المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النية في العلم التي يصدقها العمل - بيان العلم الأصيل والمزاحم الدخيل

[عبد الكريم الحميد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌النية في العلم التي يصدّقها العمل

- ‌بيان السلف للعلم والإخلاص فيه

- ‌كتاب أبي حازم إلى الزهري

- ‌بعض كلام المتأخرين في العلم والتعليم الحادث

- ‌الاحتجاج بالوالدين

- ‌تأثير اللغة

- ‌خوف الكفار من رجوع الأمةإلى نهج نبيها الصافي

- ‌حقيقة العلوم الغربية

- ‌حب الرئاسة والشهرة

- ‌متفرقات

- ‌العلم الذي يستحق أن يسمى علماً

- ‌هل كمال النفس في مجرد العلم

- ‌العلوم غير الدينيةلا تعطي للنفس كمالاً

- ‌العلم الممدوح في الكتاب والسنة

- ‌قاعدة مهمة

- ‌الإسلام والعلم

- ‌الكنيسة

- ‌القول بأنه لا يوجد تعارض بين الإسلام والعلم

- ‌هل أصل العلوم التجريبيةمأخوذ من المسلمين

- ‌فرض الكفاية

- ‌شرف العلم تابع لشرف معلومه

- ‌القوّة

- ‌هل يحتاج المسلم إلى غير علم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌علم المنطق

- ‌قوله تعالى: {تشابهت قلوبهم}

- ‌الانغماس في منهاج أهل الباطلوسلوك سبيلهم بدعوى الإصلاح

- ‌كل عمل لابد فيه من شرطين لقبوله

- ‌لو انقطع هدفك لطلبته منوجوه أخرى وزالت الدعوى

- ‌مرض تقليد المعظمين

- ‌إذا تخلينا خلفنا أهل الفساد

- ‌جملة القول

- ‌لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها

- ‌منهج السلف عدم التلطخ بالباطلمع القيام بالدعوة على الكمال

- ‌عوْدٌ لمسألة (الاحتجاج بالوالدين)

- ‌أقبح الرغبة طلب الدنيابعمل الآخرة

- ‌الاحتجاب بالعلم عن المعلوم

- ‌إطلاق اسم العلم والعلماء

- ‌علماء السلف وأهل الوقت

- ‌ميزان الإرادة في طلب العلم الشرعي

- ‌بعض الآثار

- ‌بعض ما قيل عن علوم الوقت

- ‌ميزان الاصطلاحات الحادثةفي المدح والذم

- ‌هل ما ظهر بعد الصحابة فضيلة

- ‌اعتياد سماع الباطل

- ‌رطانة الأعاجم

- ‌منظومة المنهج المسدد

الفصل: ‌النية في العلم التي يصدقها العمل

‌النية في العلم التي يصدّقها العمل

قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب} .

وقال تعالى: {من كان يريد العاجلة عجلنا له فيه ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً. ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً} .

في هذه الآيات البيان الواضح للأساس والأصل الذي به تزكوا الأعمال وتثمر وهو الإخلاص للمعبود سبحانه بالعلم والعمل ولا يكون ذلك إلا بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فلابُد من شَرْطَيْ الإخلاص والمتابعة.

كذلك فإن فيها البيان الواضح لِبَوَار الأعمال وفسادها بفساد هذا الأصل، وطريقة التعليم في وقتنا لا يستقيم معها إخلاص ولا متابعة كما سيتبين.

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال في حديث طويل يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (ورجل تعلم العلم وعلّمه وقرأ القرآن فأُتِي به فعرّفه نعمه فعرفها فقال: ما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال: عالم

ص: 4

وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار) الحديث.

أنظر كيف أفسدت النية والإرادة العمل.

عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار). (1)

العلم والتعليم في وقتنا لايخرج عن معنى هذا الحديث فلينظر الموفق مَوَاضِع أقدامه، فمن لم يحاسب نفسه في حياته فالحساب بعد موته أمامه.

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا تجتروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار). (2)

تأمل هذه الأحاديث يتبين لك أن شرط العلم والتعلّم ثقيل.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عِرْفان الجنة يوم القيامة). (3)

العلم الذي يبتغى به وجه الله هو علم الكتاب والسنة فإذا وُجِّهَ لِتُصاب به أعراض الدنيا جاءت العقوبة وحرمان المثوبة.

(1) أخرجه الترمذي وابن ماجه.

(2)

أخرجه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه.

(3)

أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم.

ص: 5

قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي موسى الأشعري: (ما ذئبان جائعان أرسلا في حظيرة غنم بأفسد لها من حب المال والشرف لدين المرء). (1)

أعلم أن علوم الوقت منظّمة ومرتبة لتُفْضي إلى هذه المطالب السفلية المال والشرف وقد بيّن هذا الحديث عقوبة ذلك.

وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بشّر هذه الأمة بالسّنا والتمكين في البلاد والنصر والرفعة في الدين ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة نصيب) صححه ابن حبان.

وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من طلب العلم ليُجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء ويصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار). (2)

تأمل كيف صار صرف وجوه الناس إلى الشخص لشهادته مطلباً أسمى وغاية عظمى واحذر ماوقعتَ فيه بلا شعور، وفيما تقدم من نصوص الكتاب والسنة بيان صدق مقالة:(من ضَيّع الأصول حُرِم الوصول).

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يتقارب الزمان وينقص العلم وتظهر الفتن ويكثر الهرج قيل يارسول الله: أيْمَ هو؟ قال: القتل القتل. قال: أبو حاتم في

(1) قال الترمذي: حسن صحيح.

(2)

أخرجه الترمذي وابن أبي الدنيا والبيهقي وغيره.

ص: 6

هذا الخبر كالدليل على أن مالم ينقص من العلم ليس بعلم الدين في الحقيقة إذ أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن العلم ينقص عند تقارب الزمان وفيه دليل على أن ضد العلم يزيد وكل شيء زاد مما لم يكن مرجعه إلى الكتاب والسنة فهو ضد العلم. إنتهى.

مقدمة المجروحين لابن حبان ص12.

وانظر الآن مازاد في العلم مما لم يكن مرجعه إلى الكتاب والسنة.

ورحم الله من قال:

وما أحسن العلم الذي يُورث التّقى

ومَن لم يزدْهُ العلم تقوى لِرَبهِ

وما العلم عند العالمين بَحَدِّه

ومن أعظم التقوى النصيحة إنها

فلِله فانصحْ بالدعاء لِدينه

فكُن تالياً آيَ الكتاب مُدَاوياً

بِهْ يُرْتَقى في المجد اعلى سمائهِ

فلم يُؤتَهُ إلا لإجل شقائه

سِوى خشية الباري وحُسْن لقائه

من الدين أضحتْ مثل أُسِّ بنائه

وطاعته مَعْ خوفه ورجائه

بها كل داءِ فهي أرْجى دَوائه

ص: 7