الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكْتُوبٌ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ. عُتَقَاء اللَّهِ".
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِي، عَنْ سَلْمَانَ فِي قَوْلِهِ:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ عَطْفَتَيْنِ: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَخَلَقَ مِائَةَ رَحْمَةٍ -أَوْ: جَعَلَ مِائَةَ رَحْمَةٍ -قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ، ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَوَضَعَ بَيْنَهُمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، وَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً. قَالَ فَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَبَاذَلُونَ وَبِهَا يَتَزَاوَرُونَ، وَبِهَا تحِنّ النَّاقَةُ، وَبِهَا تَثِجُّ الْبَقَرَةُ، وَبِهَا تَثْغُو الشَّاةُ، وَبِهَا تَتَابعُ الطَّيْرُ، وَبِهَا تَتَابع الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، جَمَعَ اللَّهُ تِلْكَ الرَّحْمَةَ إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَرَحْمَتُهُ أَفْضَلُ وَأَوْسَعُ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (1) وَسَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُوَافِقَةِ لِهَذِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الْأَعْرَافِ: 156]
وَمِمَّا يُنَاسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ [الْكَرِيمَةَ](2) مِنَ الْأَحَادِيثِ أَيْضًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: "أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ أَنْ يَعْبُدُوهُ لَا (3) يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا"، ثُمَّ قَالَ:"أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ؟ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ"(4) وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، مِنْ طَرِيقِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رضي الله عنه](5)(6)
{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ
(55)
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) }
يَقُولُ تَعَالَى: وَكَمَا بَيَّنَا مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنَ الْحُجَجِ وَالدَّلَائِلِ عَلَى طَرِيقِ الْهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ، وَذَمِّ الْمُجَادَلَةِ وَالْعِنَادِ، {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ} أَيِ: الَّتِي يَحْتَاجُ الْمُخَاطَبُونَ إِلَى بَيَانِهَا {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} أَيْ: وَلِتَظْهَرَ (7) طَرِيقُ الْمُجْرِمِينَ الْمُخَالِفِينَ لِلرُّسُلِ، وَقُرِئَ:"وَلِيَسْتَبِينَ (8) سَبِيلُ المجرمين"
(1) رواه مسلم في صحيحه برقم (2753) من طريق سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنِ سلمان، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن لله مائة رحمة، فمنها رحمة بها يتراحم الخلق، وتسعة وتسعون ليوم القيامة".
(2)
زيادة من أ.
(3)
في أ: "ولا".
(4)
رواه البخاري في صحيحه برقم (7373) ومسلم في صحيحه برقم (30) .
(5)
زيادة من أ.
(6)
المسند (2/309)
(7)
في م، أ:"وليظهر".
(8)
في أ: "ولتستبين".
أَيْ: وَلِيَسْتَبِينَ يَا مُحَمَّدُ -أَوْ يَا مُخَاطَبُ -سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ.
وَقَوْلُهُ: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي} أَيْ: عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ شَرِيعَةِ اللَّهِ الَّتِي أَوْحَاهَا إِلَيَّ {وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} أَيْ: بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَنِي مِنْ [عِنْدِ](1) اللَّهِ {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} أَيْ: مِنَ الْعَذَابِ، {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ} أَيْ: إِنَّمَا يَرْجِعُ أَمْرُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَجَّل لَكُمْ مَا سَأَلْتُمُوهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْظَرَكُمْ وَأَجَّلَكُمْ؛ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ. وَلِهَذَا قَالَ {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} أَيْ: وَهُوَ خَيْرُ مَنْ فَصَلَ الْقَضَايَا، وَخَيْرُ الْفَاتِحِينَ الْحَاكِمِينَ بَيْنَ عِبَادِهِ.
وَقَوْلُهُ: {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أَيْ: لَوْ كَانَ مَرْجِعُ مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِلَيَّ، لَأَوْقَعْتُ بِكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ ذَلِكَ {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ}
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْب، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ فَقَالَ:"لَقَدْ لقيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُ يَوْمَ الْعَقَبَةِ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي على ابن عبد يا ليل ابْنِ عَبْدِ كُلال، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أردتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْني، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، عليه السلام، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَك الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ". قَالَ: "فَنَادَانِي مَلَك الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ (2) إِلَيْكَ، لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ؟ إِنْ شِئْتَ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ، لَا (3) يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"، وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ (4)
فَقَدْ عَرَضَ عَلَيْهِ عَذَابَهُمْ وَاسْتِئْصَالَهُمْ، فَاسْتَأْنَى بِهِمْ، وَسَأَلَ لَهُمُ التَّأْخِيرَ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. فَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:{قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} ؟
فَالْجَوَابُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ -: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّت عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ إِلَيْهِ وقوعُ الْعَذَابِ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ حالَ طَلبهم لَهُ، لَأَوْقَعَهُ بِهِمْ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ، فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ وُقُوعَ الْعَذَابِ بِهِمْ، بَلْ عَرَضَ عَلَيْهِ مَلَك الْجِبَالِ أَنَّهُ إِنْ شَاءَ أَطْبَقَ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ -وَهُمَا جَبَلَا مَكَّةَ اللَّذَانِ يَكْتَنِفَانِهَا جَنُوبًا (5) وَشَمَالًا -فَلِهَذَا اسْتَأْنَى بِهِمْ وَسَأَلَ الرِّفْقَ لَهُمْ (6)
وَقَوْلُهُ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ} قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنزلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34](7) .
(1) زيادة من أ.
(2)
في أ: "ربي".
(3)
في أ: "ولا".
(4)
صحيح البخاري برقم (3231) وصحيح مسلم برقم (1795) .
(5)
في د: "يمينا".
(6)
في أ: "الرفق بهم".
(7)
صحيح البخاري برقم (4627) .
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ [رضي الله عنه](1) أَنَّ جِبْرِيلَ حِينَ تَبدَّى لَهُ فِي صُورَةِ أَعْرَابِيٍّ فَسَأَلَ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيما قَالَ لَهُ:"خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ "، ثُمَّ قَرَأَ:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} الْآيَةَ [لُقْمَانَ: 34] .
وَقَوْلُهُ: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} أَيْ: يُحِيطُ عِلْمُهُ الْكَرِيمُ (2) بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، بَريها وَبَحْرِيِّهَا (3) لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَا مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ الصّرْصَريّ:
فَلا يَخْفَى عَلَيْهِ الذَّر إمَّا
…
تَرَاءىَ لِلنَّوَاظِرِ أَوْ تَوَارى
…
وَقَوْلُهُ: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا} أَيْ: وَيَعْلَمُ الْحَرَكَاتِ حَتَّى مِنَ الْجَمَادَاتِ، فَمَا ظَنُّكَ بِالْحَيَوَانَاتِ، وَلَا سِيَّمَا الْمُكَلَّفُونَ مِنْهُمْ مِنْ جِنِّهِمْ وَإِنْسِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غَافِرٍ: 19] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبيع، حَدَّثَنَا أَبُو الأحْوَص، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ حَسَّانَ النَّمَرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا} قَالَ: مَا مِنْ شَجَرَةٍ فِي بَرٍّ وَلَا بَحْرٍ إِلَّا وَمَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا، يَكْتُبُ مَا يُسْقُطُ (4) مِنْهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ النَّضْرِ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: إِنَّ تَحْتَ الْأَرْضِ الثَّالِثَةِ وَفَوْقَ الرَّابِعَةِ مِنَ الْجِنِّ مَا لَوْ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا -يَعْنِي لَكُمْ -لَمْ تَرَوْا مَعَهُمْ نُورًا، عَلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْأَرْضِ (5) خَاتَمٌ مِنْ خَوَاتِيمِ اللَّهِ، عز وجل، عَلَى كُلِّ خَاتَمِ مَلَك مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَبْعَثُ اللَّهُ، عز وجل، إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَلَكًا مِنْ عِنْدِهِ: أَنِ احْتَفِظْ بِمَا عِنْدَكَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ المِسوَر الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْر، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحَارث قَالَ: مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ وَلَا مغْرَز إِبْرَةٍ إِلَّا عَلَيْهَا (6) مَلَكٌ مُوَكَّلٌ يَأْتِي اللَّهَ بِعِلْمِهَا: رُطُوبَتِهَا إِذَا رَطِبَتْ، ويَبَسها إِذَا يَبِسَتْ.
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَسَّانِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ سُعَيْرٍ، بِهِ (7)
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكر عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ
(1) زيادة من أ.
(2)
في م، أ:"العظيم".
(3)
في د: "بحرها وبرها".
(4)
في أ: "ما سقط".
(5)
في م، أ:"من زواياها".
(6)
في أ: "إلا وعليها".
(7)
تفسير الطبري (11/404) .