الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أنس: فجرتْ في سِكك المدينة.
فقال بعض القوم: قُتِل قوم وهي في بطونهم؟ فأنزل الله: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين} (المائدة: 93)(1)، أي لن يحاسبوا عن شربها قبل التحريم لأنه لا عقوبة إلا بتشريع.
ب. العدل والمساواة
العدل اسم من أسماء الله تعالى، وهو صفة لازمة للرب في أوامره وتشريعاته وجزائه، ومظاهر عدل الله في شرائعه كثيرة، من أولها أنه تعالى لا يحاسب الإنسان على ما لا يقدر عليه، بل لم يكلفه أصلاً بما يعجزه {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} (البقرة: 286)، فشرائع الله مبناها على اليسر والسهولة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (البقرة: 185) {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} (المائدة: 6)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:((أحب الدين إلى الله الحنيفيةُ السمحةُ)). (2)
ومن عدله تبارك وتعالى أنه رفع التكليف بأحكام الشريعة عن الأطفال الذين لم يحوزوا كمال العقل الذي يجيز محاسبتهم، كما أسقطه عمن حُرِم نعمة العقل ابتداءً، يقول صلى الله عليه وسلم:((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشبَّ، وعن المعتوه حتى يعقل)) (3)، كما يعفو الله عمن وقع في الخطأ
(1) أخرجه البخاري ح (4620)، ومسلم ح (1980).
(2)
أخرجه البخاري معلقاً باب ((الدين يسر))، وأحمد ح (2108).
(3)
أخرجه الترمذي ح (1423)، وابن ماجه ح (3042)، وأحمد ح (943).
من غير إرادته لذلك أو من وقع فيه مكرهاً أو ناسياً تحريمه، فقد قال صلى الله عليه وسلم:((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)). (1)
وإذا كانت الشريعة لا تحاسب من هو دون التكليف على خطئه؛ فإنه يعلم أنها - من باب أولى - لا تحاسبه على ذنب غيره، فالمرء مسؤول عن عمله الشخصي {قل أغير الله أبغي رباً وهو رب كل شيءٍ ولا تكسب كل نفسٍ إلا عليها ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} (الأنعام: 164).
وعليه فالإسلام لا يقر بالذنب الأصلي المتوارث عن الأبوين [آدم وحواء]، فالأبوان تحملا وزريهما بنفسيهما، واستغفرا الله منه، فتاب عليهما، ولا علاقة لذريتهما بذنبهما من قريب أو بعيد، بل كلٌٌّ مسؤول عن عمله {فتلقى آدم من ربه كلماتٍ فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم - قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدًى فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون - والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (البقرة: 37 - 39).
وأيضاً فإن شرائع الله تبارك وتعالى راعت - لعدالتها -الفروق بين الذكر والأنثى، فلم تكلف المرأة بما لا يلائم طبيعتها كالجهاد والخروج من المنزل للتكسب والإنفاق، وغيرهما مما لا يتناسب وأنوثتها أو يخالف رونق حياتها وصفاء أحاسيسها.
ولم تميز الشريعة العادلة في أحكامها العامة بين ملك وسوقة، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين غني وفقير، فالجميع متساوون أمام شرائع الله، فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم في ما يربو على مائة ألف من أصحابه، فقال:((يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر؛ إلا بالتقوى)) (2)، فالخيرية مبناها على
(1) أخرجه ابن ماجه ح (3043).
(2)
أخرجه أحمد ح (22978).