يصعق لأن تحصيل الحاصل محال وإنما يصح ذلك في حق موسى عليه السلام إذا كان حيا فيتحصل من ذلك أنه حي كالشهداء بل أفضل وأولى بهذه الكرامة، وينضم إلى ذلك رؤية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم له قائمًا يصلي في قبره واجتماعه به ليلة الإسراء في السموات العلا وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه حرم على الأرض أن تأكل
أجساد الأنبياء" لما قيل له: كيف تعرض صلاتنا عليك؟ وقد أرمت أي بليت إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي يفيد مجموعها العلم بأن موت الأنبياء صلوات اللَّه عليهم أجمعين ليس عدمًا محضًا كموت غيرهم بل هو انتقال من حالة إلى أخرى وغيبوا غيبا بحيث لا تدركهم وإن كانوا موجودين أحياء، وذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا يراهم أحد من نوعنا إلا من خصه اللَّه بكرامته من أوليائه وأصفيائه فإن قيل قد صح أن اللَّه تعالى توفاهم من الدنيا وذاقوا الموت كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لنبينا صلى الله عليه وسلم: أما الموتة التي كتب اللَّه عليك ذقتها فإذا كانوا أحياء، فقد أقامهم اللَّه تعالى بعد موتهم ذلك فيلزم من ذلك أنهم يموتون موتة ثانية عند النفخ في الصور، فيذوقون الموت أكثر من غيرهم فالجواب عن ذلك أنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات، ومن في الأرض فلا شك أن صعق غير الأنبياء بالموت وأما صعق الأنبياء فالظاهر أنه غشية وزوال استشعار لا موت كغيرهم كيلا يلزم أنهم يموتون مرتين -
وهذا ما اختاره الإِمام البيهقي، والقرطبي، وغيرهما أن صعقتهم يومئذٍ ليس موتًا بل غشي أو نحوه، ويدل لصحته قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث "فلا أدري، أكان فيمن صعق فأفاق قبلي"، ولم يقل حي قبلي فإن هذا يقتضي أنه إذا نفخ النفخة الثالثة، وهي نفخة البعث يفيق من كان مغشيًا عليه، ويحيا من كان ميتا، والحاصل أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تحقق أنه أول من يفيق، وأول من يخرج من قبره قبل الناس كلهم الأنبياء وغيرهم إلا موسى عليه السلام فإنه حصل له تردد هل بعث قبله أو بقي على حاله التي كان عليها قبل النفخة والصعق، وهذا الوجه أول ما يحمل عليه هذا الحديث، وهو الذي لا يتجه غيره واللَّه أعلم.
أما قوله صلى الله عليه وسلم "لا تفضلولني على موسى"، فقد ذكر العلماء رضي الله عنهم فيه وجوها كثيرة منها أن هذا كان قبل أن يعلمه اللَّه تعالى بأفضليته فلما أعلمه اللَّه تعالى بذلك صرح به وقال صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم، منها أن المنهي عنه هو التفاضل بينهم في النبوة فإنها درجة واحدة لا تفاضل
فيها، ومنها أن هذا كان منه صلى الله عليه وسلم من باب الأدب والتواضع وفي هذه الوجوه نظر، وأقوى منها وجهان: أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم لا يعطه حقه إلا من يفرق بين الفاضل والأفضل، والكامل والأكمل، وكثير من الناس يعتقد في المفضول نقصًا بالنسبة إلى الفاضل، وفضل بعض الأنبياء على بعض إلى هو من باب الفاضل ولا يقض بالحق أحدا منهم فحمى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لئلا يودي إلى نقص من مرتبتهم وفي التنقص بين مرتبتهم من المحذور ما لا يخفى، والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع من اعتقاد ذلك، وإنما منع من قوله والخوض فيه يودي إلى خصومة وفتنة، كما وقع في الحديث المتقدم من قصة المسلم واليهودي واللَّه أعلم.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكلام اللَّه تعالى لموسى مقطوع به قال: للَّه تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى
تَكْلِيمًا} [النساء: 164].
وسماع موسى لكلام اللَّه تعالى جائز، وإن كان كلامه منزهًا عن الحروف والأصوات كما أن المؤمنين يرون اللَّه تعالى يوم القيامة وهو منزه عن الجهة وعن التحيز فإذا ثبت ذلك تحيز الصادق المصدوق وجب اعتقاده والتصديق به واللَّه أعلم.
وأما رأفته صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة وشفقته عليهم فمنها قوله لنبينا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ما فرض ربك على أمتك؟ قال خمسين صلاة في كل يوم وليلة، وقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل واختبرتهم إلى أن قال فلم أزل أرجع بين يدي ربي وبين موسى حتى قال: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشرة فتلك خمسون الحديث بطوله في الصحيحين وقد تقدم.
وأما معجزاته صلى الله عليه وسلم فمنها أنه لما جاء حزب بني فرعون الموكلون بذبح ذكور بني إسرائيل إلى أمه، قالت أخته: يا أماه الحرس بالباب فلفته أمه في خرقة، ووضعته في التنور وهو مسجور، ولم تعقل ما تصنع فجاء الحرس فوجدوا التنور مسجورا، فلم يتغير لون أمه ولا ظهر لها لبن، فخرجوا من عندها، فرجع لها عقلها، وقالت لأخته: أين الصبي؟ قالت: لا أدري فسمعت بكاءه من التنور فانطلقت إليه وقد جعل اللَّه النار المحرقة عليه بردًا وسلامًا إلى غير ذلك من الكرامات الباهرة والمعجزات الظاهرة والمعدودة في معجزاته الباهرة المعدودة، في معجزات الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم، وسمي موسى لأنه صلى الله عليه وسلم وجد بعد ما ألقته أمه في اليم في ماء وشجر في دار فرعون فقيل لآسية امرأة فرعون: سميه، فقالت: سميته موسى لأن مويا بالقبطة اسم للماء وسى اسم للبحر.
روى صاحب كتاب الإنس بسنده إلى قتادة عن حسن قال: مات موسى فلم يدر أحد من بني إسرائيل أين قبره ولا أين توجه فماج الناس في أمره ولبثوا لذلك
ثلاثة أيام لا ينامون الليل فلما كان ثالثة غشيتهم سحابة على قدر محلة بني إسرائيل، وسمعوا منها مناديًا يقول بأعلى صوته مات موسى، وأي نفس لا تموت مكررًا القول حتى فهمه الناس كلهم، وعلموا أنه قد مات، ولم يعرف أحد من الخلائق أين قبره.
وبسنده إلى محمد بن إسحاق يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما طلع أحد على قبر موسى إلا الرحمة فنزع اللَّه عقلا كي لا تدل عليه أحدا، قال القرطبي في كلامه على قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب: 69] ، أي بقولهم قتل موسى أخاه هارون فتكلمت الملائكة بموته، ولم نعرف قبره إلا الرحمة ولذلك جعله اللَّه أبكم أصم، وكذلك رواه الحاكم في مستدركه في كتاب تاريخ الأنبياء، روى بسنده إلى قتادة قال الحسن: مات موسى وهو
ابن عشرين ومائة سنة، ومات هارون قبل موسى بثلاث سنين، وهو ابن ثمانية عشرة سنة ومائة، وهو أكبر من موسى بسنة، وكذا ذكر أبو جعفر الطبري في تاريخه أن عمر موسى مائة سنة وعشرون سنة، قال غيره: مات موسى وهو ابن مائة وسبع عشرة سنة، ومات في سابع آذار ودفن في الوادي من الأرض التي مات فيها قال وهارون ولد قبل موسى بسنة في عام الذبح وذلك أنه وقع في مشيخة بني إسرائيل موت، فقال رؤوس القبط لفرعون: قد وقع الموت في هؤلاء القوم ويوشك أن تفنى الكبار وأنت تذبح الصغار، وأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة فولد هارون في سنة الترك وموسى بعدها في سنة الذبح ومات هارون قبل موسى بثلاث سنين، فموسى أكبر من هارون، وقول صاحب كتاب الإنس: حكايه عن الأنس حكاية الحسن هو أكبر من موسى بسنة مراده أسبق منه في الوجود سنة لأنه أسن منه. قال وهب: لما قبض هارون كان عمر موسى مائة وسبع عشرة سنة وعاش بعده ثلاثين سنة، أما فائدة الدنو من الأرض المقدسة رمية بحجر وذكر موضع قبره في الصحيحين أن موسى عليه السلام: قال يا رب أدنني من الأرض المقدسه رمية بحجر. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر"، فإن قيل: لم لم يسأل موسى عليه السلام نفس الأرض المقدسه ولا مكانا مخصوصًا معروفًا عند الناس وإنما
سأل الدنو من الأرض المقدسة رمية بحجر فالجواب نحو ذلك بها رواه القرطبي في تفسيره أنه إنما سأل الدنو منها لشرفها؟ ولم يسأل مكانًا معروفًا خوفًا من أن يعبد وتكثر الأحداث عنده ولا يتنافى سؤاله الدنو منها القول بأن قبره ببيت المقدس فإنه عليه السلام سأله شيئًا عطاه اللَّه فوقه، وهذا شأن الكريم يعطي فوق المسئول وعمل الناس اليوم من أهل بيت المقدس، وغيرهم على القول الثالث المتقدم وهو أنه دفن شرقي
بيت المقدس وقبره مقصود بالزيارة في القبة التي تقدم ذكرها والناس يتحملون مشقة الذهاب إليه فيبيتون عنده مشقة الإياب ويبذلون الأموال في عمل المأكل والمشرب، وتأجير الدواب يفعل ذلك الرجال والنساء من أهل بيت المقدس، وغيرهم الواردين عليه بقصد الزيارة لا يخلون بذلك حتى الآن، قال الحافظ ضياء الدين المقدسي: يقال إن ذلك القبر الذي اشتهر أنه قبره في الأرض المقدسة بالقرب من أريحا كان عنده كثيب أحمر إلى جانبه طريق مسلوك. انتهى واللَّه أعلم.