الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَقْلِ الْأَوَّلِ.
التَّاسِعُ وَالْخَمْسُونَ: وَأَنَّهُ يَجُوزُ قِيَامُ الْعَرْضِ بِالْعَرْضِ.
السِّتُّونَ: وَأَنَّ الْأَبْعَادَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ.
الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: وَأَنَّ الْوُجُودَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ بَيْنَ الْمَوْجُودَاتِ.
الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: وَأَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ فِي جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ وَغَيْرِهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: فِي مُنْقِذِ الضَّلَالِ مَجْمُوعُ مَا غَلِطُوا فِيهِ رَاجِعٌ إلَى عِشْرِينَ أَصْلًا يَجِبُ التَّكْفِيرُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَالتَّبْدِيعُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ وَلِإِبْطَالِ مَذْهَبِهِمْ صَنَّفْنَا التَّهَافُتُ وَتِلْكَ الثَّلَاثَةُ إنْكَارُ الْحَشْرِ الْجُسْمَانِيِّ، وَنَفْيُ عِلْمِ الْجُزْئِيَّاتِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَقَوْلُهُمْ بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَقَدْ أَوَّلَ الدَّوَانِيُّ مُحْتَجًّا بِالْغَيْرِ تَخْلِيصًا عَنْ الْكُفْرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْعُلُومِ الْمَقْصُودَةِ لِغَيْرِهَا]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْمَأْمُورِ بِهَا]
[الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِي الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ الْعَيْنِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي)
مِنْ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ لِلْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْكِتَابِ الثَّلَاثَةِ (فِي الْعُلُومِ الْمَقْصُودَةِ لِغَيْرِهَا) يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ هُوَ نَفْسُهُ كَالِاعْتِقَادِيَّاتِ بَلْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ غَيْرِهِ كَالْفِقْهِ (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَأْمُورٌ بِهَا وَمَنْهِيٌّ عَنْهَا وَمَنْدُوبٌ إلَيْهَا النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْمَأْمُورِ بِهَا) بِالْأَمْرِ الْإِيجَابِيِّ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ الْأَمْرِ (وَهُوَ صِنْفَانِ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فِي) الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ (فَرْضُ الْعَيْنِ) يَعْنِي تُفْرَضُ عَلَى أَعْيَانِ كُلِّ أَحَدٍ فَإِذَا عُلِمَ الْبَعْضُ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْبَاقِينَ. لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْفَرْضِ مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ أَيْضًا عَلَى طَرِيقِ عُمُومِ الْمَجَازِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْفَرْضَ مَا يَكُونُ فِعْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ مَعَ مَنْعِهِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ. وَاجِبُ وَالْوَاجِبِ مَا يَكُونُ فِعْلُهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ أَيْضًا لَكِنْ كَانَ مَنْعُهُ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ فَالْأَوَّلُ لَازِمٌ عِلْمًا وَعَمَلًا حَتَّى يَكْفُرَ جَاحِدُهُ، وَالثَّانِي لَازِمٌ عَمَلًا لَا عِلْمًا فَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ بَلْ يَفْسُقُ إنْ اسْتَخَفَّ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ وَأَمَّا إنْ مُؤَوَّلًا فَلَا وَيُعَاقَبُ تَارِكُهُمَا إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ الْوَاجِبُ عَلَى مَا يَعُمُّ الْفَرْضَ.، وَالْوَاجِبُ بِمَعْنَى مَا يَكُونُ فِعْلُهُ أَوْلَى مَعَ مَنْعِ التَّرْكِ قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا، وَالسُّنَّةُ مَا يَكُونُ فِعْلُهُ أَوْلَى بِلَا مَنْعٍ عَنْ تَرْكِهِ مَعَ كَوْنِهِ طَرِيقَةً مَسْلُوكَةً فِي الدِّينِ، وَالْمَنْدُوبُ، وَالنَّفَلُ مَا هُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْمَنْعِ أَيْضًا لَكِنْ بِلَا طَرِيقَةٍ مَسْلُوكَةٍ، وَالسُّنَّةُ إمَّا فِي الْعِبَادَاتِ فَهَدْيٌ يُوجِبُ تَرْكُهُ كَرَاهَةً كَالْجَمَاعَةِ، وَالْأَذَانِ وَإِمَّا فِي الْعَادَاتِ فَزَوَائِدُ كَسَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لِبَاسِهِ وَقِيَامِهِ وَقُعُودِهِ فَفِعْلُهُ فَضِيلَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِي تَرْكِهِ وَقَدْ تُطْلَقُ السُّنَّةُ عَلَى غَيْرِ طَرِيقَتِهِ عليه الصلاة والسلام كَسُنَّةِ الْعُمُرَيْنِ، وَالنَّفَلُ دُونَ سُنَّةِ الزَّوَائِدِ.، وَالْحَرَامُ مَا يَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى مَعَ الْمَنْعِ عَنْ الْفِعْلِ.، وَالْمَكْرُوهُ مَا يَكُونُ تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ الْفِعْلِ بِلَا مَنْعٍ قَطْعِيٍّ عَنْ الْفِعْلِ.، وَالْمُبَاحُ مَا اسْتَوَيَا أَيْ الْفِعْلُ، وَالتَّرْكُ. وَالْحَرَامُ يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ إنْ تَشَهَّى وَمَنَعَ مَعَ الْفُرْصَةِ. وَالْمَكْرُوهُ التَّحْرِيمِيُّ إلَى الْحُرْمَةِ أَقْرَبُ، وَالتَّنْزِيهِيُّ إلَى الْحِلِّ أَقْرَبُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ حَرَامٌ لَكِنْ بِغَيْرِ قَطْعِيٍّ (وَهُوَ عِلْمُ الْحَالِ) الضَّمِيرُ إلَى الْفَرْضِ فِي ضِمْنِ الْفُرُوضِ.
(قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا} [النحل: 43] أَيُّهَا الْمُكَلَّفُونَ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَالْبَاطِنِيَّةِ {أَهْلَ الذِّكْرِ} [النحل: 43] أَيْ الْعِلْمِ {إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] ، وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، وَالْأَصْلُ فِي الْمُطْلَقِ حَمْلُهُ عَلَى الْكَمَالِ فَكَمَالُ الْوُجُوبِ هُوَ الْفَرْضُ فَيُفْرَضُ عَلَى غَيْرِ الْعَالِمِ طَلَبُ الْعِلْمِ مِنْ الْعَالِمِ
وَفَرْضِيَّةُ الطَّلَبِ تَابِعَةٌ لِفَرْضِيَّةِ الْمَطْلُوبِ فَعِلْمُ الْحَالِ فَرْضٌ أَوْ يُقَالُ الْمَطْلُوبُ طَلَبُ عِلْمِ الْحَالِ بِحَذْفِ الْمُضَافِ لَكِنْ إنَّمَا يَثْبُتُ الْفَرْضُ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الذِّكْرِ هُوَ الْعِلْمُ قَطْعًا وَمِنْ الْعِلْمِ عِلْمُ الْحَالِ قَطْعًا أَيْضًا وَكِلَاهُمَا مَحَلُّ عِنَايَةٍ فَافْهَمْ.
(وَخَرَّجَ مَجَّ) ابْنُ مَاجَهْ (عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ تَبَايَنَتْ الْأَقْوَالُ وَتَنَاقَضَتْ الْآرَاءُ فِي هَذَا الْعِلْمِ الْمَفْرُوضِ عَلَى نَحْوِ عِشْرِينَ قَوْلًا وَكُلُّ فِرْقَةٍ تُقِيمُ عَلَى عِلْمِهَا وَكُلٌّ لِكُلٍّ مُعَارِضٌ وَبَعْضٌ لِبَعْضٍ مُنَاقِضٌ وَأَجْوَدُ مَا قِيلَ قَوْلُ الْقَاضِي مَا لَا مَنْدُوحَةَ عَنْ تَعَلُّمِهِ كَمَعْرِفَةِ الصَّانِعِ وَنُبُوَّةِ رُسُلِهِ وَكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ فَرْضُ عَيْنٍ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْمُرَادُ الْعِلْمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ الْمَعَارِفُ الْقَلْبِيَّةُ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ قَدْ يَكُونُ حِجَابًا مَانِعًا مِنْهُ وَإِنَّمَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِالْمُجَاهَدَةِ فَجَاهِدْ تُشَاهِدْ ثُمَّ أَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ بِمَا يَشْرَحُ الصُّدُورَ وَيَمْلَأُ الْقَلْبَ مِنْ النُّورِ ثُمَّ قَالَ عَنْ السُّهْرَوَرْدِيّ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْعِلْمِ قِيلَ عِلْمُ الْإِخْلَاصِ، وَهُوَ مَعْرِفَةُ آفَاتِ النَّفْسِ وَخَدْعِ النَّفْسِ وَغُرُورِهَا وَشَهَوَاتِهَا يُخَرِّبُ مَبَانِيَ الْإِخْلَاصِ فَعِلْمُهُ فَرْضٌ. وَقِيلَ مَعْرِفَةُ الْخَوَاطِرِ مِنْ لَمَّةِ الْمَلَكِ وَمِنْ لَمَّةِ الشَّيْطَانِ وَقِيلَ عِلْمُ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَقِيلَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَقِيلَ عِلْمُ الْبَاطِنِ وَهُوَ مَا يَزْدَادُ بِهِ الْعَبْدُ يَقِينًا وَهُوَ الَّذِي يَكْتَسِبُهُ الْأَوْلِيَاءُ فَهُمْ وَارِثُو الْمُصْطَفَى.
قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ: الْعِلْمُ الْمَفْرُوضُ ثَلَاثَةٌ عِلْمُ التَّوْحِيدِ وَعِلْمُ السِّرِّ أَيْ الْقَلْبِ وَعِلْمُ الشَّرِيعَةِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
ثُمَّ قَالَ أَيْضًا عَنْ الْغَزَالِيِّ اخْتَلَفُوا وَتَجَاذَبُوا فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فَالْمُتَكَلِّمُ يُحْمَلُ عَلَى عِلْمِ الْكَلَامِ، وَالْفَقِيهُ عَلَى الْفِقْهِ، وَالْمُفَسِّرُ، وَالْمُحَدِّثُ عَلَيْهِمَا، وَالنَّحْوِيُّ عَلَى عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ إذْ الشَّرْعُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] .
فَلَا بُدَّ مِنْ إتْقَانِ عِلْمِ الْبَيَانِ، وَالتَّحْقِيقِ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَعُمُّ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ الْعُلُومُ الَّتِي هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ ثَلَاثَةٌ:
عِلْمُ التَّوْحِيدِ مِقْدَارُ مَا يُعْرَفُ بِهِ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى وَتَصْدِيقُ نَبِيِّهِ فِي جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِلْمُ الْأَخْلَاقِ مِقْدَارُ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَإِخْلَاصُ عَمَلِهِ وَإِصْلَاحُهُ. وَعِلْمُ الْفِقْهِ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ لَعَلَّ هَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ فِي إرَادَةِ هَذَا الْمَقَامِ، وَآخِرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَوَاضِعُ الْعِلْمِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهِ كَمُقَلِّدِ الْخَنَازِيرِ الْجَوْهَرُ، وَاللُّؤْلُؤُ، وَالذَّهَبُ فَقَالَ شَارِحُهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ كُلَّ عِلْمٍ يَخْتَصُّ بِاسْتِعْدَادٍ وَلَهُ أَهْلٌ فَإِذَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَقَدْ ظَلَمَ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِيهِ أَيْضًا زَادَ قَوْلُهُ «وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ» قَالَ شَارِحُهُ حِكْمَتُهُ أَنَّ صَلَاحَ الْعَالَمِ مَنُوطٌ بِالْعَالِمِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (وَقَالَ فِي تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ) قِيلَ صَاحِبُهُ تِلْمِيذُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَمِنْ أَفَاضِلِ تَلَامِذَتِهِ (وَيُفْتَرَضُ)(عَلَى الْمُسْلِمِ طَلَبُ مَا) عَلِمَ (يَقَعُ لَهُ فِي حَالِهِ) فِعْلًا
وَتَرْكًا بَلْ اعْتِقَادًا (فِي أَيِّ حَالٍ كَانَ) سَفَرًا وَحَضَرًا صِحَّةً وَمَرَضًا فِي أَمْرِ الدِّيَانَاتِ، وَالْمُعَامَلَاتِ (فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (مِنْ الصَّلَوَاتِ) الْخَمْسِ الْمَكْتُوبَةِ، وَالْجُمُعَةِ (فَيُفْتَرَضُ عَلَيْهِ عِلْمُ مَا يَقَعُ لَهُ فِي صَلَاتِهِ بِقَدْرِ مَا يُؤَدِّي بِهِ فَرْضَ الصَّلَاةِ) فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي شَرَائِطِهَا صِحَّةً وَفَسَادًا إذْ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ وَاجِبٌ (وَيَجِبُ) مِنْ الْوُجُوبِ مُقَابِلُ الْفَرْضِ (عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُؤَدِّي بِهِ الْوَاجِبَ) إذْ الْعِلْمُ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (لِأَنَّ)
عِلْمَ (مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى إقَامَةِ الْفَرْضِ)(يَكُونُ فَرْضًا وَ) عِلْمُ (مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إلَى إقَامَةِ الْوَاجِبِ)(يَكُونُ وَاجِبًا) الْأَوَّلُ دَلِيلٌ لِلْأَوَّلِ، وَالثَّانِي لِلثَّانِي فَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ عِلْمَ السُّنَّةِ سُنَّةٌ، وَالْمُسْتَحَبُّ مُسْتَحَبٌّ (وَكَذَلِكَ فِي الصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) قَدْرَ نِصَابٍ فَارِغٍ عَنْ دَيْنِهِ وَحَوَائِجِهِ (وَالْحَجُّ إنْ وَجَبَ) الظَّاهِرُ هُنَا إنْ فُرِضَ (عَلَيْهِ) فَمَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ وُجُوبُهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِلْمُهُمَا وَكَذَا سَائِرُهَا فَلَا يَجِبُ عِلْمُهُمَا عَلَى الْفَقِيرِ (وَكَذَلِكَ فِي الْبُيُوعِ إنْ كَانَ يَتَّجِرُ) أَيْ مِنْ أَهْلِ التِّجَارَةِ فَيَجِبُ عَلَى التَّاجِرِ أَنْ يَعْلَمَ أَحْكَامَ الْبُيُوعِ صِحَّةً وَنَفَاذًا وَفَسَادًا وَبُطْلَانًا حِلًّا وَحُرْمَةً وَرِبًا وَغَيْرِهَا.
قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّجَارَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ (انْتَهَى) كَلَامُ تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ (ثُمَّ قَالَ) أَيْ فِي تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَكِنْ بَعْدَ كَلَامٍ آخَرَ وَإِلَّا فَالْقَطْعُ مَعَ كَلِمَةٍ ثُمَّ لَيْسَ بِحَسَنٍ.
(وَكُلُّ مَنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ) نَحْوُ الْإِجَارَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَّةِ (وَالْحِرَفِ) جَمْعُ حِرْفَةٍ بِمَعْنَى الصَّنْعَةِ (يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ التَّحَرُّزُ عَنْ الْحَرَامِ فِيهِ) أَيْ عِلْمٌ يُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.
وَعَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتِّجَارَةِ مَا لَمْ يَحْفَظْ كِتَابَ الْبُيُوعِ وَكَانَ التُّجَّارُ فِي الْقَدِيمِ إذَا سَافَرُوا اسْتَصْحَبُوا مَعَهُمْ فَقِيهًا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ.
وَعَنْ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلتَّاجِرِ مِنْ فَقِيهٍ صَدِيقٍ (وَكَذَلِكَ) تَوْسِيطٌ لِلْمُغَايَرَةِ فِيمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ عِلْمُ أَحْوَالِ الْقَلْبِ مِنْ التَّوَكُّلِ) تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ، وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ تَعَالَى قِيلَ هُوَ السُّكُوتُ تَحْتَ أَقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى (وَالْإِنَابَةِ) الرُّجُوعِ إلَيْهِ تَعَالَى (وَالْخَشْيَةِ) الْخَوْفِ بِسَبَبِ الْمَعْرِفَةِ.
قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنِّي لَأَعْرَفُكُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً»
(وَالرِّضَا) عَنْهُ تَعَالَى فِي كُلِّ أَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ بِأَنْ يُسِرَّ فِي الْقَلْبِ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ النَّوَازِلِ (فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ (وَاقِعٌ) مُدَّةَ عُمُرِهِ (فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ) فِي تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ (وَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (فِي سَائِرِ الْأَخْلَاقِ نَحْوُ الْجُودِ، وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ) بِضَمِّ الْجِيمِ الْخَوْفُ فِي مَعَارِكِ الْخَوْفِ (وَالْجَرَاءَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ ضِدُّ الْجُبْنِ (وَالتَّكَبُّرِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَالْعِفَّةِ) التَّعَفُّفِ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ (وَالْإِسْرَافِ) أَيْ الْخُرُوجِ عَنْ حَدِّ الْوَسَطِ، وَالِاعْتِدَالِ (وَ) ضِدِّهِ (التَّقْتِيرِ) أَيْ التَّقْلِيلِ (وَغَيْرِهَا) مِنْ الْأَخْلَاقِ حَمِيدَةً أَوْ ذَمِيمَةً (فَإِنَّ الْكِبَرَ، وَالْبُخْلَ، وَالْجُبْنَ، وَالْإِسْرَافَ حَرَامٌ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهَا إلَّا بِعِلْمِهَا، وَعِلْمِ مَا يُضَادُّهَا) مِمَّا ذُكِرَ حَتَّى يَكُونَ الْمُكَلَّفُ تَارِكَهَا بِقَصْدِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُجَاهَدَةً مِنْهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنَّ الْمُجَاهَدَةَ فِي النَّفْسِ عِبَادَةٌ وَلَا تَحْصُلُ لِأَحَدٍ إلَّا بِالْعِلْمِ وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ (فَيُفْتَرَضُ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ عِلْمُهَا) لِيُؤَدِّيَ بِهِ فَرْضَهَا. قِيلَ عَنْ الشَّاذِلِيِّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَتَوَغَّلْ فِي عِلْمِنَا هَذَا مَاتَ مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ (انْتَهَى) كَلَامُ تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ أُورِدَ عَلَى قَوْلِهِ فَيُفْتَرَضُ أَنَّ اللَّازِمَ هُوَ الْوُجُوبُ لَا الِافْتِرَاضُ لِثُبُوتِهِ بِالِاجْتِهَادِ فَظَنِّيٌّ لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ التَّجَوُّزُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الثَّوَابِ بِالْإِتْيَانِ، وَالْعِقَابِ بِالتَّرْكِ. أَقُولُ يُقَالُ لِلْوَاجِبِ فَرْضًا عَمَلِيًّا بَلْ قَدْ تَرَى الْأُصُولِيِّينَ يُطْلِقُونَ الْفَرْضَ عَلَى الْوَاجِبِ كَالْعَكْسِ عَلَى أَنَّ كَوْنَ ثُبُوتِهِ بِالِاجْتِهَادِ مَمْنُوعٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ إلَّا بِالنَّظَرِ، وَالِاسْتِدْلَالِ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ فَهْمُهُ بِالْمُجْتَهِدِ وَأَنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ بِالِاجْتِهَادِ لَا يَلْزَمُ ظَنِّيَّتُهُ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ قَطْعِيًّا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ (حَاصِلُهُ) كَلَامُ تَعْلِيمِ الْمُتَعَلِّمِ كُلُّهُ (أَنَّ الْعِلْمَ تَابِعٌ لِلْمَعْلُومِ فَإِنْ كَانَ) الْمَعْلُومُ (فَرْضًا أَوْ حَرَامًا فَفَرْضٌ) أَيْ فَالْعِلْمُ بِهِ فَرْضٌ لِلِامْتِثَالِ فِي الْأَوَّلِ، وَالِاجْتِنَابِ فِي الثَّانِي (وَإِنْ وَاجِبًا أَوْ مَكْرُوهًا فَوَاجِبٌ) أَيْ فَتَعَلُّمُهُ وَاجِبٌ لِلْإِقْدَامِ فِي الْأَوَّلِ، وَالْكَفِّ فِي الثَّانِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ تَرْكِهِ وَحُرْمَةُ الشَّيْءِ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ تَرْكِهِ.
قَالَ فِي التَّلْوِيحِ هَذَا مِمَّا لَا يُتَصَوَّرُ النِّزَاعُ فِيهِ (وَإِنْ) كَانَ الْمَعْلُومُ (سُنَّةً) فَتَعَلُّمُهُ (سُنَّةٌ وَإِنْ نَفْلًا فَنَفْلٌ وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ) فِي الْفَرْضِ، وَالْحَرَامُ فَرْضٌ، وَفِي الْوَاجِبِ وَاجِبٌ، وَفِي السُّنَّةِ سُنَّةٌ، وَفِي النَّفْلِ نَفْلٌ وَإِنْ مَكْرُوهًا فَمَنْدُوبٌ.
قَالَ الْعَضُدُ الْعَلَّامَةُ فِي عَقَائِدِهِ: وَشَرْطُ وُجُوبِهِ وَنَدْبِهِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى الْفِتْنَةِ.
قَالَ الدَّوَانِيُّ: فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْفِتْنَةِ لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُنْدَبْ بَلْ رُبَّمَا كَانَ حَرَامًا بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَحْضُرَ الْمُنْكَرَ وَيَعْتَزِلَ فِي بَيْتِهِ لِئَلَّا يَرَاهُ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا تَلْزَمُ الْهِجْرَةُ إلَّا إذَا كَانَ عُرْضَةً لِلْفَسَادِ. ثُمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَيْضًا: وَأَنْ يَظُنَّ قَبُولَهُ فَقَالَ الدَّوَانِيُّ أَيْضًا: وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ قَبُولَهُ لَمْ يَجِبْ سَوَاءٌ ظَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ أَوْ شَكَّ فِي الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ.
وَفِي الْأَخِيرِ تَأَمُّلٌ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ لِعَدَمِ ظَنِّ الْقَبُولِ وَلَمْ يَخَفْ الْفِتْنَةَ فَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ (غَيْرَ أَنَّهُمَا) أَيْ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (عَلَى سَبِيلِ الْكِفَايَةِ وَعِلْمُ الْحَالِ عَلَى سَبِيلِ الْعَيْنِ، وَمِنْهُ اعْتِقَادُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْجَمَاعَةِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ وَ)