الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الولاية في النكاح على الحرّة المكلفة
المبحث الأوَّل: تمهيد في بيان أسباب ثبوت الولاية على النفس عموماً
إنَّ القول في حكم الولاية في النكاح يقتضي معرفة الأسباب الموجبة للولاية على النَّفس عموماً، وقد اتضح لي من خلال ممارستي هذا البحث أنَّها تنقسم بالنسبة لعقد النكاح إلى قسمين:
الأول منها: ما يخصّ الأنثى في النكاح، بسبب وصف الأنوثة عند جمهور العلماء، فبه تثبت الولاية في النكاح على الإناث دون الرِّجال.
والثَّاني منها: أسباب عامَّة، لا تختصّ بباب النكاح، بل يشاركه غيره من العقود وهي: عدم أو نقصان أهليَّة الشخص للتصرف بسبب صغره أو جنونه أو رقِّه، أو الحجر عليه لسفه- عند من قال بالحجر على السفيه في ماله-، وواضح من هذه الأسباب استواء الذكور فيها والإناث.
لذلك رأيت أن أفرد كلَّ سبب من تلك الأسباب بفصل مستقلٍّ، استكمالاً لمباحثه، وإيضاحاً لمحلِّ الاتفاق والخلاف في كل سبب، بادئاً بالسبب الأوَّل منها وهو: ما تتميَّز به الأنثى في هذا الباب عن الرجل، وأعني به الولاية في النكاح على الحرة المكلَّفة الرَّشيدة، ثم سأتبعه بعون الله تعالى بالأسباب الأخر العامَّة التي لا تختصّ بباب النكاح ولا بالإناث، دون الذكور.
وإنّما أردت البدء ببيان حكم الولاية في النكاح على الحرة المكلَّفة لما يلي:
أولاً: لأنَّ الولاية في النكاح- عند الإطلاق- لا تنصرف إلا إلى الولاية على الأنثى؛ لعدم القول بالولاية على الرجل في النِّكاح.
ثانياً: أنَّ الأسباب الموجبة للولاية في النِّكاح على الذكر والأنثى لا تختص بباب النِّكاح، بل هي في سائر العقود، ولذلك فسيكون بحث هذا النوع من الولاية في الفصول! التالية لهذا الفصل- إن شاء الله تعالى-.
ثالثاً: أهميَّة الولاية في النِّكاح على الحرة المكلَّفة؛ إذ هي محلُّ الخلاف، وهي الصورة الغالبة الوقوع في النِّكاح لأنَّه إنَّما يتمُّ- غالباً- بين رجل وامرأة حرَّينٌ مكلَّفين، وما سوى ذلك من تزويج الصِّغار والمجانين فقليل أو نادر، وأقلُّ منه تزويج المحجور عليهم لسفهٍ؛ للخلاف في الحجر على السفيه، وقلَّة وقوع الحجر على البالغين المكلَّفين من قبل الأولياء أو الحكَّام. وأمَّا الأرقاء فلا وجود لهم في هذا الزَّمن- بالمعنى المعروف- فتزويجهم في حكم المعدوم.
لذلك رأيت أن تكون الولاية في الزَّواج على الحرَّة المكلَّفة أول فصول هذه الرسالة- بعد ما سبق من التمهيد- ومن الله أستمد العون والتوفيق.