الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر)). (1)
الركن الثالث: إيتاء الزكاة
يتقلب الناس في هذه الدنيا في نعم الله التي آتاهم، ويستمتعون فيها بما منحهم الله من المال والسعة واليسار الذي به تزدان الحياة وتزهو.
وحتى يسعد الجميع في أرض الله؛ فإن الله جعل النصيب الأوفر من رزقه لبعض الناس ابتلاء واختباراً، وأوجب لإخوانهم من الفقراء والمساكين وغيرهم حقاً معلوماً في أموال الأغنياء التي آتاهم الله إياها {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} (النور: 33)، وهذا الحق المعلوم هو الزكاة، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام.
وما يدفعه المسلم من ماله فإنما هو طهرة له من ذنوبه وآثامه، وهو سبب في تزكية نفسه وسموها في معارج الطاعة {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} (التوبة: 103).
وأما الامتناع عن أداء الزكاة فهو خيانة لحق الفقير، يتوعد الله فاعله بأليم العذاب:{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذابٍ أليمٍ - يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون} (التوبة: 34 - 35).
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار)). (2)
(1) أخرجه الترمذي ح (413)، والنسائي ح (464)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (337).
(2)
أخرجه مسلم ح (987).
وكما أوجب الله هذا الحق؛ فإنه بيَّن أنصبته ومقاديره والأموال التي يجب فيها، ولم يترك الأمر إلى أذواق الأغنياء وسعة إحسانهم {والذين في أموالهم حق معلوم - للسائل والمحروم} (المعارج: 24 - 25).
وقد راعى الإسلام في مقدار الزكاة مصلحة الغني والفقير، فالغني إنما يدفع 2.5% فقط من أمواله النقدية وتجاراته التي مر عليها عام وهي في حوزه، أي هي مما زاد عن حاجاته ومصروفاته، فهذا هو الحق المعلوم، وأما ما عداه فهو الصدقات غير الواجبة التي يستبق بها المسلمون إلى محبة الله وعظيم رضوانه.
وأما الأموال التي أوجب الله فيها الزكاة فهي الذهب والفضة وما يقابلهما من النقود والأسهم والتجارات، وكذلك ما يعطيه الله للمسلم من زروع وثمار وأنعام {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} (البقرة: 267).
وأما المستحقون لأخذ الزكاة فهم أصناف ثمانية، جمعتهم الآية القرآنية:{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضةً من الله والله عليمٌ حكيمٌ} (التوبة: 60).
وأداء الزكاة ينبغي أن يصان بضوابط أخلاقية عالية تجعل من هذا الإنفاق عبادة سامية لله لا يخالطها كِبر ولا استعلاء ولا مِنَّة على الفقير، فقد وصف الله المؤمنين بقوله:{الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذًى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون - قولٌ معروفٌ ومغفرةٌ خيرٌ من صدقةٍ يتبعها أذًى والله غني حليمٌ} (البقرة: 262 - 263).
والمسلم يقصد بصدقاته وزكاته مرضات الله وجميل ثوابه، وأما المنفق للسمعة والمفاخرة فإن نفقته مردودة عليه، لا بل هو متوعد بالعذاب في الآخرة، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، فذكر منهم