الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفرقات
قال تعالى: {قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون} .
قال ابن كثير: هذه الآية إنما دلّت على مدح العالمين العلم الشرعي. انتهى.
لم يكن السلف يطلقون اسم العلم إلا على العلم الشرعي ولا اسم العلماء إلا على العلماء الشرعيين، واليوم لما حصل الخلط في العلم حصل اللبس في الاسم.
وانظر ما قاله ابن القيم في كتابه: (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة).
الرابع: ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألِفَ في الاصطلاح الحادث، وهذا موضع زلّت فيه أقدام كثير من الناس حيث تأوْلوا كثيراً من ألفاظ النصوص بما لم يُؤْلف استعمال اللفظ له في لغة العرب البتة، وإن كان معهوداً في اصطلاح المتأخرين، وهذا مما ينبغي التنبه له فإنه حصل بسببه من الكذب على الله ورسوله ما حصل، انتهى
لقد أُلِف في الاصطلاح الحادث استعمال اسم العلم والعلماء على غير ما كان عليه السلف، ولذلك يُطلق أهل الوقت اسم النجاح
والسقوط والفوز والنصر على أمور مخالفة مع أن الذم والمدح أحكام شرعية.
قال ابن تيمية: الذم والمدح من الأحكام الشرعية.
وقال: الحمد والذم والحب والبغض والوعد والوعيد والموالاة والمعاداة ونحو ذلك من أحكام الدين لا يصلح إلا بالأسماء التي أنزل الله بها سلطانه، فأما تعليق ذلك بأسماء مُبْتَدَعَه فلا يجوز، بل ذلك من باب شرع دين لم يأذن به الله، وأنه لابد من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله. (1) انتهى
يقول اليهود في مخطّطاتهم: سوف نشْغل العالَم بالرياضة ونُوجِد النزاع بين الدول حتى نتمكن من السيطرة على العالَم. انتهى
هذا لا يحتاج إلى بيان لكن المراد صلته بالتعليم.
قال المروزي: قلت لأحمد: إسْتعرت كتاباً فيه أشياء رديئة ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم، فأحرقه.
قال ابن القيم: والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أوْلى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه ولا ضمان فيها كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق زقاقها.
(1) الفتاوى 4/ 154.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي حامد الغزالي: وقال أبو عامر العذري: سمعت أبا نصر أحمد بن محمد بن عبد القادر الطوسي يحلف بالله أنه أبصر في نومه كأنه ينظر في كتب الغزالي رحمه الله فإذا هي كلها تصاوير. (1)
تأمل كيف تخلط التصاوير مع الآيات والأحاديث في وقتنا، أما المراد في الرؤيا ومعناها فهو أن كتب الغزالي فيها الدواهي لِما دَخله من تصوّف منحرف وفلسفة حيث خلط ذلك بعلم الشريعة فجاءت الرؤيا للتحذير من كتبه، أما نحن فالخلط والإهانة كل ذلك حاصل باليقظة.
وهذه قصة حاتم الأصم لما دخل وجماعة معه على ابن مقاتل فرأى داراً قوْراء يعني واسعة وبَزّة وستوراً وفُرُشاً وطيئة فكان فيما قال له حاتم: فأنت بمن اقتديت بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصالحين أم يفرعون ونمرود أول من بنى بالجص والآجر. (2)
ياعلماء السوء مثلكم يراه الجاهل الطالب الدنيا الراغب فيها فيقول: العالم على هذه الحالة أفلا أكون أنا شَرّ منه؟.
[يعني إذا كان هذا فعل العالم فلا علي أنا أن أفعل أعظم منه لأن للعالِم تعظيم في القلوب وهو موضع الاقتداء].
(1) 19/ 339.
(2)
الآجر، لبن الطين يحرق فيتصلب قليلاً وكيف بما نحن فيه؟
ثم خرج حاتم من عند ابن مقاتل ودخل وجماعته على الطنافسي فقال له: رحمك الله أنا رجل أعجمي أحب أن تعلمني أول مبتدأ ديني ومفتاح صلاتي كيف أتوضأ للصلاة؟ قال: نعم وكرامة، ياغلام هات إناء فيه ماء، فقعد الطنافسي وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا فتوضأ، قال حاتم: مكانك حتى أتوضأ بين يديك فيكون أوْكد لِما أريد، وقام الطنافسي وقعد حاتم فتوضأ ثم غسل الذراعين أربعاً، قال الطنافسي له: يا هذا أسرفت، قال له حاتم: فيماذا؟ قال: غسلت ذراعك أربعاً، قال حاتم: يا سبحان الله أنا في كَفٍّ من ماء أسرفت وأنت في هذا الجمع كله لم تسرف، فعلم الطنافسي أنه أراده بذلك ولم يُرد منه التعلم.
قال ابن النحاس بعد إيراد القصة وقد اختصرتها قال: فالعالم إذا خالف عمله علمه وكَذّب فعله قوله كان ممقوتاً في الأرض والسماء، مضلّة لمن رام به الاقتداء، وإذا أمر غيره بغير مايعمل مَجَّتْ الأسماع كلامه، وقَلّت في الأعين مهابته، وزالت من القلوب المؤمنة مكانته، كما قال مالك بن دينار: إن العالِم إذا لم يعمل بعلمه تزل موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا.
قال ابن تيمية في سياق كلام له في الثناء على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وحتى رُوي عنه أنه حَرّق الكتب العجمية
وغيرها وأنه نهى عن تعلم رطانة الأعاجم. (1)
وقال ابن تيمية في كلام على عمر رضي الله عنه أنه لما فُتحت الإسكندرية وُجِد فيها كتب كثيرة من كتب الروم فكتبوا فيها إلى عمر فأمر بها أن تحرق وقال: حسبنا كتاب الله. (2)
كذلك فقد كتب إليه سعد بن أبي وقاص أنهم وجدوا في فارس لما فتحوها كتباً من كتب العجم فأمر أن تحرق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مصطلحات المتأخرين التي يتغير بها المعنى المراد من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فيحصل اللبس قال: ومثل هذه البدع كثير جداً يُعَبّر بألفاظ الكتاب والسنة عن معان مخالفة لما أراده الله ورسوله بتلك الألفاظ [مثل تسمية هذه العلوم المخلوطة علماً وأهلها علماء] ولا يكون أصحاب تلك الأقوال تلقوها ابتداء عن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم[يعني أن المتلقى عن الله ورسوله في اسم العلم هو الوحي] بل عن شُبه حصلت لهم وأئمة لهم، وجعلوا التعبير عنها بألفاظ الكتاب والسنة حجة لهم وعمدة لهم [يعني أنهم يذكرون الآيات والأحاديث الواردة في مدح العلم والعلماء يحتجون بذلك على ما أحدثوا، وهذا هو واقع زماننا] ليظهر بذلك أنهم متابعون للرسول صلى الله عليه وسلم لا مخالفون. (3)
(1) اقتضاء الصراط المستقيم، ص128.
(2)
مجموعة الفتاوى 17/ 41.
(3)
مجموعة الفتاوى 17/ 352.
وسوف أُرفق مع هذا الكتاب كتاب (العلم الذي يستحق أن يسمى علماً) وهو مطبوع عام 1419هـ، وبعده كتاب (علماء السلف وأهل الوقت) وهو مطبوع عام 1420هـ، وبعده كتاب (دعوى الإصلاح)، وهو مطبوع عام 1413هـ، ونختمه بقصيدة (المنهج المسدد)، وذلك لحصول الفائدة إن شاء الله وبحوله وقوته ورجائه وله الحمد.
كتبه
عبد الكريم بن صالح الحميد
محرم 1423هـ