الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الْجُزْءُ الأَوَّلُ
وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَوْلَى الْحَمْدِ وَمُسْتَحِقِّهِ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ وَمُسْتَرِقِّهِ، ذِي النِّعَمِ الْمُتَضَافِرَةِ، وَالْمِنَنِ الْمُتَظَاهِرَةِ، وَالآلاءِ الْمُتَكَاثِرَةِ، وَالْكِبْرِيَاءِ الْوَافِرَةِ، لَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَوْلَى، وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فِي الآخِرَةِ وَالأُولَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ عُدَّةً لِلِقَائِهِ، وَعُمْدَةً لِمَا يَرِدُ مِنْ تِلْقَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَاتَمُ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَمُبَلِّغُ أَحْكَامِهِ وَأَنْبَائِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ أَهْلِ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ، وَالْمُشَرَّفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَالشَّفَاعَةِ عِنْدَ الْوُرُودِ، فَآدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ النَّاقِلِينَ لأَحْكَامِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُ فِي نَقْضِهِ وَإِبْرَامِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، مَنَّ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ الْمُكَرَّمَةِ بِسِلْسِلَةِ الإِسْنَادِ وَاتِّصَالِهِ، وَنَقَلَ خَلَفُهَا عَنْ سَلَفِهَا سُنَّةَ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم وَبَيَانَ أَحْوَالِهِ، وَذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الَّتِي أَشَارَ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا، وَوَعَدَ أُمَّتَهُ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا وَأَوْصَى بِالطَّالِبِينَ لِذَلِكَ وَإِلْطَافِهِمْ وَإِسْعَادِهِمْ بِمَطْلُوبِهِمْ وَإِسْعَافِهِمْ، وَذَلِكَ فِيمَا:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، قَالَ:
أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَكْرِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ السَّمْعَانِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفُرَاوِيُّ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُشْرِفٍ سَمَاعًا عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُقَيِّرِ، عَنْ أَبِي الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْمِيهَنِيِّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ ، قَالَ: أنا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ، ثنا ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، مِنْ حَدِيثِ الأَعْمَشِ.
وَضِرَارُ بْنُ صُرَدٍ هَذَا ضَعِيفٌ مِنْهُمْ، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ
حَرْبٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ كِلاهُمَا، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الأَعْمَشِ بِهِ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَنْدَهْ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأَعْمَشِ بِهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ لا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّان فِي الثِّقَاتِ: عِصَامُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَجْلانَ مَوْلَى مُرَّةَ ابْنِ الطَّيِّبِ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، سَكَنَ أَصْبَهَانَ، يَرْوِي عَنِ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامٍ، يَنْفَرِدُ وَيُخَالِفُ، وَكَانَ صَدُوقًا حَدِيثُهُ عِنْدَ الأَصْبَهَانِيِّينَ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا قَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ أَحَدٌ.
فَالْحَدِيثُ حَسَنٌ جَيِّدٌ.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى، رَوَاهُ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَهُ
قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: كُلُّ مَسْأَلَةٍ تُرْوَى عَنْ ثَلاثَةٍ فَهِيَ أَثَرٌ، كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ، وَيُسْمَعُ مِمَّنْ يُسْمَعُ مِنْكُمْ.
وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ إِسْحَاقَ رحمه الله يُشْعِرُ بِتَثْبِيتِهِ الْحَدِيثَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقُرَشِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، قَالَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ ظَافِرِ بْنِ رَوَّاجٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ: أنا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أنا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ ، قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْغَالِي، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ النُّهَاوَنْدِيُّ، أنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، ثنا أَبُو هَارُونُ الْعَبْدِيُّ ، قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ يَعْنِي الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، قَالَ: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْنَا: وَمَا وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِي قَوْمٌ يَسْأَلُونَكُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي، فَإِذَا جَاءُوكُمْ فَأَلْطِفُوهُمْ وَحَدِّثُوهُمْ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْحَفَرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ بِهِ.
وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ، وَإِنَّ رِجَالا يَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا.
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ بِهِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هَارُونَ
الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: كَانَ شُعْبَةُ يُضَعِّفُ أَبَا هَارُونَ الْعَبْدِيَّ.
قَالَ يَحْيَى: وَمَا زَالَ ابْنُ عَوْنٍ يَرْوِي عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ اسْمُهُ عُمَارَةُ بْنُ جُوَيْنٍ بَصْرِيٌّ، أَكْثَرُهُمْ ضَعَّفُوهُ.
وَلَيْسَ الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ، بَلْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى أَيْضًا، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه
أخبرناهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقُرَشِيُّ بِإِسْنَادِهِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا الْحَضْرَمِيُّ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُطَيَّنٌ الْحَافِظُ ، ثنا ابْنُ إِشْكَابَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه ، قَالَ: " مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوصِينَا بِكُمْ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا، عَنْ مُوسَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَنْ بِشْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْعَقَدِيِّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ شَيْخٌ يَنْزِلُ وَرَاءَ مَنْزِلِهِ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا الْجَرِيرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى الشَّبَابَ ، قَالَ: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَمَرَنَا أَنْ نُحَفِّظَكُمُ الْحَدِيثَ، وَنُوَسِّعَ لَكُمْ فِي الْمَجَالِسِ.
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا لَمْ أَعْرِفْهُ ، وَالسَّنَدُ الَّذِي قَبْلَهُ لا بَأْسَ بِهِ، لأَنَّ سَعِيدَ بْنَ سُلَيْمَانَ هَذَا هُوَ النُّشَيْطِيُّ فِيهِ لِينٌ يُحْتَمَلُ، حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيَّانِ وَغَيْرُهُمَا
وَقَدْ حَثَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ عَلَى التَّبْلِيغِ عَنْهُ، وَدَعَا بِالنُّضْرَةِ بِمَنْ أَدَّى مَا سَمِعَ مِنْهُ كَمَا:
أَخْبَرَنَا شَيْخُنَا أَبُو الْفَضْلِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَنْبَلِيُّ ، قَالَ: أَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الصَّيْدَلانِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِي وَأَنَا حَاضِرٌ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ فَارِسٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْفُرَاتِ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ.
ح وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعِزِّ بْنِ مُشْرِفٍ ، وَوَزِيرَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْمُنَجَّا.
وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ نِعْمَةَ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، قَالُوا: أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُبَارَكِ الرَّبَعِيُّ، أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى الْهَرَوِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُدِيُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّرْخَسِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ.
ح وأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَكْتُومٍ.
وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعَالِي.
وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْمُعَمَّرُ.
وَعَبْدُ الأَحَدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ.
وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ عَسْكَرٍ.
وَزَيْنَبُ ابْنَةُ أَحْمَدَ بْنِ شُكْرٍ ، قَالُوا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْبَغْدَادِيُّ، أنا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ السِّجْزِيُّ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُظَفَّرِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمُّوَيْهِ، أنا عِيسَى بْنُ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْمُغِيرَةِ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ
مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ وَاسْمُهُ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ كَمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، فَوَقَعَ بَدَلا لَهُ عَالِيًا.
وَرَوَاهُ أَيْضًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ بِهِ
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ.
وَأَبُو الْمَنْصُورِ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ الْكَاتِبُ.
وَأَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبَّاسٍ بِدِمَشْقَ.
وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ.
وَأَبُو مُحَمَّدٍ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيَّانِ بِقَاسَيُونَ.
وَزَيْنَبُ ابْنَةُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ شُكْرٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ.
قَالَ الأَوَّلُ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ رَوَاحَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ ظَافِرِ بْنِ رَوَّاجٍ.
وَالثَّالِثُ: أنا يُوسُفُ بْنُ مَحْمُودٍ السَّاوِيُّ.
وَالْبَاقُونَ: أنا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالُوا: أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيُّ، أنا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو
عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّرَسُوسِيُّ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى ، فَقَالَ:" نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لا فِقْهَ لَهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثَلاثٌ لا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ: إِخْلاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ عز وجل، وَالنَّصِيحَةُ لأُولِي الأَمْرِ، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ ".
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ يَحْيَى اللَّخْمِيِّ كِلاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا لَهُ عَالِيًا.
وَهَذَا مِمَّا دَلَّسَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُمَيْرٍ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ أَبِي الْجَنُوبِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَعَبْدُ السَّلامِ هَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكٌ.
لَكِنَّ الْحَدِيثَ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَيْضًا، رَوَاهَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحُوَيْرِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ.
وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ جَيِّدٌ
وَالْحَدِيثُ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ مِنْ جِهَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، مِنْ أَجْوَدِهَا سَنَدًا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
أَخْبَرَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ.
وَعِيسَى بْنُ مَعَالِي.
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مَكْتُومٍ.
وَعَبْدُ الأَحَدِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ ، قَالُوا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ اللُّتِّيِّ، أنا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ، أنا الْفُضَيْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفُضَيْلِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي
شُرَيْحٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّاعِدِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ، ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.
ح وَأَخْبَرَتْنَا أُمُّ مُحَمَّدٍ وَزِيرَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْمُنَجَّا ، قَالَتْ: أنا الْحَسَنُ بْنُ الْمُبَارَكِ الرَّبَعِيُّ، أنا أَبُو زُرْعَةَ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، أنا مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عَلانَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، أنا الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله، أَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا زَادَ الثَّوْرِيُّ: وَبَلَّغَهَا ، وَقَالا: فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِهِ، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
قُلْتُ: رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَيْضًا: إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، وَهُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ، وَجَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ أَبِيهِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ دُونَ أَخِيهِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
فَامْتَثَلَتِ الأُمَّةُ مَا أَمَرَهَا بِهِ نَبِيُّهَا صلى الله عليه وسلم، وَنَدَبَهَا إِلَيْهِ، وَبَادَرَتْ إِلَى نَقْلِ سُنَنِهِ، وَحَافَظَتْ عَلَيْهِ، وَاسْتَمَرَّ الْعَمَلُ بِهِ خَلَفًا بَعْدَ سَلَفٍ غَابِرٍ، وَتَنَوَّعُوا فِي حِفْظِهَا وَضَبْطِهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ نَبِيُّهُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي:
أَخْبَرَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْمَقْدِسِيُّ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ: أَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، أنا أَبُو الطَّيِّبِ طَلْحَةُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالِحَانِيُّ حُضُورًا ، قَالَ: أنا جَدِّي أَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى الْقُرْقُسَانِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْبَيْرُوتِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ، تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَدُحَيْمٌ، وَقَالَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لا بَأْسَ بِهِ.
وَتَكَلَّمَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ.
وَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَذَكَرَهُ هَكَذَا مُعْضِلا ، وَبَقِيَّةُ مَعْرُوفٌ.
وَهَذَا السَّنَدُ الَّذِي سُقْنَاهُ أَمْثَلُ مِنْهُ، لأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ هَذَا هُوَ الْحَرَّانِيُّ يُعْرَفُ بِبُومَةَ.
وَثَّقَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ وَطَائِفَةٌ.
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ.
وَعَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ الْبَيْرُوتِيُّ قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
عُثْمَانُ بْنُ يَحْيَى الْقُرْقُسَانِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّان فِي الثِّقَاتِ
قَالَ مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ: يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ لأَحْمَدَ: كَأَنَّهُ كَلامٌ مَوْضُوعٌ، قَالَ: لا، هُوَ صَحِيحٌ، فَقُلْتُ لَهُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِ مِسْكِينٌ، إِلا أَنَّهُ يَقُولُ: مُعَانٌ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ لا بَأْسَ بِهِ.
أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ أَبُو الرَّبِيعِ بْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، أنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْحَرِيفِ، أنا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْخَلالُ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى فَذَكَرَهُ
وَبِهِ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الْفَارِسِيُّ،
أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْخَلالُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ: رَأَيْتُ رَجُلا قَدَّمَ رَجُلا إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، فَادَّعَى عَلَيْهِ دَعْوًى، فَسَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ، فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، فُلانٌ وَفُلانٌ، قَالَ الْقَاضِي: أَمَّا فُلانٌ فَمِنْ شُهُودِي، وَأَمَّا فُلانٌ فَلَيْسَ مِنْ شُهُودِي، قَالَ: فَيَعْرِفُهُ الْقَاضِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: أَعْرِفُهُ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَكَيْفَ تَعْرِفُهُ فِي كَتَبَةِ الْحَدِيثِ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ إِلا خَيْرًا، قَالَ: فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ خَلَفٍ عُدُولُهُ فَمَنْ عَدَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى مِمَّنْ عَدَلْتَهُ أَنْتَ، قَالَ: فَقُمْ فَهَاتِهِ، فَقَدْ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ فَالإِسْنَادُ خِصِّيصَةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَفَضِيلَةٌ تَمَّتْ لِلَّهِ عز وجل عَلَيْهِمْ بِهَا النِّعْمَةُ، بِهِ عُرِفَ الصَّحِيحُ مِنَ السَّقِيمِ، وَصَانَ اللَّهُ دِينَهُ عَنْ قَوْلِ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ، وَلَيْسَ لِمَنْ قَبْلَ هَذِهِ الأُمَّةِ غَيْرُ صُحُفٍ اخْتَلَطَ مُنْكَرُهَا بِمَقْبُولِهَا، وَاشْتَبَهَ صَحِيحُهَا بِمَعْلُولِهَا، فَلا تَمَيُّزٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بَيْنَ مَا جَاءَ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمُ الْمُرْسَلُونَ، وَبَيْنَ مَا أُدْخِلَ فِي ذَلِكَ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْغُوَاةُ الْمُبْطِلُونَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا وَفَّقَ مِنَ الْقِيَامِ بِذَلِكَ، وَأَرْشَدَ بِهِ إِلَى أَوْضَحِ الْمَسَالِكِ.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْحَاكِمُ وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدِسِيَّانِ بِقِرَاءَتِي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ، قَالا: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ اللُّتِّيِّ، أَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى الصُّوفِيُّ، أنا أَبُو إِسْمَاعِيلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، أنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرَّاحِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْبُوبٍ، ثنا الْحَافِظُ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدَانُ ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ رحمه الله ، يَقُولُ: الإِسْنَادُ
عِنْدِي مِنَ الدِّينِ، لَوْلا الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، وَلَكِنْ إِذَا قِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: بَقى
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْهَيْجَاءِ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ رُزَيْنٍ الدِّمَشْقِيُّ سَمَاعًا عَلَيْهِمَا.
قَالَ الأَوَّلُ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَكْرِيِّ، أنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، أَخْبَرَتْنَا عَائِشَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ ح.
وَقَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُقَيِّرِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْمِيهَنِيِّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ هَذَا قَالَ: أنا الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى الطَّالْقَانِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ، ثنا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ وَعِنْدَهُ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: فَجَعَلَ ابْنُ أَبِي فَرْوَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّ: قَاتَلَكَ اللَّهُ يَابْنَ أَبِي فَرْوَةَ مَا أَجْرَأَكَ عَلَى اللَّهِ، أَلا تَسْنِدُ حَدِيثَكَ؟ تُحَدِّثُنَا بِأَحَادِيثَ لَيْسَ لَهَا خَطْمٌ وَلا أَزِمَّةٌ وَقَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ الْعِلْمَ بِلا إِسْنَادٍ كَمَثَلِ
حَاطِبٍ يَحْطِبُ لَيْلا يَحْمِلُ حِزْمَةَ حَطَبٍ، وَفِيهِ أَفْعى تَلْدَغُهُ وَهُوَ لا يَدْرِي.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله: الإِسْنَادُ سِلاحُ الْمُؤْمِنِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَكَ سِلاحٌ فَبِمَ تُقَاتِلُ؟ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: مَثَلُ الَّذِي يَطْلُبُ أَمْرَ دِينِهِ بِلا إِسْنَادٍ كَمَثَلِ الَّذِي يَرْتَقِي السَّطْحَ بِلا سُلَّمٍ.
وَلَمَّا كَانَ الإِسْنَادُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ الْجَلِيَّةِ، وَالدَّرَجَةِ الْجَلِيَّةِ الْعَلِيَّةِ، كَانَ مِنَ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَاتِ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِهِ، الْحَائِزَةِ لِقَصَبِ السَّبْقِ وَفَضْلِهِ، مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمُحَدِّثُ عَلَى أَقْرَانِهِ، عِنْدَهُ تَحْصِيلُهُ مِنْ عُلُوِّ الإِسْنَادِ الَّذِي هُوَ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفْرِحٍ.
وَيَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ بْنِ نِعْمَةَ الْمَقْدِسِيَّانِ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُعَدَّلُ، وَآخَرُونَ قَالُوا: أنا مَكِّيُّ بْنُ الْمُسْلِمِ بْنِ عَلانَ، أنا الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ، أنا أَبُو الْمَعَالِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْحُلْوَانِيُّ، أنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ قَالَ: وَأَجَازَهُ لِي الْحَدَّادُ أَبُو عَلِيٍّ وَأَبُو سَعْدٍ الْمُطَرِّزُ وَغَانِمٌ الْبُرْجِيُّ قَالُوا: أنا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ، ثنا يَعْرُبُ بْنُ خَيْرَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَسْلَمَ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: قُرْبُ الإِسْنَادِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَبِهِ إِلَى الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ، أنا أَبُو السَّعَادَاتِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْهَاشِمِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ رِضْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ حَمْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْعَطَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: طَلَبُ عُلُوِّ الإِسْنَادِ مِنَ الدِّينِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ ظَافِرٍ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أنا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْغَالِي، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خَرْبَانَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلادٍ الْقَاضِي قَالَ: تَخْتَلِفُ مَذَاهِبُ طُلابِ الْحَدِيثِ فِي هَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ لا يَقْتَصِرُ عَلَى أَنْ يَسْمَعَ الْحَدِيثَ مِنَ الْمُحَدِّثِ، وَهُوَ عَلَى أَنْ يَسْمَعَهُ مِنَ الْمُحَدِّثِ قَادِرٌ، فَتَنْزِعُ نَفْسُهُ إِلَى لِقَاءِ الأَعْلَى وَالسَّمَاعِ مِنْهُ بِالْمُشَاهَدَةِ إِنْ كَانَ دَانِيَ الدَّارِ، وَبِالرِّحْلَةِ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ لا يَشْتَغِلُ بِالرِّحْلَةِ إِذَا حَصَلَ لَهُ الْحَدِيثُ عَمَّنْ يَرْتَضِيهِ تَنَزَّلَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ تَعَالَى فِيهِ.
قَالَ: وَأَهْلُ النَّظَرِ أَيْضًا فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ.
فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: التَّنَزُّلُ فِي الإِسْنَادِ أَفْضَلُ، لأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّاوِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ وَتَأْوِيلِهِ، وَفِي النَّاقِلِ وَتَعْدِيلِهِ، وَكُلَّمَا زَادَ الاجْتِهَادُ زَادَ صَاحِبُهُ ثَوَابًا، وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْخَبَرَ أَقْوَى مِنَ الْقِيَاسِ ، وَقَالَ آخَرُونَ: التَّعَالِي فِي الإِسْنَادِ مُسْقِطٌ لِبَعْضِ الاجْتِهَادِ، وَسُقُوطُ الاجْتِهَادِ فِيمَا أَمْكَنَ أَسْلَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: هَذَا الْمَذْهَبُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ خَلادٍ ضَعِيفٌ وَاهِي الْحُجَّةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ إِسْنَادِ الْحَدِيثِ الْبَحْثَ عَنْهُ وَالاجْتِهَادَ فِيهِ حَتَّى يُطْلَبَ كَثْرَةُ الاجْتِهَادِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الأَجْرِ.
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنَ الإِسْنَادِ حُصُولُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ وَرُكُونُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ، هَذَا مَا لا رَيْبَ فِيهِ، وَلا شَكَّ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لا يُفِيدُ الْعِلْمَ لِقُصُورِهِ عَنْ ذَلِكَ.
وَإِنَّمَا جَاءَهُ هَذَا الْقُصُورُ مِنْ جِهَةِ احْتِمَالِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِي رُوَاتِهِ بِخِلافِ الْمُتَوَاتِرِ، فَإِنَّ خَبَرَهُمْ حَصَلَ الْقَطْعُ بِصِدْقِهِ، فَكُلُّ رَجُلٍ مِنْ رِجَالِ إِسْنَادِ خَبَرِ الْوَاحِدِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ الْخَلَلُ مِنْ جِهَتِهِ إِمَّا عَمْدًا وَإِمَّا سَهْوًا، فَفِي قِلَّتِهِمْ قِلَّةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ، وَفِي كَثْرَتِهِمْ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْخَلَلِ وَتَوَقُّعُ وُقُوعِهِ.
وَهَذَا جَلِيٌّ وَاضِحٌ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ النُّزُولَ فِي الإِسْنَادِ مَرْذُولٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُلُوِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي النُّزُولِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْعُلُوِّ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ السَّنَدُ النَّازِلُ أَصَحَّ مِنَ الْعَالِي أَوْ مُشْتَمِلا عَلَى صِفَةٍ أَعْلَى كَالْحِفْظِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ بِمَرْجُوحٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَدَارَ ذَلِكَ عَلَى تَحْصِيلِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِالْخَبَرِ الْمَرْوِيِّ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ: إِنَّ كَثْرَةً مِنَ الأَحَادِيثِ الْعَالِيَةِ لا يُفْرَحُ بِهَا، لاشْتِمَالِ إِسْنَادِهَا عَلَى ضَعِيفٍ أَوْ مَتْرُوكٍ وَاهٍ، كَأَحَادِيثِ أَبِي هُدْبَةَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هُدْبَةَ، وَدِينَارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ومُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّوِيلِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَكَرَاوِيَةِ أَبِي الدُّنْيَا الأَشَجِّ وَشِبْهِهِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَالِيَ مِنَ الإِسْنَادِ إِنَّمَا يَكُونُ رَاجِحًا عَلَى الإِسْنَادِ النَّازِلِ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الإِسْنَادُ النَّازِلُ رِجَالُهُ أَحْفَظُ وَأَتْقَنُ مِنْ رِجَالِ
الأَعْلَى فَلَيْسَ مَرْجُوحًا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الزَّرَّادُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفُرَاوِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَدِيبُ ح.
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْخَشَّابُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمِيهَنِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَدِيبُ، أنا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدُونٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: قَالَ لَنَا وَكِيعٌ: أَيُّ الإِسْنَادَيْنِ أَحَبُّ إِلَيْكُمُ؟ الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَوْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْنَا: الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللَّهِ الأَعْمَشُ شَيْخٌ، وَأَبُو وَائِلٍ شَيْخٌ، وَسُفْيَانُ فَقِيهٌ، وَمَنْصُورٌ فَقِيهٌ، وَعَلْقَمَةُ فَقِيهٌ، وَحَدِيثٌ تَتَدَاوَلُهُ الْفُقَهَاءُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتَدَاوَلَهُ الشُّيُوخُ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَتَرْجِيحُ الإِسْنَادِ الْعَالِي لا رَيْبَ فِيهِ لِمَنْ أَنْصَفَ، وَهُوَ أَمْرُ الْعَمَلِ بِهِ مُسْتَمِرٌّ قَدِيمًا وَحَدِيثًا
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، عَنْ بَرَكَاتِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ، أنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الأَكْفَانِيِّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ بْنَ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَوْثَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ رَجَاءٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رحمه الله يَقُولُ: طَلَبُ عُلُوِّ الإِسْنَادِ مِنَ السُّنَّةِ
وَبِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الْحَافِظِ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنْبَلِيِّ قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْخَلالُ، ثنا حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكِرْمَانِيُّ قَالَ: سُئِلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله عَنِ الرَّجُلِ يَطْلُبُ الإِسْنَادَ الْعَالِي؟ قَالَ: طَلَبُ الإِسْنَادِ الْعَالِي سُنَّةٌ عَمَّنْ سَلَفَ، لأَنَّ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ كَانُوا يَرْحَلُونَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَيَتَعَلَّمُونَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، وَيَسْمَعُونَ مِنْهُ ، قُلْتُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَعَلَّ الَّذِي كَانَ يَرْحَلُ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَجْلِهِ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ يَكُونُوا سَمِعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ رِحْلَتُهُمْ لأَجْلِ عُلُوِّ الإِسْنَادِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ لاسْتِفَادَةٍ مَا لَيْسَ عِنْدَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَكَذَلِكَ احْتَجَّ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ عَلَى تَرْجِيحِ الْعُلُوِّ بِحَدِيث ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه، وَهُوَ الَّذِي:
أَخْبَرَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْحَاكِمُ.
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ يُوسُفَ الْمُقْرِي.
وَعِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعَالِي.
وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الصَّالِحِيُّ ، قَالُوا: أنا أَبُو الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، أنا عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُظَفَّرِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمُّوَيْهِ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُزَيْمٍ، ثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، قَالَ: كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلُهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ،
فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ، قَالَ: صَدَقَ ، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءِ؟ قَالَ: اللَّهُ ، قَالَ: فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ؟ قَالَ: اللَّهُ عز وجل ، قَالَ: فَمَنْ نَصَبَ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ؟ قَالَ: اللَّهُ عز وجل ، قَالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ، وَخَلَقَ الأَرْضَ وَنَصَبَ الْجِبَالَ، وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: فَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا، قَالَ: صَدَقَ ، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: وَزَعَمَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا، قَالَ:«صَدَقَ» ، قَالَ: فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا، قَالَ: صَدَقَ ، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى ، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ كَمَا رَوَيْنَاهُ.
فَوَقَعَ لَنَا بَدَلا لَهُ عَالِيًا
قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى طَلَبِ الْمَرْءِ الْعُلُوَّ فِي الإِسْنَادِ، لأَنَّ هَذَا لَمَّا جَاءَهُ رَسُولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْبَرَهُ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِ لَمْ يُقْنِعْهُ ذَلِكَ حَتَّى رَحَلَ بِنَفْسِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَسَمِعَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ طَلَبُ الْعُلُوَّ فِي الإِسْنَادِ غَيْرَ مُسْتَحَبٍّ لأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم سُؤَالَهُ إِيَّاهُ عَمَّا أَخْبَرَهُ رَسُولُهُ عَنْهُ وَلأَمَرَهُ بِالاقْتِصَارِ عَلَى مَا أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ عَنْهُ.
قُلْتُ: فِي هَذَا نَظَرٌ لا يَخْفَى، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي ضِمَامٍ هَذَا، هَلْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ مَجِيئِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ لا؟ فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ كَمَا اخْتَارَهُ أَبُو دَاوُدَ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ «بَابَ الْمُشْرِكِ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ» فَلا رَيْبَ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ طَلَبًا لِلْعُلُوِّ، بَلْ كَانَ شَاكًّا فِي قَوْلِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاءَهُ، فَرَحَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَثْبَتَ الأَمْرَ، وَشَاهَدَ مِنْ أَحْوَالِهِ صلى الله عليه وسلم مَا حَصَّلَ بِهِ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ بِصِدْقِهِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي أَوَّلِ كَلامِهِ: فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ، فَإِنَّ الزَّعْمَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا يَكُونُ مَظَنَّةً لِلْكَذِبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} [التغابن: 7] .
وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ ضِمَامًا كَانَ أَسْلَمَ وَصَدَّقَ قَبْلَ مَجِيئِهِ هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ أَيْضًا مَجِيئُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِطَلَبِ الْعُلُوِّ فِي الإِسْنَادِ، بَلْ كَيْ يَرْتَقِيَ مِنَ الظَّنِّ إِلَى الْيَقِينِ الْعِلْمِيِّ، لأَنَّ الرَّسُولَ الَّذِي أَتَاهُمْ لَمْ يَفِدْ خَبَرُهُ إِلَى الظَّنِّ، وَلِقَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفَادَ الْيَقِينَ.