المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الركن الخامس: حج بيت الله الحرام - تعرف على الإسلام

[منقذ السقار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الإسلام وأركانه

- ‌أركان الإسلام

- ‌الركن الأول: الشهادة لله بالتوحيد، ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالةأولاً: الشهادة لله بالتوحيد

- ‌ثانياً: الشهادة بأن محمداً رسول الله

- ‌الركن الثاني: إقام الصلاة

- ‌الركن الثالث: إيتاء الزكاة

- ‌الركن الرابع: صوم رمضان

- ‌الركن الخامس: حج بيت الله الحرام

- ‌مفهوم العبادة في الإسلام

- ‌العبادة والأخلاق

- ‌مراتب الأحكام التكليفية

- ‌خصائص الشريعة الإسلامية ومقاصدها

- ‌أولاً: خصائص الشريعة الإسلامية

- ‌أ. ربانية المصدر والغاي

- ‌ب. العدل والمساواة

- ‌ج. الشمول والتوازن

- ‌د. المثالية الواقعية

- ‌ثانياً: مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌أ. حفظ الدين

- ‌ب. حفظ النفس الإنسانية

- ‌ج. حفظ العقل

- ‌د. حفظ النسل

- ‌هـ. حفظ المال

- ‌أركان الإيمان

- ‌الإيمان بالملائكة

- ‌الإيمان بالكتب

- ‌الإيمان بالأنبياء

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الإيمان باليوم الآخر

- ‌ردود على أباطيل

- ‌أولاً: الإسلام والمرأة

- ‌ثانياً: الإسلام والإرهاب

- ‌ثالثاً: الإسلام والتعامل مع الآخر

- ‌رابعاً: المسلمون والتحديات المعاصرة

- ‌خاتمة:

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌الركن الخامس: حج بيت الله الحرام

فاتهم مشاركة الفقراء والمحرومين في ألم الجوع، فلن يفوتهم المساهمة في إطعامهم ورفع جوعهم {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} (البقرة: 184).

ولتعدد حكم هذه العبادة فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما فتئ يوصي بها أصحابه، فقد قال له أبو أمامة: مُرني بأمر آخذه عنك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((عليك بالصيام؛ فإنه لا مِثل له)). (1)

‌الركن الخامس: حج بيت الله الحرام

الحج عبادة بدنية فرضها الله على المسلم في العمر مرة واحدة، حيث يفد المسلمون من أصقاع الأرض إلى قبلتهم في مكة المكرمة، ليؤدوا مناسك حجهم في أيام معلومات، يحققون فيها المقاصد التي أرادها الله من تشريع هذه العبادة التي أمر بها أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام حين قال له:{وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميقٍ - ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير} (الحج: 27 - 28).

فنادى إبراهيم، ولبى المؤمنون من كل حدب وصوب، وأدوا المناسك كما أداها إبراهيم عليه السلام، وحافظوا على سنة الخليل إبراهيم عليه السلام، كما قال صلى الله عليه وسلم للمسلمين في مناسك الحج:((كونوا على مشاعركم؛ فإنكم اليوم على إرث من إرث إبراهيم)). (2)

والحج دورة تدريبية للمسلم على ممارسة السلام، فمناسكه تؤدى في البلد الحرام الذي يأمن فيه الطير والشجر والإنسان، قال صلى الله عليه وسلم:((إن هذا البلد حرمه الله، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها)). (3)

(1) أخرجه النسائي ح (2221)، وأحمد ح (21636).

(2)

أخرجه الترمذي ح (833)، وأبو داود ح (1919)، وابن ماجه ح (3011)، والحاكم ح (1699)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ح (1675).

(3)

أخرجه البخاري ح (1587)، ومسلم ح (1353).

ص: 26

والحج أيضاً مظهر من مظاهر المساواة والوحدة بين المسلمين، حيث يجتمع فيه المسلمون من كل حدب وصوب، في لباس واحد، على صعيد واحد، لا يتقدم فيهم غني على فقير، ولا أبيض على أسود، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أيام الحج، فقال:((يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى)). (1)

ومن مقاصد الحج ذكر الله تعالى وتعظيمه واستغفاره مما سلف من الذنوب والعصيان {فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين - ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} (البقرة: 198 - 199).

وكما كان المشعر الحرام لذكر الله، فإن أيام مِنى هي أيضاً كذلك {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى} (البقرة: 203).

فإذا انتهت مناسك الحج؛ فإن المسلم مطالب بلزوم ذكر الله في سائر أيامه {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً} (البقرة: 200).

ومن مناسك الحج وشعائره ذبح الهدي قرباناً لله عز وجل، قال تعالى:{والبُدْن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير} (الحج: 36)، وفي مقدمة هذا الخير تحقيق تقوى الله وتمثلها في حياتنا السلوكية {لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} (الحج: 37).

ومن أعظم مقاصد الحج تهذيب سلوك المسلم الحاج، قال تعالى:{الحج أشهرٌ معلوماتٌ فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} (البقرة: 197)، فالحاج ينبغي عليه اجتناب المعاصي ليتحقق له الغفران والخلوص من

(1) أخرجه أحمد ح (22978).

ص: 27

الذنوب والمعاصي، قال صلى الله عليه وسلم:((من حج فلم يرفث ولم يفسق؛ رجع كيوم ولدته أمه)). (1)

والحج الذي تتوافر فيه هذه الشروط ويحقق تلك المعاني يسميه الرسول صلى الله عليه وسلم بالحج المبرور، فيقول:((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). قيل: وما بره؟ قال: ((إطعام الطعام وطيب الكلام)). (2)

وهكذا فإن أركان الإسلام تهدف جميعاً إلى تزكية المسلم وتهذيب سلوكه وربط قلبه بربه تبارك وتعالى.

لكن الإسلام ليس هذه الأركان فحسب، إنه هبة الله للبشرية، إنه الدين الذي يعالج مشكلات الإنسانية على اختلافها، فينظم علاقة الإنسان بربه، ثم بأخيه الإنسان، ثم بالكون من حوله، وهو الدين الذي يقوم على تحقيق التوازن بين مطالب الجسد ومطالب الروح، ويشبع العقل ويروي العاطفة.

ولسوف يتجلى لنا بهاء هذه الحقيقة ونحن نتحدث عن مفهوم العبودية في الإسلام.

(1) أخرجه البخاري ح (1521).

(2)

أخرجه أحمد ح (14073)، وابن خزيمة ح (2514).

ص: 28