الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مراتب الأحكام التكليفية
وتدور تشريعات الإسلام بمناحيها المختلفة في خمس مراتب من جهة إلزاميتها:
أولاها الفروض والواجبات، وهي ما طلبه الله ورسوله من الطاعات على جهة الإلزام، فالمطيع فيها مثاب مأجور، والعاصي مأزور، ومن ذلك الصلوات الخمس والزكاة وصوم رمضان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن الخلق والتوبة من الذنوب وكسب المال من الحلال والإنفاق على الزوجة والأولاد وبر الوالدين وصلة الرحم والتعاون مع الآخرين على أعمال البر والتقوى، وكذلك حجاب المرأة من الرجال الأجانب عنها.
والثانية هي السنن المستحبة، وهي ما طلبه الله ورسوله على جهة الندب والاختيار، لا الأمر والإلزام، فيأجر الله المطيع فيها، ولا يؤاخذ المقصر، لكن الإتيان بالمستحبات برهان على محبة العبد لربه وتشوقه إلى طاعته ومرضاته، فيقابل الله صنيعه بمحبة العبد وتوفيقه، فقد روى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال:((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)). (1)
والسنن المندوب إليها باب واسع من أبواب الخير، ومنه التنفل في العبادات بالصوم في غير رمضان، والصلوات - غير الصلوات الخمس - والإحسان إلى الفقراء والأيتام والمحتاجين في غير الزكاة الواجبة، وزيارة المريض، وكثرة الاستغفار، وذكر الله، والتطوع في المشاركة في الخدمات العامة.
والثالثة هي المباحات التي لا يترتب عليها جزاء أخروي بالثواب أو العقاب، كالطعام والشراب والنوم والبيع والشراء والزواج، ولكن هذه وأمثالها من السلوكيات اليومية تصبح عبادة مأجورة إذا اقترنت بنية صالحة واستحضار قلبي
(1) أخرجه البخاري ح (6052).
مشروع، فترتفع العادات إلى منزلة العبادات، ويوضح ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الرجل أهله بنية الاستعفاف عن الحرام:((وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً)). (1)
والرابعة هي المكروهات التي لا يليق بالمسلم التلبس فيها، لكنها مما يعفو الله عنه ولا يحاسب عليه، ومن ذلك التشاغل عن ذكر الله بالإغراق في الدنيا، والإكثار من المباحات، والتهاون في الآداب الإسلامية للطعام والشراب والحديث والزيارة.
والخامسة هي المحرمات التي يثيب الله على تركها ويعاقب على فعلها، كالشرك والفواحش والمعاملات القائمة على الربا والغش والاحتيال والاستغلال {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (الأعراف: 33).
(1) أخرجه مسلم ح (1006).