المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خَبَرِ مَا سَبَقَ، وَنَبَأِ مَا يَأْتِي مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(3) }

- ‌(4)

- ‌(5)

- ‌(6) }

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(14) }

- ‌(15)

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19) }

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(38)

- ‌(41) }

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(51)

- ‌(54)

- ‌ 57

- ‌(59)

- ‌(64)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(72)

- ‌(76) }

- ‌(77) }

- ‌(78)

- ‌(82) }

- ‌(83)

- ‌(87)

- ‌(89) }

- ‌(90)

- ‌(94)

- ‌(96)

- ‌(100)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105) }

- ‌(106)

- ‌(109) }

- ‌(110)

- ‌(112)

- ‌(114)

- ‌(116)

- ‌(119)

- ‌(1)

- ‌ الْأَنْعَامِ

- ‌4]

- ‌(7)

- ‌(9)

- ‌(12)

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(22)

- ‌(27) }

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(33)

- ‌(36) }

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(45) }

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(53)

- ‌(55)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌(66)

- ‌(69) }

- ‌(70) }

- ‌(74)

- ‌(80)

- ‌(82)

- ‌(84)

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(95)

- ‌(98)

- ‌(100) }

- ‌(101) }

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(109)

- ‌(111) }

- ‌(114)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(121) }

- ‌(122) }

- ‌(123)

- ‌(125) }

- ‌(126)

- ‌(128) }

- ‌(129) }

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132) }

- ‌(133)

- ‌(136) }

- ‌(138) }

- ‌(139) }

- ‌(140) }

- ‌(143)

- ‌(145) }

- ‌(146) }

- ‌(147) }

- ‌(151) }

- ‌(152) }

- ‌(153) }

- ‌(154)

- ‌(156)

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160) }

- ‌(161)

- ‌(164) }

- ‌(165) }

- ‌ الْأَعْرَافِ

- ‌(1)

- ‌(8)

- ‌ 10

- ‌(11) }

- ‌(12) }

- ‌(13)

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(23) }

- ‌(24)

- ‌(27) }

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(34)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(44)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(50)

- ‌(52)

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌(57) }

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(68)

- ‌(70)

- ‌(73) }

- ‌(74)

- ‌(79) }

- ‌(80)

- ‌(82) }

- ‌(85) }

- ‌(86)

- ‌(88)

- ‌(93) }

- ‌(96)

- ‌(100) }

- ‌(101)

- ‌(103) }

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(117)

- ‌(121)

- ‌(123)

- ‌(127)

- ‌(130) }

- ‌(131) }

- ‌(132)

- ‌(136)

- ‌(138)

- ‌(140)

- ‌(144)

- ‌(146)

- ‌(148)

- ‌(150)

- ‌(152)

- ‌(154) }

- ‌(155) }

- ‌(156) }

- ‌(157) }

- ‌(158) }

- ‌(159) }

- ‌(160)

- ‌(163) }

- ‌(164)

- ‌(167) }

- ‌(168)

- ‌(171) }

- ‌(172)

- ‌(175)

- ‌(178) }

- ‌(179) }

- ‌(180) }

- ‌(181) }

- ‌(184) }

- ‌(186) }

- ‌(188) }

- ‌(189)

- ‌(191)

- ‌(196)

- ‌(199)

- ‌(201)

- ‌(203) }

- ‌(204) }

- ‌(205)

الفصل: خَبَرِ مَا سَبَقَ، وَنَبَأِ مَا يَأْتِي مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ

خَبَرِ مَا سَبَقَ، وَنَبَأِ مَا يَأْتِي مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ذَلِكَ أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ.

قَالَ قَتَادَةُ: هَؤُلَاءِ مُشْرِكُو الْعَرَبِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذِهِ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَوْلُهُ: {قُلِ اللَّهُ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ: قُلِ: اللَّهُ أَنْزَلَهُ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، لَا مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، مِنْ أَنَّ مَعْنَى {قُلِ اللَّهُ} أَيْ: لَا يَكُونُ خِطَابٌ لَهُمْ إِلَّا هَذِهِ الْكَلِمَةَ، كَلِمَةَ:"اللَّهُ".

وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْقَائِلُ يَكُونُ أَمْرًا بِكَلِمَةٍ مُفْرَدَةٍ مِنْ غَيْرِ تَرْكِيبٍ، وَالْإِتْيَانُ بِكَلِمَةٍ مُفْرَدَةٍ لَا يُفِيدُ (1) فِي لُغَةِ الْعَرَبِ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا.

وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} أَيْ: ثُمَّ دَعْهُمْ فِي جَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ يَلْعَبُونَ، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْيَقِينُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (2) أَلَهُمُ الْعَاقِبَةُ، أَمْ لِعِبَادِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ؟.

وَقَوْلُهُ: {وَهَذَا كِتَابٌ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ {أَنزلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} يَعْنِي: مَكَّةَ {وَمَنْ حَوْلَهَا} مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَمِنْ سَائِرِ طَوَائِفِ بَنِي آدَمَ مِنْ عَرَبٍ وَعَجَمٍ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الْأَعْرَافِ: 158]، وَقَالَ {لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الْأَنْعَامِ: 19] ، وَقَالَ {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هُودٍ: 17] ، وَقَالَ {تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الْفُرْقَانِ: 1] ، وَقَالَ {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آلِ عِمْرَانَ: 20] ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي" وَذَكَرَ مِنْهُنَّ: "وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً"(3) ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ} أَيْ: كُلُّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ آمَنَ بِهَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، وَهُوَ الْقُرْآنُ، {وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} أَيْ: يَقُومُونَ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ، مِنْ أَدَاءِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزلُ مِثْلَ مَا أَنزلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ‌

(93)

وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (94) }

يَقُولُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنْ كذب على الله، فجعل

(1) في م: "لا تفيد".

(2)

في أ: "يلعبون".

(3)

صحيح البخاري برقم (335) وصحيح مسلم برقم (521) .

ص: 301

لَهُ شَرِيكًا أَوْ وَلَدًا، أَوِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ إِلَى النَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ}

قَالَ عِكْرِمة وَقَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ [لَعَنَهُ اللَّهُ](1)

{وَمَنْ قَالَ سَأُنزلُ مِثْلَ مَا أَنزلَ اللَّهُ} يَعْنِي: وَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يُعَارِضُ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنَ الْوَحْيِ مِمَّا يَفْتَرِيهِ مِنَ الْقَوْلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا [إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ] (2) } [الْأَنْفَالِ: 31]، قَالَ اللَّهُ:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} أَيْ: فِي سَكَرَاتِهِ وَغَمَرَاتِهِ وكُرُباته، {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أَيْ: بِالضَّرْبِ كَمَا قَالَ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي [مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ] } (3) الْآيَةَ [الْمَائِدَةِ: 28]، وَقَالَ:{وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ} الْآيَةَ [الْمُمْتَحِنَةِ: 2] .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، وَأَبُو صَالِحٍ:{بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أَيْ: بِالْعَذَابِ. وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى](4){وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الْأَنْفَالِ: 50] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} أَيْ: بِالضَّرْبِ لَهُمْ حَتَّى تَخْرُجَ أَنْفُسُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ لَهُمْ: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} وَذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا احْتَضَرَ بَشَّرَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بِالْعَذَابِ والنَّكال، وَالْأَغْلَالِ وَالسَّلَاسِلِ، وَالْجَحِيمِ وَالْحَمِيمِ، وَغَضَبِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَتَتَفَرَّقُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ، وَتَعْصَى وَتَأْبَى الْخُرُوجَ، فَتَضْرِبُهُمُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَخْرُجَ أَرْوَاحُهُمْ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، قَائِلِينَ لَهُمْ:{أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ] } (5) أَيِ: الْيَوْمَ تُهَانُونَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ، كَمَا كُنْتُمْ تَكْذِبُونَ عَلَى اللَّهِ، وَتَسْتَكْبِرُونَ عَنِ اتِّبَاعِ آيَاتِهِ، وَالِانْقِيَادِ لِرُسُلِهِ.

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ [مُتَوَاتِرَةٌ](6) فِي كَيْفِيَّةِ احْتِضَارِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إِبْرَاهِيمَ: 27] .

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ مَرْدُوَيه هَاهُنَا حَدِيثًا مُطَوَّلًا جِدًّا مِنْ طَرِيقٍ غَرِيبَةٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ (7)

وَقَوْلُهُ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أَيْ: يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ مَعَادِهِمْ هَذَا، كَمَا قَالَ {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الْكَهْفِ: 48] ، أَيْ: كَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَعَدْنَاكُمْ، وَقَدْ كُنْتُمْ تُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَتَسْتَبْعِدُونَهُ، فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ.

وَقَوْلُهُ: {وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ} أَيْ: مِنَ النِّعَمِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي اقْتَنَيْتُمُوهَا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا {وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مالك

(1) زيادة من أ.

(2)

زيادة من م، أ، وفي هـ "الآية".

(3)

زيادة من م، أ.

(4)

زيادة من م.

(5)

زيادة من م، أ، وفي هـ:"الآية".

(6)

زيادة من م، وفي أ:"الأحاديث المتواترة".

(7)

ذكره السيوطي في الدر المنثور (3/318) وقال: إسناده ضعيف.

ص: 302

إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ".

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ بَذَج فَيَقُولُ اللَّهُ، عز وجل، [لَهُ](1) أَيْنَ مَا جَمَعْتَ؟ فَيَقُولُ يَا رَبِّ، جَمَعْتُهُ وَتَرَكْتُهُ أَوْفَرَ مَا كَانَ، فَيَقُولُ: فَأَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَلَا يَرَاهُ قَدَّمَ شَيْئًا، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَوْلُهُ: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} تَقْرِيعٌ لَهُمْ وَتَوْبِيخٌ عَلَى مَا كَانُوا اتَّخَذُوا فِي [الدَّارِ](2) الدُّنْيَا مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ، ظَانِّينَ أَنَّ تِلْكَ تَنْفَعُهُمْ (3) فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ إِنْ كَانَ ثَمَّ (4) مَعَادٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَقَطَّعَتِ الْأَسْبَابُ، وَانْزَاحَ الضَّلَالُ، وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ، وَيُنَادِيهِمُ الرَّبُّ، عز وجل، عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ:{أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الْأَنْعَامِ: 22] وَقِيلَ (5) لَهُمْ {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ} [الشُّعَرَاءِ: 92، 93] ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ} أَيْ: فِي الْعِبَادَةِ، لَهُمْ فِيكُمْ قِسْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعِبَادَةِ لَهُمْ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} قُرئ بِالرَّفْعِ، أَيْ شَمْلُكُمْ، وقُرئ بِالنَّصْبِ، أَيْ: لَقَدِ انْقَطَعَ مَا بَيْنَكُمْ (6) مِنَ الوُصُلات وَالْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ {وَضَلَّ عَنْكُمْ} أَيْ: وَذَهَبَ عَنْكُمْ {مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} مِنْ رَجَاءِ الْأَصْنَامِ، كَمَا قَالَ:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [الْبَقَرَةِ: 166، 167]، وَقَالَ تَعَالَى:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 101]، وَقَالَ {إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 25] ، وَقَالَ {وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ} الْآيَةَ [الْقَصَصِ: 64] ، وَقَالَ تَعَالَى:{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [الْأَنْعَامِ: 22 -24] ، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كثيرة جدا.

(1) زيادة من أ.

(2)

زيادة من أ.

(3)

في م: "ذلك ينفعهم".

(4)

في أ: "ثمة".

(5)

في أ: "أو قيل".

(6)

في أ: "تقطع بينكم".

ص: 303