المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإيمان بالقضاء والقدر - تعرف على الإسلام

[منقذ السقار]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الإسلام وأركانه

- ‌أركان الإسلام

- ‌الركن الأول: الشهادة لله بالتوحيد، ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالةأولاً: الشهادة لله بالتوحيد

- ‌ثانياً: الشهادة بأن محمداً رسول الله

- ‌الركن الثاني: إقام الصلاة

- ‌الركن الثالث: إيتاء الزكاة

- ‌الركن الرابع: صوم رمضان

- ‌الركن الخامس: حج بيت الله الحرام

- ‌مفهوم العبادة في الإسلام

- ‌العبادة والأخلاق

- ‌مراتب الأحكام التكليفية

- ‌خصائص الشريعة الإسلامية ومقاصدها

- ‌أولاً: خصائص الشريعة الإسلامية

- ‌أ. ربانية المصدر والغاي

- ‌ب. العدل والمساواة

- ‌ج. الشمول والتوازن

- ‌د. المثالية الواقعية

- ‌ثانياً: مقاصد الشريعة الإسلامية

- ‌أ. حفظ الدين

- ‌ب. حفظ النفس الإنسانية

- ‌ج. حفظ العقل

- ‌د. حفظ النسل

- ‌هـ. حفظ المال

- ‌أركان الإيمان

- ‌الإيمان بالملائكة

- ‌الإيمان بالكتب

- ‌الإيمان بالأنبياء

- ‌الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الإيمان باليوم الآخر

- ‌ردود على أباطيل

- ‌أولاً: الإسلام والمرأة

- ‌ثانياً: الإسلام والإرهاب

- ‌ثالثاً: الإسلام والتعامل مع الآخر

- ‌رابعاً: المسلمون والتحديات المعاصرة

- ‌خاتمة:

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌الإيمان بالقضاء والقدر

أمر الله نبيه بالصبر على الدعوة ومشاقها اقتداء بمن سبقه من أولي العزم من الرسل {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} (الأحقاف: 35).

وأفضل هؤلاء الأنبياء عند الله خاتمهم الذي ارتضاه الله للبشرية كلها نبياً ورسولاً، محمد بن عبد الله الذي قال مخبراً عن منزلته عند ربه:((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة))، وفي رواية:((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر)). (1) أي لا أفخر على أحد بذلك، إنما أبلغ بما خصني الله من الشرف والمنزلة.

ولكي لا توهم المفاضلة بين الأنبياء نقصاً في المفضول؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، فقال لمن قال بأنه خير من موسى:((لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأصعق معهم، فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش جانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى الله)). (2)

‌الإيمان بالقضاء والقدر

وسادس أركان الإيمان هو الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن كل ما يجري في هذه الدنيا من خير أو شر إنما يجري بقضاء الله الذي لا راد له ولا مانع منه، فقد كتبه الله قبل أن يخلق الخلق بدهر طويل.

وتتضمن عقيدة المسلم في القضاء والقدر ثلاث مسائل:

الأولى: أن الله عز وجل عليم بكل شيء، وأن كل ما يحصل منا من خير أو شر قد علمه الله أزلاً، وهو مصداق قوله تعالى:{الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً} (الطلاق: 12).

الثانية: أن الله كتب ما علمه، قال الله تعالى:{ألم تعلم أن لله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير} (الحج: 70)، وقال:{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} (يس: 12)، وما كتبه الله إنما كتبه قبل

(1) أخرجه مسلم ح (2278)، والترمذي ح (1348)، وابن ماجه ح (4308)، وأحمد ح (2542).

(2)

أخرجه البخاري ح (2411)، ومسلم ح (2373)، واللفظ للبخاري.

ص: 72

أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة، قال صلى الله عليه وسلم:((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)). (1) وقال أيضاً: ((وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض)). (2)

الثالثة: أن ما كتبه الله في كتابه كائن لا محالة، ولا يمكن لأحد أن يغيره {وكان أمر الله قدراً مقدوراً} (الأحزاب: 38)، وما يقع من الناس من شر وخير إنما يجري بعلم الله ومشيئته الأزلية {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} (التكوير: 29).

لكن الفعل الإنساني لا يصدر من الإنسان جبراً وقهراً، فالإنسان أكرم مخلوقات الله، كرّمه الله، فمنحه القدرة على التمييز {ألم نجعل له عينين - ولساناً وشفتين - وهديناه النجدين} (البلد: 8 - 10)، ثم دعاه تبارك وتعالى لاختيار الحق وهجر الباطل، من غير إكراه منه على ذلك.

فإذا ما اختار الإنسان خير النجدين، فسلك سبيل الهداية؛ زاده الله من أنوار الهدى {والذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم} (محمد: 17)، وإن تنكبها واختار الضلالة والعماية زاده الله ضلالاً، كما وصف الله تعالى المنافقين:{في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضاً ولهم عذابٌ أليمٌ بما كانوا يكذبون} (البقرة: 10).

وهكذا فالإنسان يختار فعله وفق اختياره وإرادته، لذلك نسب الله فعله إليه بقوله:{وما تفعلوا من خيرٍ فإن الله به عليمٌ} (البقرة: 215)، لكن اختياره وفعله ليس جبراً لله أو قهراً، بل هو بقدرة الله الخالق الذي أقدره على ذلك {والله خلقكم وما تعملون} (الصافات: 96).

ويشمل الإيمان بالقضاء والقدر، التصديق بجملة من القضايا التي قدرها الله بسابق علمه.

(1) أخرجه مسلم ح (2653).

(2)

أخرجه البخاري ح (3192).

ص: 73

أولها: ما يصيب الإنسان من خير وشر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)) (1)، وبذلك يتعلق قلب العبد بربه مسبب الأسباب، لا بالأسباب المنظورة التي جعلها الله طريقاً لتحقيق قدره المكتوب، وهذا يُحل بالمؤمن راحة النفس وطمأنينة القلب عند نزول البلاء، ومحبة المنعم ورجاء المزيد من نواله عند الرخاء {ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسيرٌ - لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ} (الحديد: 22 - 23).

ومنها أيضاً: تقدير أرزاق الخلق، فكل ذلك مسطور في علم الله أزلاً، يقول الله تعالى عما يقدره من أرزاق للناس:{وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} (الحجر: 21).

وبسبب هذا الإيمان فإن المؤمن أشجع الناس بما أوتي من يقين بالله الذي هو وحده يملك أرزاق الناس وآجالهم، {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: 51).

ولأجل ذلك علَّم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس والأمة من بعده ((أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعتِ الأقلام وجفَّت الصحف)). (2)

وبسبب إيمان المسلم بأن الرزق مقسوم من الله بسابق قدره، فإنه لا يطلب الدنيا بنَهَم عُبَّاد المال الذين لا يعرفون في الكسب حلالاً ولا حراماً، إنما يطلبها بوجوهها المشروعة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا تستبطئوا الرزق، فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه

(1) أخرجه الترمذي ح (2144)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي لشواهد تقويه ح (1143) ، وفي السلسلة الصحيحة ح (2439).

(2)

أخرجه الترمذي ح (2516)، وأحمد ح (2664).

ص: 74