الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا ضربة من شقي ما أراد بها
…
إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا
إني لأذكره حينا فألعنه
…
لعنًا وألعن عمران بن حطانا
(1)
وأما أهل السنة والجماعة فكانوا وسطًا بين غلو هؤلاء وجفاء هؤلاء، فهداهم الله عز وجل إلى الاعتراف بفضل الصحابة وأنهم أكمل الأمة إيمانًا وإسلامًا وعلمًا وحكمة ولكنهم لم يغلوا فيهم، ولم يعتقدوا عصمتهم، بل أحبوهم لحسن صحبتهم وعظم سابقتهم، وحسن بلائهم في نصرة الإسلام، وجهادهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(2)
، ومحبتهم من الدين.
وهناك
مسائل تتعلق بالصحابة:
- المسألة الأولى: تعريف الصحابي:
الصحابي كما قال الإمام البخاري في «الصحيح» : «من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ورآه من المسلمين فهو من أصحابه» ، لكن تعريف البخاري يحتاج إلى قيدين مهمين:
أولهما: أن تكون هذه الصحبة والرؤية حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح ص (433): أن أبا زكريا الموصلي حكى في «تاريخ الموصل» عن غيره أن عمران هذا رجع في آخر عمره عن رأي الخوارج. وقال أيضًا في التقريب ص (429): «صدوق إلا أنه كان على رأي الخوارج، ويقال: رجع عن ذلك» .
(2)
شرح العقيدة الواسطية لمحمد خليل الهراس ص (193).
والثاني: ألا يتخلل ذلك ردة، فإذا تخلل ذلك ردة فليس بصحابي؛ لحبوط فضل الصحبة بالردة، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65].
نستفيد من هذه الآية أن جميع الأعمال تحبط بالشرك والردة، ويدخل في ذلك الصحبة وما فيها من الفضل، والبخاري يقول:«من المسلمين» والمرتد ليس من المسلمين.
ولهذا عَرَّف بعض أهل العلم الصحابي بتعريف أدق فقال: «هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك» ، وقولنا:«من لقي» يشمل من صحبه صلى الله عليه وسلم، ويشمل أيضا من رآه ولو لحظة واحدة، ويشمل أيضًا من لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعمى.
- المسألة الثانية: ما حكم من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم ارتد ثم أسلم؟
إذا كان إسلامه بعد الردة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صحابي؛ لأنه رجع وتاب ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وتحقق فيه الشرط، أما الرؤية الأولى فإنها حبطت بالشرك والردة، وهذا مفهوم قوله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65].
- المسألة الثالثة: ما حكم مَن رأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما مات وقبل أن يدفن؟
وقد حدث هذا لرجل جاء من اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحوز شرف الصُّحبة، فلما قَدِم إلى المدينة إذا بخبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يصله.
فهذا لا يحظى بشرف الصُّحبة؛ لأنه يشترط أن تكون هذه الرؤية
حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
- المسألة الرابعة: ما حكم مَن رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث ولم يره بعد ما بعث، مثل: ورقة بن نوفل؟
قد اختلف في صحبته ، والأقرب أنه لا يُعدُّ صحابيًّا؛ لأنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم وهو نبيٌّ، وإنما مات قبل أن يبعث، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه وعليه ثِيَابُ بَيَاضٍ، وإنما كان كذلك لأنه على الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام.أخرج الإمام أحمد في «المسند» والترمذي في «جامعه» من حديث عائشة رضي الله عنها: أَنَّ خَدِيجَةَ ل سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، فَقَالَ:«قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ فَأَحْسِبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ»
(1)
.
- المسألة الخامسة: ما حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يَعقل كمن حنكه صغيرًا مثل عبد الله بن أبي طلحة هل يُعدُّ صحابيًّا؟
الأقرب أنه لا يُعدُّ صحابيًا؛ لأنه يُشترط في الرؤية العقل أو التمييز.
- المسألة السادسة: بِمَ تثبت الصُّحبة؟
تثبت بأمور:
(1)
أخرجه أحمد (40/ 430) رقم (24367)، والترمذي (4/ 540) رقم (2288)، من طريق عروة، عن عائشة رضي الله عنها، قال الترمذي:«هذا حديث غريب» ، وقال ابن كثير في السيرة النبوية (1/ 397):«وهذا إسناد حسن، لكن رواه الزهري وهشام عن عروة مرسلا» .
أولًا: بالتواتر كصحبة أبي بكر رضي الله عنه.
ثانيًا: بالشهرة كعُكَّاشة بن محصن فقد اشتهرت صحبته.
ثالثًا: إخبار أحد الصحابة عن أحد بأنه صحابي كحمحمة بن أبي حمحمة الذي مات مبطوناً رضي الله عنه وشهد له أبو موسى رضي الله عنه بالصحبة.
رابعًا: إخبار ثقة من التابعين، وثقات التابعين كُثر؛ كسعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير وغيرهم.
خامسًا: إخباره عن نفسه إن كان عدلًا بأنه صحابي.
- المسألة السابعة: مَن أكثر الصحابة حديثًا؟
الجواب: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم ابن عباس، ثم عائشة رضي الله عنهم.
- المسألة الثامنة: مَن أكثر الصحابة فتوى؟
الجواب: عبد الله بن عباس ب.
- المسألة التاسعة: مَن عبادلة الصحابة رضي الله عنهم؟
هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
أما ابن مسعود فهو كما قال الإمام أحمد: «ليس ابن مسعود منهم»
(1)
، قال البيهقي: لتقدم وفاته، وقد توفي سنة (32 هـ).
(1)
مقدمة ابن الصلاح ص (296).
- المسألة العاشرة: كم عدد الصحابة؟
ليس هناك إحصاء دقيق لعددهم رضي الله عنهم وقد اشتهر قول أبي زرعة رحمه الله: «قبض النبي صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفًا» . قال العراقي: «وهذا القول عن أبي زرعه لم أقف على سنده» . وروى الساجي في المناقب بسند جيد عن الرافعي أنه قال: «قُبض الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا، ثلاثون ألفًا بالمدينة وثلاثون ألفًا في قبائل العرب» .
- المسألة الحادية عشرة: مَنْ آخر الصحابة موتًا؟
هو أبو الطفيل عامر بن واثلة، جزم بذلك الإمام مسلم وابن منده والمِزِّي وغيرهم، وقد جاء في «صحيح الإمام مسلم» عن أبي الطفيل أنه قال:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ رَجُلٌ رَآهُ غَيْرِي»
(1)
.
وتوفي أبو الطفيل سنة (110 هـ)، وجاء في «صحيح مسلم» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل وفاته في السنة العاشرة:«مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ الْيَوْمَ تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ»
(2)
، وهذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم في عام (10) من الهجرة، ومات أبو الطفيل بعد مائة سنة من كلامه هذا، فكان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم.
- المسألة الثانية عشرة: من أفضل الصحابة؟
أفضل الصحابة: أهل الحديبية، وأفضل أهل الحديبية: أهل أحد،
(1)
أخرجه مسلم رقم (2340).
(2)
أخرجه مسلم رقم (2538) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وأفضل أهل أحد: أهل بدر، وأفضل أهل بدر: العشرة، وأفضل العشرة: الخلفاء الأربعة، وأفضل الأربعة: أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
- المسألة الثالثة عشرة: مَن أعلم الصحابة؟
أعلم الصحابة أبو بكر رضي الله عنه، وقد نص عليه ابن تيمية رحمه الله في «منهاج السنة» ونقل عن السمعاني أنه حكى الإجماع على ذلك
(1)
.
ومن الأدلة على ذلك: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في «الصحيحين» : «إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهُوَ يَقُولُ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا»
(2)
.
وهذا من دقة فهمه رضي الله عنه حيث علم أن هذا من علامات موته صلى الله عليه وسلم، أما بقية الصحابة رضي الله عنهم فلم يدركوا هذا من أول وهلة، ولذا قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في آخر الحديث:«فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ» .
ومما يدل على أنه أعلم الصحابة ما حصل في صلح الحديبية حيث وافق أبو بكر رضي الله عنه الحق، وكان موقفه كموقف النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضًا حينما
(1)
ينظر: منهاج السنة النبوية (7/ 500 - 502).
(2)
أخرجه البخاري رقم (3904)، ومسلم رقم (2382).
....................
…
وَمَوَدَّةُ القُرْبَى بِها أَتَوَسَّلُ
مات النبي صلى الله عليه وسلم ثبَّت الصحابة رضي الله عنهم، وقاتل مانعي الزكاة، قال عمر رضي الله عنه كما في «الصحيحين»:«فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُ الله قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ»
(1)
، وهذه بعض الأدلة التي تدل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه وعلمه، وسبقه.
قوله: (وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسَّلُ) أي: أتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بمحبة ومودة قرابة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن محبتهم من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها المسلم.
وقرابة النبي صلى الله عليه وسلم هم أهل بيته الذين لا تحل لهم الصدقة؛ فيدخل في ذلك أزواجه الطاهرات المطهرات رضي الله عنهن وأرضاهن بدلالة القرآن كما في قوله تعالى: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 32، 33]، فالخطاب في هذه الآية موجه إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتبين أنهن من أهل بيته صلى الله عليه وسلم بنص القرآن.
وأولاد النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته؛ ودليل ذلك ما جاء في «صحيح مسلم» عن عائشة لأنها قالت: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ
(1)
أخرجه البخاري رقم (7285)، ومسلم رقم (20).
شَعَرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِىٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ:{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]»
(1)
.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين: «اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا»
(2)
.
وأيضًا يدخل في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم: آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وبنو الحارث بن عبد المطلب؛ ويدل لذلك ما جاء في «صحيح مسلم»: أن الفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب طلبا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوليهما على الصدقة فقال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ»
(3)
، فبيَّن أن ولد العباس وولد الحارث بن عبد المطلب من آل محمد تَحْرم عليهم الصدقة.
وفي «صحيح البخاري» أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى من سهم ذوي القربى لبني المطلب بن عبد مناف، وقال: «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، إِنَّهُمْ لَمْ
(1)
صحيح مسلم (4/ 1883) رقم (2424).
(2)
أخرجه الترمذي 5/ 351 رقم (3205)، وقال:«هذا حديث حسن وهو أحسن شيء روي في هذا الباب» ، وصححه الألباني في «صحيح الترمذي» 3/ 241 رقم (3038).
(3)
أخرجه مسلم 2/ 756 رقم (1072).
يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلا إِسْلامٍ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»
(1)
.
فهؤلاء الخمسة الذين سبق ذكرهم من بني هاشم وهم: (آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وبنو الحارث بن عبد المطلب) أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بني المطلب، فدخولهم في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى، ولهذا ذهب أهل العلم إلى أن بني هاشم من آل محمد الذين تَحرم عليهم الصدقة ويدخلون في الصلاة على آل محمد، ويستحقون الخمس.
وتنازع أهل العلم في بني المطلب بن عبد مناف: هل تحرم عليهم الصدقة ويدخلون في آل محمد صلى الله عليه وسلم؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد.
والراجح أنهم يدخلون في آل البيت للحديث المتقدم، ولكن هذا لا يكون إلا للمؤمنين منهم، والضابط في معرفة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هو كل من تحرم عليه الصدقة كما في الحديث المتقدم الذي رواه مسلم رحمه الله
(2)
.
قال شيخ الإسلام رحمه الله -عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم: «هم بنو هاشم كلهم: ولد العباس، وولد علي، وولد الحارث بن عبد المطلب، وسائر بني أبي طالب، وغيرهم»
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري رقم (3140)، وأبو داود رقم (2585)، والنسائي رقم (4068)، واللفظ له من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه.
(2)
أخرجه مسلم رقم (1072).
(3)
منهاج السنة النبوية (7/ 395).
وقال أيضًا: «فمحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واجبة»
(1)
.
والدليل على ذلك ما جاء عند الإمام أحمد من حديث العباس رضي الله عنه قال: «يَا رَسُولَ الله إِنَّا لَنَخْرُجُ فَنَرَى قُرَيْشًا تَحَدَّثُ فَإِذَا رَأَوْنَا سَكَتُوا، فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَدَرَّ عِرْقٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «وَالله لا يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إِيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لله وَلِقَرَابَتِي»
(2)
.
ويدل لذلك أيضًا حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلَّا أَدْخَلَهُ الله النار»
(3)
.
والخلاصة: أن حب أهل البيت واجب، لكن في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم السابقة دليل على وجوب حبهم حبًّا منضبطًا لا كما يفعل الرافضة حيث أوصلوهم إلى الألوهية، ولا شك أن هذا شرك، وأكثر الرافضة اليوم مشركون، وقعوا في الشرك، وإن كان الشيعة في أول الأمر لم يكونوا كذلك، ولكن يُلاحظ في كل البدع أنها تبدأ صغيرةً ثم تكبر وتتطور، حتى تصبح مجمعًا للخرافات والبدع والشركيات التي لا نهاية لها.
قوله: (بِها أَتَوَسَّلُ) أي بمحبة آل البيت.
(1)
منهاج السنة النبوية (7/ 102).
(2)
أخرجه أحمد رقم (1681)، والحديث إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد.
(3)
أخرجه ابن حبان رقم (6978)، والحاكم في المستدرك رقم (4717)، وقال:«هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه» .