المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ شَمِر بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَهْر - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(54)

- ‌ 57

- ‌(59)

- ‌(64)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(76) }

- ‌(77) }

- ‌(78)

- ‌(82) }

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89) }

- ‌(90)

- ‌(94)

- ‌(96)

- ‌(100)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105) }

- ‌(106)

- ‌(109) }

- ‌(110)

- ‌(112)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(119)

- ‌(1)

- ‌ الْأَنْعَامِ

- ‌4]

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(36) }

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌(66)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(74)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(98)

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(109)

- ‌(111) }

- ‌(114)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(121) }

- ‌(122) }

- ‌(123)

- ‌(125) }

- ‌(126)

- ‌(128) }

- ‌(129) }

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132) }

- ‌(133)

- ‌(136) }

- ‌(138) }

- ‌(139) }

- ‌(140) }

- ‌(143)

- ‌(145) }

- ‌(146) }

- ‌(147) }

- ‌(151) }

- ‌(152) }

- ‌(153) }

- ‌(154)

- ‌(156)

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160) }

- ‌(161)

- ‌(164) }

- ‌(165) }

- ‌ الْأَعْرَافِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌ 10

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(73) }

- ‌(74)

- ‌(79) }

- ‌(80)

- ‌(82) }

- ‌(85) }

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(93) }

- ‌(96)

- ‌(100) }

- ‌(101)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(117)

- ‌(121)

- ‌(123)

- ‌(127)

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132)

- ‌(136)

- ‌(138)

- ‌(140)

- ‌(144)

- ‌(146)

- ‌(148)

- ‌(150)

- ‌(152)

- ‌(154) }

- ‌(155) }

- ‌(156) }

- ‌(157) }

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160)

- ‌(163) }

- ‌(164)

- ‌(167) }

- ‌(168)

- ‌(171) }

- ‌(172)

- ‌(175)

- ‌(178) }

- ‌(179) }

- ‌(180) }

- ‌(181) }

- ‌(184) }

- ‌(186) }

- ‌(188) }

- ‌(189)

- ‌(191)

- ‌(196)

- ‌(199)

- ‌(201)

- ‌(203) }

- ‌(204) }

- ‌(205)

الفصل: وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ شَمِر بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَهْر

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ شَمِر بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، خَرَجَتْ ذُنُوبُهُ مِنْ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ". (1)

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ جَدِّهِ مَمْطُورٍ، عَنِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الطَّهور شَطْر الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ (2) تَمْلَآنِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرهان، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّة لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمعتِقهَا، أَوْ مُوبِقُهَا". (3)

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ رِوَايَةِ سِمَاك بْنِ حَرْب، عَنْ مُصْعب بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً مِنْ غُلُول، وَلَا صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ". (4)

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَبَا المَلِيح الهُذَلي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً مِنْ غَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُول".

وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ. (5)

{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ‌

(7)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) }

(1) تفسير الطبري (10/86) ورواه أحمد في مسنده (5/252) من طريق شمر بن عطية به.

(2)

في أ: " وسبحان الله والله أكبر".

(3)

صحيح مسلم برقم (223) .

(4)

صحيح مسلم برقم (224) .

(5)

مسند الطيالسي برقم (153) وسنن أبي داود برقم (59) وسنن النسائي (1/87) وسنن ابن ماجة برقم (271) .

ص: 61

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ‌

(10)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) }

يَقُولُ تَعَالَى مُذكرًا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ نعمتَه عَلَيْهِمْ فِي شَرْعِهِ لَهُمْ هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ، وَإِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ هَذَا الرَّسُولَ الْكَرِيمَ، وَمَا أَخَذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ فِي مُبَايَعَتِهِ عَلَى مُتَابَعَتِهِ وَمُنَاصَرَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ، وَالْقِيَامِ بِدِينِهِ وَإِبْلَاغِهِ عَنْهُ وَقَبُولِهِ مِنْهُ، فَقَالَ [تَعَالَى](1) {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي

(1) زيادة من أ.

ص: 61

وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} وَهَذِهِ هِيَ الْبَيْعَةُ الَّتِي كَانُوا يُبَايِعُونَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا عِنْدَ إِسْلَامِهِمْ، كَمَا قَالُوا:"بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ"، وَقَالَ تَعَالَى:{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الْحَدِيدِ: 8] وَقِيلَ: هَذَا تِذْكَارٌ لِلْيَهُودِ بِمَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ فِي مُتَابَعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالِانْقِيَادِ لِشَرْعِهِ، رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: هُوَ تِذْكَارٌ بِمَا أَخَذَ تَعَالَى مِنَ الْعَهْدِ عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ حِينَ اسْتَخْرَجَهُمْ مِنْ صُلْبِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الْأَعْرَافِ: 172] قَالَهُ مُجَاهِدٌ، ومُقَاتِل بْنُ حَيَّان. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، والسُّدِّي. وَاخْتَارَهُ (1) ابْنُ جَرِيرٍ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} تَأْكِيدٌ وَتَحْرِيضٌ عَلَى مُوَاظَبَةِ التَّقْوَى فِي كُلِّ حَالٍ.

ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا يَتَخَالَجُ فِي الضَّمَائِرِ وَالسَّرَائِرِ مِنَ الْأَسْرَارِ وَالْخَوَاطِرِ، فَقَالَ:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ} أَيْ: كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْحَقِّ لِلَّهِ، عز وجل، لَا لِأَجْلِ النَّاسِ وَالسُّمْعَةِ، وَكُونُوا {شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} أَيْ: بِالْعَدْلِ لَا بِالْجَوْرِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: نَحَلَنِي أَبِي نَحْلا فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهد رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَجَاءَهُ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ: "أُكَلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: "اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا فِي (2) أَوْلَادِكُمْ". وَقَالَ: "إِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْر". قَالَ: فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. (3)

وَقَوْلُهُ: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا} أَيْ: لَا يَحْمِلْنَكُمْ بُغْض قَوْمٍ عَلَى تَرْكِ الْعَدْلِ فِيهِمْ، بَلِ اسْتَعْمِلُوا الْعَدْلَ فِي كُلِّ أَحَدٍ، صَدِيقًا كَانَ أَوْ عَدُوًّا؛ وَلِهَذَا قَالَ:{اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} أَيْ: عَدْلُكم أَقْرَبُ إِلَى التَّقْوَى مِنْ تَرْكِهِ. وَدَلَّ الْفِعْلُ عَلَى الْمَصْدَرِ الَّذِي عَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ، كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ:{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [النُّورِ: 28]

وَقَوْلُهُ: {هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي لَيْسَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْهُ شَيْءٌ، كَمَا فِي قَوْلِهِ [تَعَالَى] (4) {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} [الْفُرْقَانِ: 24] وَكَقَوْلِ (5) بَعْضِ الصَّحَابِيَّاتِ لِعُمَرَ: أَنْتَ أفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. (6)

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أَيْ: وَسَيَجْزِيكُمْ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ أَفْعَالِكُمُ الَّتِي عَمِلْتُمُوهَا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أَيْ: لِذُنُوبِهِمْ {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} وَهُوَ: الْجَنَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ رَحْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، لَا يَنَالُونَهَا بِأَعْمَالِهِمْ، بَلْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ، وَإِنْ كَانَ سَبَبُ وُصُولِ الرَّحْمَةِ إِلَيْهِمْ أعمالهم، وهو تعالى

(1) في ر، أ:"واختيار".

(2)

في أ: "بينكم".

(3)

صحيح البخاري برقم (2586) وصحيح مسلم برقم (1623) .

(4)

زيادة من أ.

(5)

في ر: "ولقول".

(6)

صحيح البخاري برقم (3294) وصحيح مسلم برقم (1396)

ص: 62

الَّذِي جَعَلَهَا أَسْبَابًا إِلَى نَيْلِ رَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَعَفْوِهِ وَرِضْوَانِهِ، فَالْكُلُّ مِنْهُ وَلَهُ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} وَهَذَا مِنْ عَدْلِهِ تَعَالَى، وَحِكْمَتِهِ وحُكْمه الَّذِي لَا يَجُورُ فِيهِ، بَلْ هُوَ الحَكَمُ الْعَدْلُ الْحَكِيمُ (1) الْقَدِيرُ.

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرْنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ (2) صلى الله عليه وسلم نَزَلَ مَنْزِلًا وتَفَرّق النَّاسُ فِي العضَاه يَسْتَظِلُّونَ تَحْتَهَا، وَعَلَّقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سِلَاحَهُ بِشَجَرَةٍ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى سَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ (3) صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ فسلَّه، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: "اللَّهُ"! قَالَ الْأَعْرَابِيُّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "اللَّهُ"! قَالَ: فَشَام الْأَعْرَابِيُّ السَّيْفَ، فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَ الْأَعْرَابِيِّ، وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى جَنْبِهِ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ -وَقَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ (4) قَتَادَةُ يَذْكُرُ نَحْوَ هَذَا، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْعَرَبِ أَرَادُوا أَنْ يَفْتِكُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرْسَلُوا هَذَا الْأَعْرَابِيَّ، وَتَأَوَّلَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} الْآيَةَ.

وَقِصَّةُ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ -وَهُوَ غَوْرَث بْنُ الْحَارِثِ-ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحِ. (5)

وَقَالَ العَوْفِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} وَذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنَ الْيَهُودِ صَنَعُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِأَصْحَابِهِ طَعَامًا لِيَقْتُلُوهُمْ (6) فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ بِشَأْنِهِمْ، فَلَمْ يَأْتِ الطَّعَامُ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهَ فَلَمْ يَأْتُوهُ (7) رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَأَصْحَابِهِ، حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَغْدروا بِمُحَمَّدٍ [صلى الله عليه وسلم](8) وَأَصْحَابِهِ فِي دَارِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسار، وَمُجَاهِدٌ وعكْرِمَة، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ بَنِي النَّضير، حِينَ أَرَادُوا أَنْ يُلْقُوا عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ (9) صلى الله عليه وسلم الرحَى، لَمَّا جَاءَهُمْ يَسْتَعِينُهُمْ فِي (10) ديَةِ العامرييْن، وَوَكَّلُوا عَمْرَو بْنَ جَحَّاش بْنِ كَعْبٍ بِذَلِكَ، وَأَمَرُوهُ إِنْ جَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الْجِدَارِ وَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ أَنْ يُلْقِيَ تِلْكَ الرَّحَى مِنْ فَوْقِهِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى مَا تَمَالَؤُوا (11) عَلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ [تَعَالَى] (12) فِي ذَلِكَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ثم أمر رسول

(1) في ر: "الحليم".

(2)

في أ: "أن رسول الله".

(3)

في ر، أ:"النبي".

(4)

في أ: "فكان".

(5)

تفسير عبد الرزاق (1/182) ورواه البخاري في صحيحه برقم (139) من طريق عبد الرزاق به.

(6)

في ر: "يقتلوه".

(7)

في ر: "فأتوه".

(8)

زيادة من أ.

(9)

في أ: "رأس النبي".

(10)

في ر: "على".

(11)

في ر: "تمالوا".

(12)

زيادة من ر، أ.

ص: 63