الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الاطمئنان]
أخبرنا سليمان بن حمزة الحاكم، ومحمد بن محمد بن الشيرازي، ويحيى بن محمد بن سعد، قالوا: أنبأنا الحسن بن يحيى بن صباح، وقال الأول أيضاً: أنبأنا محمد بن عماد الحراني، قالا: أخبرنا عبد الله بن رفاعة السعدي، أخبرنا علي بن الحسن الخلعي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن النحاس. (ح) : وأخبرنا القاسم بن مظفر، وأبو نصر محمد بن محمد المزي، كلاهما عن محمود بن إبراهيم بن مندة، أخبرنا الحسن بن العباس الفقيه، أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب، أخبرنا أبي الحافظ محمد بن إسحاق، قالا: حدثنا أبو طاهر أحمد بن عمرو المديني. (ح) : وأخبرنا أبو الربيع بن قدامة الحنبلي، وأبو نصر بن سميل، وأبو محمد بن أبي غالب الدمشقيان، قالوا: أنبأنا محمد بن عبد الواحد المديني، أخبرنا محمد بن أحمد الباغبان، أخبرنا إبراهيم بن محمد الطيان، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله
الناجر، حدثنا الإمام أبو بكر عبد الله بن زياد النيسابوري، قالا: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن المسيب. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} )) .
قال: ((ويرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديدٍ. ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف؛ لأجبت الداعي)) . لفظهم واحد.
هذا حديث صحيح، أخرجه البخاري عن أحمد بن صالح، ومسلم عن حرملة بن يحيى، كلاهما عن ابن وهب، فوقع بدلاً لهما عالياً.
ورواه ابن ماجه، عن يونس بن عبد الأعلى به، فوافقناه بعلو.
قال الإمام أبو إبراهيم المزني وجماعة من العلماء: هذا الحديث يدل على نفي الشك في إحياء الموتى عن إبراهيم، واستحالته في حقه. ومعناه: إنه لو كان الشك في إحياء الموتى متطرقاً إلى الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك، فاعلموا أن إبراهيم عليه السلام لم يشك.
ويكون قال صلى الله عليه وسلم هذا إما على وجه الأدب، كما تقدم في حديث ((خير البرية)) - أو أرادا منه الذين يجوز عليهم الشك.
وذكر في الحديث وجهان آخران.
أحدهما: أنه خرج مخرج العادة في الخطاب، من غير تصور شك من أحد منهما، كما يقول من يريد المدافعة عن إنسان لم يقصده: ما كنت قائلاً لفلان أو فاعلاً معه من مكروه فقله لي وافعله معي. ومقصوده أن لا يقع شيء له ولا لذاك.
والوجه الثاني: أن هذا الذي يظنونه شكاً أنا أولى به، فإنه ليس بشك، ولكنه طلب لمزيد اليقين.
وهذا على أحد التأويلات المذكورة في قول إبراهيم عليه السلام: {رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} ، قالوا: فسأل زيادة اليقين، وقوة الطمأنينة، وإن لم يكن في الأول شك، إذ العلوم النظرية والضرورية قد تتفاضل في قوتها، فأراد الانتقال من النظر إلى المشاهدة، والترقي من علم اليقين إلى عين اليقين، فليس الخبر كالمعاينة.
قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله: سأل كشف غطاء العيان ليزداد بنور اليقين تمكناً في حاله.
وفي الآية وجوهٌ أخر لأهل التفسير، منها –وهو أظهرها- أنه عليه السلام أراد الطمأنينية بعلم كيفية الإحياء مشاهدةً، بعد العلم بها استدلالاً، فإن علم الاستدلال قد تطرق إليه الشكوك، بخلاف علم المعاينة فإنه ضروري.
ويكون معنى قوله تعالى: {أولم تؤمن} استفهام الإيجاب، كقول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا
يعني أنتم كذلك.
ومنها ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير، والسدي، أن ملك الموت عليه السلام استأذن ربه أن يأتي إبراهيم عليه السلام، فيبشره بأن الله اتخذه خليلاً. فأتاه، وبشره بذلك، فحمد الله وقال: ما علامة ذلك؟
فقال: أن يجيب دعاءك، ويحيى الموتى بسؤالك.
فقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: {رب أرني كيف تحي الموتى} . وأراد بذلك زيادة الطمأنينية في أنه هو الخليل. ويكون معنى قوله تعلى: {أولم تؤمن} أي: ألم تصدق بعظم منزلتك عندي، واصطفائك، وخلتك؟
وفيه أيضاً وجوه أخر غير ذلك. والله سبحانه أعلم.