الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْمَدِيحِ لِرِوَايَةِ الأَقْرَانِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا رِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنْ مَالِكٍ رحمه الله
فَصْلٌ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ الأَنْصَارِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ مِنْ لَفْظِهِ، أَخْبَرَتْنَا عَيْنُ الشَّمْسِ بِنْتُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي ذَرٍّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو خَلِيفَةَ يَعْنِي الْفَضْلَ بْنَ الْحُبَابِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَلْتَمِسُونَ الْعِلْمَ، فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ
وَأَخْبَرَنَاهُ أَعْلَى مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِدَرَجَةٍ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْحَاكِمُ ، ويَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ.
وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا الأَنْجَبُ بْنُ أَبِي السَّعَادَاتِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ سُلَيْمَانَ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، أنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ الْعَطَّارُ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: لَيَضْرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّبَّاحِ وَإِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيِّ ، كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ فِيهِ: حَسَنٌ.
فَوَقَعَ بَدَلا لَهُ عَالِيًا.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ.
فَوَقَعَ لَنَا عَالِيًا عَنْهُ جِدًّا، لَكِنَّهُ قَالَ فِيهِ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بَدَلَ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَالصَّوَابُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا رَوَيْنَاهُ.
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ عَالِمَ الْمَدِينَةِ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رحمه الله.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَهُ مَالِكًا
وَهَذَا اللَّفْظُ إِشَارَةٌ إِلَى غَيْرِهِ أَيْضًا مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ أَئِمَّةِ زَمَانِهِ.
وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ، أَوْ هُوَ الصَّوَابُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ، لأَنَّهُ لا يُعْلَمُ بَعْدَ عَصْرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَإِلَى هَذَا الزَّمَنِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَلَغَ فِي الْعِلْمِ وَرَحَلَتِ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَفَرُّدِهِ، مَا بَلَغَ مَالِكٌ رحمه الله.
وَهَذِهِ مِنْ آحَادِ مُعْجِزَاتِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ مِنَ الْمَنَاقِبِ الْجَلِيلَةِ لِهَذَا الإِمَامِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ مُظَفَّرٍ قَالا: أَنْبَأَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَنْدَهْ، أنا الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ الرُّسْتُمِيُّ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحِيرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَصَمُّ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله يَقُولُ: لَوْلا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ لَذَهَبَ عِلْمُ الْحِجَازِ
وَبِهِ إِلَى الرُّسْتُمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ السِّمْسَارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّمِيمِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ أَبِي النَّجْمِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الْخَاقَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي سَعْدٍ الْوَرَّاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ خَدَمِ الرَّشِيدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله يَقُولُ: لَوْلا مَالِكٌ رحمه الله مَا تَفَقَّهْتُ، وَلَوْلا ابْنُ عُيَيْنَةَ مَا سَمِعْتُ الْحَدِيثَ
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُوسُفَ السُّوَيْدِيُّ، أنا مُكْرَمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الصَّقْرِ، أنا حَمْزَةُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، أنا الإِمَامُ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمِيمَاسِيُّ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانٍ الْخَوَّاصُ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثنا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَد قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ الرَّبِيعِ الْجِيزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُولُ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ رحمه الله: يَا أَبَا مُوسَى إِذَا وَجَدْتَ مُتَقَدِّمَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَلَى شَيْءٍ فَلا يَدْخُلَنَّ قَلْبَكَ الشَّكُّ أَنَّهُ هُوَ الْحَقُّ إِنِّي وَاللَّهِ أَنَا لَكَ نَاصِحٌ
وَبِهِ إِلَى الْخَوَّاصِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْجَابِرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله يَقُولُ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ هُوَ النَّجْمُ ، قَالَ: وَسَمِعْتُهُ ـ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ ـ يَقُولُ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هُمَا الْقَرِينَانِ.
وَقَالَ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَالِكٌ حُجَّةُ اللَّهِ عز وجل عَلَى خَلْقِهِ بَعْدَ التَّابِعِينَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ، صَاحِبُنَا أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قُلْتُ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ مَنْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ؟
قَالَ: صَاحِبُكُمْ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ.
قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ وَالْمُتَقَدِّمِينَ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ.
قُلْتُ: فَلَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَقِيسُ؟
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ سَمَاعًا عَلَيْهِ قَالَ: أَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِي، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ السِّلَفِيُّ، أنا الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو شُعَيْبٍ الْحِمَّانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَابْلُتِّيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ فِي الْمَوْسِمِ ثَلاثَةً لَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ فِي الْخِلالَةِ وَالنُّبْلِ، رَأَيْتُ شَيْخًا رَاكِبًا عَلَى رَاحِلَةٍ، وَقَائِدًا يَقُودُهُ، وَسَائِقًا يَسُوقُهُ، قُلْتُ: مَنِ الرَّاكِبُ؟ وَمَنِ الْقَائِدُ؟ وَمَنِ السَّائِقُ؟ فَقِيلَ: الرَّاكِبُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْقَائِدُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، وَالسَّائِقُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ: ذُكِرَ مَالِكٌ عِنْدَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: إِنِّي لأَدْعُو اللَّهَ عز وجل لِمَالِكٍ فِي خَلَوَاتِي، وَذَكَرَ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْهِ فِي الْفَتْوَى.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ: الرَّجُلُ يُرِيدُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكُونُ حُجَّةً لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَإِنَّ مَالِكًا مِمَّنْ يَجْعَلُهُ الرَّجُلُ حُجَّةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، قِيلَ: قَدْ مَضَى مَالِكٌ، فَمَنْ تَرَى؟
قَالَ: هَيْهَاتَ، ذَهَبَ النَّاسُ، فَلَمَّا جَاءَهُ نَعْيُ مَالِكٍ وُجِدَ مُكْتَئِبًا، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا خُلِقَ عَلَى الأَرْضِ مِثْلُهُ
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى يَقُولُ: سُئِلَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ قَالَ: فَسَكَتَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَتَرْضَى بِمَا قَالَ مَالِكٌ؟ قَالَ: وَمَا قَالَ مَالِكٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الاسْتِجْمَارُ الاسْتِطَابَةُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ:
وَابْنُ اللَّبُونِ إِذَا مَا لَزَّ فِي قَرْنٍ
…
لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ الْبَزْلِ الْقَنَاعِيسِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُقْرِي: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَذُكِرَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَقَالَ: ذَاكَ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ: كُنَّا عِنْدَ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، فَقُلْتُ لِصَاحِبٍ لِي: اكْتُبِ ابْنَ جُرَيْجٍ وَدَعْ مَالِكًا، وَإِنَّمَا قُلْتُ لِصَاحِبِي ذَلِكَ، لأَنَّ مَالِكًا كَانَ يَوْمَئِذٍ حَيًّا، فَسَمِعَهَا وُهَيْبٌ، فَقَالَ: تَقُولُ: دَعْ مَالِكًا، مَا بَيْنَ شَرْقِهَا وَغَرْبِهَا أَحَدٌ أَعْلَمُ وَلا آمَنُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْ مَالِكٍ، وَلَلْعَرْضُ عَلَى مَالِكٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السَّمَاعِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ نَافِعٍ بِسَنَةٍ فَإِذَا لِمَالِكٍ حَلَقَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَهْيَبَ وَلا أَتَمَّ عَقْلا وَلا أَشَدَّ تَقْوًى مِنْ مَالِكٍ
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْحَاكِمُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَافِظُ، أنا أَسْعَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رَوْحٍ، أنا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ، أنا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَحِيرِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبَلَةَ يَقُولُ: قَالَ لِي أَبِي: قَالَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ: كَانَ مَالِكٌ رحمه الله إِذَا عَرَضَ الْمُوَطَّأَ تَهَيَّأَ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَعِمَامَتَهُ، ثُمَّ أَطْرَقَ لا يَتَّخِمُ، وَلا يَعْبَثُ بِشَيْءٍ مِنْ لِحْيَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، إِعْظَامًا لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى الطَّبَّاعُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنَا، فَجَاءَتْهُ عَقْرُبٌ فَلَدَغَتْهُ سِتَّ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَمَالِكٌ رحمه الله يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ وَيَتَصَبَّرُ، وَلا يَقْطَعُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، قُلْتُ لَهُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، لَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكَ عَجَبًا، قَالَ: نَعَمْ، إِنَّمَا صَبَرْتُ إِجْلالا لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَانَ يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ عَلَى نَمَارِقَ مَطْرُوحَةٍ، يُمْنَةً وَيُسْرَةً فِي سَائِرِ الْبَيْتِ لِمَنْ يَأْتِيهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ، وَالنَّاسِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَجْلِسَ وَقَارٍ وَحِلْمٍ، وَكَانَ رَجُلا مَهِيبًا نَبِيلا لَيْسَ بِمَجْلِسِهِ شَيْءٌ مِنَ الْمِرَاءِ وَاللَّغَطِ وَلا رَفْعِ صَوْتٍ، وَكَانَ الْغُرَبَاءُ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ، وَلا يُجِيبُ إِلا الْحَدِيثَ بَعْدَ الْحَدِيثِ، وَرُبَّمَا أَذِنَ لِبَعْضِهِمْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ لَهُ كَاتِبٌ قَدْ نَسَخَ كُتُبَهُ، يُقَالَ لَهُ حَبِيبٌ، يَقْرَأُ لِلْجَمَاعَةِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَحْضُرُهُ يَدْنُو وَلا يَنْظُرُ فِي كِتَابِهِ، وَلا يَسْتَفْهِمُ هَيْبَةً لِمَالِكٍ وَإِجْلالا لَهُ، وَكَانَ حَبِيبٌ إِذَا قَرَأَ فَأَخْطَأَ فَتَحَ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَكَانَ ذَلِكَ قَلِيلا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بِقِرَاءَتِي، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ رَوَّاجٍ، أنا الْحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ، أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ خَلادٍ قَالَ: وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ يَذْكُرُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ:
يَأْبَى الْجَوَابَ فَمَا يُرَاجَعُ هَيْبَةً
…
وَالسَّائِلُونَ نَوَاكِسُ الأَذْقَانِ
هَذَا التَّقِيُّ وَعِزُّ سُلْطَانِ الْهُدَى
…
فَهُوَ الْعَزِيزُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
قُلْتُ: ذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ كَانَ فِي حَلَقَةِ مَالِكٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى إِجْلالِ النَّاسِ لَهُ وَإِجْلالَهُ لِلْعِلْمِ أَنْشَأَ يَقُولُ: فَذَكَرَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ. . وَقَالَ فِي الثَّانِي:
هَدْيُ الْحَكِيمِ وَعِزُّ سُلْطَانِ التُّقَى
…
فَهُوَ الْمَهِيبُ وَلَيْسَ ذَا سُلْطَانِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: مَا فِي الْقَوْمِ أَصَحُّ حَدِيثًا مِنْ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَعْمَرٍ.
وَقَالَ أَيْضًا: أَصْحَابُ الزُّهْرِيِّ مَالِكٌ، ثُمَّ ابْنُ عُيَيْنَةَ، ثُمَّ مَعْمَرٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لا أُقَدِّمُ عَلَى مَالِكٍ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ أَحَدًا.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: إِذَا جَاءَكَ الْحَدِيثُ مِنْ مَالِكٍ فَشُدَّ بِهِ يَدَيْكَ فَإِنَّهُ حُجَّةً.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قُلْتُ لأَبِي: مَنْ أَثْبَتُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ؟ قَالَ: مَالِكٌ أَثْبَتُ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: مَالِكٌ أَثْبَتُ عِنْدِي فِي نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، ويَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولانِ: لا نُبَالِي أَنْ لا نَسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَ عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ: قِيلَ لِيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ فِي حَدِيثٍ لَيْسَ يَرْوِيهِ غَيْرُ مَالِكٍ، فَقَالَ: مَالِكٌ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: سَأَلْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ عَنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ، فَقَدَّمَ مَالِكًا عَلَى الْكُلِّ.
وَسُئِلَ يَحْيَى أَيْضًا عَنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ، فَقَالَ: مَالِكٌ أَثْبَتُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ نَافِعٍ، وَأَثْبَتُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: كُلُّ مَدَنِيٍّ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ مَالِكٌ فَفِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ، لا أَعْلَمُ مَالِكًا تَرَكَ إِنْسَانًا إِلا وَفِي حَدِيثِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ الْجَرَّاحِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الثَّبْتُ، حَدَّثَنِي الثَّبْتُ، فَظَنَنَّا أَنَّهُ اسْمُ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: مَنْ هَذَا الثَّبْتُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَالَ الإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ كُلِّهَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَمْزَةَ الْحَاكِمُ.
وَالْقَاسِمُ بْنُ مُظَفَّرٍ الطَّبِيبُ قَالا: أَنْبَأَنَا مَحْمُودُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَنْدَهْ، أنا
الْحَسَنُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْفَقِيهُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَسَوَيْهِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، ثنا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنِّي دَخَلْتُ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَافَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِذْ أَقْبَلَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ حَتَّى دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِلَيَّ إِلَيَّ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَسَلَّ خَاتَمَهُ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَوَضَعَهُ فِي خِنْصَرِ مَالِكٍ رحمه الله.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ: حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَأَتَاهُ ابُن أَبِي كَثِيرٍ قَارِئُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَنَاوَلَهُ رُقْعَةً، فَنَظَرَ فِيهَا مَالِكٌ، ثُمَّ جَعَلَهَا تَحْتَ مُصَلاهُ، فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ أَرَانَي الرُّقْعَةَ فَإِذَا فِيهَا: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ يُقَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا نَاحِيَةُ الْقَبْرِ قَدِ انْفَرَجَتْ، وَإِذْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْ لَنَا، فَقَالَ: إِنِّي كَنَزْتُ تَحْتَ الْمِنْبَرِ كَنْزًا وَقَدْ أَمَرْتُ مَالِكًا أَنْ يُقَسِّمَهُ فِيكُمْ، فَاذْهَبُوا إِلَيْهِ، فَانْصَرَفَ النَّاسُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ مَالِكًا فَاعِلا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُنَفِّذُ لِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَقَّ مَالِكٌ وَبَكَى، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَتَرَكْتُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَرَوَيْنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ مَنَامًا آخَرَ عَلَى نَحْوِ هَذَا يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا بَعْدُ.
قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ: لَمَّا قَدِمَ الْمَهْدِيُّ الْمَدِينَةَ وَجَّهَ إِلَى مَالِكٍ بِثَلاثَةِ آلافِ دِينَارٍ، فَلَمَّا أَنْ قَفَلَ وَجَّهَ الْمَهْدِيُّ الرَّبِيعَ إِلَى مَالِكٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: تَعَالَ إِلَى مَدِينَةِ السَّلامِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: أَقْرِئْهُ
السَّلامَ وَقُلْ لَهُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ وَالْمَالُ عِنْدِي عَلَى حَالِهِ.
وَعَنْ أَبِي مُصْعَبٍ أَيْضًا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيد قَالَ لِمَالِكٍ: أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْكَ الْمُوَطَّأَ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: مَتَى؟ قَالَ مَالِكٌ: غَدًا، فَجَلَسَ هَارُونُ يَنْتَظِرُهُ، وَجَلَسَ مَالِكٌ فِي بَيْتِهِ يَنْتَظِرُهُ، فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ هَارُونُ فَدَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا زِلْتُ أَنْتَظِرُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: وَأَنا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ أَزَلْ أَنْتَظِرُكَ مُنْذُ الْيَوْمِ، وَإِنَّ الْعِلْمَ يُؤْتَى وَلا يَأْتِي، وَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ رَفَعْتُمُوهُ ارْتَفَعَ، وَإِنْ وَضَعْتُمُوهُ اتَّضَعَ.
وَذَكَر عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ الزُّبَيْرِيُّ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا، وَأَنَّ الرَّشِيدَ لَمَّا طَلَبَ مَالِكًا لِيَسْمَعَ مِنْهُ الْمُوَطَّأَ لَمْ يَأْتِهِ، فَلَمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ، أَتَاهُ وَذَكَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَشَكَى إِلَيْهِ أَنَّهُ ضَرِيرٌ لا يَقْدِرُ عَلَى الْجِهَادِ، قَالَ زَيْدٌ: فَوَقَعَتْ فَخِذُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي، وَهُوَ يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: اكْتُبْ {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] قَالَ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَرْفٌ وَاحِدٌ، بُعِثَ فِيهِ جِبْرِيلُ عليه السلام مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ، أَلا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُعِزَّهُ وَأُجِلَّهُ؟ وَإِنَّ اللَّه عز وجل رَفَعَكَ وَجَعَلَكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَلا تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَضَعُ عِزَّ الْعِلْمِ، فَيَضَعُ اللَّهُ عِزَّكَ، فَمَضَى الرَّشِيدُ إِلَى مَالِكٍ وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الْمِنَصَّةِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَهُ قَالَ: تَقْرَؤُهُ عَلَيَّ، قَالَ: مَا قَرَأْتُهُ عَلَى أَحَدٍ مُنْذُ زَمَانٍ، قَالَ: فَتُخْرِجُ النَّاسَ عَنِّي حَتَّى أَقْرَأَهُ أَنَا عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنَّ الْعِلْمَ إِذَا مُنِعَ مِنَ الْعَامَّةِ لأَجْلِ الْخَاصَّةِ، لَمْ يَنْفَعِ اللَّهُ بِهِ الْخَاصَّةَ، فَأَمَرَ لَهُ
مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّازُ لِيَقْرَأَهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَدَأَ لِيَقْرَأَهُ قَالَ مَالِكٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَإِنَّهُمْ لَيُحِبُّونَ التَّوَاضُعَ لِلْعِلْمِ، فَنَزَلَ هَارُونُ عَنِ الْمِنَصَّةِ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ الْقُرَشِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ رَوَّاجٍ، أنا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أنا أَبُو الْحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيُّ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الْغَالِي، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النُّهَاوَنْدِيُّ، أنا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلادٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْعَسْكَرِيُّ، ثنا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ طَوْقٍ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ هُوَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ، وَعَنْهُ تُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَانْظُرْ عَمَّنْ تَأْخُذُهُ؟
وَبِهِ إِلَى ابْنِ خَلادٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: لا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ عَنْ أَرْبَعَةٍ، وَيُؤْخَذُ عَمَّنْ سِوَى ذَلِكَ، لا يُؤْخَذُ مِنْ صَاحِبِ هَوًى يَدْعُو النَّاسَ إِلَى هَوَاهُ، وَلا مِنْ سَفِيهٍ مُعْلَنٍ بِالسَّفَهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ، وَلا مِنْ رَجُلٍ يَكْذِبُ فِي أَحَادِيثِ النَّاسِ، وَإِنْ كُنْتُ لا أَتَّهِمُهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا مِنْ رَجُلٍ لَهُ فَضْلٌ وَصَلاحٌ وَعِبَادَةٌ إِذَا كَانَ لا يَعْرِفُ مَا يُحَدِّثُ
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ.
وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِقِرَاءَتِي، عَنِ الأَنْجَبِ بْنِ أَبِي السَّعَادَاتِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ، أنا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا
مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، ثنا حَرْمَلَةُ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ، فَقَالَ: طَلَبُ الْعِلْمِ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرَهُ، وَهُوَ قَسْمٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَا أَعْلَمُ أَنْ يَسَعَ الرَّجُلَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلا يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا، وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلا تُمَكِّنِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، وَمَا شَكَكْتَ فِيهِ فَاتْرُكْهُ تَفْلَحْ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم الأربلي، أنا عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن النقور، أنا علي بْن مُحَمَّد العلاف، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَمَامِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الآجُرِّيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: النَّاسُ يَنْظُرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى اللَّهِ عز وجل بِأَعْيُنِهِمْ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: إِنْ رَأَيْتَ صَاحِبَ كَلامٍ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ فَلا تَثِقَنَّ بِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ رَأَيْتَهُ يَمْشِي فِي الْهَوَاءِ فَلا تَأْمَنَنَّ نَاحِيَتَهُ وَلا تَثِقَنَّ بِهِ وَقَدِ امْتُحِنَ مَالِكٌ وَضُرِبَ لِكَوْنِهِ لا يُجِيزُ طَلاقَ الْمُكْرَهِ، ضَرَبَهُ بَعْضُ وُلاةِ الْمَدِينَةِ ثَلاثِينَ سَوْطًا، وَقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: ضُرِبْتُ فِيمَا ضُرِبَ فِيهِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ الْمُنْكَدِرِ وَرَبِيعَةُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يُؤْذَى فِي هَذَا الأَمْرِ.
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: كَانَ مَالِكٌ طُوَالا جَسِيمًا أَبْيَضَ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، أَبْيَضَ
الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، أَشْقَرَ، أَصْلَعَ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ، لا يُحْفِي شَارِبَهُ.
قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الْمَدِينِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَيَاضًا وَحُمْرَةً أَحْسَنَ مِنْ وَجْهِ مَالِكٍ وَلا أَشَدَّ بَيَاضَ ثَوْبٍ مِنْهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ: كَانَ مَالِكٌ نَقِيَّ الثَّوْبِ رَقِيقَهُ، يُكْثِرُ اخْتِلافَ اللِّبَاسِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: كَانَ يَعْتَمُّ، وَيَجْعَلُ مِنْهَا تَحْتَ ذَقْنِهِ، وَيُرْسِلُهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
وَفَضَائِلُ الإِمَامِ مَالِكٍ وَمَنَاقِبُهُ وَشَمَائِلُهُ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى بَابِ مَالِكٍ كُرَاعًا مِنْ أَفْرَاسِ خُرَاسَانَ وَبِغَالِ مِصْرَ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَحْسَنَهُ! فَقَالَ: هُوَ هَدِيَّةٌ مِنِّي إِلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: دَعْ لِنَفْسِكَ مِنْهَا دَابَّةً تَرْكَبُهَا، فَقَالَ: أَنَا أَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ عز وجل أَنْ أَطَأَ تُرْبَةً فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِحَافِرِ دَابَّةٍ.
وَفِيهِ يَقُولُ أَبُو الْمُعَافَى بْنُ أَبِي رَافِعٍ الْمَدَنِيُّ:
أَلا إِنَّ فَقْدَ الْعِلْمِ فِي فَقْدِ مَالِكٍ
…
فَلا زَالَ فِينَا صَالِحُ الْحَالِ مَالِكُ
يُقِيمُ طَرِيقَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ وَاضِحٌ
…
وَيَهْدِي كَمَا تَهْدِي النُّجُومُ الشَّوَابِكُ
فَلَوْلاهُ مَا كَانَتْ حُدُودٌ كَثِيرَةٌ
…
وَلَوْلاهُ لانْسَدَّتْ عَلَيْنَا الْمَسَالِكُ
عَشَوْنَا إِلَيْهِ نَبْتَغِي ضَوْءَ رَأْيِهِ
…
وَقَدْ لَزِمَ الْغَيَّ اللَّجُوجُ الْمُمَاحِكُ
فَجَاءَ بِرَأْيٍ مِثْلُهُ يُقْتَدَى بِهِ
…
كَنَظْمِ جُمَانٍ زَيَّنَتْهُ السَّبَائِكُ
وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ فِيهِ أَيْضًا:
إِذَا مَا عُدِّدَ الْعُلَمَاءُ يَوْمًا
…
فَمَالِكٌ فِي الْعُلُومِ هُوَ الضِّيَاءُ
تَسَنَّمَ ذِرْوَةَ الْعُلَمَاءِ قِدْمًا
…
فَهُمْ كَالأَرْضِ وَهُوَ لَهُمْ سَمَاءُ
اتَّفَقَ الأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَالِكًا رحمه الله تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ.
وَقَالَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ: فِي شَهْرِ صَفَرٍ.
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ: مَاتَ فِي عَاشِرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
وَقَالَ ابْنُ سُحْنُونٍ: فِي حَادِي عَشَرَ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: فِي ثَلاثَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: فِي رَابِعَ عَشْرَةَ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً.
وَقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسْبِ الاخْتِلافِ فِي مَوْلِدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: اشْتَكَى مَالِكٌ أَيَّامًا يَسِيرَةً، فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا عَمَّا قَالَ عِنْدَ الْمَوْتِ؟ فَقَالُوا: تَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 4] .
وَعَنْ بَكْرِ بْنِ سُلَيْمٍ الصَّوَّافِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رحمه الله فِي الْعَشِيَّةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَقُلْنَا لَهُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ، إِلا أَنَّكُمْ سَتُعَايِنُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِ اللَّهِ عز وجل مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ فِي حِسَابٍ، قَالَ: فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَغْمَضْنَاهُ، وَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَرَضِيَ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: وَصَلَّى عَلَيْهِ وَالِي الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ.
وَرُوِيَ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ لِي عَمَّتِي وَنَحْنُ بِمَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى: رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هُوَ يَا عَمَّتَاهُ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ: مَاتَ اللَّيْلَةَ أَعْلَمُ أَهْلِ الأَرْضِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله: فَحَسْبُنَا ذَلِكَ الْيَوْمُ، فَإِذَا هُوَ يَوْمٌ مَاتَ فِيهِ مَالِكٌ رحمه الله.
آخِرُ الْجُزْءِ الثَّانِي