الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجْهَكَ ونَتَّن رِيحَكَ. فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، هَكَذَا كُنْتَ فِي الدُّنْيَا خَبِيثَ الْعَمَلِ مُنْتِنَهُ، طَالَمَا (1) رَكِبْتَنِي فِي الدُّنْيَا، هَلُمَّ أَرْكَبُكَ، فَهُوَ قوله:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ [أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ] } (2)(3)
وَقَالَ أَسْبَاطٌ: عَنِ السُّدِّي أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ظَالِمٍ يَمُوتُ فَيَدْخُلُ قَبْرَهُ إِلَّا جَاءَهُ رَجُلٌ قَبِيحُ الْوَجْهِ، أَسْوَدُ اللَّوْنِ، مُنْتِنُ الرَّائِحَةِ (4) عَلَيْهِ ثِيَابٌ دَنِسَةٌ، حَتَّى يَدْخُلَ مَعَهُ قَبْرَهُ، فَإِذَا رَآهُ قَالَ: مَا أَقْبَحَ وَجْهُكَ! قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ عَمَلُكَ قَبِيحًا (5) قَالَ: مَا أَنْتَنَ (6) رِيحُكَ! قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ عَمَلُكَ مُنْتِنًا (7) ! قَالَ: مَا أَدْنَسَ ثِيَابُكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ عَمَلَكَ كَانَ دَنِسًا. قَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَمَلُكَ! قَالَ: فَيَكُونُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، فَإِذَا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ: إِنِّي كُنْتُ أَحْمِلُكَ فِي الدُّنْيَا بِاللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ، وَأَنْتَ الْيَوْمَ تَحْمِلُنِي. قَالَ: فَيَرْكَبُ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَسُوقُهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ النَّارَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}
وَقَوْلُهُ: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أَيْ: إِنَّمَا غَالِبُهَا كَذَلِكَ {وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ}
{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ
(33)
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) }
(1) في أ: "فطال ما".
(2)
زيادة من م، أ.
(3)
وهذا مرسل، وأبو مرزوق التجيبي، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به. وقد روى هذا الأثر موقوفا على عمرو بن قيس الملائي دون ذكر أبي مرزوق. ورواه الطبري في تفسيره (11/327) عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَمْرِو به.
(4)
في أ: "الريح".
(5)
في أ: "قبيح" وهو خطأ.
(6)
في أ: "ما أنت".
(7)
في أ: "منتن".
{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
(36) }
يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي تَكْذِيبِ قَوْمِهِ لَهُ وَمُخَالَفَتِهِمْ إِيَّاهُ:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} أَيْ: قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا بِتَكْذِيبِ قَوْمِكَ لَكَ، وَحُزْنِكَ وَتَأَسُّفِكَ عَلَيْهِمْ، {فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فَاطِرٍ: 8] كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشُّعَرَاءِ: 3]{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الْكَهْفِ: 7]
وَقَوْلُهُ: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أَيْ: لَا يَتَّهِمُونَكَ بِالْكَذِبِ في
نَفْسِ الْأَمْرِ {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أَيْ: وَلَكِنَّهُمْ يُعَانِدُونَ الْحَقَّ وَيَدْفَعُونَهُ بِصُدُورِهِمْ، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ [رضي الله عنه] (1) قَالَ قَالَ: أَبُو جَهْلٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نُكَذِّبُكَ، وَلَكِنْ نُكَذِّبُ مَا جِئْتَ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} (2)
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ، مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (3)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ المُبَشِّر الْوَاسِطِيُّ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ أَبَا جَهْلٍ فَصَافَحَهُ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَا أَرَاكَ تُصَافِحُ هَذَا الصَّابِئَ؟ ! فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي أَعْلَمُ (4) إِنَّهُ لَنَبِيٌّ، وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ تَبَعًا؟ ! وَتَلَا أَبُو يَزِيدَ:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}
قَالَ أَبُو صَالِحٍ وَقَتَادَةُ: يَعْلَمُونَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَيَجْحَدُونَ.
وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فِي قِصَّةِ أَبِي جَهْلٍ حِينَ جَاءَ يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ، هُوَ وَأَبُو سُفْيَانَ صَخْر بنِ حَرْب، والأخْنَس بْنُ شِريْق، وَلَا يَشْعُرُ واحدٌ مِنْهُمْ بِالْآخَرِ. فَاسْتَمَعُوهَا إِلَى الصَّبَاحِ، فَلَمَّا هَجَم الصُّبْحُ تَفرَّقوا، فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ، فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ: مَا جَاءَ بِكَ؟ فَذَكَرَ لَهُ مَا جَاءَ لَهُ (5) ثُمَّ تَعَاهَدُوا أَلَّا يَعُودُوا، لِمَا يَخَافُونَ مِنْ عِلْمِ شَبَابِ قُرَيْشٍ بِهِمْ، لِئَلَّا يَفْتَتِنُوا (6) بِمَجِيئِهِمْ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ جَاءَ كُلٌّ مِنْهُمْ ظَنًا أَنَّ صَاحِبَيْهِ لَا يَجِيئَانِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْعُهُودِ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا (7) جَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا، ثُمَّ تَعَاهَدُوا أَلَّا يَعُودُوا. فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ جَاؤُوا أَيْضًا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَعَاهَدُوا أَلَّا يَعُودُوا لِمِثْلِهَا [ثُمَّ تَفَرَّقُوا](8)
فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيق أَخَذَ عَصَاهُ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: أَخْبِرْنِي (9) يَا أَبَا حَنْظَلة عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ، وَاللَّهِ لَقَدْ سمعتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا وَأَعْرِفُ مَا يُراد بِهَا، وَسَمِعْتُ أَشْيَاءَ مَا عَرَفْتُ مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَادُ بِهَا. قَالَ الْأَخْنَسُ: وَأَنَا وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ.
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْلٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: مَاذَا سَمِعْتُ؟ تَنَازَعْنَا (10) نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ: أَطْعَمُوا فأطعمنا،
(1) زيادة من أ.
(2)
رواه الترمذي في السنن برقم (4064) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان به، وقال الترمذي:"وهذا أصح" والطبري في تفسيره (11/334) من طريق عبد الرحمن بن مهدى - وتابعه يحيى بن آدم - عن سفيان به مرسلا.
(3)
المستدرك (2/315) وتعقبه الذهبي بقول: ناجية بن كعب لم يخرجا له شيئا.
(4)
في م، أ "لأعلم".
(5)
في د، أ:"به".
(6)
في د، م:"يفتنوا".
(7)
في د، م:"أصبحوا".
(8)
زيادة من أ.
(9)
في م: "أخبروني".
(10)
في م، أ:"قال تنازعنا".
وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا، وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا، حَتَّى إِذَا تَجاثينا عَلَى الرُّكَب، وَكُنَّا كَفَرَسي رِهَان، قَالُوا: مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ! فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ؟ وَاللَّهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ، قَالَ: فَقَامَ عَنْهُ الْأَخْنَسُ وَتَرَكَهُ (1)
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّي، فِي قَوْلِهِ:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيق لِبَنِي زُهْرَةَ: يَا بَنِي زُهْرَةَ، إِنَّ مُحَمَّدًا ابْنُ أُخْتِكُمْ، فَأَنْتُمْ أَحَقُّ مَنْ كَفَّ (2) عَنْهُ. فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ تُقَاتِلُوهُ الْيَوْمَ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كُنْتُمْ أَحَقَّ مَنْ كَفَّ عَنِ ابْنِ أُخْتِهِ قِفُوا هَاهُنَا حَتَّى أَلْقَى أَبَا الْحَكَمِ، فَإِنْ غُلِبَ مُحَمَّدٌ رَجَعْتُمْ سَالِمِينَ، وَإِنْ غَلَب مُحَمَّدٌ فَإِنَّ قَوْمَكُمْ لَمْ يَصْنَعُوا بِكُمْ شَيْئًا. فَيَوْمَئِذٍ سُمِّي الْأَخْنَسُ: وَكَانَ اسْمَهُ "أُبَيٌّ" فَالْتَقَى الْأَخْنَسُ وَأَبُو جَهْلٍ، فَخَلَا الْأَخْنَسُ بِأَبِي جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ: أُصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا مِنْ قُرَيْشٍ غَيْرِي وَغَيْرُكَ يَسْمَعُ كَلَامَنَا. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لِصَادِقٌ، وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَتْ بَنُو قُصيّ بِاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَةِ وَالْحِجَابِ وَالنُّبُوَّةِ، فَمَاذَا يَكُونُ لِسَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَذَلِكَ قَوْلُهُ:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} فَآيَاتُ اللَّهِ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
وَقَوْلُهُ {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا [وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ] } (3) هَذِهِ تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ (4) صلى الله عليه وسلم وَتَعْزِيَةٌ لَهُ فِيمَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَمْرٌ لَهُ بِالصَّبْرِ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَوَعْدٌ لَهُ بِالنَّصْرِ كَمَا نُصِرُوا، وَبِالظَّفَرِ حَتَّى كَانَتْ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ، بَعْدَ مَا نَالَهُمْ مِنَ التَّكْذِيبِ مِنْ قَوْمِهِمْ وَالْأَذَى الْبَلِيغِ، ثُمَّ جَاءَهُمُ النَّصْرُ فِي الدُّنْيَا، كَمَا لَهُمُ النَّصْرُ فِي الْآخِرَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} أَيِ: الَّتِي كَتَبَهَا بِالنَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصَّافَّاتِ: 171 -173]، وَقَالَ تَعَالَى:{كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الْمُجَادَلَةِ: 21] .
وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} أَيْ: مَنْ خَبَرِهِمْ كَيْفَ نُصِروا وأُيدوا عَلَى مَنْ كَذَّبَهُمْ مَنْ قَوْمِهِمْ، فَلَكَ فِيهِمْ أُسْوَةٌ وَبِهِمْ قُدْوَةٌ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} أَيْ: إِنْ كَانَ شَقَّ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنْكَ {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: النَّفقُ: السّرْب، فَتَذْهَبَ فِيهِ {فَتَأْتِيَهُمْ (5) بِآيَةٍ} أَوْ تَجْعَلَ لَكَ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَصْعَدَ فِيهِ فَتَأْتِيَهُمْ (6) بِآيَةٍ أَفْضَلَ مِمَّا آتَيْتَهُمْ بِهِ، فَافْعَلْ.
وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، والسُّدِّي، وغيرهما.
(1) سيرة ابن إسحاق برقم (232) طـ - المغرب.
(2)
في د: "ذب"
(3)
زيادة من م.
(4)
في أ: "لمحمد".
(5)
في أ: "فيذهب فيه "فيأتيهم".
(6)
في أ "فيصعد فيه فيأتيهم".