المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار ذات المناسبة - الوصف المناسب لشرع الحكم

[أحمد بن عبد الوهاب الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌الباب الأول: في المناسبة وتعريف المناسب

- ‌الفصل الأول: في تعريف المناسبة

- ‌الفصل الثاني في إقامة الدليل على أن المناسبة دالة على العلية

- ‌الفصل الثالث في تعريف المناسب

- ‌الباب الثاني: في تقسيمات المناسب

- ‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار ذات المناسبة

- ‌الفصل الثاني: في تقسيم المناسب الحقيقي باعتبار إفضائه إلى المقصود

- ‌الفصل الثالث: في تقسيم المناسب من حيث اعتبار الشارع له وعدم اعتباره له

- ‌المبحث الأول: أقسام المناسب بحسب القسمة العقلية

- ‌المبحث الثاني أقسام المناسب من حيث الاعتبار

- ‌المبحث الثالث: تقسيم ابن السبكي له

- ‌المبحث الرابع: تقسيم الإمام له

- ‌المبحث الخامس: تقسيم الآمدي له

- ‌المبحث السادس: اشتراط الحنفية في المناسب فوق المناسبة كونه مؤثرا

- ‌الباب الثالث: في المناسب المرسل

- ‌الفصل الأول: في تعريفه وبيان محل الخلاف والوفاق فيه بين العلماء

- ‌الفصل الثلني: في بيان مذاهب العلماء في الوصف المناسب المرسل

- ‌الفصل الثالث في بيان أدلة مذهب الإمام مالك

- ‌الفصل الرابع: في بيان رأي الإمام أحمد رحمه الله هو وأتباعه في الأخذ بالمناسب المرسل

- ‌الفصل الخامس في ذكر أدلة مذهب القاضي ومن وافقه ومناقشتها

- ‌الفصل السادس في ذكر أدلة مذهب الإمام الشافعي رحمه الله وبيان موقفه من الأخذ بالمناسب المرسل

- ‌الفصل السابع في رأي أبي حنيفة وأتباعه في اعتبار المناسب المرسل

- ‌الفصل الثامن: في رأي الغزالي في قبول المرسل

- ‌الفصل التاسع في أدلة مذهب الطوفي فيما ذهب إليه من تقديم المصلحة على النص والإجماع

- ‌الفصل العاشر: هل تنخرم مناسبة الوصف لوجود مفسدة مساوية لها أو راجحة أم لا تنخرم

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار ذات المناسبة

‌الباب الثاني: في تقسيمات المناسب

‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار ذات المناسبة

تمهيد

قسم الأصوليون المناسب تقسيمات باعتبارات مختلفة، فقسموه أولاً باعتبار ذات المناسبة إلى: حقيقي وإقناعي.

وقسموا الحقيقي إلى: دنيوي وأخروي، والدنيوي إلى: ضروري وحاجي، وتحسيني.

وقسموه ثانياً باعتبار إفضائه إلى المقصود بأن يكون حصول المقصود منه يقيناً أو ظناً، أو أن يتساوى الحصول وعدمه، أو يكون نفي الحصول أرجح، أو يكون فائتاً بالكلية.

وقسموه ثالثاً بالنظر إلى اعتبار الشارع له، وعدم اعتباره له1.

1 انظر: نبراس العقول 1/276، رسالة مباحث القياس الأصولي ص 137.

ص: 189

الفصل الأول وفيه مباحث:

البحث الأول

ينقسم المناسب باعتبار مناسبته للحكم إلى: حقيقي، وإقناعي، فالحقيقي هو الذي لا تزول مناسبته بالبحث والتأمل، بل تزداد وضوحاً كلما زاد البحث والتأمل فيه، كالإسكار، فإنه مناسب للتحريم من حيث أن تحريم المسكر يترتب عليه حفظ العقول، وكالقتل العمد العدوان، فإنه مناسب لوجوب القصاص لأن في ترتيب وجوب القصاص على القتل العمد العدوان حفظ النفوس.

والمناسبة في كل من المثالين لا تزول بالتأمل، والتفكر، بل تزداد وضوحاً كلما زاد التأمل والتفكر.

وأما الاقناعي، فهر الذي تتخيل مناسبته في أول الأمر، غير أنه إذا سلط عليه البحث، وسدد إليه النظر ظهر عدم مناسبته.

مثاله: تعليل الشافعي رحمه الله تحريم بيع الخمر والميتة وسائر النجاسات بنجاستها، وقياس الكلب والخنزير عليها.

ووجه المناسبة أن كونه نجساً يناسب إذلاله، واجتنابه، ومقابلته بالمال يناسب إعزازه، والجمع بينهما متناقض.

فهذا وإن كان يظن به في الظاهر أنه مناسب، لكنه في الحقيقة يظهر بالتأمل أنه ليس كذلك، لأن كونه نجساً معناه أنه لا تجوز الصلاة معه، ولا مناسبة بين بطلان الصلاة باستصحابه فيها، وبين المنع من بيعه1.

ونقل المطيعي أن التاج السبكي اعترض في تكملة الابتهاج على عدم المناسبة في هذا المثال بقوله: "ولقائل أن يقول: لا نسلم أن المعنى يكونه نجساً منع الصلاة فيه، بل ذلك من جملة أحكام النجس، وحينئذ فالتعليل بكون النجاسة تناسب إذلاله ليس بإقناعي، "لأنه من جملة أحكام النجس، وتعليل منع بيع

1 انظر: شفاء الغليل ص 172 فما بعدها، المحصول ص 306 خ.

ص: 191

الشيء بنجاسته مناسب حقيقي"، ثم قال: نعم مثال هذا استدلال الحنفية على قولهم إذا باع عبداً من عبدين أو ثلاثة يصح، والغرر القليل تدعو الحاجة إليه، فأشبه خيار الثلاث، فإن الرؤساء لا يحضرون السوق لاختيار المبيع، فيشتري الوكيل واحداً من ثلاثة، ويختار الموكل ما يريد.

فهذا وإن تخيلت مناسبته أولاً، فعند التأمل يظهر أنه غير مناسب، لأنا نقول: لا حاجة إلى ذلك، لأنه يمكنه أن يشتري ثلاثة في ثلاثة عقود، ويشترط الخيار، فيختار منها ما يريد" اهـ.

ثم اعترض المطيعي على هذا المثال "بأن الحنفية لا يقولون بالتعليل بالإخالة، ولو لم تكن اقناعية، وإنما يقبلون بما اتفق الكل على قبوله، وهو ما اعتبر الشارع نوع الوصف أو جنسه، في نوع الحكم أو جنسه، فكيف يعقل أنهم يقبلون التعليل بما يتخيل مناسبته فيما قاله التاج؟ رحمه الله تعالى، ونسبه للحنفية من تعليل الحكم الذي قالوه بهذه العلة غير صحيح، ولكن الحنفية يقولون: أي فرق بين أن يشتري العبيد الثلاثة بعقد واحد، أو يجعل المشتري لنفسه الخيار في ذلك، فيردها كلها، أو واحداً منها، وبين أن يشتريها بثلاثة عقود.

فشراؤه بعقد واحد مع الخيار للخيار للمشتري في كلها أو بعضها صحيح بلا شك، وكذلك شراؤها بعقود مع الخيار للمشتري في كلها أو بعضها صحيح أيضاًَ.

ولا يفرق بين هذا وهذا إلا بكون الأول عقداً واحداً، والثاني بعقود متعددة، وهذا الفرق لا يؤثر في العلة، ولا في الحكم بحال من الأحوال"1.

وذكر الغزالي أن "مثال هذه الاقناعات قد يوجد في الشرع معتبراً، ولكن يعتقد اعتباره إذا دل عليه مسلك نقلي، أما مجرد هذه لمناسبة فربما لا يجري على دعوى التعليل.

1 انظر: سلم الوصول على نهاية السول 4/90-91.

ص: 192

وكذلك إذا قلنا: تحريم الربا في الأشياء الأربعة سببه: الطعم وحرمته تضييقاً لطريق التحصيل فيما عز في نفسه، فإن ما يعز لا ينال إلا بنوع تكلف، وتجشم شروط، ومضايق، وما سقط حرمته لم يضيق طريقه، بل يسهل مناله، كان هذا كلاماً إقناعياً ضعيفاً، ينكشف بالبحث عن غير طائل، إذ يقال العزيز المحترم يصان عن الإتلاف بالإسراف والتضييع، فإما أن يصان عن التحصيل بطريق التضييق فلا، بل يمهد إليه طريق التملك، ويوسع مسلكه لشدة الحاجة إليه"1.

هذا وقد اتضح أن المناسب الاقناعي هو الذي تظهر مناسبته في بادئ الرأي ثم تزول بالبحث والتأمل، أما الأمثلة السابقة فليس من همي مناقشتها إذ قد قيل:

والشأن لا يعترض المثال

إذ قد كفى الفرض والاحتمال

الثاني: ينقسم المناسب الحقيقي إلى: ديني ودنيوي.

فالمناسب الديني هو ما يجلب للإنسان نفعا، أو يدفع عنه ضرراً بحيث يكون كل منهما متعلق بالآخرة، كتزكية النفس، وتهذيب الأخلاق، ورياضة النفوس، فإنها مناسبة لشرع العبادات، لأن الصلاة مثلاً وضعت للخضوع، والتذلل، والصوم لانكسار النفس بحسب القوى الشهوانية والعصبية.

فإذا كانت النفوس طاهرة تؤدي المأمورات، وتجتنب المنهيات، حصلت لها سعادة الآخرة، لأن منافع العبادات أخروية، وهي ترجع إلى حصول الثواب ودفع العقاب2.

"والحقيقي الدنيوي هو ما يجلب للإنسان نفعاً، أو يدفع عنه ضرراً بحيث يكون كل منهما متعلقاً بالدنيا كالسرقة والزنا، فإن المنفعة المترتبة على شرع الحكم

1 انظر: شفاء الغليل ص 174.

2 انظر: نهاية السول مع منهاج العقول 3/ 54، وأصول الفقه لأبي النور زهير 4/97، وتهذيب شرح الأسنوي 3/98.

ص: 193

عندهما، وهي حفظ النفس، وحفظ المال متعلقة بالدنيا"1.

الثالث: ينقسم المناسب الحقيقي الدنيوي باعتبار المقصود منه إلى: ضروري، وحاجي وتحسيني.

فأما الضروري فهو الذي "لا بد منه في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث إذا فقد لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد، وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين"2.

وهو في أصله منحصر في المقاصد الخمسة التي هي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسب والمال، فإن الشرائع لم تختلف في حفظها، بل أطبقت على حفظها، لكونها من المهمات التي ارتبط بها نظام العالم بحيث أن النوع الإنساني لم يبق مستقيم الأحوال بدونها.

فالدين محفوظ بالجهاد، والقتل بالردة، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله:{قَاتِلُواْ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} 3، وفي الحديث:"من بدل دينه فاقتلوه"4.

والنفس محفوظة بشرعية القصاص، كما نبه عليه تعالى بقوله:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} 5، فإنه لولا ذلك لتهارج الخلق، واختل نظام المصالح.

والعقل محفوظ بشرعية الحد على شرب المسكر، لأن العقل آلة الفهم، وحامل الأمانة، ومحل الخطاب والتكليف، وقد نبه الله على فساد الخمر بقوله تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} 6.

1 انظر: أصول الفقه لأبي النور زهير 4/97، وتهذيب شرح الأسنوي 3/97-98.

2 انظر: الموافقات للشاطبي 2/8.

3 سورة التوبة آية: 29.

4 أخرجه البخاري، فانظره فيه مع الفتح 6/149، الموطأ مع تنوير الحوالك 2/116.

5 سورة البقرة آية: 179.

6 سورة المائدة آية: 91.

ص: 194

والنسب محفوظ بتحريم الزنا، وإيجاب الحد عليه، لأن المزاحمة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب المؤدي إلى انقطاع التعهد عن الأولاد، وفيه التوثب على الفروج بالتعدي والتغلب، وهو مجلبة الفساد والتقاتل.

والمال محفوظ بإيجاب الضمان على المتعدي عليه، والقطع بالسرقة، وحدِّ المحاربين نظراً إلى قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} 1، لأنه قوام العيش2.

قال ابن أمير الحاج: "وتسمى هذه بالكليات3 الخمس، وكل منها دون ما قبله، وحصر المقاصد في هذه ثابت بالنظر إلى الواقع، وعادات الملل والشرائع بالاستقراء"4.

قال الزركشي: "هذا ما أطبق عليه الأصوليون، وهو لا يخلو عن نزاع، فدعواهم إطباق الشرائع ممنوع "لما يأتي":

1 -

أنه مبني على أنه ما خلا شرع من استصلاح، وفيه خلاف في الكلام على أن الحكم لا بد له من علة، والأقرب فيه الوقف"5.

وأجاب عنه صاحب نبراس العقول بأن الخلاف إنما هو بالنظر إلى الجواز العقلي، لا بالنظر إلى الواقع، لأن الشرائع السابقة كما ظهر لنا مجملها من نصوص الكتاب المبين قد روعيت فيها مصالح العباد بالنظر لذلك الوقت، قال الله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} 6.

1 سورة المائدة آية: 33.

2 انظر: المحصول ص 305، المختصر مع شرحه 2/240-241، نهاية السول 3/53-54، البحر المحيط 3/151-152، التقرير والتحبير 3/143-144.

3 لأن الخطاب فيها موجه لكل فرد من الأمة، لذا سميت بالكليات.

4 انظر: التقرير والتحبير 3/144.

5 انظر: البحر المحيط 3/152.

6 سورة المائدة آية: 45.

ص: 195

أنه لا يدل على وجود المصلحة في كل فرد من أفراد المصالح.

2 -

أن ما ذكروه من أن الخمر كانت محرمة في الشرائع السابقة مثل القتل والزنا والسرقة، ليس كذلك، فإنها كانت مباحة في صدر الإسلام، ثم حرمت في السنة الثالثة بعد غزوة أحد.

وما نقله الغزالي في شفاء الغليل، وحكاه ابن القشيري1 في تفسيره عن القفال الشاشي2 من أن الذي كان مباحاً هو شرب القليل الذي لا يسكر، لا ما ينتهي إليه السكر المزيل للعقل، فإنه محرم في كل ملة، فإنه مردود لتواتر الخبر إنها كانت مباحة على الإطلاق، ولم يثبت أن الإباحة كانت إلى حد لا يزيل العقل3.

قال النووي4: "وأما ما قد يقوله بعض من لا تحصيل له أن السكر لم يزل محرماً فباطل لا أصل له"5.

1 هو: بكر بن محمد بن العلاء بن محمد بن زياد بن الوليد بن الجهم بن مالك بن حمزة ابن عروة بن شنوءة بن سلمة الخبر بن قشير القشري المالكي، كنيته أبو الفضل، ولد سنة 264هـ تقريباً بالبصرة، تولى القضاء بمصر، وكان راوية للحديث، ملما بأسباب علله، له في الأصول كتاب القياس، وكتاب أصول الفقه، ومأخذ الأصول، وله كتاب من غلظ في التفسير، وكتاب ما في القرآن من دلائل النبوة وغيرها، توفي بمصر آخر ربيع الأول سنة 344هـ.

انظر: الفتح المبين 1/191-192.

2 هو: إسحاق بن إبراهيم المكنى بأبي يعقوب الخراساني الشاشي الفقيه الحنفي الأصولي، شيخ أتباع أبي حنيفة في عصره، برع في الأصول، وله فيه أصول الشاشي، قيل إنه ولد سنة 244هـ وتوفي سنة 325هـ، بمصر.

انظر: الفتح المبين 1/175.

3 انظر: البحر المحيط 3/152، نبراس العقول 1/279.

4 هو: الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري، الشافعي، كان حافظاً لحديث وفنونه ورجاله، من مؤلفاته: شرح صحيح مسلم، ورياض الصالحين، والأذكار، وغيرها. توفي سنة 676هـ.

انظر: مقدمة شرح صحيح مسلم 1/ هـ فما بعدها.

5 انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 3/44، المطبعة المصرية ومكتبتها.

ص: 196

وقال شيخنا محمد الأمين بن محمد المختار1 في الرد على صاحب المراقي من أن إباحة الخمر كانت بالبراءة الأصلية: "أن الخمر دل النص القرآني على إباحتها في أول الإسلام

والآية التي دلت على إباحتها هي قوله تعالى: {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} 2. الآية.

اللهم إلا على القول بأن السكر الطعم، كما اختاره ابن جرير3 أو الخل على ما قاله أبو عبيد4 فيتجه ما قاله المؤلف"5.

قال صاحب النبراس: "فإن قلت: إنَّ معنى قولهم لم تخل من رعايتها ملة من الملل أن جميع الملل والشرائع حافظت على الأمور الخمسة التي منها العقل، وذلك لا يلزمه أن تكون الخمر محرمة في جميع الشرائع.

قلت: لا نسلم ذلك، لأن شرب الخمر إن كان مؤدياً لفساد العقل يلزم من ذلك أن يكون الخمر محرماً في كل شريعة تحافظ على العقل، وإن كان لم يكن

1 هو: الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر بن محمد بن أحمد نوح، الجكني، اليعقوبي نسباً، الشنقيطي إقليماً، المفسر الفقيه الأصولي، النحوي البلاغي، النظار، تعلم رحمه الله على مشايخ بلده حتى صار عالم عصره وفريد دهره، وملأت شهرته الدنيا، وشهدت مؤلفاته وحلق دروسه بجلالة قدره وسعة علمه، تولى التدريس والقضاء والإفتاء، له مؤلفات منها: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ودفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، ومنع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز، وطبعت كلها، وله غيرها، توفي يوم الخميس 17/12/ 1393هـ بمكة المكرمة ودفن بمقبرة المعلاة رحمه الله.

2 سورة النحل آية: 67.

3 هو: محمد بن جرير بن يزيد الطبري، المكنى بأبي جعفر، الإمام المجتهد المفسر المؤرخ، قال ابن الأثير: أبو جعفر أوثق من نقل التاريخ، وفي تفسيره ما يدل على غزارة علمه وشدة تحقيقه، من مؤلفاته كتابه: تاريخ أخبار الرسل والملوك، وفي التفسير جامع البيان في تفسير القرآن، ولد سنة 224هـ، وتوفي سنة 310هـ.

انظر: الأعلام للزركلي 6/294.

4 هو: القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي بالولاء، الخراساني البغدادي، المكنى بأبي عبيد، من كبار علماء الحديث والأدب والفقه، ولد سنة 157هـ، رحل إلى بغداد ومصر وحج، وولي قضاء طرسوس، قال عبد الله بن طاهر: علماء الإسلام أربعة: عبد الله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زامنه، والقاسم بن سلام في زامنه. مؤلفاته عديدة منها: الغريب المصنف في غريب الحديث، وأدب القاضي، وفضائل القرآن، والأمثال، والأموال وغيرها. توفي رحمه الله سنة 224هـ.

انظر: الأعلام للزركلي 6/10، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/5.

5 انظر: إملاء الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار على مراقي السعود، دفتر 3/33.

ص: 197

مؤدياً لفساد العقل، فلا يكون تحريمه لقصد المحافظة عليه"1.

3 -

قال الزركشي: "زاد بعض المتأخرين سادساً، وهو حفظ الأعراض، فإن عادة العقلاء بذل نفوسهم وأموالهم دون أعراضهم، وما فدي بالضرورة أولى أن يكون ضرورياً، وقد يشرع في الجناية عليه بالقذف الحد، وهو أحق بالحفظ من غيره، فإن الإنسان قد يتجاوز عمن جنى على نفسه وماله، ولا يكاد أحد يتجاور عن الجناية على عرضه.

ولهذا كان أهل الجاهلية يتوقعون الحرب العوان المبيدة للفرسان لأجل كلمة.

فهؤلاء عبس وذبيان2، استمرت الحرب بينهم أربعين سنة، لأجل سبق فرس فرساً، وهما داحس والغبراء، وإليهما تضاف هذه الحرب3، وذلك أن المسبوق وهو حذيفة بن بدر اعتقد أن مسبوقيته لعمار فضح عرضه"4.

وبهذا تكون المقاصد ستة، وعليه جرى ابن السبكي في جمع الجوامع، قال الجلال المحلى:"وهذا زاده المصنف كالطوفي، وعطفه بالواو إشارة إلى أنه في رتبة المال، وعطف كلا من الأربعة قبله بالفاء، لإفادة أنه دون ما قبله في الرتبة"5.

1 انظر: نبراس العقول 1/279.

2 عبس وذبيان هما ابنا بغيض بن ريث بن غطفان، وإليهما تنسب القبيلتان.

انظر: سيرة ابن هشام 1/186.

3 سبب هذه الحرب هو أن قيس بن زهير بن جذيمة الغطفاني العبسي كانت له فرس تسمى داحساً، وحذيفة بن بدر بن عمرو الغطفاني الذبياني، كانت له فرس تسمى الغبراء، فسابقا بينهما، وكان حذيفة قد عد كميناً من قومه ليضربوا وجه داحس إن جاء سابقاً، فجاء سابقاً فضربوا وجهه، وجاء الغبراء فأخبر فارس داحس قيساً الخبر، فوثب أخوه مالك بن زهير فلطم وجه الغبراء، فقام حمل بن بدر فلطم وجه مالكاً، فكان هذا هو سبب هذه الحرب بين القبيلتين.

انظر: سيرة ابن هشام 1/186، ط الثانية، تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الأبياري، وعبد الحفيظ شلبي، مطبعة الحلبي، وانظر خزانة الأدب للبغدادي 3/537 فما بعدها، ط دار صادر بيروت.

4 انظر: البحر المحيط 3/152 خ.

5 انظر: المحلى مع حاشية العطار 2/322-323.

ص: 198

ونقل العطار عن الزركشي أنه قال: "والظاهر أن الأعراض1 تتفاوت فمنها ما هو كالكليات، وهو الأنساب، وهي أرفع من الأموال، فإن حفظها تارة بتحريم الزنا، وتارة بتحريم القذف المفضي إلى الشك في الأنساب، وتحريم الأنساب مقدم على الأموال، ومنها ما هو دونها، وهو ما عدا الأنساب أي ومن الأعراض ما هو دون الكليات، فهو دون الأموال، لا في رتبتها كما زعمه المصنف"2 يعني ابن السبكي.

واستشكل العبادي تصوير الحالة التي ليس فيها تطرق الشك في الأنساب حتى تكون في رتبة المال، أو دونه، وبيّن وجه تصور ذلك وناقشه بما نصه: "وقد يشكل تصوير الحالة التي ليس فيها تطرق الشك في الأنساب حتى يكون في رتبة المال كما قال الكمال، أو دونه كما قال شيخ الإسلام3، تقريراً لما قاله الزركشي، إذ الرمي بالزنا مطلقاً فيه الشك المذكور.

وقد تصور تلك الحالة باللواط، فإن المراد بالزنا ما يشمله، وليس فيه ذلك التطرق، لأنه ليس محلاً للإيلاد، وعلى هذا فقد يشكل كون العرض في هذه الحالة في رتبة المال، أو دونه، لأن الإنسان المعتبر يتأثر بالقدح فيه باللواط ملا يتأثر بفوات ماله، خصوصاً مقدار ربع دينار ونحوه.

قال: "وقد يحمل الزركشي القذف على مطلق الشتم، ويريد بالحالة التي

1 الأعرض جمع عرض، والعرض بالكسر: النفس وجانب الرجل الذي يصونه من نفسه وحسبه أن ينتقض أو يثلب، أو سواء كان في نفه أو سلفه أو من يلزمه أمره، أو موضع المدح أو الذم، أو ما يفتخر به من حسب أو شرف، وقد يراد به غير ذلك.

انظر: نشر البنود 2/178.

2 انظر: حاشية العطار على المحلى 2/323.

3 هو: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري المصري، الشافعي، أبو يحيى شيخ الإسلام، القاضي المفسر المحدث، ولد في سنبكة شرقي مصر سنة 823هـ، وتعلم بالقاهرة حتى ظهر فضله، تولى القضاء والتدريس والتأليف له مؤلفات كثيرة في فنون متعددة، منها في التفسير فتح الرحمن ط، وتحفة الباري على صحيح البخاري، ط، ولب الأصول وشرحه غاية الوصول في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة 926هـ.

انظر: الأعلام للزركلي 3/80-81.

ص: 199

لا تطرق فيها لما ذكر الشتم الذي ليس برمي بالزنا، لكنه بعيد مع قوله المشروع له حد القذف أي أو التعزير، فليتأمل"1.

وكون التعزير مشروعاً في حق القذف من لم يكن محصناً، وفي بعض الشتم الذي ليس بقذف، وإن كان يتمشى مع ما وجه به كلام الزركشي، إلا أنه يرد عليه أنه غير مفوت لما يلزم حفظه بالضرورة، اللهم إلا على ما تقدم من حرب داحس والغبراء مما ترتب عليها من فوات النفس، والله أعلم.

ومكمل الضروري كتحريم شرب القليل من الخمر لكونه داعياً إلى الكثير المفوت لحفظ العقل، فبولغ في حفظه بالمنع من القليل، ووجوب الحد عليه كالكثير، وكتحريم البدعة، والمبالغة في عقوبة المبتدع الداعي إليها، وكالمبالغة في حفظ النسب بتحريم النظر واللمس، والتعزير على ذلك2.

فأصل المقصود حاصل من حفظ النسب بتحريم الزنا، ووجوب الحد عليه، غير أنه لما كان النظر واللمس قد يؤدي إلى الزنا، حرم تكميلاً لحفظ النسب.

ولزيادة الإيضاح أذكر الوصف المناسب، والحكم المترتب عليه، والمقصود من شرع الحكم في أمثلة القسم الضروري، ومكمله السابقة، فالردة والكفر مناسبان، ووجوب الجهاد وحد المرتد حكمان شرعيان، والمحافظة على الدين، هو المقصود.

والقتل العمد العدوان مناسب، ووجوب القصاص حكم شرعي، والمحافظة على النفس هو المقصود.

1 انظر: الآيات البينات 4/97.

2 انظر: شفاء الغليل ص 165، المختصر مع شرحه 2/241، المحلى مع حاشية العطار 2/323، البحر المحيط 3/152 –خ-.

ص: 200

والإسكار وصف مناسب، وحرمة تعاطي المسكر ووجوب الحد عليه حكم شرعي، والمحافظة على العقل هو المقصود.

والزنا وصف مناسب، ووجوب الحد عليه حكم شرعي، والمحافظة على الأنساب هو المقصود.

والسرقة والغصب وصف مناسب، والتحريم ووجوب الحد والضمان حكم شرعي، والمحافظة على الأموال هو المقصود.

والقذف وصف مناسب، وحرمته ووجوب الحد عليه حكم شرعي، والمحافظة على العرض هو المقصود.

وكون قليل المسكر يؤدي إلى كثيره وصف مناسب، وحرمته ووجوب الحد علي حكم شرعي، والمبالغة في حفظ العقل هو المقصود.

وكون الداعي يدعو إلى البدعة وصف مناسب، وعقوبته هو الحكم، والمحافظة على الدين هو المقصود.

والنظر واللمس وصف مناسب، وحرمته هو الحكم، والمبالغة في حفظ النسب هو المقصود1.

وأما الحاجي فهو الذي "يفتقر إليه من حيث التوسعة، ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج، والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، إذا لم تراع دخل على المكلفين في الجملة الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة"2.

وهو منقسم أيضاً إلى قسمين: حاجي في نفسه، ومكمل للحاجي، أما الحاجي في نفسه، فكالإجارة، فإنه مبنية على مسيس الحاجة إلى المساكن مع القصور عن تملكها، وضنة مالكها بعاريتها، وكذلك البيع، والقراض، والمساقاة، فإن المعاوضة وإن ظنت أنها ضرورية، فكل واحد من هذه العقود ليس بحيث لو لم يشرع لأدى إلى فوات شيء من الضروريات الخمس.

1 انظر: نبراس العقول 1/281-282.

2 انظر: الموافقات 2/10-11.

ص: 201

وهذه العقود ليست الحاجة إليها في رتبة واحدة، بل بعضها أقوى من بعض، كما أن بعضها قد يكون ضرورياً في بعض الصور، كإجارة من ترضع لتربية طفل لا أم له ترضعه، وكشراء المطعوم والملبوس له، فإنه ضروري من قبل حفظ النفس، ولذا لم تخل منه شريعة، وإنما أطلق الحاجي عليها باعتبار الأغلب1.

فالوصف المناسب فيهما الحاجة، والحكم هو البيع والإجارة، والمقصود هو التمكن من تملك الذات، أو المنفعة2.

وذهب إمام الحرمين إلى أن تصحيح البيع آئل إلى الضرورة، والإجارة دونه3.

ومنه تمكين الولي من تزويج الصغيرة، فإن مصالح النكاح غير ضرورية لها في الحال، إلا أن الحاجة إليه حاصلة، وهي خشية تفويت الكفء الذي لو فات ربما فات لا إلى بدل، إذ لو منع تزويجها لعدم حاجتها إلى النكاح حال الصغر، فإنه قد لا يوجد الكفء لها عند البلوغ الذي تيسر لها في الصغر، فتفوت مصلحة الكفاءة التي يترتب عليها دوام الألفة بين الزوجين.

فالوصف المناسب هو الصغر، والحكم تسليط الولي على تزويجها، والمقصود الذي شرع له الحكم هو تحصيل الكفء الذي قد يفوت لا إلى بدل4.

وأما مكمل الحاجي، "فكوجوب رعاية الكفاءة، ومهر المثل في الولي إذا زوج الصغيرة، فإن أصل المقصود من شرع النكاح، وإن كان حاصلاً بدونها، لكنه أشد إفضاء إلى دوام النكاح، وهو من مكملات مقصود النكاح"5.

1 انظر: المختصر مع شرحه 2/241، البحر المحيط 3/152 –خ-.

2 انظر: حاشية العطار على المحلى 2/323.

3 انظر: البرهان 2/923-924، ط الأولى، تحقيق الدكتور عبد العظيم الديب.

4 انظر: المحصول ص 305، نهاية السول مع منهاج العقول 3/54.

5 انظر: العضد على المختصر 2/241.

ص: 202

"وكالمقصود من شرع خيار البيع، وهو التروي، فإنه مكمل للمقصود من البيع، وهو الملك، لأن ما ملك بعد التروي والنظر في أحواله يكون ملكه أتم وأقوى مما هو بدون ذلك لسلامته من الغبن"1.

وأما التحسيني فهو "الأخذ بما يليق بمحاسن العادات، وتجنب الأحوال المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق"2.

وهو على قسمين: ما لا يقع على معارضة قادة شرعية، وذلك كتحريم تناول القاذورات، فإن لنفرة الطباع عنها لقذارتها معنى يناسب حرمة تناولها حثاً للناس على مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، كما يشير إليه قوله تعالى:{وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} 3، وحديث "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"4، ومنه إزالة النجاسة، فإنها مستقذرة في الجبلات، واجتنابها أهم في المكارم والمروء ات، ولهذا يحرم التضمخ بها على الصحيح من غير حاجة إلى ذلك.

ومنه سلب العبد أهلية الشهادة، لأنها منصب شريف، والعبد نازل القدر، والجمع بينهما غير ملائم، "فسلب ذلك المنصب، ليكون الجري على ما ألف من محاسن العادات أن يعتبر في المناصب المناسبة، فإن السيد إذا كان له عبد ذو فضائل، وآخر دونه فيها، استحسن عرفاً أن يفوض العمل إليهما بحسب فضلهما، فيجعل الأفضل للأفضل، وإن كان كل منهما يمكنه القيام بما يقوم به الآخر"5.

1 انظر: نبراس العقول 1/282.

2 انظر: الموافقات 2/11.

3 سورة الأعراف آية: 157.

4 قال العجلوني: رواه مالك في الموطأ بلاغاً، وقال ابن عبد البر: متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره، ثم ذكر طرقه.

انظر: كشف الخفاء ومزيل الألباس عما يدور من الأحاديث على ألسنة الناس 1/211.

5 انظر: العضد على المختصر مع حاشية السعد 2/241.

ص: 203

ومنه ما يقع على معارضة قاعدة معتبرة كالكتابة، فإنها وإن كانت مستحسنة في العادات إلا أنها في الحقيقة والواقع بيع الرجل ماله بماله، وهو غير معقول1.

وعلل الغزالي سلب العبد أهلية الشهادة بأنه "لو قبلت شهادته في حال العدالة لكان ذلك كقبول فتواه وروايته، ولكن لما كان الرقيق نازل القدر والرتبة، ضعيف الحال والمنزلة بإثبات يد الاستيلاء عليه والتسخير، وكانت الشهادة ونفوذها على الغير منصباً علياً ومقاماً سنياً لم يكن ذلك لائقاً بحاله، فيفهم مقصود الشرع في سلبه الأهلية على هذا الوجه، ففيه نوع مناسبة تتميز عن قول القائل: أنه لا تقبل شهادته، لأنه لا تجب عليه الجمعة مثلاً كالصبي، فإن سقوط التكليف بالجمعة لا ينبئ بحال عن سقوط أهلية الشهادة، بخلاف ما ذكرناه"2.

لكن قد يقال أن سقوط الجمعة عنه لنقص فيه، وهذا المعنى بعينه هو الذي لم تقبل شهادته لأجله.

هذا وقد عقد ذلك كله صاحب مراقي السعود مبيناً الأقسام ومراتبها ومحل الوفاق منها بقوله:

ثم المناسب عنيت الحكمة

منه ضروري وجا تتمه

بينهما ما ينتمي للحاجي

وقدم القوي في الرواج

دين فنفس ثم عقل نسب

مال إلى ضرورة تنتسب

ورتبن ولتعطفن مساويا

عرضاً على المال تكن موافيا

فحفظها حتم على الإنسان

في كل شرعة من الأديان

ألحق به ما كان ذا تكميل

كالحد فما يسكر القليل

وهو حلال في شرائع الرسل

غير الذي نسخ شرعه السبل

1 انظر: المحصول ص 306 –خ-، البرهان 2/925-926ط، المختصر مع شرحه 2/240، البحر المحيط 3/153.

2 انظر: شفاء الغليل ص 169.

ص: 204

أباحها في أول الإسلام

براءة ليست من الأحكام

والبيع فالإجارة الحاجي

خيار بيع لاحق جلي

وما يتمم لدى الحذاق

حث على مكارم الأخلاق

منه موافق أصول المذهب

كسلب العبد شريف المنصب

وحرمة القدر والإنفاق

على الأقارب ذوي الأملاق

وما يعارض كتابة سلم

ونحوه وأكل ما صيد يؤم1

1 انظر: نشر البنود 2/177-183.

ص: 205