المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(54)

- ‌ 57

- ‌(59)

- ‌(64)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(76) }

- ‌(77) }

- ‌(78)

- ‌(82) }

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89) }

- ‌(90)

- ‌(94)

- ‌(96)

- ‌(100)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105) }

- ‌(106)

- ‌(109) }

- ‌(110)

- ‌(112)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(119)

- ‌(1)

- ‌ الْأَنْعَامِ

- ‌4]

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(36) }

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌(66)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(74)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(98)

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(109)

- ‌(111) }

- ‌(114)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(121) }

- ‌(122) }

- ‌(123)

- ‌(125) }

- ‌(126)

- ‌(128) }

- ‌(129) }

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132) }

- ‌(133)

- ‌(136) }

- ‌(138) }

- ‌(139) }

- ‌(140) }

- ‌(143)

- ‌(145) }

- ‌(146) }

- ‌(147) }

- ‌(151) }

- ‌(152) }

- ‌(153) }

- ‌(154)

- ‌(156)

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160) }

- ‌(161)

- ‌(164) }

- ‌(165) }

- ‌ الْأَعْرَافِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌ 10

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(73) }

- ‌(74)

- ‌(79) }

- ‌(80)

- ‌(82) }

- ‌(85) }

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(93) }

- ‌(96)

- ‌(100) }

- ‌(101)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(117)

- ‌(121)

- ‌(123)

- ‌(127)

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132)

- ‌(136)

- ‌(138)

- ‌(140)

- ‌(144)

- ‌(146)

- ‌(148)

- ‌(150)

- ‌(152)

- ‌(154) }

- ‌(155) }

- ‌(156) }

- ‌(157) }

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160)

- ‌(163) }

- ‌(164)

- ‌(167) }

- ‌(168)

- ‌(171) }

- ‌(172)

- ‌(175)

- ‌(178) }

- ‌(179) }

- ‌(180) }

- ‌(181) }

- ‌(184) }

- ‌(186) }

- ‌(188) }

- ‌(189)

- ‌(191)

- ‌(196)

- ‌(199)

- ‌(201)

- ‌(203) }

- ‌(204) }

- ‌(205)

الفصل: وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ، مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ إِلَى أَذْهَانِ الْمُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشُّورَى:11] بَلِ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ -مِنْهُمْ نُعَيْم بْنُ حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ -: "مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ". وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا رَسُولَهُ تَشْبِيهٌ، فَمَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى مَا وَرَدَتْ بِهِ الْآيَاتُ الصَّرِيحَةُ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ، عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَفَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى النَّقَائِصَ، فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْهُدَى.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} أَيْ: يَذْهَبُ ظَلَامُ هَذَا بِضِيَاءِ هَذَا، وَضِيَاءُ هَذَا بِظَلَامِ هَذَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ الْآخَرَ طَلَبًا حَثِيثًا، أَيْ: سَرِيعًا لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، بَلْ إِذَا ذَهَبَ هَذَا جَاءَ هَذَا، وَإِذَا جَاءَ هَذَا ذَهَبَ هَذَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:37-40] فَقَوْلُهُ: {وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} أَيْ: لَا يَفُوتُهُ بِوَقْتٍ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، بَلْ هُوَ فِي أَثَرِهِ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا؛ وَلِهَذَا قَالَ:{يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} -مِنْهُمْ مَنْ نَصَبَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَ، وَكِلَاهُمَا قَرِيبُ الْمَعْنَى، أَيِ: الْجَمِيعُ تَحْتَ قَهْرِهِ وَتَسْخِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ منَبِّها: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ} ؟ أَيْ: لَهُ الْمُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ، {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} كَمَا قَالَ [تَعَالَى] (1) {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا [وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا] } (2) [الْفُرْقَانِ: 61] .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا بَقِيِّة بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الشَّامِيِّ، عَنْ أَبِيهِ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ -قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ عَلَى مَا عَمِلَ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَحَمِدَ نَفْسَهُ، فَقَدْ كَفَرَ وَحَبِطَ عَمَلُهُ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلْعِبَادِ مِنَ الْأَمْرِ شَيْئًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ؛ لِقَوْلِهِ:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (3)

وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -وَرَوِيَ مَرْفُوعًا -:"اللَّهُمَّ لَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَلَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ"(4)

{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ‌

(55)

وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) }

أرشد [سبحانه و](5) تعالى عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ، الَّذِي هُوَ صَلَاحُهُمْ فِي دنياهم وأخراهم، فقال تعالى:

(1) زيادة من ك.

(2)

زيادة من م، أ، وفي هـ:"الآية".

(3)

تفسير الطبري (12/484) .

(4)

سبق الكلام على هذا الأثر، وذكر وجوه رفعه عند الآية: 2 من سورة الفاتحة.

(5)

زيادة من أ.

ص: 427

{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [قِيلَ](1) مَعْنَاهُ: تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً، وَ {خُفْيَة} كَمَا قَالَ:{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ [تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (2) ] } [الْأَعْرَافِ:205] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ [رضي الله عنه] (3) قَالَ: رَفَعَ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أصمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (4)(5) الْحَدِيثَ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} قَالَ: السِّرُّ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: {تَضَرُّعًا} تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ. {وَخُفْيَة} يَقُولُ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ، وَصِحَّةِ الْيَقِينِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، لَا جِهَارًا وَمُرَاءَاةً.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ فُضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إنْ كانَ الرَّجُلُ لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ، وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ. وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فقُه (6) الْفِقْهَ الْكَثِيرَ، وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ. وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصَلِّيَ الصَّلَاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزُّوَّر وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ. وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ، فَيَكُونُ عَلَانِيَةً أَبَدًا. وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ، وَمَا يُسمع لَهُمْ صَوْتٌ، إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ] } (7) وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِي فِعْلَهُ فَقَالَ: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مَرْيَمَ:3]

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج: يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنِّدَاءُ والصياحُ فِي الدُّعَاءِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فِي الدُّعَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ.

وَقَالَ أَبُو مِجْلِز: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} لَا يُسْأَلُ (8) مَنَازِلَ الْأَنْبِيَاءِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، رحمه الله: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عن زياد ابن مِخْراق، سَمِعْتُ أَبَا نَعَامَةَ (9) عَنْ مَوْلًى لِسَعْدٍ؛ أَنَّ سَعْدًا سَمِعَ ابْنًا لَهُ يَدْعُو وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَنَعِيمَهَا وَإِسْتَبْرَقَهَا وَنَحْوًا مِنْ هَذَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَسَلَاسِلِهَا وَأَغْلَالِهَا. فَقَالَ: لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَتَعَوَّذْتَ بِاللَّهِ مِنْ شَرٍّ كَثِيرٍ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّهُ سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ". وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً [إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ] } (10)

(1) زيادة من ك، م، د، أ.

(2)

زيادة من ك، م، أ. وفي هـ:"الآية".

(3)

زيادة من أ.

(4)

في م، ك،:"سميعا قريبا"، وفي د:"قريبا سميعا".

(5)

صحيح البخاري برقم (4205) ، وصحيح مسلم برقم (2704)

(6)

في أ: "لفقه".

(7)

زيادة من ك.

(8)

في د: "تسأل".

(9)

في م، ك، أ:"أبا عباية".

(10)

زيادة من ك، م، أ. وفي هـ:"الآية".

ص: 428

وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَقُولَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ"(1)

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي نَعَامة، عَنِ ابْنٍ لِسَعْدٍ، عَنْ سَعْدٍ، فَذَكَرَهُ (2) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عفَّان، حَدَّثَنَا حَمَّاد بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَعَامة: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ (3) سَمِعَ ابْنَهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ الْقَصْرَ الْأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، سَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَعُذْ بِهِ مِنَ النَّارِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول:"يَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ والطَّهُور".

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَفَّانَ بِهِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو داود، عن موسى ابن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَعَامة (4) -وَاسْمُهُ: قيس ابن عَبَايَةَ الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ -وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} يَنْهَى تَعَالَى عَنِ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَمَا أَضَرَّهُ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ! فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْأُمُورُ مَاشِيَةً عَلَى السَّدَادِ، ثُمَّ وَقَعَ الْإِفْسَادُ بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ أَضَرَّ مَا يَكُونُ عَلَى الْعِبَادِ. فَنَهَى [اللَّهُ](5) تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِعِبَادَتِهِ وَدُعَائِهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ وَالتَّذَلُّلِ لَدَيْهِ، فَقَالَ:{وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} أَيْ: خَوْفًا مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ وَبِيلِ الْعِقَابِ، وَطَمَعًا فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ.

ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} أَيْ: إِنَّ رَحْمَتَهُ مُرْصَدة لِلْمُحْسِنِينَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ أَوَامِرَهُ وَيَتْرُكُونَ زَوَاجِرَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ. [وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ] } (6)[الْأَعْرَافِ: 156، 157] .

وَقَالَ: {قَرِيبٌ} وَلَمْ يَقُلْ: "قَرِيبَةٌ"؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَ الرَّحْمَةَ مَعْنَى الثَّوَابِ، أَوْ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إِلَى اللَّهِ، فَلِهَذَا قَالَ: قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: تَنَجَّزوا مَوْعُودَ (7) اللَّهِ بِطَاعَتِهِ، فَإِنَّهُ قَضَى أَنَّ رَحْمَتَهُ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

(1) المسند (1/172) .

(2)

سنن أبي داود برقم (1480) .

(3)

في أ: "معقل".

(4)

المسند (5/55) ، وسنن ابن ماجة برقم (3864) ، وسنن أبي داود برقم (96) .

(5)

زيادة من أ.

(6)

زيادة من ك، م، أ.

(7)

في أ: "فتنجزوا بوعد".

ص: 429