الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَلِكَ (تَنْوِيرُهُ) أَيْ إنَارَتُهُ (بِالِاسْتِدْلَالِ لِلْخُرُوجِ عَنْ التَّقْلِيدِ) ، وَالتَّقْلِيدُ وَإِنْ جَائِزًا عِنْدَنَا لَكِنْ يُؤْثَمُ قَالَ فِي الْأُصُولِ لَا تَقْلِيدَ فِي الِاعْتِقَادِيَّاتِ عِنْدَنَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَعْرِفَةِ بِالصَّانِعِ وَإِنْ جَائِزًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيِّ وَوَاجِبًا عِنْدَ طَائِفَةٍ كَمَا فِي زُبْدَةِ الْوُصُولِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ لَكِنْ كَوْنُ عِلْمِ الْحَالِ سِيَّمَا مَا فِي مُعْتَقَدِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ فُرُوضِ الْعَيْنِ عَلَى إطْلَاقِهِ مَنْظُورٌ فِيهِ لَا سِيَّمَا مَا يَجِبُ تَنْوِيرُهُ إذْ سَيُسْمَعُ مِنْ الصِّنْفِ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى الْكِفَايَةِ.
قَالَ الدَّوَانِيُّ: يَجِبُ عَلَى الْكِفَايَةِ تَفْصِيلُ الدَّلَائِلِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَةِ الشُّبْهَةِ وَإِلْزَامِ الْمُعَانِدِينَ وَإِرْشَادِ الْمُسْتَرْشِدِينَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ حَدٍّ مِنْ الْمَسَافَةِ الْقُصْوَى مِنْ شَخْصٍ مُتَّصِفٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَيُسَمَّى الْمَنْصُوبُ بِالذَّبِّ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ إخْلَاءُ الْمَسَافَةِ الْقُصْوَى عَنْ مِثْلِ هَذَا الشَّخْصِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إخْلَاءُ مَسَافَةِ الْعَدْوَى عَنْ الْعَالِمِ بِظَوَاهِرِ الشَّرِيعَةِ، وَالْأَحْكَامِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْعَامَّةُ وَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى مِنْ زَمَانٍ انْطَمَسَ فِيهِ مَعَالِمُ الْعِلْمِ، وَالْفَضْلِ وَعَمَرَ فِيهِ مَرَابِطُ الْجَهْلِ وَتَصَدَّى لِرِيَاسَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالتَّمَيُّزِ مَنْ عُرِّيَ عَنْ الْعِلْمِ، وَالتَّمَيُّزِ مُتَوَسِّلًا فِي ذَلِكَ بِالْحَوْمِ حَوْلَ الظُّلْمَةِ ثُمَّ قَالَ مَا قَالَ.
[الصِّنْفُ الثَّانِي فِي فَرْضُ الْكِفَايَةِ]
(الصِّنْفُ الثَّانِي)
مِنْ صِنْفَيْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ (فِي) عُلُومٍ هِيَ (فَرْضُ الْكِفَايَةِ) بِحَيْثُ إذَا عَلِمَهَا الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِذَا تَرَكَ الْكُلُّ أَثِمُوا.
قَالَ حَفِيدٌ السَّعْدُ فِي أُنْمُوذَجِ الْعُلُومِ: الْقِيَامُ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ قِيَاسَ مَا ذَكَرُوهُ يَقْتَضِي تَفْضِيلَ سُنَّةِ الْكِفَايَةِ كَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَابْتِدَاءِ السَّلَامِ عَلَى سُنَّةِ الْعَيْنِ. ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بِأَنَّ جَعْلَ التَّشْمِيتَ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَجَعَلَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ أَفْضَلَ مِنْ الْمَفْرُوضَةِ بَعِيدٌ وَأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ النِّيَابَةِ فِي الْعَيْنِ يُشْعِرُ بِشَرَفِهِ يُرَدُّ عَلَيْهِ: إنَّ تَرْكَ الْوَاحِدِ وَاحِدَةً مِنْ الْمَفْرُوضَةِ لَيْسَ كَتَرْكِ الْعَامَّةِ صَلَاةَ جِنَازَةٍ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّنَاعَةَ فِي هَذَا أَكْثَرُ.
وَقِيلَ أَيْضًا: إنَّ مَا فُرِضَ حَقًّا لِلنَّفْسِ فَقَطْ فَأَهَمُّ عِنْدَهَا، وَأَشَقُّ فَأَفْضَلُ وَمَا فُرِضَ لِلْعَامَّةِ، وَالْآتِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَالْأَمْرُ إذَا عَمَّ خَفَّ وَإِذَا خَصَّ ثَقُلَ.
وَعَنْ الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْكِفَايَةَ لِإِسْقَاطِ الْحَرَجِ عَنْ الْأُمَّةِ وَبِالتَّرْكِ يَعْصِي كُلُّ الْأُمَّةِ كَانَ أَفْضَلَ (وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَالِ غَيْرِهِ أَعْنِي الْفِقْهَ كُلَّهُ) وَرَاءَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ سَابِقًا مِنْ قَدْرِ عِلْمِ الْحَالِ فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ كُلَّهُ لَكَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهِ شُمُولَ هَذَا النَّوْعِ وَهُوَ فَرْضٌ وَلَوْ أُرِيدَ مِنْ الْفِقْهِ مَا هُوَ مُصْطَلَحُ الْأُصُولِيِّ مِنْ عِلْمِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا عَنْ دَلِيلِهَا وَأَبْقَى لَفْظَ الْكُلِّ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَبْعُدْ.
وَأَيْضًا لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ قَيْدًا لِقَوْلِهِ بِحَالِ غَيْرِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ أَيْضًا لَعَلَّ وَجْهَ التَّأْكِيدِ الشُّمُولُ إلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ عِبَادَاتٌ وَمُعَامَلَاتٌ وَدِيَانَاتٌ (وَعِلْمَ التَّفْسِيرِ) أَيْ مَعَانِي الْقُرْآنِ (وَالْحَدِيثِ) مَعَانِي أَقْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ مُخَالِفٍ يَحْتَجُّ بِظَاهِرِ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ بِمَعْنًى غَيْرِ مُرَادٍ أَوْ ظُهُورِ شُبْهَةٍ لِشَخْصٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حَلِّهِ يَشْكُلُ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ مَعَانِي الْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ إنَّمَا تَتَيَسَّرُ لِلْمُجْتَهِدِ، وَالْمُجْتَهِدُ فِي زَمَانِنَا مُنْقَرِضٌ وَقَدْ أَغْنَى عَنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى زَمَانِنَا عِلْمُ الْكَلَامِ، وَالْفِقْهِ وَأَنَّ أَدِلَّةَ الْمُقَلِّدِ لَيْسَتْ إلَّا قَوْلَ الْمُجْتَهَدِ.
وَلِهَذَا إذَا ظَهَرَ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ وَبَيْنَ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ فَيُقَدَّمُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ لِلْمُجْتَهِدِ فَلَعَلَّ لِتِلْكَ الْآيَةِ مَثَلًا مُعَارِضًا أَوْ مُخَصَّصًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ نَاسِخًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ وَلَمْ تَطَّلِعْ أَنْتَ (وَالْأُصُولِيِّينَ) بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ أَيْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ مُبْتَدِعٍ فِي الِاعْتِقَادِ أَوْ مُشَكِّكٍ فِي الْفِقْهِ يَشْكُلُ أَيْضًا أَنَّ الْأُصُولَ مُخْتَصٌّ بِالْمُجْتَهِدِ وَأَنَّ أَثَرَهُ هُوَ الِاجْتِهَادُ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْفَقِيهِ وَقَدْ عَرَفْت انْقِرَاضَهُ وَعَدَمَ إمْكَانِهِ فِي زَمَانِنَا. وَقَدْ قِيلَ بِانْقِرَاضِ الِاجْتِهَادِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِمِائَةٍ إلَّا أَنْ يُدَّعَى عَدَمُ انْقِرَاضِ الْمُجْتَهِدِ فِي الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ تَحَرِّي الِاجْتِهَادِ وَلَوْ مَذْهَبًا مَرْجُوحًا (وَالْقِرَاءَةُ) الظَّاهِرُ بِجَمِيعِ الْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَالْمَشْهُورَةِ بَلْ الْآحَادُ، وَالشُّذُوذُ لِئَلَّا يَلْزَمَ نَفْيُ قُرْآنِيَّةِ مَا كَانَ قُرْآنًا
وَإِثْبَاتُ الْقُرْآنِيَّةِ فِيمَا لَا يَكُونُ قُرْآنًا.
قَالَ الْجَعْبَرِيُّ نَقْلُ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَبْعَاضُ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ كُلُّ الْقُرْآنِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَبَعْضُهُ أَيْضًا كَذَلِكَ وَأَمَّا قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْقِرَاءَاتِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي قَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَفَرْضُ عَيْنٍ. وَقِيلَ وَمِنْ عِلْمِ الْقِرَاءَةِ: عِلْمُ التَّجْوِيدِ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْجَزَرِيِّ وَعَلِيٍّ الْقَارِي وَتَسْهِيلِ التَّجْوِيدِ أَنَّ أَخْذَ الْقُرْآنِ بِالتَّجْوِيدِ عَنْ فَمِ الْمُحْسِنِ الْحَاذِقِ فَرْضُ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَيْضًا (وَأَمَّا) عِلْمُ (الْحِسَابِ)(فَمُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ) أَيْ الشَّرْعِيَّةِ إنَّمَا فَصَّلَهُ بِكَلِمَةِ أَمَّا لِعَدَمِ الْجَزْمِ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْأَئِمَّةِ نَصًّا بَلْ إنَّمَا خَرَّجَهُ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ رَأْيًا بَلْ تَقْرِيبًا (خُصُوصًا) أَيْ أَخُصُّ خُصُوصًا (الْفَرَائِضَ) بِمُشَارَكَةِ الْغَيْرِ فِي أَصْلِ الِاحْتِيَاجِ كَأَمْوَالِ الزَّكَاةِ، وَالدِّيَاتِ، وَالْإِقْرَارِ، وَالْوَصَايَا (فَلِذَا قَالُوا هُوَ رُبْعُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ الْفَرَائِضِ) ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ نِصْفُ الْعِلْمِ، وَالْحِسَابَ نِصْفُ الْفَرَائِضِ، وَنِصْفُ النِّصْفِ رُبْعٌ (فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ) الْحِسَابُ (فَرْضَ كِفَايَةٍ) إذْ عِلْمُ الْفَرَائِضِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَتَرْتِيبُ دَلِيلِهِ أَنَّ الْحِسَابَ شَيْءٌ يَحْتَاجُ إلَيْهِ عِلْمُ الْفَرَائِضِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَكُلُّ شَيْءٍ شَأْنُهُ كَذَا فَفَرْضُ كِفَايَةٍ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَرَائِضُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ أَصْلِ الْحِسَابِ الْمُتَدَاوَلِ فِي أَفْوَاهِ الْعَوَامّ بِلَا مُرَاجَعَةٍ إلَى قَوَاعِدِ عِلْمِ الْحِسَابِ كَمَا تَرَى كَثِيرًا يُحَصِّلُونَهُ بِلَا مَعْرِفَةِ عِلْمِ الْحِسَابِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مَا ذَكَرُوا فِي أَثْنَاءِ مَبَاحِثِ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ سِيَّمَا الْمُنَاسَخَةُ مِنْ نَحْوِ التَّمَاثُلِ وَالتَّدَاخُلِ هُوَ مِنْ عِلْمِ الْحِسَابِ، وَالْفَرْضِيَّةُ فِي الْحِسَابِ لَا بِحَسَبِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ بَلْ بِمُطْلَقِهِ وَلَوْ وُجِدَ فِي ضِمْنِ أَقَلَّ أَجْزَائِهِ (وَقَدْ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ (فِي الْإِحْيَاءِ) .
فَإِنْ قِيلَ الْغَزَالِيُّ مِنْ مَشَايِخِ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَطْلُوبُ مِنْ مَسَائِلِ الْحَنَفِيَّةِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ الْمَطْلُوبُ. قُلْنَا لَعَلَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ عَلَى وَفْقِ قَاعِدَتِنَا وَنَهْجِ قِيَاسِنَا أَوْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يَقَعْ فِيهَا نَصُّ أَصْحَابِنَا وَلَمْ يُخَالِفْ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ وَقِيَاسِهِمْ أَنْ يَعْمَلَ بِمَذْهَبِ مُخَالِفِينَا لَكِنْ يَشْكُلُ بِمَا صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي مُنْقِذِ الضَّلَالِ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ الرِّيَاضَيَّ مِنْ الْفَلْسَفِيَّةِ تَعَلَّقَ بِعِلْمِ الْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ وَعِلْمِ هَيْئَةِ الْعَالَمِ وَلَيْسَ يَتَعَلَّقُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لَكِنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ آفَتَانِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ وَجَزَمَ فِي الْأَشْبَاهِ بِحُرْمَةِ عِلْمِ الْفَلْسَفَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالدِّينِ مَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَاتِهِ وَبِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ بِالنَّظَرِ إلَى تَوَقُّفِ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ فَتُطْرَقُ الْآفَةُ مِنْ أَمْرٍ عَرَضِيٍّ لَا يَضُرُّ (وَأَمَّا)(عُلُومُ الْعَرَبِيَّةِ) وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ: عِلْمًا النَّحْوُ، وَالصَّرْفُ، وَالْمَعَانِي، وَالْبَيَانُ، وَاللُّغَةُ، وَالِاشْتِقَاقُ، وَالْعَرُوضُ، وَالْقَافِيَةُ وَهَذِهِ الثَّمَانِيَةُ أُصُولٌ، وَالْبَاقِيَةُ فُرُوعٌ وَهُوَ عِلْمُ: الْخَطِّ، وَقَرِيضُ الشِّعْرِ، وَالْإِنْشَاءُ، وَالْمُحَاضَرَاتُ، وَالتَّوَارِيخُ (فَفِي بُسْتَانِ الْعَارِفِينَ) لِأَبِي اللَّيْثِ (اعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبِيَّةَ لَهَا فَضْلٌ عَلَى سَائِرِ الْأَلْسِنَةِ) .
وَقَالَ بَعْضُ الْأَسَاتِذَةِ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ أُصُولِ اللُّغَاتِ. قِيلَ: سَبْعَةٌ الصِّينُ، وَالْهِنْدُ، وَالسُّودَانُ، وَالرُّومُ، وَالتُّرْكُ، وَالْعَرَبُ وَلَمْ يَذْكُرْ السَّابِعَةَ وَلَعَلَّهَا السُّرْيَانِيَّةُ لُغَةُ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ وَكُلُّ هَذِهِ اللُّغَاتِ قَدْ عَلَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ عليه الصلاة والسلام. وَأَمَّا الْعَرَبِيَّةُ فَلَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى بَاقِيهَا حَتَّى يُكْرَهَ التَّكَلُّمُ بِغَيْرِهَا لِمَنْ يُحْسِنُهَا. قِيلَ عَنْ الْمُبْتَغَى: لِسَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْعَرَبِيَّةُ، وَالْفَارِسِيَّةُ وَقَدْ يُزَادُ الدُّرِّيَّةُ. وَقِيلَ النَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَبَعْدَهُ فِيهَا بِالْعَرَبِيَّةِ.
أَقُولُ نُقِلَ عَنْ الْكَافِي كَمَا فِي الْمُبْتَغَى وَأَيْضًا عَنْ الدَّيْلَمِيِّ إذَا أَرَادَ أَمْرًا فِيهِ لِينٌ أَوْحَى بِهِ إلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ بِالْفَارِسِيَّةِ.
قَالَ عَلِيٌّ الْقَارِيّ وَكِلَاهُمَا مَوْضُوعٌ فَإِنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثٍ صَحِيحٍ مَرْفُوعٍ «أَحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلَاثٍ فَإِنِّي عَرَبِيٌّ وَكَلَامُ اللَّهِ عَرَبِيٌّ وَلِسَانُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ» .
قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَدْ كَانَ آدَم لَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا إلَّا بِهِ فَلَمَّا أُهْبِطَ تَكَلَّمَ بِغَيْرِهِ. أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يَنْفِي عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْفَارِسِيَّةَ