الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكنيسة
تحت العنوان السابق: " الإسلام والعلم ".
قال المؤلف: سبب القول بوجود تعارض بين الإسلام والعلم هو: أن الكنيسة في العصور الوسطى كانت تفرض قيوداً على الحياة الأوروبية إلى آخره، حيث ذكر أن الكنيسة تفرض قيوداً على الحياة العلمية، وتصدر قوانين وقرارات تنسبها للدين مما أدّى إلى تضجر الناس وثورتهم على الكنيسة ونشوء العلمانية. ثم قال: بعد ذلك قاسوا على الكنيسة جميع الأديان ومن ضمنها الإسلام دون النظر هل يقف ضد العلم أم أنه يدعو إليه، فقط بمجرد القياس على الكنيسة مع أن الإسلام رفع راية العلم والتعلم في أول آيات نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. انتهى.
فهذا الكلام يردده المتأخرون ويتناقلونه وكأنه قرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وتجد كل من بحث في هذه العلوم الغربية وتكلم فيها يُزَوّق كلامه بهذا بِدَعوى الدفاع عن الإسلام وإظهار محاسنه ومدحه إذْ أنه أنه ليس كالكنيسة تعارض العلم، وتأمل الاستدلال على ذلك وهو أول الآيات التي نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم وكأن هذه الآيات التي في
سورة: " اقرأ " تدعو إلى هذا العلم المزعوم، وبلا شك أن تفسير آيات القرآن العظيم بهذا من أخطر الأمور على الأمة وقد حصل بسببه لبس وضلال ومعاذ الله أن يأمر سبحانه بهذه الآيات أو غيرها من آيات القرآن التي تجرأ عليها المتأخرون بتأويلاتهم الفاسدة الباطلة بغير العلم الديني الشرعي ومن زعم غير ذلك فهو مفترٍ على الله، ومعلوم وعيد من فسّر القرآن برأيه.
وقد قال ابن تيمية: من فسّر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه. انتهى.
وبلا شك أن هذا تفسير للقرآن على غير المعروف عن الصحابة والتابعين. وتفسير القرآن والأحاديث على غير المعروف عن الصحابة والتابعين في زماننا بحر لا ساحل له وسأذكر نماذج لذلك إن شاء الله.
كذلك قال ابن تيمية: لا يجوز استعمال ظواهر الكتاب قبل البحث عما يُفسرها من السنة وأقوال الصحابة والتابعين وغيرهم. (1)
وقوله: " وغيرهم "، يعني ممن هو على نهجهم لم يخرج عن طريقهم. يوضح ذلك كلامه السابق:" من فسّر القرآن والحديث" إلى آخره. ولتمام الفائدة هنا؛ فإن السلف فسّروا جميع القرآن، كما قال
(1) الفتاوى، 29/ 166.
مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقفه عند كل آية وأسأله عنها، وقد تلقّوا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر ابن تيمية.
وإذا كانت الحال هكذا فليحذر الناصح لنفسه مما تهوّك به المتأخرون من خوضهم في معاني الكتاب والسنة بآرائهم وأهوائهم وجهالاتهم حتى زعم بعضهم أن آيات الخلق لم يكن يُعرف معناها وقت نزول القرآن؛ وإنما عُرفت بعد انبثاق هذه العلوم. (1)
فقوله: (مع أن الإسلام رفع راية العلم والتعلم في أول آيات نزلت) من أبطل الباطل وأكذب الكذب حيث يقصد هذه العلوم والتجارب والأبحاث وإنه ليليق بالمتأخرين هذا التخليط وإنما رفع الإسلام راية العلم بالله ودينه فقط، وذمّ ما سواه من العلوم التي لما جاءت أهلها رسلهم بالبينات فرحوا بها.
(1) وقد ألّفت كتاباً كبيراً رداً على أرباب إعجاز القرآن المزعوم واسمه: (الفرقان في بيان إعجاز القرآن) وقد بيّنت فيه ضلال عبد المجيد الزنداني وغيره ممن سلكوا هذا المسلك الخطير.