الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنْ رِحْلَةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَالتَّابِعِينَ فِي سَمَاعِ أَحَادِيثَ مُعَيَّنَةٍ إِلَى الْبِلادِ مِمَّا يَطُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ سِيَاقُهَا، فَلا دَلِيلَ فِيهِ أَيْضًا، لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ جَوَازِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الأَحَادِيثُ لَمْ تَتَّصِلْ مِنْ كُلِّ رَجُلٍ نِسْبَتُهَا مِنْ جِهَةٍ صَحِيحَةٍ، فَكَانَتِ الرِّحْلَةُ لِتَحْصِيلِهَا لا لِلْعُلُوِّ فِيهَا.
نَعَمْ لا رَيْبَ فِي اتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى الرِّحْلَةِ إِلَى مِنْ عِنْدِهِ الإِسْنَادِ الْعَالِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَصَلَ لَهُمْ ذَلِكَ بِنُزُولٍ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنَ الشَّيْخِ الَّذِي يَرْحَلُ إِلَيْهِ، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ عَمَلِهِمْ وَبِهِ يَسْتَدِلُّ أَيْضًا لِتَرْجِيحِ الإِسْنَادِ الْعَالِي مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَنْقِيصَ جِهَاتِ الْخَلَلِ فِي الإِسْنَادِ، فَإِنَّهُ كَافٍ فِي تَرْجِيحِ الْعُلُوِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
ذَكَرَ الْعَلامَةُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الصَّلاحِ رحمه الله فِي كِتَابِهِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ قَرَأْتُهُ بِكَمَالِهِ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْ مُصَنَّفِهِ حُضُورًا فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ عُلُوَّ الْحَدِيثِ يَنْقَسِمُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلُهَا: الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ نَظِيفٍ غَيْرِ ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَجَلُّ أَنْوَاعِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ: قُرْبُ الإِسْنَادِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَثَانِيهَا: الْقُرْبُ مِنْ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ كَمَالِكٍ وَشُعْبَةَ وَسُفْيَانَ وَالْحَمَّادَيْنِ وَأَمْثَالِهِمْ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَدَدُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ الإِمَامِ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنَ الْعُلُوِّ، وَفِي كَلامِهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ لا يَعْتَبِرُ غَيْرَ هَذَا النَّوْعِ، وَلَكِنَّهُ مُتَأَوِّلٌ.
وَثَالِثُهَا: الْعُلُوُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ الْمُصَنِّفِينَ الْكُتُبَ كَالصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ الأَرْبَعَةِ وَنَحْوِهِمْ كَالْمُصَافَحَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَالْبَدَلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُصْطَلَحَاتِهِمْ.
وَرَابِعُهَا: الْعُلُوُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَقَدُّمِ وَفَاةِ الرُّوَاةِ لِلْحَدِيثِ.
وَخَامِسُهَا: اعْتِبَارُ تَقَدُّمِ السَّمَاعِ.
وَلا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ اجْتِمَاعَ هَذَا الأَنْوَاعِ كُلِّهَا فِي حَدِيثٍ شَرْطٌ لِعُلُوِّهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَافٍ فِي تَحْصِيلِ الْعُلُوِّ، وَلا رَيْبَ فِي أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَتْ كُلُّهَا فِي سَنَدٍ لِحَدِيثٍ كَانَ حَائِزًا جَمِيعَ مَرَاتِبِ الْعُلُوِّ، مِثْلَ الْحَدِيثِ الَّذِي:
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَكْتُومِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَيْسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ سَنَةَ عَشْرَةٍ وَسَبْعِ مِائَةٍ ، قَالَ: أنا أَبُو الْمُنَجَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ اللُّتِّيِّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَسِتٍّ مِائَةٍ ، قَالَ: أنا أَبُو الْوَقْتِ عَبْدُ الأَوَّلِ بْنُ عِيسَى بْنِ شُعَيْبٍ الصُّوفِيُّ، سَمَاعًا عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ ، قَالَ: أنا أَبُو عَاصِمٍ الْفُضَيْلُ بْنُ يَحْيَى الْفُضَيْلِيُّ فِي ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ ، قَالَ: أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شُرَيْحٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ ، قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ الْمَنِيعِيُّ أَبُو الْقَاسِمِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ الْجَوْهَرِيُّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاثٍ وَمِائَتَيْنِ ، قَالَ: أنا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ.
قُلْتُ: وَقَدْ مَاتَ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ، يَقُولُ: اسْتَأْذَنْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ ، فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ: أَنَا أَنَا ، كَأَنَّهُ كَرِهَهُ.
فَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ صِحَّةِ سَنَدِهِ وَشُهْرَةِ رِجَالِهِ بِالثِّقَةِ وَالأَمَانَةِ جَامِعٌ لأَنْوَاعِ الْعُلُوِّ كُلِّهَا.
أَمَّا تَقَدُّمُ وَفَاةِ رُوَاتِهِ، وَقَدِمَ سَمَاعُ كُلِّ مِنْهُمْ مِنَ الآخَرِ فَقَدْ أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي السَّنَدِ كَمَا تَرَاهُ.
وَأَمَّا قِلَّةُ عَدَدِ رُوَاتِهِ فَهُوَ شَيْءٌ وَقَعَ لِي بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَدَدِ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، لأَنَّهُ فِيهِ عَشَرَةُ رِجَالٍ ثِقَاتٌ، وَلَمْ يَقَعْ لِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ إِلا فِي نَادِرٍ مِنَ الْحَدِيث لا يَكَادُ يَصِحُّ، فَأَمَّا مَعَ الصِّحَّةِ فَبِهَذَا الْعَدَدِ.
وَأَمَّا عُلُوُّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَئِمَّةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ.
فَوَقَعَ لِي بَدَلا لَهُ عَالِيًا، كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِ شُيُوخِي فِي طَرِيقِ الصَّحِيحِ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى.
وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ كِلاهُمَا عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ.
وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ مُسَدَّدِ بْنِ مُسَرْهَدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ مَسْعَدَةَ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْفَضْلِ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ.
ثَمَانِيَتُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ.
فَوَقَعَ لِي عَالِيًا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَمَّا لَوْ رَوَيْتُ الْحَدِيثَ مِنْ جِهَتِهِمْ بِثَلاثَةِ رِجَالٍ، فَكَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْفُرَاوِيِّ رَاوِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَلاثِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ.
وَمِنْ أَبِي الْفَتْحِ مُفْلِحٍ الرُّومِيِّ رَاوِي سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاثِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ
وَمِنْ أَبِي الْفَتْحِ الْكَرُوخِيِّ رَاوِي التِّرْمِذِيِّ، وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ.
وَمِنْ أَبِي زُرْعَةَ الْمَقْدِسِيِّ رَاوِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَسُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ، وَقَدْ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ.
وَأَمَّا عُلُوُّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ الأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَلأَنَّ شُعْبَةَ بْنَ الْحَجَّاجِ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ رَوَى الأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ أَصْحَابِهِمْ، وَلَمْ يَقَعْ حَدِيثُهُ بِعُلُوٍّ إِلا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، فَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحَادِيثِ رَجُلٌ وَاحِدٌ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فَأَقَلُّ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ اثْنَانِ، وَهُوَ مُتَقَدِّمُ الْوَفَاةِ كَمَا سَبَقَ فَالْحَدِيثُ نِهَايَةُ فِي الْعُلُوِّ، وَلَمْ يَقَعْ لِي مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ إِلا حَدِيثَانِ آخَرَانِ بِهَذَا السَّنَدِ مُتَّصِلا، لِعِزَّةِ الْعَالِي مِنْهُ، وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا جَامِعًا لأَنْوَاعِ الْعُلُوِّ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَلَكِنْ يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ بِأَحَادِيثِ كَثِيرَةٌ الْعَدَدِ مِثْلَهُ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ إِمَامِ دَارِ الْهِجْرَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَرِضْوَانُهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَفْتَخِرُ أَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ بِعَالِي حَدِيثِهِ، وَلا شَكَّ أَنَّهُ الإِمَامُ الْمُقَدَّمُ عَلَى أَقْرَانِهِ فِي الْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وَفَاتُهُ تَأَخَّرَتْ عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَعِنْدَهُ أَحَادِيثُ أَعْلَى مِمَّا عِنْدَهُمَا عَنْ جَمَاعَةٍ لَمْ يَلْقَيَا وَاحِدًا مِنْهُمْ كَالزُّهْرِيِّ وَنَافِعٍ وَنَحْوِهِمَا، فَالْحَدِيثُ الَّذِي يَتَّفِقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فِيهِ سَبْعَةُ رِجَالٍ ثِقَاتٌ يَكُونُ عَالِيًا جِدًّا، مَعَ مَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْعُلُوِّ.
فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ تبارك وتعالى، وَسَأَلْتُهُ التَّوْفِيقَ، وَخَرَّجْتُ فِي هَذِهِ الأَجْزَاءِ مَا قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لِي مِنْ حَدِيثِهِ الْعَالِي، إِمَّا بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِلِ أفي طَرِيقِهِ إِجَازَة وَاحِدَة.
بَدَأْتُ أَوَّلا بِمَا هُوَ مُتَّصِلُ السَّمَاعِ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَهُ مَا فِي إِسْنَادِهِ إِجَازَةً.
وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ حَدِيثًا، وَهِيَ لأَمْثَالِنَا عَزِيزَةُ الْوُقُوعِ.
وَبَدَأْتُ قَبْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِتَرْجَمَةٍ مُخْتَصَرَةٍ لِلإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله وَذِكْرِ بَعْضِ شُيُوخِهِ الرُّوَاةِ عَنْهُ، وَيَسِيرٍ مِنْ مَنَاقِبِهِ، وَكَلامِ الأَئِمَّةِ فِي فَضَائِلِهِ، وَالطُّرُقِ الَّتِي وَقَعَ لِي بِهَا مُوَطَّأُهُ، ثُمَّ أَسُوقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَهَا الأَحَادِيث عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ذَاكِرًا عَلَيْهَا مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ عز وجل وَيَسَّرَهُ مِنَ الْكَلامِ عَلَى إِسْنَادِهَا عَلَى وَجْهِ الاخْتِصَارِ، وَإِذَا ذُكِرَتِ الأَحَادِيثُ الَّتِي فِي طَرِيقِهَا إِجَازَةٌ أَتْبَعْتُهَا بِرِوَايَتِهَا بِالسَّمَاعِ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ طَرِيقًا مِنَ الأَوَّلِ،
لِتَكْمُلَ بِهَا الْفَائِدَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاللَّهُ تَعَالَى أَسْأَلَ أَنْ يَنْفَعَ بِذَلِكَ فِي الْحَالِ وَالْمآلِ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِصَالِحِ النِّيَّاتِ وَالأَعْمَالِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ.
آخِرُ الْجُزْءِ الأَوَّلِ (مِنْ بُغْيَةِ الْمُلْتَمِسِ) فِي عَوَالِي حَدِيثِ الإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، تَخْرِيجُ شَيْخِنَا صَلاحِ الدِّينِ خَلِيلِ بْنِ كيكَلْدِيِّ الْحَافِظِ الْعَلائِيِّ رحمه الله فِي شَهْرِ ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ.
عَلِقَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ مِنْ مُخَرِّجِهِ الْفَقِيرُ إِلَى اللَّهِ عز وجل مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الندرومِيُّ الْمَالِكِيِّ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِ مِائَةٍ.